د. عصام محمد عبد القادر يكتب: نفاق الذات
تاريخ النشر: 5th, November 2025 GMT
ندرك ماهية الكذب، والخداع، كخلق ذميم يمارس من قبل البعض على الآخرين؛ لكن هناك نفاق نحو الذات، تترجمه ممارسات عديدة، منها أن الشخص يصدع لسانه بالفضيلة، وحينما يخلو مع نفسه؛ فإنه لا يتورع عن ممارسة الرزيلة، وأن يتحدث برطب الكلم، ومحاسن الحديث، وعندما ينفرد بذاته يتأفف بكلمات تضير السمع، ولا تتسق مع الخلق الحميد، وأن يظهر انضباطًا في سلوك ظاهري، وريثما يتخفى عن الأنظار، لا نرصد منه إلا انحطاطًا في الممارسات، التي تؤذي الوجدان، إلى غير ذلك من صور نفاق الذات، التي يصعب حصرها.
أغلى ما يمتلكه الوجدان يكمن في الاتصاف القيمي، الذي يوجه ممارسات الإنسان منا؛ فيصدقك القول، والفعل، في السر، والعلن، ومن يؤتمن فيحافظ على الأمانة، ويدعو إلى التحلي بها، كفضيلة تغرس الطمأنينة بين المجتمعات، وتحافظ على لحمتها، وتزيدها قوة، وثباتًا، وعندما يصاب الفرد بانفصال بين القول، والفعل؛ فإنه يقع في دائرة نفاق الذات؛ فيعيش في ظلام دامس، لا يشعر مطلقًا بنور الهدى، ولا يتحمل ضياء جنبات الخير.
فضح الفضاء كثير ممن يدعون الورع، والتورع عن الحرمات، بل، يغالون في أمورنا الحياتية البسيطة؛ فيزيدونها تعقيدًا، ويصرون على تنغيصها بسكب أحكام جائرة، لا تتحملها النفوس، ولا تتوق إليها، وفي المقابل يستحلون ما تم تحريمه، وفق مبررات يصدرونها لذواتهم؛ فتتكشف على الملأ بفضل ما تبثه التقنية عن قصد، وغير قصد؛ فتظهر غور نفاق الذات لديهم، وللأسف، لا يبدون ندمًا، أو أسفًا لخداع من أقدم على تصديق ما تنطعون به، عبر متلون البوابات الإعلامية.
نفاق الذات تكشفه العدالة الزائفة، التي تبدو جلية في صور التمييز بين الأشخاص على معيارية النفعية، والتقرب من أجل مصالح فردية، وهذا للأسف يؤكد على ازدواجية المعايير، التي باتت متفشية بين متلون المجتمعات، وفي خضمها، وأدت حقوقًا، وانتهكت حرمات، وسفكت دماء بريئة، وصار الظلم، والعدوان، يمثلان شعار المرحلة؛ فتاهت القيم الحميدة، بل، إن شئت فقل: ذابت وسط ركام صخور سوداء، تكونت جراء أذى الآخرين.
يصعب أن نتحصل على ثقة في النفس، والآخرين من خلال من يعاني نفاقًا للذات؛ حيث في واقع الأمر، لا يستشعر الخجل، أو الإحساس بالذنب، ولا يقع في معترك التوتر، والقلق، ولا يضع في حسبانه المساءلة، ولا يحوز الاهتمام، والانتباه إلى صورة العلاقات الاجتماعية؛ لأن فساد النفوس، يجعل الفرد لا يرى، ولا يسمع، ولا يعتبر إلا لمصلحته الخاصة، بغض النظر عن الأدلة، التي يقوم عليها الحق، ويفرق بينه، وبين الباطل، وهذا دون مواربة، سقوط في هاوية التخلي عن القيم النبيلة؛ فيصبح ذلك مبررًا لخلق غير قويم.
نتغلب على نفاق الذات عبر تبني استراتيجيات، تسهم في غرس القيم النبيلة، التي تعزز السلوك الإيجابي، الذي يزيد من الوعي بصورة متكاملة، تؤكد على مطابقة القول مع الفعل؛ مرتبطًا بقناعة داخلية، تستثير الرقابة الذاتية، التي تتأتى من مشاعر جياشة، تحفز على قيم السلوك، وهنا يستطيع الفرد أن يصل إلى مستوى من الصراحة، التي من شأنها أن تعضد المصداقية، بما يسهم في تجاوز الخطأ؛ لتبدأ حالة رأب الصدع؛ حيث ترميم فجوات حفرتها آثار نفاق داخلي، توطن في سجايا النفوس.
