حالة من الشلل أصيب بها الاقتصاد الإسرائيلي خلال الشهرين الماضيين، والأمور تزاد سوءا مع استمرار الحرب الدائرة في قطاع غزة، وبحسب ما نشرته عدة تقارير صحيفة إسرائيلية، فقد أعلنت العديد من القطاعات الاقتصادية عن خسائر كبرى، ورصد لحالة من الركود التام في قطاعات أخرى، فيما شهد سوق العمل حالة عجز كبيرة في قطاعات أخرى تسببت في شلل تام بتلك القطاعات.

 

وفي تقرير لصحيفة كالكاليست العبرية، أعلنت إحدى كبرى شركات الملابس في إسرائيل عن إغلاق 40 متجرا كبيرا لها داخل مدن إسرائيل، وذلك خلال الأيام التي تلت بداية عملية طوفان الأقصى، والحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والحملة الأمنية الواسعة بالضفة الغربية، فيما ذكرت تقارير منفصلة أزمة كبرى بقطاع العقارات وحالة ركود واسعة، مع حالة عجز شديدة في العمالة بعد هجرة العمال الأجانب، والقيود المفروضة على استقدام العمالة الفلسطينية.

 

كاسترو يغلق 40 متجرًا وخسائر غير مسبوقة

 

ووفقا لما كشفت عنه صحيفة "كالكاليست" العبرية، فإن سلسلة أزياء كاسترو أغلقت حوالي 40 متجرًا داخل مدن إسرائيل، وأن الشركة قررت تقليص سلسلة الملابس التي تقوم بتسويق الملابس النسائية والرجالية والأطفال، ويتم عرض متاجر العلامة التجارية على المنافسين في هذه الصناعة، حيث تدير المجموعة 354 متجرًا، 108 منها تحمل علامة كاسترو التجارية، ومنذ بداية الحرب، قامت مجموعة كاسترو بمنح 30% من موظفيها إجازة، وبالنسبة للبعض منهم على الأقل، من المتوقع أن تقوم الشركة بتمديد الإجازة لأكثر من 30 يومًا. 

وذكرت الشركة الكبيرة في إسرائيل، أن هناك خسائر غير مسبوقة خلال الشهرين الماضيين، حيث خسرت مبيعات محتملة تقدر بقيمة 79 مليون شيكل، وانخفضت عائداته في الفترة من 7 أكتوبر إلى 15 نوفمبر بنسبة 40٪، وسجل معظم الانخفاض في شهر أكتوبر في المتاجر الفعلية، خاصة في متاجر الملابس وإكسسوارات الموضة، وفي بداية شهر أكتوبر، أغلقت متاجر المجموعة في بعض الأماكن.

 

 

المخاوف تمتد إلى خطط 2024

 

 

ويبدوا أن مخاوف الشركة لا يقتصر على الفترة الحالية، ولكنها تمتد إلى 2024، فرغم أن شركة كاسترو بدأت تبسيط علامتها التجارية الرئيسية للملابس في السنوات الأخيرة، إلا أنها بدأت تضع خطط تقشفية، وخطوات تمتد إلى 2024، وشملت الخطوات إغلاق المتاجر الخاسرة، وبعد الحرب، قررت الشركة إغلاق عشرات المتاجر الأخرى كجزء من عملية الكفاءة المخطط لها في عام 2024، وأفاد كاسترو في تقارير الربع الثالث أن العملية ستتم من خلال فحص تفصيلي لأنشطة متاجر العلامة التجارية والنتائج المالية للمتاجر، وستحاول الشركة تحسين شروط الإيجار حيث تتوصل إلى تفاهم مع العقار أصحاب أقوى المتاجر وأغلقوا المتاجر غير المربحة.

وأنهى كاسترو الربع الثالث بارتفاع بنسبة 5.5% في الإيرادات، والتي بلغت 454 مليون شيكل، وبارتفاع بنسبة 153% في صافي الربح، الذي بلغ 12.7 مليون شيكل، وعلى الرغم من ارتفاع المبيعات، إلا أن الربحية الإجمالية للشركة تآكلت إلى 57.8% مقارنة بـ 58.3% في الربع المقابل من العام الماضي.

 

 

قطاع الأزياء من أكثر الصناعات تضرراً منذ بداية الحرب

وبحسب الصحيفة العبرية، فيعد قطاع الأزياء من أكثر الصناعات تضرراً منذ بداية الحرب، حيث انخفضت عمليات الاسترداد في الأسابيع الأولى بنسبة 40%، واستقرت في الأسبوع الماضي عند انخفاض بنسبة 20%، وأرسلت شركات الأزياء الكبرى نحو 30% من موظفيها إلى حالة الطوارئ، ورغم أن الخطة المالية المحسنة تسمح بعودة العمال بعد 14 يوما وليس فقط بعد 30 يوما، فإن الشركات تترك 20%-15% من موظفيها قوتهم العاملة في حالة الطوارئ بسبب ضعف المبيعات، ورغم ما أعلنته مراكز التسوق الأسبوع الماضي العودة إلى ساعات العمل العادية، وهو ما تطلب من الشركات إعادة بعض الموظفين إلى العمل والعودة إلى العمل على فترتين.   

