شباب اليمن في زمن الحرب.. الصناعات البديلة والمشاريع الصغيرة هي الحل
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
(عدن الغد) بلقيس:
اتّجه بعض الشباب في اليمن، خلال الحرب، إلى الصناعات الصغيرة كالحقائب، ومنتجات تجميلية، وبعض الملابس، التي غالبا ما كان يتم استيرادها من الخارج، ويتسبب ذلك بخروج العملة الصعبة من البلاد.
يأتي ذلك في الوقت الذي يواجه في اقتصاد اليمن أزمات مستمرة، أبرزها إيقاف تصدير النفط؛ بسبب هجمات مليشيات الحوثي على الموانئ، بالتزامن مع حالة عدم الاستقرار السياسي، واستمرار الحرب.
ويفتقر الشباب إلى الدعم، في الوقت الراهن، ولذلك ما يزال إنتاجهم ضعيفا، ولا يغطي السوق المحلية، وهم يتعمدون على أنفسهم في توفير كل متطلباتهم، ولا يعملون في إطار ورش متخصصة، كما أن مواقع التواصل الاجتماعي هي أبرز وسيلة بالنسبة لهم للترويج لمنتجاتهم.
- مهد المواليد
عملت سالي محمد -منتصف 2021- على تجهيز مهد لابنتها، أثار إعجاب كل من رآه، ودفعها ذلك إلى العمل على الفكرة، وتحويلها إلى مشروع خاص بها، يوفِّر لها بعض الدخل، خاصة أنها لم تعمل في تخصصها بالمختبرات الطبية.
بحسب سالي، التي تحدث لـ"موقع بلقيس"، فقد أطلقت على مشروعها اسم "غزل"، وسرعان ما أصبح لديها كثير من الزبائن، الذين يطلبون هذا المنتج، ويختارون هم ألوانه والعبارات عليه، وبعض الإضافات حسب الرغبة، كوسادة خاصة بالمرضع.
وبرغم النجاح، الذي حققته، تواجه سالي مشكلات عديدة؛ أبزرها تضارب أسعار الصرف، خلال فترات متقاربة، وكذا صعوبة الحصول على أقمشة تناسب المشروع، وتكون بجودة عالية، فضلا عن نقصان قطع وأدوات كثيرة، ما اضطرها إلى عمل بدائل مناسبة.
- طلب متزايد
مع تردِّي أوضاع الناس الاقتصادية، وضعف القدرة الشرائية، وجد بعض اليمنيين المنتجات المحلية خيارا بديلا مناسبا، ومنهم ملاك عبدالغني، التي أكدت أنها تشتري منتجات محلية الصنع ذات جودة عالية من وقت لآخر، خاصة الحقائب التي تطوّرت تصاميمها.
وعن أبرز ما يميّز تلك المنتجات، ذكرت لـ"موقع بلقيس" أنها أرخص ثمنا مقارنة بالمنافس الخارجي لها، فضلا عن أنها ما تكون حسب الطلب، كالحقائب التي يتم خياطتها.
وأشادت بالمنتجات المحلية، التي -برغم طلبها من قِبل الزبائن- لا تتواجد بكثرة، بسبب عدم حصول المنتجين على الدعم الكافي، فكل ما يبذلونه من جهد هو بشكل شخصي.
- غياب الدعم
يفتقر الشباب 'أصحاب المشاريع الصغيرة- إلى دعم من الدولة، ويواجهون مشكلات عديدة، رغم أهمية ما يقومون به.
يؤكد نبيل الشرعبي -صحفي متخصص بالشأن الاقتصادي- على أهمية توطين الصناعات الصغيرة، وبالذات التي تشهد إقبالا كبيرا، وعلى مدار العام، وأن يكون من الأولويات، سواء للدولة أو القطاع الخاص، أو الاتحادات والكيانات المحلية، الداعمة والمنادية بالتوطين.
وذكر لـ"موقع بلقيس" أن توطين بعض الصناعات يضمن تنظيمها واستمرارها، ومواكبتها المتغيِّرات الاستهلاكية، والتنافس الإنتاجي؛ ضمانا لتحقيق أهدافه الرامية إلى التحول المستدام في التصنيع المحلي.
كما انتقد الشرعبي عدم إيلاء الدولة مثل هذه الصناعات أهمية، رغم أن سوقها دائم وكبير، مشيرا إلى أنها تنظر إليها بدونية، لأن القائمين والمعنيين بتطوير وتوطين الصناعات يتعاملون مع سوق الحقائب مثلا على أنه يسوِّق لمنتجات الرفاهية، وهذه نظرة خاطئة، وهو ما يستوجب ضرورة إعادة النظر في قراءة برامج التطوير والتوطين الخاصة بالصناعات على المستوى الرسمي والخاص وغيره.