دعونا نكشف عن جنبات الذوات لدينا؛ لنتعرف بصدق على واقعها، ونعمل بقصد لرقيها؛ لتربوا عن ملامح نفاق، قد يراود سجايا النفس، التي تتحكم في تصرفات نستطيع أن نوجهها إلى سلامة الطريق، ونبحر في خلجاتها، وندعم صورة الإيجابية في مكنونها، وندحض الخوف، والتحسب من تقويم يظهر الضعف فيها؛ ومن ثم نصرفها عن نفاق، يضير بها، ويسقطها في أنهار مليئة بضباب يورث خلق غير قويم.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الكذب الخداع نفاق ا
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء القطري يؤكد حرص بلاده على توطيد أطر العلاقات الثنائية التي تربطها مع مصر
أكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بدولة قطر، حرص دولة قطر على توطيد أطر العلاقات الثنائية التي تربطها مع مصر في مختلف المجالات، ودعم وتفعيل الاستثمارات القطرية في مصر في عدة قطاعات مختلفة، مبديا دعم بلاده الكامل للجهود المصرية على مختلف الأصعدة، ومُثنيا على التنسيق المتواصل بين البلدين في الملف الفلسطيني، كما أعرب عن التطلع إلى استمرار التنسيق المشترك في عدد من الملفات الأخرى، بما يعود بالنفع على البلدين والمنطقة، وتحقيق ما يخدم شعوبها.
جاء ذلك خلال استقبال الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بدولة قطر، الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وذلك على هامش القمة الأولى لقادة التحالف العالمي لمكافحة الجوع والفقر، والتي تنعقد في العاصمة القطرية الدوحة، والتي يشارك فيها الدكتور مصطفى مدبولي، نيابة عن السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية. وحضر اللقاء الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي، والسفير وليد الفقي سفير مصر لدى قطر.
وشهد اللقاء ترحيب الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني بالدكتور مصطفى مدبولي، والوفد المرافق له، ومشاركته نيابة عن السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، في القمة الأولى لقادة التحالف العالمي لمكافحة الجوع والفقر، وكذلك القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية.
كما قدم رئيس الوزراء القطري التهنئة للسيد رئيس الجمهورية، ولرئيس مجلس الوزراء، وللشعب المصري؛ بمناسبة الافتتاح الرسميّ للمتحف المصري الكبير، مشيدا بالاحتفالية المبهرة التي أقيمت بهذه المناسبة.
وخلال اللقاء، نقل الدكتور مصطفى مدبولي تحيات الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لأخيه الأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة، كما أعرب عن سعادته بلقاء الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، منوها إلى أنه شرُف بالمشاركةـ نيابة عن السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي ـ في القمة الأولى لقادة التحالف العالمي لمكافحة الجوع والفقر، كما يشارك في قمة التنمية الاجتماعية، تقديرا من الدولة المصرية والسيد رئيس الجمهورية للدور المهم الذي تقوم به قطر في مختلف القضايا، واعتزازا بالروابط القوية التي تجمع بين البلدين، والحرص على تدعيمها، وتوسيع أطر التعاون في مختلف المجالات خلال الفترة المقبلة، ولاسيما ما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والاستثماري والتبادل التجاري.
وصرح المستشار محمد الحمصاني المتحدث الرسميّ باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن اللقاء شهد تناول عدد من الموضوعات والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، وخاصة ما يتعلق بمستجدات الأوضاع في قطاع غزة، بالإضافة إلى جهود تنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام الخاص بوقف إطلاق النار.
وأضاف المتحدث الرسميّ: أنه تم التطرق ـ خلال اللقاءـ إلى أهمية دفع العمل لتنفيذ توصيات ومقررات الدورة السادسة للجنة العليا المصرية القطرية المشتركة التي عقدت في أغسطس الماضي بمدينة العلمين الجديدة، بما يكفل تعزيز العلاقات بين البلدين، فضلا عن تأكيد أهمية العمل على تنفيذ مذكرات التفاهم المبرمة خلال تلك الدورة، بما يسهم في تحقيق مصلحة الجانبين.
وفي ختام اللقاء، تم التوافق على تفعيل حزمة الاستثمارات القطرية بمصر، والتي كانت ضمن مباحثات سابقة للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، مع أخيه الأمير تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، والتي سيبدأ تفعيلها خلال الأيام المقبلة بتوقيع عقد شراكة استثمارية مصرية قطرية كبرى خلال الأيام المقبلة لتنمية مشروع بمنطقة "سملا وعلم الروم" بمطروح.