بعد ضجة تصريح محمد بن سلمان السعودية لم تكن مستعمرة.. ماذا نعلم عن تاريخ المملكة؟
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—أثارت مقاطعة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، للمترجم الخاص بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين وتصحيحه بعد لفته إلى "استقلال" السعودية، ضجة وتفاعلا واسعا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
وفيما يلي نستعرض لكم نبذة عن تاريخ الدولة السعودية وتأسيسها وفقا لنص تقرير أرشيفي لوكالة الأنباء السعودية الرسمية:
سادت حالة من الاستقرار في منطقة وسط الجزيرة العربية حينما قدمت قبيلة بني حنيفة من الحجاز وحلت في المنطقة على ضفاف وادي حنيفة بقيادة عبيد بن ثعلبة حيث اختار حجر اليمامة مستقراً له وعشيرته حوالي عام 430 م ، ثم ازدهرت "حجر" لتكون أعظم مدن اليمامة ويتزعّمها ملك اليمامة في عصره: ثمامة بن أثال الحنفي صاحب القصة الشهيرة مع النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وتعاقبت الأحداث على وسط الجزيرة العربية وعاشت أزمانًا من الإهمال والفرقة والانقسام حتى تأسست الدرعية على يدي الأمير مانع بن ربيعة المريدي عام 850هـ / 1446م، الجد الثاني عشر للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود – رحمه الله – والجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والجد الرابع عشر لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله -.
وكان تأسيس الدرعية بمثابة نقطة تحول سياسية بتطبيقها لنظرية دولة المدينة التي تفردت بها الدرعية دون غيرها من المدن والبلدات، في حين قد كان لدولة المدينة تاريخ عريق في منطقة شبه الجزيرة حيث كانت يثرب في بداية هجرة الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - إليها مثالاً واضحًا لدولة المدينة.
وفي عهد الإمام محمد بن سعود تأسست الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ /1727م وعاصمتها الدرعية واستمرت حتى عام 1233هـ / 1818م ، وامتدادًا للدولة السعودية الأولى وبعد انتهائها تأسست الدولة السعودية الثانية على يدي الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود من 1240 - 1309 هـ حتى 1824 – 1891 م، وصولاً إلى تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز الفيصل آل سعود – رحمهم الله جميعًا - عام 1319هـ / 1902م، التي تشهد اليوم تطورات واسعة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بمساندة عضده ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله-.
وهذا التاريخ العميق استحق أن يستذكر تفاصيله أبناء المملكة العربية السعودية إذ يُعبر عن تاريخ دولتنا العريق والممتد من 3 قرون، لذلك صدر الأمر الملكي الكريم بتاريخ 24 جمادى الآخرة 1443هـ الموافق 27 يناير 2022م بأن يكون يوم 22 فبراير من كل عام يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية باسم (يوم التأسيس).
وشكلت المملكة على مدار تاريخها ثقلاً سياسيًا في المنطقة مستفيدة من موقعها الجغرافي المميز وحكمة قادتها حتى جعلت منها نقطة توازن إقليميًا وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط، بينما أكدت المنعطفات التاريخية التي مرت بها الدولة السعودية مدى ما يربط أبناء المملكة وأشقاؤهم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من علاقات عميقة امتدت لقرون عديدة وتجذّرت على مدار السنوات، وما نراه اليوم هو نتاج لما أصّله الآباء والأجداد.
وفيما يتعلق بتحديد تاريخ يوم التأسيس، فقد استنتج المؤرخون هذا التاريخ بناءً على عدد من الأحداث التاريخية التي حدثت خلال تلك الفترة قبل وبعد تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية عام 1139هـ / 22 فبراير 1727م، كما شهدت الدولة منذ بداية عهده العديد من الأعمال والإنجازات من أبرزها: تأسيس الدولة السعودية الأولى، وتوحيد شطري الدرعية وتقويتها لتكون عاصمة للدولة، والاهتمام بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية وتوحيد أفراده.
كما شهدت الدولة السعودية الأولى تنظيم الموارد الاقتصادية، والتفكير في المستقبل، كما تم في هذا العهد بناء حي جديد في سمحان وهو حي الطرفية والانتقال إليه بعد أن كان حي غصيبة هو مركز الحكم لفترة طويلة.
