كيف استدرج الإيرانيون "الوحش الأمريكي" إلى الفخ؟
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
ثار جدل طويل حول الطريقة التي تمكن بها الإيرانيون من السيطرة في الرابع من ديسمبر 2011 على طائرة الاستطلاع الشبحية الأمريكية المتطورة "آر كيو-170" المعروفة باسم "وحش قندهار".
إقرأ المزيدالعميد أمير علي حاجي زاده، القائد في القوات الجوية بالحرس الثوري الإيراني في ذلك الوقت، كان أعلن أن إيران نجحت في استدراج الطائرة الامريكية الشبحية المسيرة بفضل "جمع المعلومات الاستخباراتية والمراقبة الإلكترونية الدقيقة"، مشيرا في نفس السياق إلى ان هذه الطائرة التي تحلق على ارتفاعات شاهقة، "سقطت في فخ إلكتروني لقواتنا المسلحة وهبطت في إيران بأقل قدر من الأضرار".
الطائرة المسيرة الامريكية "آر كيو -170 "، كانت مزودة في ذلك الوقت بأحدث تقنيات التخفي عن الرادارات، وهي أيضا مجهزة بأسلحة ليزر متطورة علاوة على عدد كبير من كاميرات المراقبة شديدة الحساسية.
هذا النوع من الطائرات الأمريكية المسيرة الشبحية كانت القوات الجوية الأمريكية قد أقرت بأنها نعمل في أفغانستان حينها منذ عام 2009، وذلك بعد أن تم رصدها في المطار الأمريكي الرئيس في قندهار، وقد سميت بـ"وحش مدينة قندهار" على خلفية "مهام قامت بها في أجواء المدينة"!
السلطات الأمريكية أنكرت في البداية بشكل تام القضية، ثم اعترفت بفقدان المسيرة الشبحية "آر كيو-170 "، وذلك "خلال رحلة فوق أراضي أفغانستان بسبب عطل إلكتروني".
الأمريكيون حينها أكدوا أن هذا النوع من الطائرات المسيرة الشبحية إذا سقطت بطريقة عرضية في إيران فلن يبق منه سوى كومة من الحطام، زاعمين أن الإيرانيين يحاولون استخدام هذا الحطام لأغراض دعائية!
أنكر الأمريكيون بشدة أيضا الراوية الإيرانية التي ذكرت أن قواتها تمكنت من إنزال الطائرة المسيرة الأمريكية سليمة وأنها لم تصب إلا بأضرار بسيطة، وأكد أحد المسؤولين الأمريكيين في ذلك الوقت استحالة مثل هذا الأمر، ووصف احتمال السيطرة عليها بهجوم إلكتروني بأنه "أمر مناف للعقل"، وشدد آخر على أن عطلا كان وراء فقدان السيطرة على هذه الطائرة، محددا هذا الاحتمال بنسبة 95 بالمئة.
علاوة على كل ذلك، حاول المسؤولون الأمريكيون بكل الطرق إقناع الرأي العام باستحالة اعتراض مثل هذا النوع من الطائرات المسيرة المتطورة، مشددين على أنه في حالة فشل أنظمة التحكم، تتمكن الطائرة من العودة إلى نقطة الانطلاق من تلقاء نفسها.
وكان حدث أن فقد مسيرو الطائرات من دون طيار الأمريكية في عدة مناسبات السيطرة على هذه الأجهزة ما تسبب في انحرافها عن مسارها ونفاد الوقود منها بعد ذلك وتحطمها، على خلفية مشاكل ميكانيكية أيضا.
خبراء في مجال الإنترنت أشاروا أيضا إلى صعوبة تنفيذ مثل هذه الهجمات الإلكترونية للسيطرة على طائرات مسيرة من أجيال متقدمة، تستخدم فيها تقنية الأقمار الصناعية المشفرة التي يصعب على الأنظمة الأرضية اعتراضها أو التدخل فيها.
