جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-25@11:37:00 GMT

هنا يكتب التاريخ ملحمته

تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT

هنا يكتب التاريخ ملحمته

 

مسعود الحمداني

Samawat2004@live.com

(1)

(ع).. عُمان بلاد التاريخ، منبع الأصالة، مزون الحكمة، ونهر الجود، بلاد ليس كمثلها بلاد، تسير نحو الأفق، ترتدي وشاحا من الجمال، وتعبر محيطات العالم بذاكرة من ماء، تسيل إلى آخر الكون، وتلهم الأساطيل البحرية قوتها وسطوتها، ونفوذها، تاريخ من النبل والوفاء، والإضافات المتينة للإنسانية، تشعرك بالفخر وأنت تجوب فيافيها، وترتاد سهولها، وتلوذ بجبالها، وتعبر بحارها، تشعر وكأنَّ التاريخ يبسط ذراعيه، وأنَّه من هنا مر الكرام، ومن هنا عبروا، ومن هنا بدأت صياغة الحياة.

(2)

(م).. ملحمة من العطاء والإنجاز، تسير نحو العلى، وتتهادى كقمة شمس لا تخفت، يقودها قائد مُحنك، وينجزها شعب عظيم، يحملون معهم مبادئا وقيما، أصالة وكرما، شجاعة وبسالة، هكذا هي صفات أهل سلطنة عمان  حكومة وشعبًا، لا يتكلمون كثيرًا، ولكن يفعلون كثيرًا، لا يثرثرون في الخلافات العربية والإقليمية، ولكنهم يتدثرون بلباس الخلق العظيم، لا يصمتون حيت يكون الكلام واجبًا، ولا يجادلون حين يكون الصمت أدبًا، في "فلسطين" تظهر مواقفهم، وفي الخلافات العربية تبين معادنهم، وحين يشتد الوطيس يزمجرون كالرعد لا يثنيهم عن الحق شيء، يرسمون المستقبل، ويخططون للغد، ولا ينسون الحاضر، يفعلون ما تمليه عليهم ضمائرهم الحية، ولا يرفعون شعارات القومية العربية ككثير من الدول، ولكنهم يطبقونها حين تظهر الحاجة لها، ويسعون لها، ولا يترددون في إثباتها على أرض الواقع، وليس في الخطب وكلام الإنشاء العام.

(3)

(أ).. أخلاقهم أعمالهم، وأقوالهم أفعالهم، أسلموا دون سيف أو حرب، وجاسوا البلاد حتى وصلوا أصقاع أفريقيا، وآسيا، وأمريكا الشمالية، وجهات الأرض الأربع، وتركوا آثارهم شاهدة عليهم، كانوا ساسة قبل أن يعرف الكثيرون معنى السياسة، وكانوا عقلانيين في زمن الجنون، وكانوا فصحاء في مواقفهم في زمن التلعثم، والخيانات، وكان صوتهم على منابر الأمم المتحدة صوتا واحدا، لا يتغير أو يتلون، وقفوا مع مصر حين تخلى عنهم العرب، وثبتوا مع العراق حين انهزم الباقون، وسجّلوا مواقفهم المشرفة في سوريا حين غلبت العاطفة البدوية على قرارات الجامعة العربية، ولم يتخلوا عن اليمن حين تخلى عنها الكثيرون، ونصروا "فلسطين" و"غزة" حين توارى الكثيرون خلف عباءاتهم، أولئك الذين يلعبون مع الصهاينة ليلاً، ويدغدون مشاعر العامة نهارا، لم تثنهم الهجمات المضادة، ولم تفت في عضدهم كثرة الاتهامات المُكالة ضدهم، ولم يزعزع مواقفهم المال الإقليمي، أو الإغراءات الدولية، فالمواقف ثابتة كثبات جبال عمان، وراسخة كرسوخ مبادئها.

