تحل اليوم الأول من ديسمبر ذكرى رحيل الدكتورة عائشة عبد الرحمن، المعروفة باسم «بنت الشاطئ»، إحدى أبرز رائدات الفكر العربي والإسلامي، والمرأة التي كسرت القيود الاجتماعية لتصنع لنفسها مكانًا بارزًا في ميادين المعرفة والصحافة والبحث العلمي، تاركة إرثًا فكريًا وأدبيًا خالدًا.

ولدت عائشة عبد الرحمن في السادس من نوفمبر 1913 بمدينة دمياط، في أسرة أزهرية محافظة، حيث كان والدها مدرسًا بالمعهد الديني، وجَدُّها لأمها شيخًا بالأزهر.

نشأت في بيئة علمية راسخة، وبدأت تعليمها في كُتّاب القرية وحفظت القرآن الكريم، وعندما رغبت في الالتحاق بالمدرسة، رفض والدها خروج البنات للتعلم وفق العادات الأسرية، فتلقّت تعليمها في المنزل، وبرغم ذلك تفوّقت على قريناتها في الامتحانات.

حصلت على شهادة الكفاءة للمعلمات عام 1929 وكانت الأولى على مستوى مصر، ثم أكملت الشهادة الثانوية، والتحقت بجامعة القاهرة لدراسة اللغة العربية، وتخرجت عام 1939 بمساندة والدتها التي دعمتها في مواجهة رفض والدها، وخلال دراستها، ألفت كتابها الأول بعنوان «الريف المصري»، ثم حصلت على درجة الماجستير بامتياز عام 1941.

دخلت عائشة عبد الرحمن مجال الصحافة وهي في الـ18 من عمرها، ونشرت مقالاتها في مجلة النهضة النسائية، ثم بدأت الكتابة في جريدة الأهرام، لتصبح ثاني امرأة تكتب فيها بعد مي زيادة، مستخدمة اسمها المستعار «بنت الشاطئ» نسبةً إلى شاطئ دمياط الذي أحبته في طفولتها.

واصلت مسيرتها العلمية وحصلت على درجة الدكتوراه عام 1950 بإشراف الدكتور طه حسين، وشغلت مناصب أكاديمية مرموقة، منها أستاذة التفسير والدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة القرويين بالمغرب، وأستاذة اللغة العربية في جامعة عين شمس، كما دُعيت للتدريس في جامعات عدة داخل العالم العربي.

اشتهرت بنت الشاطئ بمواقفها الفكرية الثابتة، دفاعًا عن التراث الإسلامي ورفضًا للتفسير العصري للقرآن الكريم، وكانت من أبرز المدافعات عن تعليم المرأة من منظور فقهي راسخ، وقد ألّفت أكثر من أربعين كتابًا تناولت مجالات التفسير والدراسات الإسلامية والأدب والتاريخ، من أبرزها التفسير البياني للقرآن الكريم، القرآن وقضايا الإنسان، وتراجم سيدات بيت النبوة، إلى جانب مؤلفاتها الأدبية مثل سكينة بنت الحسين، نساء النبي، رحلة في جزيرة العرب، آمنة بنت وهب، أرض المعجزات، وأعداء البشر.

كما سجلت سيرتها الذاتية في كتابها «على الجسر» بعد وفاة زوجها المفكر أمين الخولي، الذي تزوجته عام 1944 ودعمها في مسيرتها العلمية، وأنجبت منه ثلاثة أبناء.

حصلت بنت الشاطئ على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1978، وكانت أول امرأة عربية تفوز بجائزة الملك فيصل العالمية للأدب العربي عام 1994، كما مُنحت عضويات علمية مرموقة لم تُمنح لغيرها من النساء، وحملت مدارس وقاعات جامعية اسمها في عدة دول عربية.

تأتي ذكرى رحيلها لتُعيد إلى الأذهان مسيرة امرأة استثنائية وهبت حياتها للعلم والكتابة، فخلّدت اسمها بجهدها وإيمانها بقيمة الفكر، ورغم رحيلها في الأول من ديسمبر عام 1998، يبقى حضورها مؤثرًا في صفحات الأدب والتفسير، وأن العطاء الصادق هو ما يبقى ويستمر عبر الأجيال.