بالمقابل، يرى خبراء آخرون أن مثل هذا الأمر ممكن بمساعدة وسائط الحرب الإلكترونية التقليدية، حيث يتم قطع قناة الاتصال عبر الأقمار الصناعية بين المشغلين الأرضيين الموجودين في الولايات المتحدة والطائرات من دون طيار، وعندها يواجه برنامج الطائرات المسيرة مثل هذا الموقف بنقلها إلى وضع الطيار الآلي لإعادة الجهاز إلى قاعدة انطلاقه، وفي هذه الحالة الأراضي الأفغانية. وبما أن الطيار الآلي في الطائرة المسيرة الأمريكية "آر كيو -170 " يستخدم إشارات تحديد المواقع، فقد تمكن الإيرانيون من استبدال الإشارة الأصلية للمنظومة، وقاموا بخداع الطيار الآلي وهبط في الأراضي الإيرانية معتقدا أنه عاد إلى قاعدته في أفغانستان.
أصحاب هذه الرواية يؤكدون أن ذلك يفسر سبب الهبوط الصعب للطائرة الامريكية المسيرة "آر كيو -170"، وإصابتها بأضرار طفيفة.
يرجح أصحاب هذا التفسير أن الخبراء الذين نفذوا عملية السيطرة على الطائرة الأمريكية لم يأخذوا في الاعتبار عند استبدال إشارة منظومة الملاحة لتحديد المواقع، الاختلافات الفنية بين القاعدة الأمريكية في أفغانستان، والمنطقة التي أُنزلت بها الطائرة داخل إيران.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف أسلحة ومعدات عسكرية طائرات حربية مثل هذا
إقرأ أيضاً:
الهجرة النبوية في وعي المسيرة القرآنية .. من ذكرى إلى مشروع نهوض أمة
يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي
مع بداية كل عام هجري جديد، وتحديدًا في الأول من شهر الله المحرم، يُحيي اليمنيون مناسبة رأس السنة الهجرية باعتبارها حدثًا مفصليًا في التاريخ الإسلامي، لا يقف عند حدود التأريخ الزمني، بل يمتد ليحمل دلالات روحية، حضارية، وثقافية عميقة. إن ذكرى الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة ليست مجرد لحظة انتقال جغرافي، بل لحظة تحوّل في مسار الرسالة الإسلامية من الاستضعاف إلى التمكين، ومن مرحلة الدعوة الفردية إلى بناء الأمة والدولة على أسس القرآن الكريم
في السياق اليمني، تكتسب هذه المناسبة طابعًا مميزًا، إذ تتداخل فيها الأبعاد الدينية والاجتماعية والسياسية، لتعبّر عن تمسك الشعب اليمني بهويته الإيمانية المتجذرة، وارتباطه العميق بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وولائه للمنهج القرآني الذي تستلهمه المسيرة القرآنية في فكرها وتوجهها.
كما أن هذه المناسبة تتحول إلى مساحة للتواصل المجتمعي، وتعزيز قيم التراحم والتكافل، وتبادل التهاني، وتنظيم الفعاليات الثقافية والدينية، في صورة تعكس عمق الارتباط بين الإيمان والمجتمع. ويتجلى من خلالها البعد التربوي والسياسي الذي تحمله المسيرة القرآنية، حيث يُعاد ربط الحدث التاريخي بالسياق المعاصر، ويُستثمر لإبراز مفاهيم الاستقلال والكرامة والصمود في وجه العدوان، وتجديد العهد مع المشروع الإلهي الذي جاء به الرسول الأعظم.
وفي هذا التقرير، نسلّط الضوء على رأس السنة الهجرية باعتبارها “عيدًا يمنيًا” ذو طابع إيماني خاص، ونستعرض أبعاد هذه المناسبة من الزاويتين الدينية والاجتماعية، كما نتناول كيف يحيي اليمنيون هذه الذكرى، وما مدى ارتباطها بفكر وتوجه المسيرة القرآنية، لتتضح لنا الصورة الكاملة عن هذه المحطة السنوية، وما تحمله من معانٍ ومضامين تتجاوز الزمان والمكان.
