أسماك صغيرة تفتح المجال لعلاج آثار الإصابة بنوبة قلبية
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
خلافا للبشر، يمكن لأسماك الزرد تجديد قلبها بالكامل بعد تعرضه للإصابة، ما يفتح المجال لمعالجة من يعانون من آثار الإصابة بنوبة قلبية.
تدين هذه الأسماك بهذه القدرة إلى التفاعل بين أجهزتها العصبية والمناعية، كما أفاد فريق بقيادة الباحثة سوفانسا سواميباك من "مركز ماكس ديلبروك" الألماني في دراسة نشرت في مجلة Developmental Cell.
في كل عام، يصاب أكثر من 300 ألف شخص في ألمانيا باحتشاء عضلة القلب، وهو المصطلح التقني للنوبة القلبية. وقد زاد عدد الأشخاص الذين ينجون من النوبة القلبية بشكل ملحوظ، لكن هذا الحدث الشديد يسبب ضررًا لقلب المريض لا يمكن إصلاحه.
تحدث النوبة القلبية عندما تسد الأوعية الدموية التي تزود عضلة القلب بالدم والأكسجين، مما يؤدي إلى موت جزء من أنسجة عضلة القلب.
وهذا الضرر دائم لأن قلب الإنسان لا يملك القدرة على إنتاج خلايا جديدة لعضلته. وبدلا من ذلك، تهاجر خلايا النسيج الضام المعروفة باسم الخلايا الليفية إلى المنطقة المتضررة من عضلة القلب. إنها تشكل أنسجة ندبية تضعف قوة ضخ القلب. المحاولات السابقة لاستخدام الخلايا الجذعية لعلاج القلب المتضرر من جراء الاحتشاء لم تكن ناجحة للغاية.
تقول الدكتورة سواميباك، رئيسة مختبر التفاعل بين القلب والأوعية الدموية والدم في "مركز ماكس ديلبروك"، "نعلم أن كلتا الإشارتين الصادرتين من الجهاز العصبي اللاإرادي والجهاز المناعي تلعبان دورًا محوريًا في الندوب والتجديد. لذلك، فمن المنطقي أن الاتصال بين الجهاز العصبي اللاإرادي والجهاز المناعي يحدد ما إذا كان تندب عضلة القلب سيحدث أو ما إذا كانت عضلة القلب يمكن أن تتعافى". ومن المعروف أيضًا أن البلاعم تلعب دورًا في كلتا العمليتين. ولكن كيف يتم اتخاذ هذا القرار؟
للإجابة على هذا السؤال، درس الباحثون يرقات سمك الزرد. يمكن تعديل الأسماك وراثيا بسهولة كما أنها شفافة بصريًا، مما يجعل من السهل ملاحظة العمليات الداخلية في هذا الكائن الحي. يقول أونور أبيدين، المؤلف الأول للدراسة "بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه الأسماك تجديد قلبها بالكامل بعد الإصابة".
استخدم الباحثون يرقات سمك الزرد، التي تنتج خلايا عضلة القلب فيها مادة مستشعة (فلورية)، مما يسهل اكتشافها تحت المجهر. ثم أحدثوا إصابة مشابهة لاحتشاء عضلة القلب في قلوب اليرقات وقاموا بحظر العديد من المستقبلات على سطح البلاعم. كانت النتيجة أن الإشارات الأدرينالية (adrenergic signals) الصادرة عن الجهاز العصبي اللاإرادي تحدد ما إذا كانت الخلايا البلعمية قد تضاعفت وهاجرت إلى الموقع المتضرر. ولعبت هذه الإشارات أيضًا دورًا مهمًا في تجديد أنسجة عضلة القلب.
في الخطوة التالية، عدّل الباحثون أسماك زرد وراثيًا بحيث تصل الإشارة الأدرينالية إلى الخلايا البلعمية ولكن لا يمكن أن تنتقل من المستقبل إلى داخل الخلية. يقول أبيدين: "أظهر هذا أن نقل الإشارات أمر بالغ الأهمية لتجديد القلب". إذا تمت مقاطعة الإشارة، يتم تشغيل عملية التندب بدلاً من ذلك.
يضيف أبيدين "تشير النتائج، التي توصلنا إليها، إلى أن هذا هو المنظم الرئيسي للحديث المتبادل بين الجهازين العصبي والمناعي". عندما يتم تنشيط البلاعم بواسطة الإشارات الأدرينالية للجهاز العصبي اللاإرادي، فإنها بدورها تتواصل مع الخلايا الليفية. تعمل الخلايا الليفية، التي تعزز عملية التجدد، على تغيير المصفوفة خارج الخلية في الموقع التالف.
