شركات تجارية تلغي تعاقدها مع اسرائيل.. والأخيرة تكشف بالأرقام تداعيات مرعبة لقرار صنعاء منع الملاحة الاسرائيلية في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
كشف موقع “غلوبس” الإسرائيلي المتخصص بالشؤون الاقتصادية، عن تداعيات اقتصادية مرعبة لقرار قوات صنعاء منع الملاحة الاسرائيلية في البحر الاحمر، والذي شمل تهديدات باستهداف كل السفن الإسرائيلية وجرى تطبيق القرار حرفياً في الـ19 من نوفمبر الجاري بالاستيلاء على السفينة الإسرائيلية جلاكسي ليدر المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي واقتياد السفينة من وسط البحر الأحمر في المياه الدولية بين السعودية وأرتيريا إلى السواحل اليمنية.
الموقع الإسرائيلي أكد أن تكلفة الشحن من الصين إلى اسرائيل ارتفعت إلى 9% ثم إلى 14%، وأكد تقرير “غلوبس” أنه “بصرف النظر عن بعض الهجمات المحددة على السفن المملوكة جزئياً لإسرائيل، فإن التهديد الرئيسي ليس بالضرورة على طرق الشحن الإسرائيلية، بل على وجود أي سفن تتبع رجال أعمال إسرائيليين حتى وإن كانت تعمل لحساب شركات غير إسرائيلية”.
اعترف يهودا ليفين، رئيس قسم الأبحاث في شركة Freightos للتكنولوجيا الفائقة وهي منصة رقمية لإدارة الشحن وتقديم عروض أسعار الشحن والتنسيق للمستوردين وشركات النقل، أن أسعار الشحن من وإلى الموانئ في فلسطين المحتلة (إسرائيل) مع الموانئ الصينية بعد هذه التطورات وخاصة بعد الإعلان عن سيطرة قوات صنعاء على السفينة الإسرائيلية جلاكسي ليدر المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي رامي أونجار مالك مجموعة ريا شيبينج جزئياً، بدأت في الارتفاع في الأسابيع الأخيرة، وهو ارتفاع كبير مقارنة بأسعار الشحن من الكيان الإسرائيلي فيما لو كانت طرق الشحن تمر عبر البحر الأبيض المتوسط.
ويؤكد الموقع الإسرائيلي أن سوق الأسهم تراجع بنسبة 1% في إسرائيل أما مؤشر البنوك فقد تراجع بأكثر من 3% نتيجة قرار اليمن بمنع السفن الإسرائيلية من المرور والتهديد باستهدافها أينما استطاعت القوات البحرية اليمنية الوصول إليها، رداً على عدوان الكيان على قطاع غزة.
وبحسب بيانات فريتوس، فإن سعر الشحن لكل حاوية من الصين إلى ميناء أشدود ارتفع بنسبة تتراوح بين 9% و14% في الأسبوعين الأخيرين من شهر تشرين الأول/أكتوبر، وهو رقم يضعها بسعر أعلى بنحو 5% منذ اندلاع الحرب. ويختلف ذلك عن التغير في أسعار الشحن بين دول آسيا ودول البحر الأبيض المتوسط والتي انخفضت فعليا بنسبة 7% في الأسبوعين الأخيرين من شهر أكتوبر وبنسبة 8% منذ 7 أكتوبر، مما يشير إلى انحراف محتمل للأسعار في إسرائيل بالنسبة إلى أوروبا.
كما أضاف تقرير غلوبس أن حركة الملاحة البحرية في الموانئ الإسرائيلية تشهد تأخير أكبر
من المعتاد بسبب إطلاق الصواريخ، وأن شركة الشحن “إم إس سي” أبلغت عن اختناقات مرورية عند مدخل ميناء أسدود فيما شركات أخرى قامت بتحول السفن إلى ميناء حيفا.
ويؤكد موقع غلوبس أن سفن شركة راي شييبينغ الإسرائيلية المملوكة جزئياً لرجل الأعمال أونجر التي تتبعها السفينة المحتجزة لدى البحرية اليمنية جلاكسي ليدر، أكد الموقع أن سفن هذه الشركة قد توقفت عن المرور من البحر الأحمر ومضيق باب المندب هرباً من أن تلقى نفس مصير جلاكسي ليدر، مؤكداً أن هذا الإجراء من الشركة تم بعد أن تمت السيطرة على جلاكسي ليدر من قبل القوات اليمنية، في 19 نوفمبر الجاري.
