الغرافين مادة مستخرجة من الأرض خفيفة الوزن للغاية ومرنة، ويستكشف باحثون في جامعة “خليفة” بدولة الإمارات العربية المتحدة استخداما جديدا لـ”الغرافين الكربونية”، التي غالبا ما يشار إليها باسم “المادة المعجزة” والعجيبة، كما يورد تقرير لشبكة “سي إن إن” الأميركية.

وتتميز مادة “الغرافين” بأنها أرق بمليون مرة من شعرة الإنسان الواحدة وفي ذات الوقت تعتبر أقوى من الفولاذ، ويوضح تقرير “سي إن إن”، الأربعاء، أن الاستكشاف الذي يقوم به الخبراء يرتبط بمدى إمكانية إنتاج مياه الشرب من خلالها.

وهي مادة مستخرجة من الأرض، خفيفة الوزن للغاية ومرنة، ولديها القدرة على تقديم تقنيات تحويلية عبر الصناعات من الإلكترونيات إلى النقل.

ويقول حسن عرفات، المدير الأول لمركز أبحاث وابتكار “الغرافين” في جامعة خليفة: “هنا في دولة الإمارات كل المياه الصالحة للشرب لدينا. هي في الواقع مياه محلاة ولذا فهي قطاع بالغ الأهمية للاقتصاد والمجتمع على حد سواء”. وتختصر عملية “تحلية المياه” بإزالة الملح من مياه البحر، وتنقية المياه فيما بعد لجعلها صالحة للشرب. 

ولا يقتصر الأمر على أهمية المياه المحلاة في الإمارات فحسب، إذ يعتمد أكثر من 300 مليون شخص على مستوى العالم عليها.  وبما أن تغير المناخ والتلوث يهددان “إمداداتنا المحدودة من المياه العذبة”، فإن العدد المذكور سيرتفع، وفق عرفات، مشيرا إلى تحدٍ يلوح في الأفق يتعلق بـ”التحلية” من زاوية أنها مكلفة، وتستهلك الكثير من الطاقة.

“هنا يأتي دور الغرافين”
ويأتي دور مادة “الغرافين” بالنظر إلى التحديات المذكورة، ويوضح عرفات أنه “يعمل على غشاء معزز بالمادة، يمكن أن يجعل العملية أكثر كفاءة وأقل تكلفة”. ويقول: “شهدنا هذا العام عددا هائلا من الكوارث بسبب تغير المناخ”، و”يعد نقص المياه مشكلة عالمية، ويزداد سوءا يوما بعد يوم”، مردفا: “إن معرفة أننا نساهم في حل هذه المشكلات أمر مُرضٍ للغاية”.

كيف يمكن استخدام “الغرافين”؟

تم تأسيس مركز الأبحاث والابتكار لمادة “الغرافين” والمواد ثنائية الأبعاد (RIC2D) بجامعة خليفة في عام 2022 باستثمارات من حكومة أبوظبي ولمواصلة البحث في ابتكارات المادة وإنتاجها. ويوضح عرفات أن “الغرافين” يمكن أن يطيل عمر الغشاء عن طريق منع “القاذورات” وهو ما يحدث عندما تتراكم البكتيريا على المرشح وتؤدي إلى تدهور الجودة، قاصدا آلية تحلية المياه التي يعملون عليها بالأصل.

ويضيف أن استخدام الغرافين “لتعزيز أداء” المرشحات يمكن أن يساعد في تقليل استخدام الطاقة وخفض تكاليف تحلية المياه. ويتابع: “حتى بكميات صغيرة، تعمل مادة الغرافين هذه على تحسين أداء الأغشية بشكل كبير من حيث إنتاج الماء”.

وفي الوقت الحالي دخلت الأغشية الخاصة بتحلية المياه في مرحلة التطوير، وسيتم إنتاجها وتوسيع نطاقها في العام المقبل في جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة، شريك RIC2D في أبحاث “الغرافين”، وفق عرفات. ويشير عرفات إلى أنه وبعد ذلك سيتم “اختبار الأغشية في محطة تحلية المياه”.

“جهود أخرى”
ويورد تقرير “سي إن إن” جهودا أخرى للاستكشاف “الغرافين” من أجل تحلية المياه، من بينها التي تقوم بها شركة Watercycle Technologies إذ تعمل تطوير أغشية معززة بالمادة لإزالة معادن معينة من الماء.

