التـ.حرش والتنمر.. لماذا شددت الدولة العقوبة القانونية وسبب اعتراض النواب عليها
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
تحرص الدولة على وضع حد وتطبيق إجراءات رادعة للأشخاص الذين يقومون بارتكاب وقائع التحرش الجنسي والتنمر على الغير، وهي وقائع يرفضها المجتمع والقانون وتضر بالغير وتهدد سلامة المجتمع المصري.
تعديل الإجراءات والعقوبات الخاصة بوقائع التحرش الجنسي والتنمر وتغليظها ضمن مشروع القانون الذي وافقع عليه مجلس النواب كانت محل جدل كبير داخل البرلمان من قبل مجموعة كبيرة من النواب، وهو ما نستعرضه في التقرير التالي:
عقوبات قاسية لهؤلاءووافق مجلس النواب خلال جلسته العامة اليوم الأحد، برئاسة المستشار حنفي جبالي، نهائيا، على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات.
ويهدف مشروع القانون إلى تأثيم بعض الصور المستحدثة من جرائم التعرض للغير في مكان عام أو خاص والتحرش الجنسي والتنمر حال ارتكاب الجريمة في مكان العمل أو في إحدى وسائل النقل العام أو الخاص أو من شخصين فأكثر، وذلك نظراً لخطورة هذه الجرائم الشديدة على المجتمع وانعكاساتها النفسية والاجتماعية على المجني عليه وذويه.
وأشار تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون التشريعية ومكتب لجنة حقوق الانسان بالمجلس، إلى أنه تلاحظ في الآونة الأخيرة أن هناك بعض الصور المستحدثة التي يجب التدخل بتأثيمها في جرائم التعرض للغير في مكان عام أو خاص العنف والتحرش الجنسي أو التنمر ،حال ارتكاب الجريمة في مكان العمل أو في إحدى وسائل النقل العام أو الخاص أو من شخصين فأكثر ومن هنا جاء مشروع القانون لتحقيق الأغراض سالفة الذكر
وأكدت اللجنة المشتركة، أن مشروع القانون جاء متفقاً مع الدستور خاصة المادة الحادية عشرة منه والتي تتضمن التزام الدولة بحماية المرأة ضد كافة أشكال العنف، ومتسقاً مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي صدقت عليها الدولة المصرية.
وأشارت اللجنة إلى أن مشروع القانون يعد نقلة نوعية للحد والقضاء على جريمة التحرش والتنمر التي باتت غريبة عن مجتمعنا، نظراً لخطورتها الشديدة وانعكاساتها النفسية على المجني عليه، وذويه.
وأكدت اللجنة المشتركة بأن مشروع القانون يأتي استكمالاً لجهود الدولة المصرية وتوجيهات القيادة السياسية بضرورة وضع الأطر القانونية اللازمة لحماية الفئات الأكثر تضررًا من الجرائم.
وتضمنت التعديلات تعديل فى المادة (306 مكرر أ) بتشديد عقوبة التعرض للغير بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل أو بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية أو الإلكترونية أو أية وسيلة تقنية أخرى بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تزيد عن 300 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة في مكان العمل أو في إحدى وسائل النقل أو من شخصين فأكثر أو إذا كان الجـاني يحمل سلاحا أو إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه.
كما تضمنت التعديلات تعديل المادة (306 مكررا ب) بتشديد عقوبة التحرش الجنسى فى مكان العمل أو وسائل النقل إلى السجن مدة لاتقل عن 7 سنوات، حيث نصت على: إذا كان الجانى من أصول المجنى عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادما بالأجر عندها أو عند من تقدم ذكرهم وممن لـه سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مـارس عليـه أي ضغط تسمح لـه الظروف بممارسته عليه، أو إذا ارتكبت الجريمة في مكان العمل أو في إحـدى وسائل النقل
أو من شخصين فأكثر أو إذا كان الجاني يحمل سلاحا تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات، أما إذا توافر ظرفان أو أكثر من الظروف المشددة الواردة بهذه الفقرة تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن عشر سنوات
وإذا توافر ظرفان أو اكثر من الظروف المشددة الواردة بالفقرة السابقة يكون الحد الأدنى لعقوبة عقوبة الحبس اربع سنوات
وتضمنت التعديلات أيضا تشديد عقوبة التنمر الواردة فى المادة (309 مكررا ب)، إذا وقعت الجريمة فى مكان العمل ووسائل النقل حيث نصت على : تكون عقوبة التنمر الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا ارتكبت الجريمة في مكان العمل أو في إحدى وسائل النقل العام أو الخاص أو من شخصين أو أكثر أو إذا كـان الجـانـي مـن أصـول المجني عليـه أو مـن المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان مسلما إليه بمقتضى القانون أو بموجـب حكم قضائي أو كان خادما لدى الجاني، أما إذا اجتمع ظرفان أو أكثر من الظروف المشددة السابقة يضاعف الحد الأدنى للعقوبة.