ويقول التقرير إن السفينة الإسرائيلية “جلوبيس ستار” التابعة لشركة البحر الأحمر تحركت من اسرائيل ودخلت قناة السويس في طريقها إلى الصين مروراً بالبحر الأحمر إلا أنها عادت من حيث أتت بعد الهجوم على جلاكسي ليدر، حيث تراجعت السفينة عن مواصلة طريقها في البحر الأحمر وعادت مرة أخرى إلى قناة السويس وتوقفت هناك الإثنين الماضي. كما يؤكد الموقع أن سفينة أخرى من نفس أسطول رجل الأعمال أونجر، تدعى “هيرميس ليدر” كانت موجودة بالفعل بالقرب المياه الإقليمية اليمنية أثناء الهجوم على جلاكسي ليدر واضطرت للعودة أيضاً إلى شمال البحر الأحمر، وأن سفينتان أخريان على الأقل لهما ارتباط بإسرائيل قامتا بتغيير مسارهما منذ عملية احتجاز جلاكسي ليدر.
حالياً يؤكد التقرير الإسرائيلي الصادر عن موقع غلوبس، أن عدة سفن لها ارتباطات بإسرائيل اضطرت بالفعل إلى الإبحار حول أفريقيا فيما هناك سفن أخرى لم تبحر وتخطط لأن تسلك طريق القارة الأفريقية (طريق رأس الرجاء الصالح) عبر الطوفان حول أفريقيا، يقول “غلوبس” إن هذه الطريق قد تزيد من تكلفة الرحلة وتطيل مدتها لمدة أسبوعين.
أما بخصوص السفن التي ليس لها أي ارتباط بإسرائيل والتي لا تفضل المرور من البحر الأحمر وقناة السويس للوصول إلى أمريكا قادمة من آسيا فإن السبب في ذلك ليس التهديدات من اليمن ضد السفن الإسرائيلية بل بسبب اكتظاظ قناة السويس وازدحام القناة بالسفن التي تنتظر العبور من القناة للعبور إلى البحر الأبيض المتوسط ولهذا تلجأ بعض السفن إلى سلوك طريق أفريقيا (رأس الرجاء الصالح).
كما يؤكد التقرير الإسرائيلي أن جميع السفن الإسرائيلية كلياً أو جزئياً أصبحت تزيد من عدد أفراد الأمن الذين تضعهم على متنها، وذلك يستلزم المزيد من التكاليف والخسائر، “حتى أن شركة زيم أعلنت أنها سترفع علاوة المخاطرة على كل حاوية بأكثر من 100 دولار. ويمكن الافتراض أن هذه الخطوة أدت بالفعل إلى زيادة أسعار شحن الحاويات على الطرق الدولية المؤدية إلى موانئ إسرائيل”.
وتجدر الإشارة إلى ما أورده موقع غلوبس بشأن شركة (زيم) للنقل، سبق أن تلقت تهديداً واضحاً من المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع والذي نشر على حسابه بموقع إكس كلمة زيم بالإنجليزية في إشارة لهذه الشركة التي تعد واحدة من أهم وأبرز شركات النقل البحري الإسرائيلي وتعتبر عاشر شركة عملاقة على مستوى العالم، ومنشور المتحدث باسم القوات اليمنية يعني أن هذه الشركة أصبحت سفنها تحت تهديد البحرية اليمنية وأنها محظور عليها المرور عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر. واختتم موقع غلوبس التقرير المعني بتداعيات قرار اليمن منع مرور السفن الإسرائيلية بالكامل من البحر الأحمر، بالتأكيد على أن محاولات التذاكي من قبل السفن عبر تجنب الاقتراب من الخطوط الملاحية القريبة من المياه الإقليمية اليمنية بقصد الهروب أو الابتعاد قدر الإمكان عن أي هجوم من البحرية اليمنية لا يجدي نفعاً وأن ذلك ينفع مع أعمال القرصنة العادية، ويؤكد الموقع “لأن من أصدر قرار الحرب على السفن الإسرائيلية هم الحوثيون الذين سبق لهم أن هاجموا سفناً مرتبطة بإسرائيل وأمريكا والسعودية، فإن كل محاولات الابتعاد عن الساحل اليمني في مضيق باب المندب محكوم عليها بالفشل لأن الحوثيين يمتلكون قدرات بحرية متقدمة بما في ذلك أسطول من المروحيات والقوات الخاصة البحرية ومن غير المتوقع أن تتدخل القوات الدولية المقاتلة لمحاربتهم نيابة عن الأمم المتحدة في هذه الحالة لأن الصراع هنا هو على أساس سياسي”.