(4)

(ن).. نِعم البلد بلادي، ونِعم الرجال رجالها، ونِعم القادة قادتها، ينظرون إلى الأفق فيحملون معهم الحلم، ويسعون إلى تحقيقه، ويجعلون من المستحيل ممكناً، ومن الممكن سهلاً، ومن السهل طريقاً يمشون فيه إلى المستقبل، وها هي سلطنة عمان بعد ثلاثة وخمسين عاماً من الجهد والاجتهاد، ومن البناء والتعمير، ومن العمل والكفاح تتبوأ مكانتها، وتتسيّد مكانها، وتعلن أنها دولة لا تقدم، ولا تشيخ، ولا تتكاسل أو تعجز عن الوصول إلى أهدافها، دولة قادها المغفور له بإذن الله قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وواصل بناءها وتمكينها صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله- فلذلك لا خوف على هذه البلاد، ولا تثريب.

عامًا جديدًا مباركًا، وعيدًا دائمًا، وقائدًا صادق الوعد كعهده، وإنجازًا رائعًا، وشعبًا عظيمًا كعظمة هذا الوطن، ورسوخه.. كل عام وعُمان بألف خير ونعمة وسلام.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

د. عصام محمد عبد القادر يكتب: الأمنيات

الرغبة، والطموح، والتمني في بلوغ الأفضل، أو ما تتوق إليه النفس إذا ما كان مشروعًا، ولا ينفصل عن الواقع؛ فتلك أمور حميدة، تشحذ الهمم؛ كي تعلو الهمة، وتنشط الأذهان، وتترجم إرادتنا في صورة أفعال، تحاول أن تحقق أمانينا، التي نتطلع إليها، بل، تحفزنا على تكرار المحاولة في إطار من التخطيط، والتنظيم، والتنفيذ، والمثابرة، والمتابعة، وتقييم ما توصلنا إليه؛ لنزيل العثرات، ونستكمل المسيرة، ونؤكد أن عزيمتنا، وإيجابية النفس لدينا قادرة الدفع بنا دومًا إلى الأمام؛ لنسجل أهدافًا مستحقة.

تعالوا بنا نتفق على أمر مهم؛ ألا وهو أن التمني المشروع، إذا ما أردنا ترجمته إلى واقع، وجعلناه هدفًا إجرائيًا؛ فإن ذلك يتطلب منا بصورة واضحة أن نتبنى سيناريوهات، تحمل خطة مرنة تقبل التعديل، والإضافة في مراحل؛ كي نستثمر ما قد يتواتر لدى أذهاننا من أفكار ملهمة بأن نترجمها إلى آليات، أو خطوات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، وهنا تبدأ الرحلة في إطار جهود مكثفة تجعلنا نستمتع بما نحققه من مراحل، أو خُطوات، ولو بسيطة.

لكن ما نخشاه أن نترك ما نتمنى حدوثه  أو تحقيقه لعالم الصدفة، الذي يدفع لنا من بنك الحظ ما تتوق إليه أنفسنا؛ فقد أرى أنه ضرب من وهم الخيال  يؤدي بنا إلى منطقة ضبابية، قد تورث في نفوسنا سلبية تؤثر حتمًا على ما قد نتطلع إلى في مستقبلنا القريب، أو البعيد، بل، تضعف لدينا جموح النزال في ساحة المعركة، التي نثبت فيها الذات، ونستطيع أن نؤكد مقدرتنا على تحقيق ما نصبوا إليه؛ لذا يتوجب علينا أن ندرك ماهية التمني وفق الفلسفة، التي ينبثق منها، والتي ينبغي أن تقوم على الربط الوظيفي بين الواقع، وأمنياتنا وتطلعاتنا الإيجابية.