وفي غضون ذلك يستكشف مركز الأبحاث والابتكار لـ”الغرافين” والمواد ثنائية الأبعاد (RIC2D) أيضا تطبيقات أخرى للمادة، مثل مواد البناء المستدامة مع إمكانية تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وحلول الطاقة الهيدروجينية المتجددة. ورغم إمكاناته التحويلية، فقد ثبت أن إنتاج “الغرافين” على نطاق واسع أمر صعب ومكلف، ومع ذلك يعمل الباحثون في المركز على إيجاد طرق لخفض التكاليف والوقت “دون المساس بالجودة”، كما يقول عرفات.

ما خيارات إنتاجه؟
ويسلط تقرير الشبكة الأميركية الضوء على خيارات إنتاج “الغرافين”، أبرزها من غاز “الميثان” الذي يتكون من الكربون والهيدروجين، وينتج من صناعة النفط والغاز.

وتعد الإمارات واحدة من أكبر منتجي النفط على مستوى العالم، ويأتي حوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة من الهيدروكربونات. ومع ذلك، فإنها حريصة على تنويع اقتصادها وتهدف إلى الوصول إلى مستوى الصفر من الانبعاثات بحلول عام 2050.

ويمكن أن يساعد “الغرافين” في تحقيق كلا الطموحين، وفق “سي إن إن”. وتوضح أن مركز (RIC2D) تعاون مع شركة Levidian الناشئة في المملكة المتحدة، التي طورت عملية كيمياء البلازما الخاصة بها لاستخراج الكربون (أساس الغرافين) من الميثان.

ومن خلال الاستفادة من سلسلة التوريد في الإمارات، هناك “فرصة عظيمة لتسريع اعتماد الغرافين لدعم تغير المناخ”، كما يقول جيمس بيكر، الرئيس التنفيذي لـ Graphene@Manchester وهو مركز ابتكار “الغرافين” في جامعة مانشستر.

ويقول بيكر إن أي مادة تعتمد على الكربون، بما في ذلك النفايات الناتجة عن صناعة النفط والغاز أو المنتجات البترولية مثل إطارات السيارات، يمكن “إعادة تدويرها أو إعادة استخدامها بشكل فعال” لإنتاج الغرافين المُصنّع كيميائيا. ويضيف: “(هناك) اهتمام كبير في دولة الإمارات العربية المتحدة بسلسلة التوريد لإنتاج الغرافين، ونحن نعمل على زيادة إنتاج هذه المادة من الجرام إلى الكيلوجرام إلى الأطنان”.

وهناك فائدة إضافية من إنتاج “الغرافين” من غاز مثل الميثان، وفق بيكر، حيث يمكن استخدام الهيدروجين المستخرج كوقود. ويضيف أنه يمكن أيضا استخدام المواد المركبة من الغرافين لتخزين الهيدروجين في أوعية ضغط أقوى.

المصدر: الميدان اليمني

كلمات دلالية: الغرافين الكربون تحلیة المیاه فی جامعة سی إن إن یمکن أن

إقرأ أيضاً:

ابتكارٌ عُمانيٌ واعدٌ لتنقية المياه الصناعية عبر حبر الحبار

العُمانية : يُقدم المشروع الابتكاري "مرشح مياه باستخدام حبر الحبار" للمبتكرة يسرى بنت يوسف الغدانية حلًا فعّالًا ومستدامًا لأحد أبرز التحدّيات التي تواجه قطاع النفط والغاز المتمثل في المياه المصاحبة لاستخراج النفط، التي تخرج بشكل يومي بكميات هائلة يصعب معالجتها لاحتوائها على العديد من المواد الكيميائية السامة.

ووضّحت يسرى بنت يوسف الغدانية لوكالة الأنباء العُمانية أنّها طوّرت مادة مرشحة مبتكرة تعتمد على حبر الحبار؛ ليكون بديلًا اقتصاديًّا وفعالًا للكربون المنشّط المستخدم في أغراض ترشيح المياه الملوثة الصناعية، وتعمل هذه المادة على امتزاز العناصر الثقيلة، وبعض المواد الهيدروكربونية الذائبة، كما تُسهم في تقليل ملوحة المياه، ويعمل على معالجة شاملة لهذا النوع من المياه الصناعية الملوثة بأقل التكاليف.