المصدر: الميدان اليمني
كلمات دلالية: اسرائيل البحر الاحمر الحوثيين السفن الاسرائيلية اليمن قوات صنعاء السفن الإسرائیلیة البحریة الیمنیة البحر الأحمر أسعار الشحن من البحر
إقرأ أيضاً:
اليمن يفرض شروط السيادة في البحر الأحمر: “ترومان” تغادر و”كوين إليزابيث” تعبر بإذن صنعاء
يمانيون – تحليل خاص
تشهد الساحة البحرية في البحر الأحمر تحولات استراتيجية عميقة تُعيد رسم معادلات النفوذ، في ظل انكفاء القوى الغربية وارتباكها أمام معادلة الردع التي أرستها القوات المسلحة اليمنية.
في الأيام الأخيرة، أُجبرت الولايات المتحدة على سحب حاملة طائراتها “ترومان” دون تحقيق أي مكاسب ميدانية، فيما اضطرت بريطانيا إلى التنسيق المسبق مع صنعاء قبل السماح بعبور حاملة طائراتها “HMS كوين إليزابيث”، لتؤكد بذلك حقيقة التحول الذي بات يحكم مسرح البحر الأحمر: لا قوة عظمى تمر إلا بشروط اليمن.
ترومان “الرمز” تسحب ظلّها
غادرت حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس ترومان” مياه البحر الأحمر دون أن تحقق أي تأثير يُذكر على مسار الأحداث. ورغم الضخ الإعلامي الذي صاحب وصولها إلى المنطقة قبل أشهر، فإن الواقع أثبت أن وجودها كان استعراضيًّا أكثر منه عمليًّا.
وبحسب قناة “13 نيوز ناو” الأمريكية، فإن “ترومان” من المقرر أن تصل إلى الولايات المتحدة في الأول من يونيو، لتختتم بذلك فصلاً باهتًا من الحضور الأمريكي في البحر الأحمر. لم تنخرط الحاملة في أي عمليات، ولم تُشارك في أي ردّ فعليّ مباشر ضد العمليات اليمنية المستمرة دعمًا لغزة، وهو ما يُفسَّر على نطاق واسع بأنه فشل مزدوج: فشل في تقدير قدرة صنعاء، وفشل في إدارة المغامرة دون دفع ثمن استراتيجي.
عبور بريطاني بشروط يمنية
وفي موازاة الانكفاء الأمريكي، سجلت لندن سابقة لافتة في التعامل مع الوضع اليمني، عبر تنسيق مسبق مع صنعاء للسماح بمرور حاملة الطائرات “HMS كوين إليزابيث” في البحر الأحمر.
وكشف عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، في تغريدة نشرها على منصة “X”، أن الجانب البريطاني تواصل مع الجمهورية اليمنية وأبلغ أن مرور الحاملة يهدف إلى المناورة فقط دون تنفيذ أي عمليات قتالية.
وأضاف الحوثي أن القوات المسلحة اليمنية وافقت على هذا المرور بشرط عدم اتخاذ أي موقف عدائي يمسّ مهام الإسناد اليمني لغزة.
تم التواصل بالجمهورية اليمنية
بخصوص مرورحاملة الطائرات البريطانية HMS بأنهاستعبرللمناورة ولن تنفذ اي عمليات قتاليةفي البحر الاحمر
وتم ابلاغهم من قبل القوات المسلحةاليمنية بالسماح بالمرور مادامت في مهمةغير قتاليةاو توجه عدواني
لاعتراض القوات المسلحةعن اسناد غزة التي تباد من الكيان
— محمد علي الحوثي (@Moh_Alhouthi) May 31, 2025
هذه التغريدة، رغم إيجازها، تختزل تحولًا جذريًّا في المشهد البحري والسياسي للمنطقة. فلأول مرة، تُضطر دولة غربية كبرى إلى التنسيق العلني وغير القسري مع طرف إقليمي من موقع الندية، بل من موقع التبعية المشروطة. لم يعد البحر الأحمر منطقة رخوة للغطرسة الغربية، بل بات ساحة سيادة مشروطة بإرادة صنعاء.
