المسجد النبوي .. حكم كتابة الآيات القرآنية بالذهب على جدار قبلته
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
المسجد النبوي .. حكم كتابة الآيات القرآنية بالذهب على جدار قبلته المسجد النبوي الشريف والكعبة المشرفة.. سؤال ورد لدار الإفتاء المصرية.
قالت دار الإفتاء: قام سيدنا عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى -وهو من أعلام التابعين، وكان يُلَقَّبُ بخامس الخلفاء الراشدين- بتوسعة المسجد النبوي الشريف بعد أن أمره بذلك الوليد بن عبد الملك؛ فكتب بالذهب سورةَ الفاتحة وقِصَارَ السُّوَر في قبلة مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ من سورة: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ [الشمس: 1] إلى آخر القرآن؛ كما رواه ابن زَبَالَةَ عن غير واحد من أهل العلم -فيما نقله عنه أبو علي بن رُسْته في "الأعلاق النفيسة" (ص: 70، ط.
وكان رحمه الله تعالى يأمر بكتابة الآيات القرآنية الكريمة بالذهب على جدار قبلة المسجد النبوي الشريف وتعجبه كتابة الخطَّاط حتى يطلب منه أن يكتب له مصحفًا على مثال ما كتب على المسجد.
وأضافت: لم يَرِدْ عن أحد من الأئمة والعلماء من الصحابة أو التابعين أنه أنكر ذلك أو سعى في محوه أو تغييره، وقد كان الزوَّار والحجيج من العلماء وغيرهم، سلفًا وخلفًا، يقصدون المسجد النبوي لزيارة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم والسلام عليه والصلاة في مسجده، ولم ينكر ذلك أحدٌ منهم، وذلك على اختلاف العصور إلى عصرنا هذا؛ قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (21/ 267، ط. دار الكتب المصرية): [ورُوِيَ عن عمر بن عبد العزيز أنه نقش مسجد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبالغ في عمارته وتزيينه، وذلك في زمن ولايته قبل خلافته، ولم ينكر عليه أحدٌ ذلك] اهـ.
وأكملت الدار: تتابع المسلمون جيلًا بعد جيل من غير نكير على تطريز كسوتها وبابها بالآيات القرآنية بالذهب وغيره، ووصف الأزرقي [ت: 250هـ] باب الكعبة في "أخبار مكة" (1/ 244، ط. مكتبة الثقافة الدينية)؛ فذكر أنه كان مكتوبًا عليه: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ﴾.
بل نقل الإمام تقي الدين السبكي رضي الله عنه إجماع المسلمين على ذلك، فقال في رسالته "تنزل السكينة على قناديل المدينة" (1/ 276، ط. دار المعرفة): [وأما تذهيب الكعبة: فإن الوليد بن عبد الملك بعث إلى خالد بن عبد الله والي مكة ستة وثلاثين ألف دينار وجعلها على بابها والميزاب والأساطين والأركان، وذكر في "الرعاية" عن أحمد: أن المسجد يُصان عن الزخرفة، وهم محجوجون بما ذكرناه من إجماع المسلمين في الكعبة، ذكر ذلك صاحب "الطراز" من المالكية] اهـ.
وعلى ذلك نص بعض فقهاء المذاهب:
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (30/ 245، ط. دار الفكر): [قال: ولا بأس أن ينقش المسجد بالجص والساج وماء الذهب] اهـ.
ونقل الإمام الفقيه أبو علي سند بن عنان المالكي [ت: 541هـ] صاحب كتاب "الطراز" الذي شرح به "المدونة" في ثلاثين سفرًا: إجماع المسلمين على مشروعية تذهيب الكعبة، نقله عنه الإمام التقي السبكي في "تنزل السكينة" المطبوعة ضمن فتاواه (1/ 276، ط. دار المعرفة).
وقال العلامة الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/ 65، ط. دار إحياء الكتب العربية): [واعلم أن تزويق الحيطان والسقف والخشب والساتر بالذهب والفضة جائز في البيوت، وفي المساجد مكروه إذا كان بحيث يشغل المصلي، وإلا فلا] اهـ.، فكراهية الكتابة بالذهب عند المالكية منوطة بكونها مُلْهِيَةً للمُصَلِّين عن صلاتهم، فإن كانت بحيث لا تشغلهم ولا تلهيهم فالمعوَّل عليه عندهم أنها جائزة.