البعد الديني: الهجرة.. بداية الانطلاق وبناء الدولةتحمل ذكرى الهجرة النبوية أبعادًا دينية عميقة في الوعي الإسلامي، حيث مثلت الهجرة من مكة إلى المدينة محطة فاصلة في تاريخ الإسلام، من مرحلة الاستضعاف إلى مرحلة بناء الدولة الإسلامية على أسس القرآن والقيم الربانية.
وفي اليمن، يتناول الخطباء والمرشدون الدينيون خلال هذه المناسبة الدروس المستفادة من الهجرة، مثل الصبر والثبات، والتضحية في سبيل الله، والتخطيط الاستراتيجي، والعمل الجماعي، والطاعة لله ولرسوله صلوات الله عليه وآله. كما تُقام المحاضرات والدروس الدينية التي تركز على ربط الحدث التاريخي بالواقع المعاصر، والدعوة إلى استلهام الهجرة كنموذج في مواجهة التحديات التي تعيشها الأمة.
البعد الاجتماعي: مناسبة للوحدة والتكافليتجسد البعد الاجتماعي في رأس السنة الهجرية من خلال التزاور بين الأسر، وتبادل التهاني، وتنظيم الفعاليات المجتمعية، حيث يحرص اليمنيون على إحيائها بروح من المحبة والتعاون. تُقام مجالس الذكر والابتهال، وتوزع الوجبات على الفقراء، ويتم تقديم الهدايا للأطفال، ما يعزز من قيم التضامن والتكافل بين أبناء المجتمع.
في بعض المناطق، خاصة في صنعاء وصعدة وذمار، تتحول المناسبة إلى مهرجان روحي واجتماعي يمتد لأيام، ويتخلله إنشاد ديني وشعبي يعكس التراث اليمني الأصيل الممزوج بالحب للرسول وأهل بيته.
رأس السنة الهجرية في وعي المسيرة القرآنيةفي سياق الفكر المرتبط بالمسيرة القرآنية، تحتل ذكرى الهجرة النبوية مكانة مركزية، حيث تُعد مناسبة لترسيخ الهوية الإيمانية، وتأكيد الارتباط بالنهج النبوي والقرآني في مواجهة الهيمنة والاستكبار. وتُستحضر الهجرة باعتبارها فعلًا تغييريًا عظيمًا قاده النبي صلوات الله عليه وآله بإرادة إلهية لتأسيس أمة قائمة على القيم والمبادئ، وليس على العصبيات والانتماءات الضيقة.
قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ، في خطاباته بالمناسبة، يؤكد دائمًا أن الهجرة تمثل نموذجًا يُحتذى به في مواجهة التحديات الراهنة، وخاصة في ظل ما يعيشه اليمن من عدوان وحصار، ويرى أن استلهام العبر من الهجرة ضرورة لبناء الأمة القرآنية التي تواجه التحديات بتوكل على الله ووعي بطبيعة المعركة.
إحياء المناسبة في الميدان: فعاليات وشعاراتتحيي الجماهير اليمنية هذه المناسبة بتنظم فعاليات شعبية ورسمية في مختلف المحافظات احتفاءً برأس السنة الهجرية، تبدأ من الليلة الأولى من محرم، وتتنوع ما بين أمسيات ثقافية، ومسيرات رمزية، وحملات توعوية، وفعاليات مدرسية وإعلامية. كما تُرفع شعارات تؤكد على معاني الهجرة كتحول حضاري، ومرحلة تأسيس للأمة القرآنية.
وتُعد هذه المناسبة أيضًا محطة لاستنهاض الوعي الشعبي، وتجديد الولاء للرسالة المحمدية، وتعزيز الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات السياسية والعسكرية.
خاتمة:هكذا يحتفل اليمنيون برأس السنة الهجرية كعيد إيماني يحمل في طياته رسالة عظيمة، تتجاوز الطقوس الظاهرة إلى عمق الوعي بالهوية، وبأن الهجرة ليست مجرد حدث، بل مسار متجدد من الهداية والتحرك وفق نهج الله ورسوله. وهو ما يجعل من هذه المناسبة محطة سنوية لإعادة التذكير بالمسؤوليات الجماعية، والإيمان المتجذر في فكر المسيرة القرآنية.