التحول من الردع بالقوة إلى الردع بالشروط
تعكس التحركات البريطانية والأمريكية ارتباكًا واضحًا أمام الخطوط الحمراء التي رسمتها القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر. فلم يعد الحديث عن ضربات موضعية أو مواجهات تكتيكية، بل عن تغيير جذري في قواعد اللعبة.
ما يجري اليوم يُكرّس تحول الردع اليمني من العمل العسكري إلى التأثير السياسي والرمزي. فمجرد أن تُجبر بريطانيا على طلب الإذن، أو تُجبر أمريكا على الانسحاب بهدوء، دون أن تطلق صنعاء صاروخًا واحدًا، فهذا يعني أن كفة القوة قد تحوّلت من المنظومات المتطورة إلى القرار السيادي المعلن والصامد.
وفي هذا الإطار، فإن عبور “كوين إليزابيث” دون مهام قتالية لا يُعدّ مجرد حدث بحري، بل اعترافًا ضمنيًا بمركزية صنعاء في معادلة الملاحة الإقليمية. إنه شكل من أشكال الانحناء السياسي أمام قوة لم تستورد الهيبة من واشنطن أو لندن، بل صنعتها من موقع المعاناة والانتصار معًا.
القوات اليمنية تُعيد تعريف الملاحة العسكرية
الرسائل المتتالية من صنعاء لا تكتفي بالاستعراض الرمزي، بل تعيد ترسيخ مفاهيم جديدة للسيادة. لم تعد القوة تقاس بعدد الحاملات ولا بنوع المقاتلات، بل بقدرة الطرف الأضعف – شكليًّا – على فرض معايير الاشتباك، وتحديد من يمرّ ومن يُمنع، ومن يُعامل كخصم ومن يُعتبر محايدًا بشروط.
هذه السيادة لم تأتِ من فراغ. فطيلة الأشهر الماضية، أثبتت القوات المسلحة اليمنية قدرتها على استهداف السفن الصهيونية ومن يرتبط بها، وفرضت حالة من القلق الدائم على كل قطع البحرية الغربية. ومع إعلان صنعاء أن دعمها لغزة مستمر ولن يتوقف، فإن كل قطعة بحرية تمر من مضيق باب المندب أو البحر الأحمر باتت تحمل في حساباتها سؤالًا استراتيجيًّا: هل يُسمح لها بالعبور أم تُجبر على التراجع؟
استراتيجية جديدة للهروب الغربي
في ظل كل ما سبق، تبدو مغادرة “ترومان” وعبور “كوين إليزابيث” كأنهما حركتان في مسرح واحد. الأولى تمثل الهروب من المواجهة، والثانية تُجسّد العبور تحت السيطرة. وبين الانسحاب والمرور المشروط، تظهر معادلة جديدة: الغرب يتراجع دون أن يخسر علنًا، وصنعاء تربح دون أن تطلق النار.
هذه المعادلة تنذر بتحولات قادمة في سلوك القوى الدولية تجاه المنطقة. فالمشهد لم يعد قابلًا للتكرار على النحو القديم. كل سفينة تمر الآن تُحسب خطواتها ألف مرة، وكل مهمة يُخطط لها بدقة خشية الاصطدام بقرار سيادي يمني يعيد رسم خريطة النفوذ في الممر البحري الأهم عالميًّا.
من باب المندب تبدأ معركة الإرادة
بين عبور مشروط وغياب مشرف، تؤكد صنعاء مجددًا أن من يسيطر على القرار في البحر الأحمر ليس من يملك الغواصات والطائرات، بل من يملك الإرادة والتوقيت والسيادة. وقد أثبتت الأيام أن الإرادة اليمنية ليست موسمية، بل متجذرة في معركة أوسع من البحر الأحمر، معركة اسمها: غزة أولًا، والهيمنة الغربية إلى زوال.