رحاب : أعراس طاقة: يوم الزينة
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
أحرص في السبت الأخير من كل شهر أن أحضر إلى خيام الأعراس في مدينة طاقة، حيث تنصب خيام العرسان بلونها الأبيض الناصع مقابل حديقة طاقة العامة، تزدان بها مواقف الحديقة، ويصبح المكان ساحة لمناسك الواجب يحج إليه المهنئون من المدينة والجبل والنجد ومن أماكن كثيرة أخرى، يأتون طواعية، يطوفون بين خيام الأفراح المختلفة، يهنئون العرسان وأقاربهم، ويضع كل مهنئ مبلغا من المال لا يقل عن عشرة ريالات فأعلى في شنطة (المغبورi)، إنه يوم الزينة الذي يجمع الناس من وقت الضحى إلى ما بعد الظهيرة.
و هي عادة اجتماعية فريدة تنفرد بها ظفار دون سائر مناطق العالم، يتدافع الناس كبارا وصغارا لكي يساعدوا العرسان ويشاركونهم فرحتهم، يلبس كل عريس فاخر الثياب ويتمنطق خنجرا مضببا بالفضة يجلس العريس في صدر الخيمة على كرسي مميز وعن يمينه والده أو من يمثله وعن شماله أهل العروسة. يتقدم المهنئون في طوابير منتظمة فيسلمون على العريس وأهله والمهنئين السابقين، وبعد أن يتلقوا واجب الضيافة من الحلوى والقهوة والفاكهة، يستأذنون بعد أن يمروا بطاولة المغبور التي غالبا ما تكون بالقرب من مخرج الخيمة، يضع كل مهنيء مبلغا حسب ظروفه ووفقا لما تسمح به ميزانيته، ويحرص الجميع أن يضعوا ميزانية خاصة لهذه المناسبة التي تتكرر كل شهر ولا يقل عدد الأعراس بمدينة طاقة في السبت الأخير من كل شهر عن 10 أعراس وأحيانا يتجاوز عددها هذا بكثير، و يتراوح المبلغ الذي يحصل عليه العريس الواحد من 8 آلاف ريال إلى عشرين ألف أو أكثر؛ فتتحول المناسبة إلى مهرجان للتكافل الاجتماعي ولقاء الأحبة وتزاور الأرحام والأصدقاء.
إنه يوم البهجة والأفراح، ترى الجميع مبتسمين، يمارسون السخاء والكرم والعطاء، ويشعرون بذلك في نفوسهم ويلمسون أثره وبركته في صحتهم وفي زيادة رزقهم وهم يتلقون الامتنان والشكر من العرسان الذي يجدون في هذه المؤازرة تفريجا لهمومهم وقضاء لديونهم وتعويضا مجزيا عما يتكبدون من تكاليف ونفقات.
وهناك وجوه كثيرة صارت معروفة، يتناقل الناس حرصهم الدائم على حضور جميع الأعراس والإسهام المالي فيها لكل عريس بصرف النظر عن قرابة نسبه منه، أو بعده، ومن أبرز أعلام حضور الأعراس الشيخ حسن مسلم علي خينان المعشني، الشيخ الثمانيني الذي يتكبد مشقة الطريق لكونه لا يسوق السيارات، فيضطر أحيانا أن يسير على قدميه حتى يجد من ينقله إلى مكان الأعراس، فيمشي بينها وهو يعاني المشقة بسبب عامل الصحة والتقدم في العمر، لكنه ينتصر على كل التحديات والمشاق لكي يهنئ كل عريس، ويساهم بما تسمح به ظروفه، ثم يختم مشواره بصلاة الظهر جماعة في أحد المساجد وعندما ينتهي من طوافه، يعود قافلا إلى بيته في (حوج) بمدينة الحق. إنه نموذج فريد للإنسان الذي يسخر حياته كلها لعمل الخير، وهو ليس بدعة في ذلك، فهو ينحدر من سلالة معروفة بالكرم، فقد كان أجداده يخصصون أماكن لإيواء الجياع منذ غابر السنين، وينصبون علامات يهتدي بها أبناء السبيل الذين كانوا يبحثون عن الإيواء والطعام. أفرح كثيرا عندما أرى الشيخ أبي محمد حسن مسلم علي خينان، وأقول في نفسي، اللهم لك الحمد والشكر، فمجتمعنا بخير طالما يحفل بهؤلاء الرجال الذين تذكر الله عندما تقابلهم وينتصر الكرم على الشح عندما تصادفهم وتشكر الله على وجودهم، فهم يعلموننا بمجرد أن نراهم ونتواصل معهم.
✱ المغبور مبلغ نقدي أو عيني يُقدمه أقارب و أصدقاء ومعارف العريس لمساعدته على تكاليف الزواج.
د ـ أحمد بن علي المعشني
رئيس أكاديمية النجاح للتنمية البشرية
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
خليفة الإنسانية تقيم العرس الجماعي الثاني في الشارقة بمشاركة 1100 عريس وعروسة
أقامت مؤسسة خليفة الإنسانية العرس الجماعي الثاني في إمارة الشارقة اليوم في صالة البيت متوحد بمنطقة الرحمانية بحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، والشيخ الدكتور سالم بن عبد الرحمن القاسمي رئيس مكتب سمو الحاكم بإمارة الشارقة.
تم تنظيم الحدث بالتعاون مع بنك دبي الإسلامي وبوتيك النشامة، وشهد مشاركة 1,110 عريس وعروسة من مختلف إمارات الدولة.
وأكد سعادة محمد حاجي الخوري المدير العام لمؤسسة خليفة الإنسانية أن إقامة هذا العرس الجماعي تعكس التزام المؤسسة بتعزيز الاستقرار الاجتماعي، مشيراً إلى أن المبادرة تتكامل مع توجهات الدولة في دعم الأسرة وتمكين الشباب.
وأوضح أن نجاح المبادرة يترجم ثقة المجتمع في برامج المؤسسة وجهودها المستمرة لتخفيف الأعباء المالية عن المواطنين، إلى جانب تعزيز القيم الاجتماعية التي تحافظ على قوة النسيج المجتمعي.
وقال: «يشكل هذا العرس الجماعي مساحة تمنح الشباب بداية حياة أسرية أكثر سهولة وطمأنينة، وتمثل خطوة تعزز شعورهم بالدعم والانتماء، فالمجتمع القوي يبدأ من أسرة قوية».
ويأتي تنظيم هذا العرس بعد النجاح الذي حققه العرس الجماعي الأول الذي شهد مشاركة 157 شاباً في شهر أغسطس من العام الماضي، ما شجع المؤسسة على توسيع نطاق المبادرة لتشمل عدداً أكبر من المستفيدين وتوسيع أثرها الاجتماعي.