وتذكر الصحيفة العبرية، أن الكثير من المجموعات العاملة بهذا المجال تعمل على تقليل نفقاتها وتحسين النفقات اللوجستية والتشغيلية والقوى العاملة، وكجزء من استراتيجية المجموعة وبسبب الضرر الذي لحق بالطلب بعد الحرب، تقوم الشركات بغلق المتاجر التي ليست مربحة بما فيه الكفاية، ومن ناحية أخرى.

 

 

الشلل يصيب سوق العقارات مع الحرب والعمالة عجز كبير

 

وبتقرير منفصل تم نشره صباح اليوم بصحيفة كالكاليست العبرية، كشفت فيه عن الشلل الذي أصاب سوق العقارات في إسرائيل مع الحرب، وجاء بالتقرير أنه إذا كانت المشاكل الأكثر خطورة التي يواجهها مطورو العقارات حتى 7 أكتوبر هي التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، فإن الأزمة الحالية التي ابتليت بها إسرائيل منذ ذلك الحين، تجعل تلك المشاكل السابقة هينة لما أصاب السوق من شلل وأزمات كبرى، وهي أزمة تعكسها التقارير المالية التي نشرتها الشركات في الأسبوعين الماضيين، والتي عكست المشكلات التي تواجهها تلك الصناعة.

 

وتحدثت الصحيفة لعبرية، أنه تمت إضافة صعوبات شديدة إلى الصناعة، أبرزها نقص القوى العاملة ، وهي الصعوبات التي كانت موجودة على مستوى أو آخر منذ عقد من الزمن على الأقل، ولكنها أصبحت الآن أكثر حدة بشكل ملحوظ. منذ اندلاع الحرب، حيث غادر إسرائيل حوالي 80 ألف عامل فلسطيني، إلى جانب حوالي 20 ألف عامل من شبائيم وعدة آلاف من العمال الأجانب، معظمهم من مولدوفا، وتزداد هذه المشكلة خطورة في ضوء الاستجابة البطيئة للدولة التي تمكنت حتى الآن من توظيف حوالي ألف عامل جديد فقط، وحتى الآن لا يزال الأمر كذلك، وليس من الواضح متى سيتم ملء الفجوات.

 

الركود سيد الموقف 

 

وبصرف النظر عن ذلك، هناك منتج ثانوي مهم آخر من المتوقع أن يكون له تأثير حاد على نتائج الشركات العقارية الإسرائيلية، وهو انخفاض بيع الشقق، وحالة الركود الكبرى منذ اندلاع الحرب وغياب المشترين عن مكاتب البيع، حيث أصبحت تلك المكاتب خالية طوال الفترة الماضية، أي ما يقرب من شهرين منذ بدء القتال، ومن خلال عينة من العديد من الشركات العقارية العامة، يمكن ملاحظة أن التقارير المنشورة في الأسبوعين الأخيرين تظهر بالفعل بيانات ذات اتجاه سلبي.

 

وعندما تنظر إلى المبيعات منذ بداية القتال، يمكنك أن ترى انخفاضاً حاداً في جميع الشركات، ومن المرجح أنها ستحاول التعافي الآن في الوقت المتبقي لها حتى نهاية الربع، لكن التقييم في ضوء البيانات هو أنه من المتوقع أن يكون الربع الرابع من العام واحدًا من أضعف الفترات التي عرفتها الصناعة.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

هآرتس: حرب غزة تخفض توقعات نمو اقتصاد الاحتلال خلال السنوات المقبلة

تشير التقديرات الاقتصادية الجديدة في حكومة الاحتلال إلى تدهور واضح في توقعات النمو متوسط المدى، مع اتضاح التأثيرات السلبية لحرب غزة على منظومة الاقتصاد خلال السنوات الخمس المقبلة.

وتبين هذه التوقعات أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بين 2027 و2030 قد يتراجع إلى ما بين 3 و3.5 بالمئة سنويا، بعدما كان متوسطه يصل إلى 4 بالمئة خلال العقد الماضي.

وفي المقابل، يتوقع أن يسجل اقتصاد عام 2026 نموا مرتفعا نسبيا يتراوح بين 4.7 بالمئة وفق بنك إسرائيل و5.2 بالمئة وفق وزارة المالية، نتيجة تعويض التباطؤ الذي شهدته فترة الحرب الممتدة لعامين.



وبحسب ما أوردته صحيفة "هآرتس" في تقرير، فإن وزارة المالية تتوقع نموا بين 3.5 و3.7 بالمئة خلال 2027–2029، مع ترجيح أن تتعرض هذه الأرقام لخفض إضافي، في حين يشير تقرير بنك إسرائيل السنوي إلى أن الحرب ستترك "ندوبا واسعة" في الاقتصاد على المدى المتوسط، بسبب ارتفاع الإنفاق الدفاعي، وتوسع الجيش، والحاجة إلى خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي، إضافة إلى استمرار علاوة المخاطرة وتراجع التصنيف الائتماني، وتكاليف إعادة الإعمار ورعاية عشرات آلاف المتضررين.

