انتقد أستاذ التاريخ في جامعة ديبول، توم موكايتيس، دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى اجتثاث التطرف من سكان قطاع غزة، وقال إن هذه الفكرة غير ضرورية ولن تنجح لسبب بسيط: معظم الفلسطينيين ليسوا متطرفين، ولا يحتاج سكان غزة إلى إعادة تأهيل؛ إنهم بحاجة إلى فرصة اقتصادية ودولة خاصة بهم.

تحولت الأوضاع في غزة من مزرية إلى يائسة


موكايتيس، وهو مؤلف كتاب "المتطرفون العنيفون: فهم التهديد الإرهابي المحلي والدولي"، أوضح في صحيفة "ذا هيل" أن عملية اجتثاث التطرف كاستراتيجية لمكافحة الإرهاب ظهرت في التسعينات، واكتسبت زخماً في الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول).


ومع استمرار الحرب العالمية ضد الإرهاب، اكتشفت الولايات المتحدة أن قتل المتطرفين لن ينهي الإرهاب، إذا استمرت الأيدولوجيا التي حفزتهم. وقد أدى احتمال عودة المئات من مقاتلي داعش إلى أوروبا بعد سقوط الرقة سنة 2017 إلى تجديد الاهتمام باجتثاث التطرف.
  ما هي هذه العملية؟

تشير عملية اجتثاث التطرف إلى التقنيات المطبقة لعكس عملية اعتناق التطرف، وبعبارة أخرى، إقناع المتطرفين برفض عقيدتهم.

أضاف الكاتب أن المملكة العربية السعودية قامت بعمل رائد مع معتقلي تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين، وركز برنامجها على التعليم الديني لإقناع المعتقلين بأن الإسلام المتطرف هو تحريف للدين الحقيقي. ولتحقيق هذه الغاية، نشر الشيخ عبد الله بن بيه، قاض في المحكمة العليا للجمهورية الإسلامية الموريتانية، (وهو أيضاً رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي) كتاب "هذا ليس طريقاً إلى الجنة: رد على داعش" عام 2014، وقد قدم الكتاب دحضاً فكرياً للفكر المتطرف.

 

I just published: Palestinians don’t need deradicalization. They need better lives. https://t.co/tXfPftfHGN @thehill @BBCWorld @NPR @wttw #Gaza_War

— Prof. Tom Mockaitis (@DrMockaitis) November 28, 2023


وبينما انضم عدد قليل فقط من الأمريكيين إلى تنظيم القاعدة أو داعش، حاولت الولايات المتحدة أيضاً اجتثاث التطرف. عندما ألقي القبض على 10 شباب أمريكيين صوماليين سنة 2016، أنشأت محكمة اتحادية في ولاية مينيسوتا برنامجاً لإعادة تأهيلهم. ودعا قاضي المقاطعة مايكل ديفيس رئيس المعهد الألماني لدراسات التطرف واجتثاث التطرف دانيال كوهلر لمساعدته على تقييم مدى ملاءمة كل متهم للبرنامج، ومن ثم تدريب الأمريكيين على تنفيذه.
وفيما تركز حكومات ومنظمات عدة على التهديد الإسلاموي، يسعى بعضها إلى مواجهة التهديد الذي يشكله المتطرفون اليمينيون. في 2011، أسس عنصريون سابقون من البيض في الولايات المتحدة منظمة "حياة بعد كراهية"، وهي مجموعة "مخصصة لمساعدة الأفراد على الانفصال عن مجموعات الكراهية اليمينية المتطرفة العنيفة والمساحات التي تحض على الكراهية على الإنترنت". كما أنشأت الحكومات الأوروبية والاتحاد الأوروبي أيضاً برامج لمكافحة التطرف.
 

فاعلية

كانت فاعلية مكافحة التطرف موضوعاً لنقاش كبير. وفق الكاتب، تعمل برامج مثل "حياة بعد كراهية" كبرنامج لمدمني خمر مجهولين: هي تطلب من المشاركين الاعتراف بأن لديهم مشكلة وطلب المساعدة للتعامل معها. كما خلص تقرير لوزارة الأمن الداخلي حول اجتثاث التطرف إلى أن الافتقار إلى البيانات الموثوقة والدراسات الخاضعة للتحكم يعيق بشدة تقييم فاعلية برامج اجتثاث التطرف.