وعرفت المادة التنمر فى صدرها بانه كل قول او استعراض قوة او سيطرة للجانى او استغلال ضعف للمجنى عليه او لحالة يعتقد الجانى انها تسىء للمجنى عليه كالجنس او العرق او الدين او الاوصاف البدنية او الحالة الصحية او العقلية او المستوى الاجتماعى بقصد تخويفه او وضعه موضع السخرية او الحط من شانه او اقصائه من محيطه الاجتماعى.
العقوبات وعلاج الازمةقال النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إنه يتمنى أن تخطو الحكومة خطوات تتجاوز إطار التشريع الخاص بتغليظ عقوبات التحرش.
وأضاف السجيني، خلال نقاشات حول مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، إن تحقيق المراد من تلك التعديلات يُلزم الحكومة بنظرة أبعد من مسألة التعديل التشريعي والقانوني فقط، موضحا أن التشريعات ليست وحدها الحل السحري في الكثير من الأمور، فتلك الجرائم تحتاج إلى توعية أكثر من مجرد تشريع، وجهد إعلامي كبير وتطبيقات وآليات وتدريب القائمين على تطبيق التشريع، وهي أمور منوط تطبيقها من جانب الحكومة.
وأبدى بعض النواب تخوفات من أن يتم استغلال هذا التجريم بشكل خاطئ، حيث قال النائب سيد حنفي أن هذا القانون "طارد للأنثى من الوظائف لأنها ستكون بمثابة قنبلة موقوتة في مكان العمل، ولذلك لا يجب تغليظ العقوبة إلى الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد عن خمس سنوات"، قائلا أن هذا "القانون ضد المراة لأن العقوبة على الإيحاء في الكلام لأن ممكن يدخلنا في شوشرة، وأيضا لو في اتهام من الخادمة بتعرضها للتحرش تكون العقوبة 7 سنوات"، لافتا إلى "الناس هتخاف تشغل مرأة".
وأعربت النائبة شادية خضيرة عن تخوفها أن يتم استغلال هذا التشديد في الانتقام قائلة مثلا ”لو أنا ساكنة فى عمارة وعندى بنت وجارتي عندها ولد وحصل سوء تفاهم معاهم فمن الممكن أن ادعى عليها بأن ابنها قام بمعاكسة بنتي وأسجنه"، محذرة بأن من ”الممكن أن يتم ظلم أشخاص كثرين بهذا الشكل، وطالبت بأن يتم معاقبة من يقوم بالادعاء أو البلاغ الكاذب بشان التحرش".
ورد المستشار إبراهيم الهنيدي، قائلا: "البلاغ الكاذب معاقب عليه فى مواد قانون العقوبات"، مضيفا: ”المحكمة لديها من الوسائل ما يمكنها من تحقق من صحة وكيدية البلاغ".
وقال الدكتور إيهاب رمزي عضو اللجنة كنت "أتمنى قبل طرح القانون أن تكون هناك إحصائية بعدد الجرائم المرتكبة فى وسائل النقل مبديا اعتراضه على الفقرة الأخيرة من المادة (306 مكررأ و306 مكررا ب و309 مكررا ب) والتي تتضمن تشديد عقوبة التحرش حال توافر ظرفان أو أكثر من الظروف المشددة"، لافتا إلى أن "في المادة (306 مكررا أ) جعل العقوبة 4 سنوات وهى عقوبة كبيرة فمثلا لو حدث التحرش اللفظي داخل أتوبيس العمل تكون العقوبة 4 سنوات، مضيفا هذه عقوبة مشددة".
وعقب النائب إيهاب الطماوي وكيل اللجنة التشريعية قائلا: التعديلات تأتي في إطار "مكافحة الدولة المصرية للعنف ضد المرأة بكل صوره وأشكاله وتحقيق الردع بصورتيه العام والخاص، لافتا إلى أنه إذا كان هناك كيد فى الاتهام فالقضاء يقوم بدوره فى التحقق والفصل فيه".
وتابع قائلا "فى حالة حدوث التحرش من اكثر من شخص فان هذا يؤدى الى حدوث ضغط نفسى على المجنى عليه ويؤدى الى تطور فى الجريمة وهذا هو الهدف من التعديل المطلوب فقد سبق أن وعدلنا هذه المواد فى عام 2021 بتشديد العقوبات لكن اليوم يتم اثيم صور جدية من التحرش والتنمر حيث أصبح الواقع العملى إننا نحتاج اليها".
من جهتها أكدت النائبة مها عبد الناصر، ضرورة أن يكون هناك دور لوزارة الأوقاف من خلال التوعية عبر المساجد في خطبة الجمعة، وكذلك الكنائس يوم الأحد، للتوعية من مخاطر التحرش.