ويمثل يوم التأسيس مناسبة وطنية عزيزة توضح مدى رسوخ وثبات مؤسسة الحكم ونظام الدولة السعودية لحوالي ثلاثة قرون، فمنذ تأسيس الدولة السعودية الأولى في عهد الإمام محمد بن سعود وهي تقوم على مبادئ الإسلام الصحيحة، والحكم الرشيد، والتنمية المستمرة للبلاد، وتعزيز مكانتها محليًا وإقليميًا وعالميًا، وكانت خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن أولوية قصوى لأئمة الدولة السعودية وتوارثها ملوك المملكة وصولًا إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – رعاه الله -.
وتوالت الإنجازات في عهد هذه الدولة ومنها: نشر الاستقرار في الدولة التي شهدت استقرارًا كبيراً وازدهارًا في مجالات متنوعة، والاستقلال السياسي وعدم الخضوع لأي نفوذ في المنطقة أو خارجها، ومساندة البلدات المجاورة لتعزيز الاستقرار.
وعودة إلى مرآة تاريخ الدولة السعودية "الدرعية" فقد حكم الأمير مانع المريدي وأبناؤه وأحفاده الدرعية التي أصبحت مركزاً حضارياً، تميزت بموقعها الجغرافي في كونها مركز طرق تجارية ما بين شمال وجنوب الجزيرة العربية، مما أسهمت في تعزيز حركة التجارة فيها وفي المناطق المجاورة.
وخلال عهد الإمام محمد بن سعود ومن بعده من الأئمة أصبحت مدينة الدرعية عاصمة لدولة مترامية الأطراف، ومصدر جذب اقتصادي واجتماعي وفكري وثقافي، وتحتضن على ترابها معالم أثرية عريقة مثل: حي غصيبة التاريخي، ومنطقة سمحان، و"حي الطريف" الذي وُصف بأنه من أكبر الأحياء الطينية في العالم وتم تسجيله في قائمة التراث الإنساني في منظمة اليونسكو، ومنطقة البجيري ووادي حنيفة في الدرعية، إضافة إلى أن النظام المالي للدولة وصف بأنه من الأنظمة المتميزة من حيث الموازنة بين الموارد والمصروفات.
ولقد هاجر كثير من العلماء إلى الدرعية من أجل تلقي التعليم والتأليف الذي كان سائدًا في وقتها مما أدى إلى ظهور مدرسة جديدة في الخط والنسخ، وبعد انتهاء الدولة السعودية الأولى استطاع الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود تأسيس الدولة السعودية الثانية وعاصمتها الرياض عام 1240هـ/ 1824م بعد سبع سنوات من العمل والكفاح، والتفت الناس حوله والأسرة المالكة من جديد.
وتمكن الإمام تركي من توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية في مدة قصيرة مستمرًا على المنهج الرصين الذي قامت عليه الدولة السعودية الأولى وهو حفظ الأمن والتعليم والعدل والقضاء على الفرقة والتناحر، وظلت الدولة تحكم المنطقة حتى عام 1309هــ 1891م.
وبعد فراغ سياسي وفوضى في وسط شبه الجزيرة العربية استمر قرابة عشر سنوات تمكن الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود – رحمه الله - في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ- الخامس عشر من يناير 1902م من إعادة تأسيس الدولة السعودية بعد أن استرد مدينة الرياض ليبدأ صفحة جديدة من صفحات التاريخ السعودي ويضع لبنة من لبنات الوحدة والاستقرار والنماء تحت راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
وفي السابع عشر من شهر جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م أعلن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله - توحيد المملكة العربية السعودية بعد أحداث تاريخية استمرت 30 عامًا.
واستمر أبناؤه الملوك – رحمهم الله – من بعده على نهجه في تعزيز لبنات البناء والاستقرار والتنمية حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله – حيث تشهد المملكة في هذا العهد الميمون المزيد من التطور والنهضة في ظل الرؤية الطموحة رؤية السعودية 2030.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الأمير محمد بن سلمان تغريدات فلاديمير بوتين سلمان بن عبد العزیز آل سعود الدولة السعودیة الأولى الإمام محمد بن سعود الجزیرة العربیة محمد بن سلمان فی عهد
إقرأ أيضاً:
ابن سلمان في واشنطن.. صفقات التريليون وF-35 تكرّس تبعية السعودية
الثورة نت| تقرير – هاشم الأهنومي
زيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى واشنطن تحمل أكثر من مجرد طابع رسمي، فهي محطة استراتيجية تكشف بوضوح عمق التبعية الاقتصادية والعسكرية للمملكة للولايات المتحدة، ومدى تسخير الثروات السعودية لدعم النفوذ الأمريكي في المنطقة.