Palestinians don't need deradicalization. They need better lives. https://t.co/LYcC6dhSyU

— TheHillOpinion (@TheHillOpinion) November 28, 2023


وتتطلب برامج اجتثاث التطرف مجموعة كثيفة ومكلفة من العاملين. حتى لو تم إقناع شخص ما بأنه يتبع فكر مضلل، لن يكون بالإمكان إقناعه بأنه ليس حقاً من الفقراء أو المهمشين. فكرة أن 2.2 مليون شخص من سكان غزة يمكن أن يخضعوا لعملية اجتثاث التطرف هي فكرة سخيفة بشكل واضح. إنهم لا يحتاجون إليها.
 

بين أهداف حماس والفلسطينيين لقد تبنت حماس عقيدة متطرفة عنيفة، لكن معظم الفلسطينيين لم يفعلوا ذلك.
على النقيض من اتهامات حكومة نتنياهو، فمعظم الفلسطينيين لا يدعمون حماس ولا يعتنقون عقيدتها. وكشفت دراسة استقصائية أجريت قبيل النزاع الحالي أن 44 في المئة من سكان غزة "ليس لديهم ثقة على الإطلاق" بحماس، بينما قال 23 في المئة إنه "ليس لديهم ثقة كبيرة بحماس". وقال 72 في المئة إن هناك مقداراً "كبيراً" أو "متوسطاً" من الفساد في حكومة حماس.
ويؤيد 20 في المئة فقط من سكان غزة "الحل العسكري الذي يمكن أن يؤدي إلى تدمير دولة إسرائيل"، ويفضل 54 في المئة حل الدولتين المنصوص عليه في اتفاقات أوسلو.
أكثر من أي شيء آخر، يريد سكان غزة الراحة من الظروف المعيشية القاسية التي يفرضها عليهم الحصار الإسرائيلي منذ أكثر من 15 عاماً. وحتى قبل الغزو الإسرائيلي، كان ثلثا سكان غزة يعيشون في الفقر، كما كان 80 في المئة منهم يعتمدون على المساعدات الدولية. ويبلغ معدل التوظيف في غزة 45 في المئة وهو من بين أعلى المعدلات في العالم.
أضاف الكاتب أنه منذ بداية الحرب، تحولت الأوضاع في غزة من مزرية إلى يائسة. وفق وكالة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، تم تدمير 45 في المئة من المساكن أو تضررت بشدة. وقد نزح نحو 1.5 مليون شخص داخلياً. واضطر ثمانية عشر مستشفى إلى الإغلاق، ولا تستطيع خمسة أخرى تقديم إلا خدمات محدودة للغاية.
  لدى إسرائيل مشكلة تطرف بالرغم من الأدلة الدامغة التي تؤكد أن كتائب القسام (الجناح المسلح لحماس) لم تخطر قيادتها السياسية بخططها، يتحدث بعض الساسة الإسرائيليين وكأن كل الفلسطينيين يتحملون المسؤولية عن الهجوم. يشعر الناشطون في مجال حقوق الإنسان بالقلق من أن الخطاب التحريضي، مثل تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن "أننا نقاتل حيوانات بشرية"، يجرد الفلسطينيين من إنسانيتهم ويشجع على العنف ضدهم.
يكشف هذا الخطاب أن لدى إسرائيل مشكلتها الخاصة مع التطرف. فاز ائتلاف من الصهاينة المتدينين اليمينيين المتطرفين بـ 14 مقعداً في انتخابات الكنيست الأخيرة. قد يبدو هذا رقماً صغيراً، ولكن في ظل السياسة المنقسمة في إسرائيل، مكن نتنياهو من تشكيل حكومة عبر دمج القوميين المتطرفين في ائتلافه.
يجب أن يكون طيف الشبان اليمينيين المتشددين الذين ساروا عبر البلدة القديمة في القدس في مايو (أيار) وهم يهتفون "الموت للعرب" تحذيراً من أن حماس ليست التهديد المتطرف الوحيد الذي تواجهه إسرائيل.
وخلص الكاتب في الختام إلى أن في كل مجتمع متطرفين، ولا يستطيع التصدي لهم إلا المعتدلون داخل المجتمع نفسه.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الولایات المتحدة سکان غزة فی المئة من سکان

إقرأ أيضاً:

اليماحي: وعد بلفور تسبب في مأساة لا يزال الفلسطينيون يدفعون ثمنها

أكد محمد بن أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي في الذكرى الـ 108 لوعد بلفور، أن هذا الوعد الباطل، شكل أحد أكثر القرارات ظلمًا في التاريخ الحديث، حين منح من لا يملك ما لا يستحق، مؤسسًا بذلك لمعاناة الشعب الفلسطيني المستمرة حتى يومنا هذا، وممهدًا لسياسات كيان الاحتلال والتهجير والعدوان التي لا تزال تُرتكب بحق الفلسطينيين على أرضهم ومقدساتهم وحقوقهم المشروعة.

وذكر اليماحي، أن توقيع اتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار، الذي تم مؤخرا يمثل خطوة مهمة على طريق وقف العدوان على قطاع غزة، غير أنها خطوة لا تكتمل إلا بالشروع الفعلي والفوري في إعمار القطاع وإعادة بناء ما دمرته آلة الحرب، على أن يتم الإعمار بمشاركة كاملة وقيادة فلسطينية خالصة، ودون أي محاولات لفرض واقع احتلالي جديد أو تكريس سياسات الفصل والهيمنة، مشددًا على أن أي خطة أو مبادرة سياسية لمستقبل قطاع غزة أو الأراضي الفلسطينية لا يمكن قبولها ما لم يكن الفلسطينيون أصحاب القرار والوجود والإدارة الكاملة على أرضهم.

ورحب اليماحي، باعتراف بريطانيا مؤخرًا بدولة فلسطين، باعتباره تصحيحًا لجزء من خطأ تاريخي حيث تسبب وعد بلفور في مأساة لا يزال الشعب الفلسطيني يدفع ثمنها، داعيًا باقي دول العالم، خاصة الدول الأوروبية، إلى الإسراع باتخاذ الخطوة ذاتها ورفع الظلم عن الفلسطينيين والاعتراف الكامل بدولة فلسطين وعاصمتها مدينة القدس، دعمًا للعدالة والشرعية الدولية وحقوق الإنسان، مطالبًا بسرعة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى قطاع غزة دون أي قيود أو عوائق، في ظل الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي يعيشها أكثر من مليوني مواطن فلسطيني، محملًا كيان الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن استمرار الحصار ومنع وصول الإغاثة.

وأكد رئيس البرلمان العربي، أن الشعب الفلسطيني رغم ما تعرضوا له من نكبات وإبادة وتهجير وحروب وحصار، ما زال ثابتًا على أرضه ومتمسك بحقه غير القابل للتصرف، وأن القضية الفلسطينية ستظل قضية العرب الأولى والمركزية، وسيظل البرلمان العربي داعمًا ومساندًا للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة حتى ينال كامل حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها مدينة القدس.

https://youtu.be/HE1HkaKq_U8

طباعة شارك محمد بن أحمد اليماحي رئيس البرلمان العربي وعد بلفور البرلمان العربي التهجير اتفاق شرم الشيخ قطاع غزة فلسطين الدول الأوروبية القضية الفلسطينية إقامة الدولة الفلسطينية إعادة إعمار قطاع غزة

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء الروسي الأسبق: حياة مادورو في خطر
  • أوباما يعتبر الأمور في الولايات المتحدة تزداد سوءا في عهد ترامب
  • اليماحي: وعد بلفور تسبب في مأساة لا يزال الفلسطينيون يدفعون ثمنها
  • مؤرخ فرنسي: لماذا ما فتئ ترامب يتحدث عن الحروب الصليبية؟
  • مسؤول فلسطيني لـ«الاتحاد»: 18000 جريح يحتاجون للعلاج في الخارج
  • واشنطن: على حماس إلقاء السلاح ووقف نهب المساعدات لبناء مستقبل أفضل لغزة
  • الفلسطينيون أعادوا تأكيد فاعليتهم على الساحة العالمية
  • إدانة أممية لرفض إسرائيل زيارة “الصليب الأحمر” للأسرى الفلسطينيين
  • حماس تعلق على منع الصليب الأحمر من زيارة الأسرى الفلسطينيين بسجون الاحتلال
  • حماس: شرعنة بن غفير قتل الأسرى الفلسطينيين تعكس سياسة فاشية وانتهاكا للقوانين الدولية