- دعم الاقتصاد
وبخصوص أهمية توطين الصناعات الصغيرة، تحدث الشرعبي عن توفيرها آلاف الفرص من العمل، وإسهامها في تقديم منتجات ذات جودة مميّزة، وتتوافق مع الأذواق العامة، وبأسعار مناسبة.
أضف إلى ما سبق، التوجه نحو توطين صناعة الحقائب -على سبيل المثال- سيُسهم في إعادة استغلال موارد كانت مُهملة، من هذه الموارد الجلود، التي كانت تُرمى في مكبَّات النفايات، وبكميات كبيرة، حسب قوله.
وزاد: "سيفتح ذلك –أيضا- مجال الابتكارات، وتحويل كثير من مواد الأشجار والنباتات وغيرها إلى مواد تُستخدم في صناعة الحقائب، وبما يُسهم في رفد الاقتصاد بمئات ملايين الريالات، والتخفيف من حِدة البطالة والفقر، وتأمين مصادر دخل لآلاف الأيادي العاطلة عن العمل.
وينصح الشرعبي الدولة والجهات النشطة في المجال الاقتصادي، والقطاع الخاص، بتشكيل مراكز بحوث خاصة بأسواق الاستهلاك المحلي، وعلى أساس مخرجاتها يتم إنشاء مراكز ومعاهد تعليم وتدريب وابتكار وتطوير في منتجات هذا المجال، يليه مراكز تسويق وترويج فعّالة، وتخصيص موارد كافية لذلك؛ ناهيك عن توفير قروض ومساعدات للمنخرطين في هذه الصناعة، وتشجيعهم على الاستمرار.
الجدير ذكره، أن مثل هذه المشاريع تشمل أيضا بعض أنواع خلطات التجميل، وأغطية الأسِّرة، وبعض الملابس، وتأتي في ظل استمرار تردِّي الوضع الاقتصادي في البلاد، واتساع رقعة الفقر.
المصدر: عدن الغد
إقرأ أيضاً:
توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
كتب توماس فريدمان أنه رأى هذه المرة إشارات جديدة في إسرائيل تشير إلى أن مزيدا من الإسرائيليين، من اليسار والوسط وحتى من اليمين، يستنتجون أن استمرار هذه الحرب كارثة على بلدهم أخلاقيا ودبلوماسيا وإستراتيجيا.
وذكر الكاتب المعروف بميوله الليبرالية -في عموده بصحيفة نيويورك تايمز- أن رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، وهو من الوسط، كتب مقالا لم يتردد فيه في مهاجمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه، قائلا إن "حكومة إسرائيل تخوض حاليا حربا بلا هدف ولا تخطيط واضح، ودون أي فرص للنجاح"، وأضاف "ما نفعله في غزة الآن حرب إبادة، قتل عشوائي للمدنيين بلا حدود، وحشي وإجرامي"، وخلص إلى القول "نعم، إسرائيل ترتكب جرائم حرب".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2باحث أميركي: البوسنة والهرسك فاشلة حتى بعد 30 عاما من التدخل الدوليlist 2 of 2إندبندنت: إسرائيل مستمرة بهدم جسور الثقة بينها وبين الغربend of listأما من اليمين، فهذا أميت هاليفي، وهو عضو حزب الليكود اليميني الذي ينتمي إليه نتنياهو، وهو مؤيد شرس للحرب، يعتقد أن تنفيذها كان فاشلا، وأن إسرائيل لم تنجح في تدمير حماس.
ومن اليسار، صرح زعيم التحالف الليبرالي الإسرائيلي يائير غولان بأن إسرائيل في طريقها إلى أن "تصبح دولة منبوذة مثل جنوب أفريقيا، إذا لم تتصرف كدولة راشدة لا تحارب المدنيين، ولا تتخذ قتل الأطفال هواية".
الحرب أنهكت المجتمعوذكّر فريدمان بأنه لم يُسمح تقريبا لأي صحفي أجنبي مستقل بالتغطية المباشرة من غزة، وبالتالي عندما تنتهي الحرب وتمتلئ غزة بالمراسلين والمصورين الدوليين الأحرار، سيتم الإبلاغ عن حجم الموت والدمار وتصويره بالكامل، وستكون تلك فترة عصيبة للغاية بالنسبة لإسرائيل ويهود العالم.
