«يونيسف» تدعو لإعلان الحداد على غياب احترام حقوق الطفل هذا العام
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
دعا الدكتور جيرمي هوبكنز، ممثل منظمة اليونيسف في مصر، بأن تتضمن المناهج التعليمية ثقافة حقوق الإنسان، مؤكداً أنه «لو تعلمنا جميعاً ثقافة حقوق الإنسان، ربما سنمارسها في حياتنا، ولكن إذا جهل الناس معرفة حقوق الإنسان، وما هي حقوق الطفل الإنسانية، سيصبح من الصعوبة الإصرار عليها».
ما يتعرض له الأطفال في غزة مأساةوأضاف ممثل منظمة اليونيسف في مصر، خلال لقائه مع برنامج «كل الزوايا» مع الإعلامية سارة حازم طه، المُذاع على قناة «أون»، مساء اليوم الخميس، أن «ما يتعرض له الأطفال في غزة مأساة، ولا أرى أن يتعلم الأطفال الآن في غزة ثقافة حقوق الإنسان، ولكن أعتقد أنه يجب الحديث عن حقوق الإنسان وحقوق الطفل كنشطاء فاعلين ودوليين ومع الدول الأعضاء ومع أطراف الصراع».
وتابع: «أعتقد أن الأطفال الآن في غزة يحتاجون إلى المياه والرعاية الصحية وأماكن آمنة للعب كأطفال ويحتاجون أيضا لحماية طوال الوقت وفي كل بقعة من غزة».
عدم الاحتفال بيوم الطفلوعن الاحتفال بيوم الطفل هذا العام، قال: «تحدثنا عن ذلك، وقررنا عدم الاحتفال بهذا اليوم، لأنه لا يوجد ما نحتفل به هذا العام، بل اخترنا تخليد هذا اليوم، وأعني أن اليونيسف حول العالم اختارت إعلان الحداد على غياب احترام حقوق الطفل بمناسبة يوم الطفل».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأطفال حقوق الأطفال غزة فلسطين حقوق الإنسان حقوق الطفل فی غزة
إقرأ أيضاً:
ماذا فعلنا بقيم المجتمع؟
شهدت مصر في الأسابيع الأخيرة سلسلة من الحوادث المؤلمة التي دفعت الجميع لطرح سؤال صارخ: ماذا فعلنا بقيمنا؟ وإلى أين نتجه كمجتمع كان يفتخر دائمًا بأخلاقه وتقاليده؟ تتابعت وقائع صادمة، مثل ما حدث في مدرسة “SIDS” وما كشفته من انحدار في سلوكيات بعض الأطفال، ثم قضية الطفلة “أيسل” التي هزّت مشاعر الناس وأعادت طرح ملف حماية الأطفال، بالإضافة إلى حادثة السائق الذي اعتدى على عدد من الأطفال في منطقة شعبية، وما ظهر في مدرسة الإسكندرية حين اعتدى طلاب على مُدرّسة داخل المدرسة نفسها في مشهد يعبّر بوضوح عن تراجع مفهوم احترام الكبير والمعلم. هذه الوقائع ليست مجرد حالات فردية؛ بل مؤشر واضح على اضطراب عميق في منظومة القيم والضوابط الاجتماعية.
وراء هذه الأحداث أسباب متشابكة، أولها غياب القدوة الحقيقيّة في حياة الأجيال الجديدة بعد أن أصبحت السوشيال ميديا بديلًا عن دور البيت والمعلم. وانشغال الأسر وضغوط الحياة اليومية أدت إلى غياب المتابعة والرقابة على الأطفال. ومع أنّ المدارس كانت يومًا ما مؤسسات تربية قبل التعليم، إلا أنّ الكثير منها أصبح اليوم مجرد مبانٍ بلا روح، لا تحمل رسالتها الأخلاقية ولا تنقل احترام النظام والانضباط. يزداد الأمر تعقيدًا مع الوضع الاقتصادي وضغوطه التي جعلت الغضب المكتوم يظهر في صورة عنف وتنمر وتجاوزات، تُبيّن أن الرادع الأخلاقي تراجع قبل القانوني.
وهنا تصبح المقارنة مع أفريقيا لافتة للغاية. فرغم أن القارة تعاني من صراعات سياسية وانقلابات وأزمات اقتصادية، إلا أنّ أغلب المجتمعات الأفريقية ما زالت متمسكة بقيمها وتقاليدها العريقة. ففي رواندا وكينيا وتنزانيا وأوغندا وغيرها، يُعد احترام الكبير واجبًا لا نقاش فيه، وللأب والأم والجد مكانة لا يمكن المساس بها. ويُربّى الطفل على معرفة حدوده منذ سن مبكرة. وتقوم الثقافة الأفريقية على مفهوم الجماعة قبل الفرد، فالطفل ليس فقط ابن أسرته، بل ابن المجتمع كله. هذه المجتمعات ما زالت ترى أن عاداتها جزء من هويتها: طريقة الكلام، أسلوب التحية، الاحترام في التعامل، التواضع، التقدير، ومساعدة الغير. ولذلك ظلّت القيم ثابتة لأنها محمية بالمجتمع نفسه، لا بالقانون وحده.
التجربة الرواندية تبرز نموذجًا مهمًا، فبعد الإبادة الجماعية بُنيت دولة كاملة على أسس واضحة: احترام الآخر، الانضباط، السلوك اللائق، والعمل الجماعي. وفي كثير من الدول الأفريقية، تظل هيبة المعلم محترمة، وتظل العلاقات الاجتماعية قائمة على الاحترام المتبادل مهما كانت الظروف.
المشكلة في مصر ليست مشكلة قانون، فالقوانين موجودة وتزداد صرامة، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في القاعدة الاجتماعية التي تحفظ الأخلاق وتضبط السلوك. المجتمعات لا تنهار حين تفقد قوانينها، بل حين تفقد قيمها. لذلك نحن بحاجة إلى إعادة دور الأسرة باعتبارها المسؤول الأول عن التربية، وإعادة هيبة المعلم باعتباره حجر الأساس في بناء شخصية الطالب، وتطوير إعلام يعزز القيم لا يسخر منها، وخلق رؤية قومية واضحة لترميم ثقافة الاحترام في المجتمع، تمامًا كما فعلت دول أفريقية استطاعت إصلاح منظومتها القيمية بعد أزمات كبرى.
الخلاصة أن ما يحدث اليوم في مصر من تجاوزات بين الأطفال والطلاب والمراهقين ليس مجرد “أحداث عابرة”؛ بل رسالة قوية بأن المجتمع يفقد شيئًا أساسيًا من قيمه. وفي المقابل، تُثبت أفريقيا—رغم كل صراعاتها—أن التقاليد والاحترام والانضباط ليست رفاهية، بل أساس لنجاة أي مجتمع يريد الحفاظ على استقراره وهويته. وإذا أردنا أن نستعيد مكانتنا الأخلاقية، فعلينا أن نعيد بناء ما فقدناه من الداخل، من الأسرة والتعليم والإعلام، قبل أن نبحث عن أي حلول خارجية .