واعترض أيضا النائب إيهاب رمزى على الفقرة الأخيرة ب المادة 306 مكررا ب والتى تضمنت تشديد العقوبة الى عشر سنوات حال توافر ظرفان او اكثر من الظروف المشددة للتحرش الجنسى فى مكان العمل ووسائل النقل اذا كان الجانى من أصول المجنى عليها او من المتولين تربيتها او ملاحظتها او ممن لهم سلطة عليها او كان خادما بالأجر عندها او عند من تقدم ذكرهم و ممن لـه سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجنى عليه ، وطالب رمزى بحذف الفقرة الثالثة الخاص بتوافر ظرفين مشددين قائلا لو مدير فى العمل وحصل واقعة التحرش فى اتوبيس العمل يسجن 10 سنوات، ورفضت اللجنة مقترح رمزى.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التحرش التنمر مجلس النواب قانون العقوبات التحرش الجنسي من الظروف المشددة التحرش والتنمر مشروع القانون التحرش الجنسی تکون العقوبة تشدید عقوبة المجنى علیه مجلس النواب ألف جنیه إذا کان مکررا ب أکثر من أو أکثر أن یتم أو إذا إلى أن
إقرأ أيضاً:
لماذا تراجعت أسعار السيارات في مصر رغم زيادة الطلب؟
في وقتٍ لطالما شهدت فيه سوق السيارات المصرية صعوداً متواصلاً في الأسعار وتراجعاً مؤلماً في المبيعات، تلوح اليوم في الأفق مؤشرات تحول غير مسبوق.
فمنذ مطلع عام 2025، أخذت الأسعار مساراً هبوطياً مفاجئاً، بالتوازي مع ارتفاع ملحوظ في الطلب على الشراء، وزيادة أعداد السيارات الجديدة المسجلة لدى إدارات المرور، مما أعاد الحيوية إلى سوق خيم عليه الركود لأكثر من ثلاث سنوات.
وهذا التحول اللافت في حركة السوق، لا يعكس فقط تحسناً مرحلياً، بل يدل على تغيرات هيكلية تقودها عوامل محلية وإقليمية، مدفوعة بتوسع الإنتاج المحلي، وعودة الانسيابية إلى حركة الاستيراد.
شهد شهرا أبريل ومايو 2025، بداية مرحلة انتعاش حقيقي في سوق السيارات المصرية، تمثلت في تراجع أسعار السيارات لأول مرة منذ ثلاث سنوات، تراجعت خلالها المبيعات إلى ما دون 50% من مستوياتها عام 2022، وجميع العلامات التجارية للسيارات – الحديثة منها والمستعملة – سجلت تراجعًا في الأسعار تراوح بين 10% و25%.
وسجلت بيانات كبار وكلاء السيارات بعض الطرازات تخفيضات غير مسبوقة، إذ انخفض سعر طراز "ستروين C5" بنسبة 25%، بواقع 240 ألف جنيه، بينما شهدت طرازات تويوتا كورولا ورينو تاليانت تخفيضات تراوحت بين 100 و220 ألف جنيه. وسارت على نفس النهج سيارات هافال وشانجان، بتخفيضات بين 35 و120 ألف جنيه.
عزا موزعون محليون هذا الانخفاض إلى عدة عوامل تراكمت على مدار العامين الماضيين، أبرزها عزوف المستهلكين عن الشراء بسبب تراجع القدرة الشرائية وارتفاع تكلفة المعيشة، ما أدى إلى تراكم مخزون ضخم من السيارات لدى الوكلاء. اليوم، وفي ظل استمرار الإنتاج وتيسير الاستيراد، أصبح من الضروري خفض الأسعار وتصريف المخزون، مدعومين بأنظمة تقسيط ميسرة، وتمديد فترات السداد، وتقليل نسب الفائدة من قبل البنوك.
فتح باب الاستيراد وعودة تدفق المعروضأكد محللون أن قرار الحكومة بفتح باب الاستيراد التجاري أمام الأفراد والشركات، إلى جانب السماح بدخول آلاف السيارات والشاحنات المحتجزة في الموانئ منذ عام 2024 مقابل غرامات مقبولة، كان له أثر مباشر في تزايد المعروض.
كما ساهمت هذه الخطوة في تقليص فجوة الطلب، ما دفع الوكلاء إلى إطلاق حملات ترويجية واسعة بدأت منذ عيد الفطر وامتدت إلى عيد الأضحى، مستهدفة المشترين المحليين والعائدين من الخارج.
ويضيف المحللون أن تحسن سعر الصرف، وتوفر الدولار في البنوك، ساهما بشكل كبير في تيسير استيراد السيارات وقطع الغيار، وهو ما أزال العقبة الأهم التي كانت تحول دون توفر السيارات بالسوق.
سوق متجدد ومؤشرات مبشرة
تشهد سوق السيارات المصرية اليوم نقطة تحوّل فارقة، تؤسس لمرحلة جديدة من التوازن بعد سنوات من الاضطراب السعري والركود.
ومع استمرار الانخفاض في الأسعار، وتوسع التصنيع المحلي، وعودة قنوات الاستيراد، يجد المستهلك نفسه أمام فرصة تاريخية لاتخاذ قرار شراء مدروس، بعيدًا عن موجات الغلاء المتسارعة التي سيطرت على السوق في السنوات الماضية.
وهذا الحراك، وإن كان مرتبطًا بمستجدات اقتصادية داخلية، إلا أنه يحمل في طياته دلالات أوسع، تشير إلى نضج السوق المحلي، وقدرته على التكيف مع المتغيرات، والاستفادة من أدوات العرض والطلب في مصلحة الجميع.