وقالت: إنّ فكرة المشروع بدأت في عام 2023 خلال مشاركتها في ماراثون "منافع" التابع لموارد وكان أحد التحدّيات فيه يتمحور حول الاستفادة من الموارد العُمانية المحلية لتصميم منتجات مفيدة ومنها بدأت رحلة تطوير هذا الابتكار.

وبيّنت أنّ المرشح يعتمد بشكل رئيس على مادة مسحوقية تمّ تطويرها من حبر الحبار بعد معالجته بطريقة خاصة تمنحه خصائص الامتزاز المطلوبة إذ يتميز هذا المسحوق بإمكانية دمجه مباشرة في أنظمة الترشيح المختلفة، وخصوصًا في أنظمة "الفلترة المعبأة" أو ما يُعرف بالـ Compact Filters، دون الحاجة إلى تعديل كبير في البنية الأساسية للأنظمة المستخدمة، وهذا يجعل استخدامه عمليًّا ومرنًا في التطبيقات الصناعية؛ حيث يمكن إضافته مباشرة داخل وحدات الفلترة والاستفادة من خصائصه في إزالة الملوثات.

وحول الفوائد البيئية لهذا المشروع مقارنة بالمرشحات التقليدية أفادت بأنّ هذا الابتكار يتميّز بكونه أكثر استدامة من المرشحات التقليدية، خصوصًا الكربون المنشّط المستخدم في ترشيح المياه الصناعية، فعملية إنتاج المادة المبتكرة من حبر الحبار لا تتطلب عمليات تصنيع معقدة أو استهلاكًا عاليًا للطاقة، مما يُقلل من البصمة الكربونية.

وقالت: إنّ هذه المادة صديقة للبيئة من حيث مصدرها وطريقة تصنيعها، ويمكن إنتاجها محليًّا في سلطنة عُمان من موارد طبيعية متوفرة، على عكس الكربون المنشط الذي غالبًا ما يتمُّ استيراده ويحتاج إلى تجهيزات صناعية متقدمة، وهذا يمنح المشروع ميزة مزدوجة: حماية البيئة ودعم الاقتصاد المحلي في آنٍ واحد.

وذكرت أنه تمّ اختبار المادة المطورة في البداية على عينات محاكية للمياه المصاحبة للنفط، وأظهرت فعالية عالية جدًا في امتزاز العناصر الثقيلة وتقليل الملوحة، كما أجرينا مقارنة علمية بين المادة الجديدة والكربون المنشّط الوظيفي المستخدم حاليًّا في ترشيح هذا النوع من المياه، وكانت النتائج متقاربة جدًا من حيث الكفاءة، مما يعكس قدرة المرشح على أداء نفس الوظيفة بكفاءة عالية.

ولفتت إلى أنها تعمل حاليًّا على اختبار المادة على عينات حقيقية من المياه المصاحبة للنفط في بيئات أكثر قربًا للواقع الصناعي، ولا تزال هذه الاختبارات قائمة، مشيرةً إلى أنّ النتائج الأولية مبشّرة ولها دلالات إيجابية، والعمل على مواصلة تطوير وتحسين المادة لضمان فعاليتها واستدامتها عند التطبيق على نطاق أوسع.

وحول التحدّيات التي واجهت مشروعها الابتكاري أشارت إلى أنّ المشروع واجه عدّة تحدّيات خلال مرحلة تطويره أبرزها كان صعوبة تنفيذ التجارب العلمية وإثبات فعالية المادة عمليًّا، خاصة أنني كنت قد تخرّجت بالفعل ولم أعد أنتمي لأي جامعة، وبالتالي لم يكن لدي وصول مباشر إلى المختبرات الجامعية لكنني تغلبت على هذا التحدي من خلال تكوين فريق بحثي مكوّن من أشخاص ذوي خبرات متعددة في المجالين المالي والعلمي.