اقرأ أيضاًذكرى رحيل «آخر ظرفاء الأدب والصحافة».. كامل الشناوي شاعر قتله الحب

في ذكرى رحيله.. فاخر فاخر مبدع تراجيدي بقي أثره رغم غيابه المبكر

«الأوقاف» تحيي ذكرى رحيل القارئ عبد الباسط عبد الصمد

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: جائزة الدولة التقديرية في الآداب بنت الشاطئ عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ ذکرى رحیل

إقرأ أيضاً:

ملتقى التفسير بالجامع الأزهر يناقش الحديث عن وجوه الإعجاز في خلق الإبل.. اليوم

يعقد ملتقى التفسير بالجامع الأزهر اليوم، الأحد، لقاء التفسير الأسبوعي بعنوان "مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن خلق الإبل.. أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت"، برعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر.

جاء ذلك بحضور كل من الدكتور حمدي الهدهد، عميد كلية البنات الأزهرية بالعاشر من رمضان جامعة الأزهر، والدكتور مصطفى إبراهيم، الأستاذ بكلية العلوم جامعة الأزهر، ويدير الحوار الدكتور سعد المطعني، الإعلامي بإذاعة القرآن الكريم.

الأزهر يطلق برنامجًا تفاعليًا لأبناء الجاليات المسلمة في إسبانيا.. ورسالة من الإمام الأكبر لجالية مدريدمحمود صديق: خريجو إعلام الأزهر يحملون شعار الوسطيةرئيس جامعة الأزهر: بناء الإنسان يبدأ من الكلمة الصادقة والصوت الموقظ للضميررئيس جامعة الأزهر يهنئ حازم منتصر بجائزة أرصوي الدولية للعلوم والفنون

وقال الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري بالجامع الأزهر، إن هذا الملتقى يعد فرصة مهمة للتفكر في آيات القرآن الكريم وتدبر معانيه، وفتح مجالات جديدة للبحث في الإعجاز.

وأضاف أن الملتقى سيساهم في تعزيز الوعي الديني والثقافي لدى المشاركين والدعوة إلى التفكير العميق في النصوص الدينية.

من جهته، أعرب الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، عن سعادته بانطلاق هذا الملتقى، مؤكدًا أهمية الإعجاز القرآني في تشكيل هوية الأمة الإسلامية.

وقال مدير الجامع الأزهر: "إن الرواق الأزهري يسعى دائمًا إلى تقديم المعرفة التي تساهم في بناء مجتمع واعٍ ومتعلم، وملتقى التفسير هو خطوة جديدة نحو تحقيق هذا الهدف"، لافتًا إلى أن الملتقى سيعقد بصفة دورية كل أحد، حيث يستضيف نخبة من العلماء والأساتذة المتخصصين، كما سيتم تخصيص وقت للأسئلة والنقاشات المفتوحة بين المشاركين، ما يتيح لهم فرصة التفاعل وتبادل الأفكار.

طباعة شارك الأزهر الجامع الأزهر الحديث وجوه الإعجاز في خلق الإبل الإبل ملتقى التفسير بالجامع الأزهر القرآن الكريم خلق الإبل

مقالات مشابهة

  • ذكرى رحيل سامية جمال.. فراشة الشاشة التي صنعت مدرسة خاصة في الرقص والسينما
  • ذكرى رحيل سامية جمال.. فراشة الشاشة صنعت مدرسة خاصة في الرقص والسينما
  • ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: الإبل منظومة إعجازية متكاملة مسخرة للإنسان
  • «الأوقاف» تحيي ذكرى رحيل القارئ عبد الباسط عبد الصمد
  • ذكرى رحيل «آخر ظرفاء الأدب والصحافة».. كامل الشناوي شاعر قتله الحب
  • ملتقى التفسير بالجامع الأزهر يناقش الحديث عن وجوه الإعجاز في خلق الإبل.. اليوم
  • ذكرى رحيل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.. سفير القرآن الذي صدح صوته آفاق العالم
  • في ذكرى ردع العدوان الشرع يزور حلب
  • لماذا سمي مسجد السيدة عائشة بهذا الاسم؟