رُبّ سائل يسأل، هل هناك ميزان، أو ضابط للأمنيات، التي تلوح في وجدانياتنا؟، نقول بلسان مبين نعم؛ فقد أوضحنا أن ما نضعه من خطط نسير على خطاها، يتوجب أن تتصف بالمرونة، التي تمنحنا حرية الاختيار، وتجعلنا نراعي مستجدات المتغيرات، التي تطرأ على ساحتنا الخاصة؛ ومن ثم تتنامى مقدرتنا على تجاوز التحديات، أو الصعوبات، التي قد تقف حجر عثرة أمام مسيرتنا نحو أمانينا المشروعة، وهنا نحاول أن نميز منذ البداية بين الطريق الصحيح، والأخر المعوّج؛ فنتجنب الغور في سكة الظلام؛ لنخرج في نهاية المطاف مجبوريّ الخاطر.

الأمر لم ينته عند هذا الحد؛ فهناك حسابات خاصة ندرك من خلالها ما إذا كانت أمنياتنا في إطار الممكن، أم في طور غير الممكن، أو ما نسميه أحيانًا بالمستحيل، وهذا يؤكد الفلسفة، التي ننادي بها، وهي هدوء الخيال؛ كي لا يجنح بنا إلى آفاق بعيدة المنال؛ فكل ما علينا أن نربط بين الأمنية، ومقومات تحقيقها في ساحة الواقع؛ ومن ثم نستطيع أن ندشن سقفًا زمنيًا، يتسم بالمرونة، ونحاول بصدق العزيمة، وإخلاص النوايا، وبذل الجهود، وإتقان الممارسة أن نبدأ المسيرة، التي أزعم أنها ستكلل بالنجاح بمشيئة الله تعالى.

نؤكد أن الأمنيات، التي تكبر في نفوسنا، وتنمو في خيالنا الخصب، وتأخذ مساحة في أذهاننا، تعد ضرورة في توجيه ميولنا، بل، ترتبط بها في كثير من الأحيان، وهذا ما يدفعنا نحو التجربة، ويجعلنا نكتسب مهارات نوعية تضيف إلى رصيد خبراتنا، ناهيك عن سبر غور احتياجاتنا، التي تتغير وفق تدفق الأحداث الجارية، التي تحيط بنا، سواءً داخل الإطار الاجتماعي البسيط، أو الكبير، وهذا ما يولد لدينا قوة الثبات، والصبر، والمثابرة، والمغامرة، التي نتحمل مسئولية نتاجها، وفي كثير من الأحيان تفتح لنا أبوابًا من الابتكار، لم تكن في واحة الحسبان.

يصعب أن نتجادل حول ثمرة الأمنية، التي تذيب الفتور، وتحفز الرغبة، وتعلى من مقدار الجهد الصادق؛ لتدفعنا نحو استدامة العطاء؛ فتتبدل مسارات حب الذات، إلى تحقيق غايات نبيلة، يستفيد منها الجميع، فيعم الخير بفضل أفكار منتجة تتدفق من وجدان راقٍ، صافٍ، لا يسمح للأنانية أن تحوز جزءًا منه، وهذا ما يجعل أصحاب الأمنيات المشروعة يمتلكون المقدرة على التواصل، وتقوية الروابط في إطار ما تحث عليه الإنسانية، كما تزداد لديهم روح التفاؤل، والوفاء بما ينعكس إيجابًا على تعزيز الهوية الوطنية، ويجعلنا دومًا في رباط مواثيق المحبة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

طباعة شارك الرغبة الطموح التمني

مقالات مشابهة

  • إيران لم تسقط وإسرائيل تجاهلت دروس التاريخ
  • في ذكرى الهجرة.. إذا استنفرتم فانفروا
  • بلال قنديل يكتب: مش من حقك
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: الأمنيات
  • الترجي.. هل تواصل الكرة التونسية صناعة التاريخ بالفوز على تشلسي؟
  • الأخوان بيلينغهام يصنعان التاريخ في كأس العالم للأندية
  • الهجرة النبوية.. متى وقعت فعليًا؟ .. تفاصيل لا يعرفها الكثيرون
  • وسام أبو علي يكتب التاريخ بهاتريك جديد للأهلي في مونديال الأندية
  • مؤمن الجندي يكتب: مهما صفق الواقفون
  • الدكتور سلطان بن محمد القاسمي يكتب: تِيْهُ الغَرَام