تأتي هذه الزيارة بعد غياب ثماني سنوات عن العاصمة الأمريكية، وسط استقبال رسمي رفيع المستوى من البيت الأبيض، في مشهد يعكس شراكة مريبة بين الرياض وواشنطن على حساب السيادة الوطنية والاستقلال السياسي العربي.
صفقات التريليون.. استثمار سعودي لخدمة الاقتصاد الأمريكيالولايات المتحدة أعلنت أن السعودية رفعت التزاماتها الاستثمارية داخل أمريكا إلى تريليون دولار، بعد أن كانت 600 مليار فقط، في خطوة غير مسبوقة تُظهر تسخير ثروات المملكة لتعزيز الاقتصاد الأمريكي.. هذه الصفقات لا تقتصر على الاستثمار المالي، بل تتداخل مع السياسة والنفوذ العسكري، حيث تتضمن عقودًا ضخمة لشراء أسلحة متقدمة تشمل طائرات F-35، بالإضافة إلى منظومات دفاعية ودبابات ومعدات عسكرية متعددة.
’’ F-35’’ والسيطرة الأمريكية.. القوة السعودية تحت الوصايةتأتي صفقات F-35 ضمن استراتيجية أمريكية محكمة لضمان التفوق النوعي للعدو الإسرائيلي، وإبقاء القوة العسكرية السعودية تحت رقابة واشنطن الكاملة.. فحتى حين تتسلم الرياض الطائرات، فإن البرمجيات والأنظمة الاستخبارية والخدمات اللوجستية تظل تحت السيطرة الأمريكية، مما يجعل أي قدرة هجومية أو دفاعية سعودية رهينة بالمصالح الأمريكية، ويؤكد أن الأمن السعودي مرتبط بالسياسات الأمريكية وليس باستقلال القرار الوطني.
السعودية تحت مرمى النفوذ الأمريكيزيارة ابن سلمان لا تتوقف عند المال والسلاح، بل ترتبط بالاستراتيجية الأمريكية لتوسيع نفوذها في المنطقة.. الولايات المتحدة تعتمد على السعودية لتنفيذ مشاريع إعادة رسم موازين القوى الإقليمية وفق مصالحها، بما في ذلك دفع بعض الدول العربية نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، وتعزيز حضورها في ملفات المنطقة الحيوية، على حساب استقلال القرار العربي والسيادة الوطنية.
التداخل بين المصالح الاقتصادية والسياسيةزيارة ابن سلمان تشهد أيضًا تداخلًا بين المصالح التجارية والعلاقات السياسية، حيث يمتلك الرئيس الأمريكي وعائلته استثمارات ضخمة في مشاريع سعودية وإقليمية، ما يوضح أن الصفقات والزيارة ليست مجرد تبادل سياسي، بل أداة لتعزيز نفوذ واشنطن من خلال مصالحها الاقتصادية الشخصية، في إطار يعكس تبعية الرياض الكاملة للسياسات الأمريكية.
دروس التاريخ.. التبعية المتكررةالتجربة السابقة لصفقة الأواكس في الثمانينيات تكرّرت اليوم، حيث سلمت السعودية المعدات الأساسية دون القدرة على التحكم بالأنظمة الاستخبارية، مؤكدة أن أي صفقة أمريكية كبيرة تأتي دومًا ضمن إطار خدمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وليس لأمن المملكة أو استقلال القرار العربي.
بين التبعية والهيمنة.. السعودية بوابة الوصايةبين استثمارات التريليون والصفقات العسكرية الضخمة، وبين مشاريع التطبيع والتدخل في المنطقة، تتكشف الصورة بوضوح: السعودية أداة تنفيذية للوصاية الأمريكية، تُوظف ثرواتها وقرارها السياسي لخدمة مصالح واشنطن، بينما تظل المصالح الأمريكية والإسرائيلية في صميم أي تحرك سعودي.. هذه الزيارة، بلا شك، تؤكد استمرار تمرير سياسات تُعيد رسم المشهد العربي وفق أجندات الخارج، على حساب السيادة الوطنية ومصالح شعوب الأمة.