وقالت: إنّ التحدي الآخر تمثل في إيجاد جهة حاضنة للمشروع إذ شاركت بداية في برنامج "منافع" التابع لمؤسسة موارد، وكنت أطمح إلى أن يكون هو بوابة الوصول إلى المنتج النهائي، لكن للأسف لم أتأهل لمرحلة الحاضنات، مما تسبب في توقّف مؤقت لمسار المشروع، وبدأت بعدها رحلة بحث عن جهة تستضيف المشروع بشكل فعلي، كما تواصلت مع عدّة مؤسسات دون استجابة واضحة، إلى أن وُفّقت بالانضمام إلى مسرعة OQX التابعة لشركة أوكيو، والتي قدمت لنا الدعم المطلوب، وما زلنا نعمل تحت مظلتها حتى اليوم.

وحول الأهداف المستقبلية للمشروع الابتكاري وخطط تطويره بشكل أكبر ذكرت أنّ الأهداف المستقبلية التي تعمل عليها حاليًّا تتمثل في تنفيذ مشروع تجريبي ميداني في أحد حقول شركات النفط والغاز؛ لإثبات فعالية المنتج في بيئة واقعية وتحت ظروف تشغيل فعلية، وهذا سيكون خطوة مفصلية لتقييم الأداء الصناعي للمادة ومقارنتها بشكل مباشر مع المواد المستخدمة حاليًّا.

وأكّدت على أنها تسعى إلى تأسيس شركة ناشئة تحمل اسم "InkClear"، لتكون بمثابة منصة لتطوير وتسويق هذا الابتكار بشكل احترافي. طموحي أن يتحول هذا المنتج العُماني إلى منتج عالمي يصل إلى أسواق دولية ويُعتمد عليه بوصفه حلًّا مستدامًا لمُعالجة المياه الصناعية، خصوصًا في قطاع النفط والغاز.

وحول تأهل مشروعها الابتكاري لتمثيل سلطنة عُمان في المعرض الدولي للاختراع والابتكار والتكنولوجيا بماليزيا 2025، قالت يسرى بنت يوسف الغدانية: يُعدُّ تأهلي إنجازًا كبيرًا وشرفًا عظيمًا يشعرني بالفخر والمسؤولية في آنٍ واحد، إذ إنّ هذا التمثيل لا يُعدُّ تكريمًا لمشروعي فحسب، بل يُمثّل أيضًا فرصة حقيقية لعرض الابتكار العُماني على منصة عالمية.

وأضافت: إنّ هذه المشاركة في هذا الحدث الدولي تمثل بوابة لعرض مشروعي وشركتي الناشئة "InkClear" أمام جمهور دولي يضم مستثمرين، وخبراء، ومهتمين بمجال الابتكار والتقنيات البيئية، وأعدها فرصة ذهبية لفتح آفاق جديدة، وبناء شراكات، وربما جذب استثمارات تدفع بالمشروع نحو العالمية، ووجودي هناك لا يمثلني فقط، بل يمثل كل شاب عُماني يؤمن بأفكاره ويعمل من أجل تحويلها إلى واقع.

مقالات مشابهة

  • مؤتمر “الميتاجينوم والميكروبيوم” يوصي بتوسيع استخدام الذكاء الاصطناعي وتعزيز الشراكات البحثية
  • مكملات فيتامين هام قد تُبطئ تطور “المياه الزرقاء”
  • فضيحة رقمية.. “مايكروسوفت” تحظر كلمة “فلسطين” وتلاحق موظفيها الداعمين لغزة
  • “المياه الوطنية” تدعم الموسم السياحي في عسير بمشروعين كُلفتهما تتجاوز (60) مليون ريال
  • وزارة التربية تُجيز استخدام التكنولوجيا لمكافحة الغش في الامتحانات
  • نصائح مهمة بشأن تناول الخبز والأطعمة المقلية خلال الامتحانات
  • ابتكارٌ عُمانيٌ واعدٌ لتنقية المياه الصناعية عبر حبر الحبار
  • “واتساب ويوتيوب وسناب شات” في المقدمة.. تطبيقات التواصل الاجتماعي تتصدر الاستخدامات الرقمية في المملكة خلال 2024
  • “الإمارات للصناعات الغذائية” تستعرض منظومتها الإنتاجية خلال “اصنع في الإمارات”
  • “سقيا الماء”.. مبادرة لحفر بئر مياه شرب تغذي كل أحياء الصنمين بريف درعا