يؤدي هذا، في النهاية، إلى خلق بيئة دقيقة تساعد على نمو الأوعية الدموية والليمفاوية وتطوير أوعية قلبية جديدة. ومن ناحية أخرى، إذا حجبت الإشارة، فإن الخلايا الليفية تتسلل إلى الموقع وتسبب ندبات، على غرار ما يحدث في قلب الإنسان بعد نوبة قلبية.
تقول سواميباك "نريد، بعد ذلك، أن نفحص بالتفصيل كيفية اختلاف الإشارات بين أسماك الزرد والبشر. سيساعدنا هذا على فهم سبب عدم قدرة أنسجة عضلة القلب على التجدد لدى البشر".
ويأمل الفريق أيضًا في تحديد الأهداف المحتملة للتأثير على التفاعل بين الجهازين العصبي والمناعي بطريقة تعزز تجديد أنسجة عضلة القلب والحفاظ على وظائف القلب لدى مرضى النوبات القلبية. المصدر: الاتحاد - أبوظبي
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: نوبة قلبية القلب
إقرأ أيضاً:
من عدو القلب إلى صديق الصحة.. الزبدة تفاجئ العلم بنتائج غير مسبوقة
تحول علمي لافت يعيد النظر في مفاهيم غذائية راسخة منذ ستينيات القرن الماضي، حيث كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة بوسطن الأميركية أن الزبدة، المصنّفة لعقود كعدو لصحة القلب، قد تحمل في الواقع فوائد صحية غير متوقعة، أبرزها تقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
وبحسب الدراسة التي نُشرت في المجلة الأوروبية للتغذية السريرية ونقلتها صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، فقد تابع الباحثون نحو 2500 رجل وامرأة تجاوزوا الثلاثين من العمر على مدار عدة سنوات، لرصد تأثير العادات الغذائية، خاصة تناول الزبدة والسمن النباتي، على صحة القلب ومستوى الإصابة بالسكري.
وأظهرت البيانات أن تناول 5 غرامات فقط من الزبدة يوميًا – ما يعادل ملعقة صغيرة – ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة تصل إلى 31%، كما بينت الدراسة أن الزبدة ترفع مستويات الكوليسترول “الجيد” (HDL) في الدم، وتساعد في تقليل مستويات الدهون الضارة التي تسبب انسداد الشرايين والنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
في المقابل، كشفت الدراسة عن تأثيرات سلبية غير متوقعة للسمن النباتي، الذي روّج له منذ عقود كبديل “صحي” للزبدة، ووفقًا للنتائج، فإن تناول السمن النباتي ارتبط بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري بنسبة تزيد على 40%، وبأمراض القلب بنسبة 30%.
ويرى الباحثون أن السبب في ذلك قد يعود إلى احتواء أنواع السمن القديمة على الدهون المتحولة، وهي مكونات صناعية ثبت ضررها على الصحة القلبية والتمثيل الغذائي.
هذا ومنذ ستينيات القرن العشرين، اعتمدت التوصيات الغذائية الغربية على ربط الدهون الحيوانية، مثل الزبدة، بارتفاع معدلات أمراض القلب، ودعت إلى تقليل استهلاكها لصالح الزيوت النباتية والمارغرين، إلا أن الدراسة الجديدة تضاف إلى سلسلة متزايدة من الأبحاث التي تُعيد فحص تلك الفرضيات، وتدعو إلى مقاربة أكثر توازنًا لا تكتفي بتصنيف الأغذية على أنها “ضارة” أو “مفيدة” بشكل مطلق.
والزبدة هي منتج غذائي يُصنع أساسًا من كريمة الحليب أو الحليب الكامل، وتُعتبر من أقدم الدهون الحيوانية المستخدمة في الطهي والتغذية حول العالم. تتميز الزبدة بنكهتها الغنية وقوامها الكريمي، وهي مكون أساسي في العديد من المأكولات التقليدية والمعاصرة.
وتتكوّن الزبدة بشكل رئيسي من الدهون المشبعة، التي كانت لفترة طويلة محور جدل طبي وتغذوي. تاريخياً، اعتُبرت الدهون المشبعة، مثل تلك الموجودة في الزبدة، عامل خطر رئيسي لأمراض القلب والأوعية الدموية، حيث ارتبط استهلاكها بارتفاع مستويات الكوليسترول الضار في الدم وزيادة احتمالات انسداد الشرايين.
ومع ذلك، تحتوي الزبدة أيضًا على نسبة من الكوليسترول الجيد (HDL)، فضلاً عن الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون مثل فيتامينات A وD وE وK، بالإضافة إلى أحماض دهنية قصيرة ومتوسطة السلسلة التي يمكن أن تقدم فوائد صحية متنوعة.