إعلانولذلك كان غولان، وفقا لفريدمان، محقّا في تنبيهه شعبه إلى ضرورة التوقف الآن، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، واستعادة المحتجزين، وإرسال قوة دولية وعربية إلى قطاع غزة، ولكن نتنياهو أصر على مواصلة الحرب.
ومع استهداف الجيش الإسرائيلي مزيدا من الأهداف الثانوية، تكون النتيجة هي قتل مدنيين من غزة كل يوم، مع أنه ليس ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في غزة وحده هو ما يثير غضب الإسرائيليين المتزايد ضد الحرب، حسب فريدمان، بل ما يثيره هو أن الحرب أنهكت المجتمع بأسره.
واستشهد فريدمان هنا بما قاله عاموس هاريل المحلل العسكري لصحيفة هآرتس بأن مؤشرات الفشل تشمل كل شيء من "تزايد حالات الانتحار إلى تفكك العائلات وانهيار الشركات".
وإذا كان العديد من الإسرائيليين يشعرون بأنهم محاصرون من قبل قادتهم، فإن سكان غزة أيضا يشعرون بمثل ذلك -حسب فريدمان- وإذا كان بعض القادة الإسرائيليين سوف يواجهون الحساب عندما تصمت مدافع الحرب، فإن الشيء ذاته سيحدث لقادة حماس بغزة.
وإذا كان قادة حماس قد ظنوا أنهم ينزلون كارثة بإسرائيل، فإنهم -حسب فريدمان- منحوا نتنياهو فرصة لتدمير حليفهم حزب الله في لبنان وسوريا، مما أضعف قبضة إيران على هاتين الدولتين، وحتى على العراق، بل ساعد في إخراج روسيا من سوريا، فيما اعتبرها الكاتب هزيمة مدوية "لشبكة المقاومة" التي تقودها إيران.
وإذا كانت عمليات نتنياهو العسكرية مهدت للانضمام إلى اتفاقيات أبراهام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، كما يرى فريدمان، فإن نتنياهو يضيع فرصة السلام هذه برفضه أن يفعل الشيء الوحيد الذي من شأنه أن يطلق العنان لسياسة المنطقة بأكملها، ألا وهو فتح الطريق أمام حل الدولتين مع سلطة فلسطينية مُصلحة.
قبيلة اليهود ضد قبيلة الديمقراطيةولا عجب أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يريد إضاعة الوقت مع نتنياهو، فهو يذهب إلى الدول التي تعطيه، لا إلى الدول التي تطلب منه مثل إسرائيل، ولكن نتنياهو لن يسمح لترامب بصنع أي تاريخ معه.
إعلان
غير أن ترامب، ربما ليست لديه أي فكرة عن مدى التغيير الداخلي الذي طرأ على إسرائيل، خاصة أن العديد من اليهود الأميركيين لا يدركون مدى ضخامة وقوة المجتمع الديني المتطرف والقوميين المتدينين الاستيطانيين في إسرائيل، ومدى اقتناعهم برؤيتهم لغزة كحرب دينية، كما يقول الكاتب.
وقد أوضح الرئيس السابق للكنيست أفروم بورغ، متحدثا عن اليمين القومي المتدين الاستيطاني في إسرائيل "بيبي (لقب نتنياهو) هو في الواقع بيدقهم وليس اللاعب الحقيقي".
وأضاف بورغ "حدِّثهم عن إمكانية تحقيق إسرائيل السلام مع السعودية، يتجاهلونك ويقولون إنهم ينتظرون المسيح، حدثهم عن فرصة إسرائيل لتحقيق السلام مع سوريا، يردون بأن سوريا ملك للشعب اليهودي، حدثهم عن القانون الدولي، يحدثونك عن القانون التوراتي. حدثهم عن حماس، يحدثونك عن العماليق".
وخلص بورغ إلى أن الانقسام الحقيقي في إسرائيل اليوم ليس بين المحافظين والتقدميين، "بل بين القبيلة اليهودية والقبيلة الديمقراطية. والقبيلة اليهودية هي المنتصرة الآن".
وختم فريدمان بمقارنة بين أسلوبي نتنياهو وترامب المتشابهين في تقويض ديمقراطيتيهما، حسب زعمه، فكلاهما يحاول تقويض محاكم بلاده و"الدولة العميقة"، أما الهدف فهو بالنسبة لترامب إثراء نفسه شخصيا ونقل ثروات البلاد من الأقل حظا إلى الأكثر امتيازا، أما بالنسبة لنتنياهو فهو التهرب من تهم الفساد ونقل السلطة والمال من الوسط الإسرائيلي الديمقراطي المعتدل إلى المستوطنين والمتدينين.