أحمد العسم يكتب: البحث عن مفقود
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
الخشبات الثلاث وحارس المرمى الذي نبحث عنه سنجده.. الغياب يختلف عن العزلة، الغياب والاقتراب من تذكر شيء ما والبحث عنه مهم يستحق العناء، في مرات عديدة أبحث عن الأشياء وأنسى المكان الذي وضعتها فيه كمفتاح البيت، وحين لا أتذكر المكان، تحيلني الحيرة إلى اليأس وكأن له أسناناً حادة وقواطعه بارزة، وضعت حيرتي بين الخشب أحاصرها، أبتغي الوصول إلى ذاكرتي، فمن دونها سيأتي العتب مكتملاً داخل أكياس.
في مروري غير المستمر أرى يأسه، رجل يستنشق هواء البحر ولا يدخل في أعماقه، يجلس على سيفته محاطاً بالأمل ومن حوله ما يحفز الرمل ويسعده على انتظار مد وجزر، البحر يملأ ويفيض من القول، عرفت أنه يستدعي ما ضاع منه، وجدته يؤخر الوقت والزمن في ساعة يده كي يطول، ويكسب القليل من الوقت كي يتذكر ما فاته، حينها كأنني أترك حيرتي معه لعله ينتبه أننا نتشابه في النسيان ونحن من نفس المضمون.
الأشياء المفقودة التي نبحث عنها هي العمر، نستهلكه في الجدال والتفكير فيما لا يضيف، نحن نفقد ونصبح مفقودين في العزلة النفسية، قرأت في سيرة المكان وعرفت أن عامل البناء بعد الانتهاء يصبح منسياً، والدخول عليه ممنوع، عرفت كذلك بأن الشخص الدقيق يبحث عن فكرة جديدة ويبدأ بمساعدة خياله وهو شفاف له صوت عالٍ.. ابن خالتي راشد يشتغل في البناء، يعرض بعفوية تصوراته ويطلعنا على أدوات فكره ويبدأ برسم خريطة من آماله، أحببت خياله، منحني من دون تعب وشروط ما أبحث عنه، عند فجر كل يوم أنحاز إلى أفكاري وأقدمها لي مانحاً صوتي هدوء الساردين ونبض الشعراء الذين لا يقولون إلا ما تطيب به نفوس مستمعيهم.
من كتاب الحياة الحديثة وتقدمها قرأت كيف يأخذون ويؤخذ منهم، تساءلت كم ظل للتيه والتظليل، أعرف بأن القارئ العارف دليل فهم ودقيق، متمكن من أدوات فهمه، يملك الحق في نقد المحتوى، ولا يقف حارس الكرة بين خشبات ثلاث، بثبات تدفعه قوة التركيز واليقظة لمنع دخول الأهداف التي تجعله يحزن، كفكرة 5 مدافعين وارتكاز أفضل من 4.
تحدّث.. أنا أسمعك. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أحمد العسم
إقرأ أيضاً:
محمد دياب يكتب: غزة بين الإنهيار وتمرد الإحتلال
تجتاح العواصف قطاع غزة المنهك، فتغرق الأمطار خيام النازحين الذين لم يبقَ لهم من الحياة سوى ما تحميه الأقمشة الممزقة، بينما تواصل الطائرات الإسرائيلية ضرب كل ما بقي على قيد الحياة فوق الأرض المحاصرة الغارات تتصاعد حدّتها يومًا بعد يوم ويخرج قائد جيش الاحتلال «زامير» ليتبجح بأن «حدود إسرائيل الجديدة» أصبحت عند الخط الأصفر الذى يشطر غزة، فى تحدٍ سافر لكل الاتفاقات والقرارات الدولية التى اعتادت إسرائيل أن تتجاوزها بلا حساب.
وفى الوقت نفسه، تطلق المنظمات الدولية تحذيرات متصاعدة من كارثة إنسانية وشيكة تهدد سكان القطاع خمسون يومًا مرت منذ وقف إطلاق النار، ومع ذلك تصرّ إسرائيل على استمرار عملياتها العسكرية، وتمنع دخول المساعدات الضرورية، وكأنها تدير حربًا موازية هدفها تحويل غزة إلى مكان غير قابل للحياة، تمهيدًا لفرض مخطط التهجير القسرى الذى لم تعد تخفيه.
وبعد أن تسلمت كل أسراها أحياءً وأمواتًا، لم تجد إسرائيل حتى الذريعة الواهية التى ما دام احتمت بها؛ فلم يتبق لها سوى جثة واحدة تبحث عنها بالتنسيق مع الصليب الأحمر. لكنها تتجاهل فى الوقت ذاته أنها تحتجز ٧٥٠ جثة لشهداء فلسطينيين، وترفض إدخال المعدات اللازمة لانتشال نحو عشرة آلاف شهيد مازالوا تحت الأنقاض. ورغم وقف إطلاق النار، تضيف إسرائيل يوميًا وبدم بارد أعدادًا جديدة إلى قوائم الشهداء، فى استهانة كاملة بقرارات مجلس الأمن.
وتؤكد منظمات الأمم المتحدة أن التحرك العاجل أصبح ضرورة لمنع انهيار أكبر فى غزة، ولإجبار إسرائيل على فتح المعابر أمام آلاف الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية والخيام والأغطية، المحتجزة عند الحدود بذريعة جثة واحدة. وإذا استمرت هذه الفوضى التى تمارسها إسرائيل دون ردع دولى، فالعالم كله سيدفع ثمن تقاعسه.
إن قرار إنهاء الحرب انتقل من خانة المقترحات إلى مستوى الالتزام الدولي عقب اعتماده في مجلس الأمن
وما تمارسه إسرائيل الآن هو تحدٍ جديد للشرعية الدولية، التى ستفقد جدواها إذا سمحت باستمرار هذا السلوك الهمجي.
فالفلسطينيون ليسوا وحدهم على حافة الانهيار… العالم كله أمام اختبار أخلاقى وإنسانى قد يحدد مصير المنطقة لعقود قادمة.