وتكشف التوقعات بحسب الصحيفة، أن خفض إمكانات النمو من 4 بالمئة سنويا إلى ما بين 3 و3.5 بالمئة يعني خسارة دائمة تتراوح بين 0.5 و1 بالمئة سنويا، ما سيؤدي خلال عقد واحد إلى ناتج محلي إجمالي أقل بنسبة 5 إلى 10 بالمئة مقارنة بما كان سيُحقق دون الحرب، أي خسارة تتراوح بين 100 و250 مليار شيكل (30.5 إلى 76.1 مليار دولار).

أما حصة الفرد من الناتج، فسينخفض بين 8000 و16000 شيكل سنويا، وتعيد هذه الصورة إلى الأذهان تبعات حرب يوم الغفران 1973كما يسميها الاحتلال التي أفرزت "العقد الضائع" مليئا بالديون والتضخم والانكماش، قبل تدخل خطة الاستقرار الاقتصادي عام 1985 واتفاق السلام مع مصر.



ويبرز تأثير الخسائر البشرية، حيث فقد الاقتصاد نحو 2000 قتيل معظمهم شباب، إضافة إلى 20 ألف جريح يتلقون العلاج في قسم التأهيل بوزارة الدفاع، و80 ألف جريح لدى مؤسسة التأمين الوطني، مع توقع ارتفاع العدد إلى 120 ألفا بحلول 2028 بسبب تداعيات نفسية طويلة المدى، هذا الواقع يعني انخفاضا يقارب 1 بالمئة في القوة العاملة، إلى جانب زيادة سنوية بنحو 6 مليارات شيكل في نفقات التأهيل، وملياري شيكل في تكاليف مؤسسة التأمين الوطني.

وتشكل الزيادة المستمرة في الإنفاق العسكري أحد أبرز أوجه الضغط، إذ تتطلع المؤسسة الدفاعية لرفع حصتها من الناتج المحلي إلى 6.3 بالمئة في 2026 مقابل 4.2  في 2022، على أن لا تقل عن 5 بالمئة في السنوات اللاحقة، ورغم أن هذه المستويات تبقى أقل بكثير من مستويات "العقد الضائع" التي بلغت 25–30 بالمئة من الناتج، فإنها ستأتي على حساب الاستثمارات المنتجة.

وترتبط هذه التقديرات بفرضية متفائلة بانتهاء الحرب دون تصعيد جديد في غزة أو لبنان أو إيران أو الضفة الغربية، فالاشتباكات الواسعة في الضفة قد تتطلب استدعاءً كبيرا لجنود الاحتياط، ما يعني زيادة إضافية في الإنفاق الدفاعي وتراجعاً أكبر في الناتج.



ويُضاف إلى ذلك الضرر الذي لحق بصورة إسرائيل عالميا، والذي يتجلى في موجات انتقاد واسعة على المنصات الرقمية، رغم صعوبة قياس أثره المباشر على الاقتصاد، لعدم ظهور تغييرات واضحة في بيانات التصدير، كما تتصاعد التحذيرات من ارتفاع الهجرة بين حملة الشهادات العليا.

وقد قدر بنك إسرائيل خسارة 4.7 بالمئة من إنتاجية الاقتصاد بسبب الحرب، أي ما يعادل فقدان عام كامل من النمو، مع احتمال عدم تعويض الخسارة بالكامل لاحقا، خصوصا إذا تراجع النمو عن مستوياته التاريخية.

وتزداد هذه الصورة قتامة بسبب مشكلات سابقة كانت تثقل الاقتصاد قبل الحرب، أبرزها انخفاض مشاركة المجتمع الحريدي في سوق العمل وتدنّي إنتاجيته، وتراجع مستوى التعليم وفق الاختبارات الدولية، وفجوات كبرى في البنية التحتية.

مقالات مشابهة

  • وزير الإنتاج الحربي يتفقد أجنحة عدد من الشركات بمعرض EDEX 2025
  • ما المشاكل الفنية التي تواجهها شركة إيرباص؟
  • العربية للتصنيع توقِّع مذكرة تفاهم مع شركة صينية كبرى لتوطين تكنولوجيا الصناعات الدفاعية
  • مختص: اقتصاد الركام يبرز في غزة بعد الحرب
  • رئيس اقتصادية قناة السويس يستعرض فرص الاستثمار أمام كبرى الشركات العالمية في أمريكا
  • إيديكس 2025 | شركة روسية كبرى تعتزم تصنيع معدات دفاعية عالية التقنية بمصر
  • غدًا.. أكبر ملتقى توظيفي في بني سويف بمشاركة كبرى الشركات والمصانع
  • هآرتس: حرب غزة تخفض توقعات نمو اقتصاد الاحتلال خلال السنوات المقبلة
  • الهيئة العربية للتصنيع توطن أحدث تكنولوجيات الصناعات الدفاعية بالتعاون مع كبرى الشركات الصينية
  • من خلاف بسيط إلى مأساة كبرى.. قصة جنى التي هزت الشروق