واحتج الإمام التقي السبكي على جواز تذهيب الكعبة وفرشها بالرخام؛ حيث يقول في رسالته "تنزل السكينة على قناديل المدينة" (1/ 268-270): [وقد قيل: إن أول مَن ذهَّب البيتَ في الإسلام: الوليد بن عبد الملك..، ولمّا عمل الوليد ذلك كانت أئمة الإسلام من التابعين موجودين وبقايا الصحابة، ولم يُنْقَلْ لنا عن أحد منهم أنه أنكر ذلك، ثم جميع علماء الإسلام والصالحون وسائر المسلمين يحجون ويبصرون ذلك ولا ينكرون على ممَرّ الأعصار.. وقد تولى عمر بن عبد العزيز عمارة مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الوليد، وذهَّب سقفه، وإنْ قيل: إن ذلك امتثال أمر الوليد، فأقول: إن الوليد وأمثاله من الملوك إنما تصعب مخالفتهم فيما لهم فيه غرض يتعلق بملكهم ونحوه، أما مثل هذا -وفيه توفيرٌ عليهم في أموالهم- فلا تصعبُ مُراجعتُهم فيه؛ فسكوت عمر بن عبد العزيز وأمثاله وأكبر منه؛ مثل سعيد بن المسيب، وبقية فقهاء المدينة، وغيرها: دليلٌ لجواز ذلك] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المسجد النبوي دار الإفتاء المسجد النبوي الشريف المدينة صلى الله علیه وآله وسلم عمر بن عبد العزیز المسجد النبوی
إقرأ أيضاً:
إطلاق النسخة التجريبية الأكبر لمشروع الذكاء الاصطناعي بالمسجد النبوي
البلاد. عبد اللطيف السيدح
أفردت وكالة المسجد النبوي مسارًا إثرائيًا متخصصًا للذكاء الاصطناعي هو الأول من نوعه؛ لتقديم أكبر تطبيق إثرائي شرعي محوكم ومنوع باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي بعدة لغات؛ لخدمة ضيوف الرحمن وزائري المسجد النبوي؛حيث أطلقت الوكالة النسخة التجريبية لتطبيق ” المساعد الذكي” وهو الأول من نوعه يتضمن حزمة من المنتجات الإثرائية الذكية من ابرزها عرض اوقات الصلوات مع جداول الأئمة والمؤذنين، وأوقات إقامة الدروس العلمية، وحلقات القرآن الكريم للزائرين وضيوف الرحمن.
ودشن رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن النسخة التجريبية من تطبيق “المساعد الذكي” بمكتبه بالوكالة بالمدينة المنورة لخدمة ضيوف الرحمن من زائري المسجد النبوي؛ بحضور فضيلة الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي، والمشرف على برنامج إثراء تجربة الزائرين والمكتبات والمخطوطات بالمسجد النبوي؛ في خطوة نوعية تعزِّز التحول الرقمي الذكي في الخدمات الإثرائية المقدمة في المسجد النبوي.
وقال رئيس الشؤون الدينية الدكتور عبدالرحمن السديس خلال تدشينه لتطبيق “المساعد الذكي”: إن الرئاسة تعضد خدماتها كافة بالتقانة والرقمنة والذكاء الاصطناعي في إثراء تجربة الزائرين وضيوف الرحمن؛ مواكبة للتحولات الرقمية الذكية؛ كونه أحد المنطلقات الإستراتيجية للرئاسة في إيصال رسالة الحرمين الشريفين الوسطية للعالم باللغات المختلفة.
ووصف الدكتور السديس تطبيق “المساعد الذكي” بأيقونة الذكاء الاصطناعي الإثرائي بالمسجد النبوي، وتطبيق إبداعي إيماني عالمي محوكم ، مضيفًا بأنه مصمم خصيصًا للرئاسة الدينية من قبل شركة “سدم”؛ ليكون مرجعًا ذكيًا للتخصصات الدينية من خلال قاعدة بيانات محوكمة مقننة وفق المعايير العالمية.
ويتميز تطبيق “المساعد الذكي” الذي أُعدَّ بالشراكة مع شركة “سدم” -والتي يرأسها نايف عبدالله العبيدالله الشريك المؤسس و الرئيس التنفيذي للعمليات ، والتي تعتبر من كبريات الشركات المتخصصة في حلول الذكاء الاصطناعي- بإضافات تخصصية تدمج الأصالة والمعاصرة والتكنولوجيا المتقدمة واللمسات الإثرائية الفنية؛ مما يسهل من تجربة الزائرين وضيوف الرحمن بالمسجد النبوي ويتيح لهم الوصول إلى المعلومات الرقمية التخصصية بمرونة عالية.
ويحتوي المشروع الإثرائي الذكي على منصة تفاعلية مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث يقدم التطبيق مجموعة من الخصائص الذكية تشمل عرض أوقات الصلاة، وتنبيهات بأسماء الأئمة والمؤذنين، وجداول الدروس العلمية، ومواقع انعقادها والمشايخ المشاركين، بالإضافة إلى حلقات القرآن الكريم ومراكز إجابة السائلين داخل المسجد النبوي.
كما يتميز تطبيق “المساعد الذكي” بخاصية التوجيه التفاعلي، التي تمكن الزائر من الوصول مباشرة إلى مواقع الخدمات والدروس باستخدام الخرائط الذكية داخل التطبيق، ويتيح كذلك إمكانية الرد الفوري على استفسارات الزائرين عبر الدردشة النصية؛ مما يرفع من سرعة وجودة التفاعل ويواكب توجهات التحول الرقمي في منظومة الحرمين الدينية.