وزير الزراعة: تفتيت الحيازة والتغيرات المناخية ومحدودية الأرض من أهم تحديات القطاع
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
عقد السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الاراضي اجتماعا
مع وفد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، وذلك لبحث افاق التعاون المشترك والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في القطاع الزراعي.
وخلال اللقاء القصير استعرض جهود الدولة المصرية في ظل الازمات العالمية ،وأوضح الوزير مفهوم الامن الغذائي وابعاده والمتمثلة في الاتاحة، والاستدامة، وسلامة الغذاء.
وأشار القصير إلى الإجراءات الاستباقية التي اتخذها الرئيس عبدالفتاح السيسي لتحقيق الامن الغذائي للمواطنين من خلال زيادة الانتاج الزراعي بالتوسع الافقي والرأسي والمشروعات العملاقة وبناء مخزون استراتيجي من السلع الاساسية .
وفي نهاية كلمته رحب القصير بالتعاون مع المنظمة في إيجاد حلول لمواجهة التحديات التى تواجه قطاع الزراعة في مصر والتي من اهمها تفتيت الحيازة والتغيرات المناخية ودور التعاونيات وسلاسل القيمة المضافة ومحدودية الارض والمياه.
من ناحيته أعرب انطوني لوبيز
رئيس وفد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عن سعادته بزيارة مصر مؤكدا على أهميتها حيث تسعي المنظمة لمساندة قطاع الزراعة المصرى وفقا لمذكرة التفاهم الموقعة بين مصر والمنظمة.
وأشار إلى قصص النجاح الكبيرة التي حققتها مؤخرا الزراعة المصرية والتي تعتبر نماذج تحتذى إلى دول أخرى، مؤكدا على استمرار التنسيق مع مجموعة العمل المشتركة بالوزارة لتقديم حلول نموذجية لما طرحه الوزير خلال اللقاء اليوم.
حضر الاجتماع د سعد موسى المشرف على العلاقات الزراعية الخارجية والدكتور على عبدالمحسن رئيس قطاع الشئون الاقتصادية وبعض قيادات الوزارة والمنظمة .
جدير بالذكر أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) هي منظمة اقتصادية حكومية دولية مقرها باريس وتضم 38 دولة عضو تأسست في عام 1961 لتحفيز التقدم الاقتصادي والتجارة العالمية.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
د. ثروت إمبابي يكتب: الزراعة المصرية بين البيروقراطية والذكاء الاصطناعي
«من لا يزرع لا يأكل، ومن لا يأكل لا يعيش» — حكمة مصرية قديمة تلخص فلسفة البقاء على هذه الأرض التي علّمت العالم معنى الزراعة منذ آلاف السنين. كانت الحبة تُلقى في الطين فيولد منها الخير، وكانت الأرض أمًّا صبورة تعرف أبناءها وتحفظ عرقهم في تربتها. لكن السؤال اليوم: هل ما زلنا نحافظ على سرّ هذه العلاقة المقدسة بين الإنسان والأرض، أم أن البيروقراطية قتلت روح الزراعة كما يقتل الصقيع بذور الربيع؟
لقد ظلت الزراعة المصرية لعقود طويلة أسيرة الورق والتوقيعات والموافقات، وكأن الأرض تنتظر ختمًا رسميًا لتخضرّ. البيروقراطية لم تكن مجرد إجراءات، بل أصبحت جدارًا يحجب الإبداع ويؤخر الاستثمار، ويجعل المزارع يدور في دوامة الروتين بدل أن ينشغل بتطوير إنتاجه.
ومع ذلك، فإن مصر الحديثة بقيادة سياسية واعية بدأت تدرك أن التنمية الزراعية لا يمكن أن تقوم بعقلية الأمس، وأن التحول نحو الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية لم يعد ترفًا بل ضرورة وجودية، في ظل تغير المناخ وتحديات الأمن الغذائي العالمي.
الذكاء الاصطناعي هنا ليس مجرد أجهزة أو برامج، بل فكر جديد لإدارة الموارد. فحين تراقب الأقمار الصناعية نمو المحاصيل، وتُحلل البيانات لتحديد الاحتياجات المائية، وتوجّه المستشعرات عمليات الري والتسميد بدقة، فنحن لا نتحدث عن رفاهية، بل عن ثورة في كفاءة الإنتاج. هذه الثورة قادرة على خفض استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 30% وزيادة الإنتاج بنسبة قد تتجاوز 25%، وفقًا لتجارب دولية سبقتنا بخطوات.
من الناحية الاقتصادية، يمثل دمج الذكاء الاصطناعي في الزراعة أحد أهم مفاتيح رفع العائد القومي، وخفض فاتورة الاستيراد، وتعظيم القيمة المضافة للمنتجات الزراعية. فكل فدان يُدار بالتقنية هو مشروع صغير ناجح، وكل معلومة دقيقة هي استثمار آمن.
أما الجانب الاجتماعي، فهو لا يقل أهمية. فالتكنولوجيا لن تُقصي الفلاح كما يخاف البعض، بل ستُعيد له مكانته وتُخفف أعباءه. الذكاء الاصطناعي سيجعل الشاب الريفي أكثر ارتباطًا بأرضه، لأنه سيشعر أن الزراعة أصبحت مجالًا علميًا راقيًا، وليس مهنة تقليدية مرهقة. إنها وسيلة لإعادة جذب العقول الشابة إلى الريف، بدل هجرتها إلى المدن أو الخارج.
وفي البعد البيئي، تمثل هذه الثورة الرقمية طوق نجاة حقيقي. فالتحكم في استخدام المياه والأسمدة والمبيدات بدقة يعني تقليل التلوث، والحفاظ على خصوبة التربة، وضمان استدامة الإنتاج. كما تتيح نظم الإنذار المبكر التنبؤ بالأمراض النباتية وموجات الجفاف، مما يرفع من قدرة المزارع على التكيف مع التغيرات المناخية.
لكن ما زال البعد السياسي حاضرًا بقوة في هذه المعادلة؛ فالإرادة السياسية هي التي تحدد المسار. حين تُوضع السياسات الزراعية الذكية في إطار وطني متكامل، بعيدًا عن المركزية المعطلة، سنشهد نقلة حقيقية في منظومة الغذاء المصرية. فالأمن القومي لم يعد محصورًا في حدود الجغرافيا، بل في قدرة الدولة على إطعام شعبها من إنتاجها.
وأنا — من واقع خبرتي الأكاديمية والميدانية — أرى أن الوقت قد حان لإطلاق خطة وطنية للتحول الرقمي الزراعي، تتكامل فيها مؤسسات البحث والتعليم والقطاع الخاص، وتُبنى على قاعدة بيانات موحدة لكل فدان في مصر. نحتاج إلى «عقل زراعي رقمي» يقود التغيير، لا إلى مزيد من المكاتب والملفات الورقية.
إن مستقبل الزراعة المصرية لن يُكتب بالحبر، بل بالبيانات. ولن يُدار بالمراسلات، بل بالذكاء. وبين البيروقراطية والذكاء الاصطناعي، ستتحدد هوية الزراعة المصرية: إما أن تبقى أسيرة الماضي، أو أن تنطلق نحو مستقبلٍ تُزرع فيه الفكرة قبل البذرة، ويُروى الحلم قبل الحقل.