طوفان الأقصى يعبد طريق التحرير لأسرى المؤبدات بسجون الاحتلال
تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT
الضفة الغربية - صفا
خلال صفقة تبادل الأسرى "وفاء الأحرار" بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" والاحتلال الإسرائيلي عام 2011، والتي تحرر بموجبها 1027 أسيرا مقابل إطلاق الجندي جلعاد شاليط، رفض الاحتلال الإفراج عن قائمة تضم نحو 40 أسيرا وصنفهم كخطرين.
طوال فترة اعتقالهم بقي هؤلاء الأربعون خارج نطاق التفاوض وأصر الاحتلال على عدم إخراجهم تحت أي ظرف.
لكن عملية "طوفان الأقصى" التي انطلقت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأسرت فيها المقاومة نحو 250 إسرائيليا، أعادت الأمل للأسرى وذويهم، وجعلت فكرة التحرر من قيد الأسر أقرب للتحقيق، حتى لأصحاب المحكوميات العالية. ومن بينهم تبرز أسماء الأسرى الثلاثة الكبار عباس السيد وأحمد سعدات، وإبراهيم حامد.
حافلتا جنود من أجل السيد
قبل صفقة "وفاء الأحرار"، تنقل إخلاص زوجة الأسير عباس السيد أن أحد الأقارب قال لها بمزاح تُخالطه جدية "زوجك بحاجة إلى حافلتين من الجنود الإسرائيليين حتى يتحرر من السجن".
فالسيد محكوم بالسجن 36 مؤبدا و200 عام، بعد أن اعتُقل في 8 مايو/أيار من عام 2002، وتتهمه بالمسؤولية عن تنفيذ عدد من العمليات النوعية والمؤلمة، والتي أسفرت عن مقتل مئات القتلى والجرحى في صفوف الاحتلال.
تتذكر أم عبد الله هذه المقالة اليوم، وقد غدا لدى المقاومة في غزة العشرات من الجنود والضباط الإسرائيليين الأسرى، وتطوف في ذهنها كلمات زوجها التي قال فيها "إنه سيتحرر إن شاء الله وسيذهب إلى مدينته طولكرم، وإن أول شيء سيفعله فيها هو زيارة المقبرة".
تقول زوجته، في حديثها للجزيرة نت، إنها لم تشهده من قبل بهذا اليقين التام بالتحرير، "لم يسبق له أن تفاءل هكذا، حتى عند التفاوض على شاليط وغولدن وآرون"، ثم تُضيف بحرقة يُغلفها الشوق والحماس: "ونحن والله ننتظره".
لم يتحرر السيد في صفقة شاليط، ولم يكن لديه أمل أيضا بالتحرر في صفقة أخرى كان يجري التفاوض عليها ويماطل الاحتلال في إجرائها، وذلك بعد أن أسرت حركة حماس الجنديين الإسرائيليين هدار غولدن وآرون شاؤول في حرب "العصف المأكول" على قطاع غزة عام 2014.
تقول زوجته "لا أخفي أنه من يوم بدأ الحديث عن الإفراجات كانت مشاعري هادئة وفي ركود"، لكنها تستدرك وتقول "لكن حين بدأت أرى حافلات الأسيرات والأشبال، وفرحة أهاليهم بتحررهم، بدأت أرسم بخيالي مشهد استقبال أبو عبد الله، شعورٌ غريب، لكن في نفس الوقت هناك اطمئنان وفرحة بأن تحريره قد اقترب كثيرا".
سعدات.. الرأس بالرأس
ومن الأربعين "الخطرين" أيضا بالنسبة لـ"إسرائيل"، رجل حُفظت عنه مقولة "العين بالعين، والسن بالسن، والرأس بالرأس" وهو الأمين العام لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" أحمد سعدات.
كانت تلك مقولته التي أعلنها في رسالة موجهة لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى الجناح العسكري للجبهة، في أربعينية استشهاد الأمين العام أبو علي مصطفى، الذي اغتالته طائرات الاحتلال أثناء وجوده في مكتبه في 27 أغسطس/آب 2001.
بعدها وبنحو شهرين، وتحديدا في 17 أكتوبر/تشرين الأول نفذت مجموعة من الجبهة الشعبية عملية اغتيال لوزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي، في فندق بمدينة القدس المحتلة.
واعتقل سعدات في سجون السلطة الفلسطينية من 15 يناير/كانون الثاني 2002 وحتى 14 مارس/آذار 2006، قبل أن تعتقله قوات الاحتلال وتحكم عليه بالسجن لمدة 30 عاما لترؤسه تنظيم الجبهة الشعبية المحظور إسرائيليا.
حذر دائم
تقول زوجته عبلة لـ"الجزيرة نت": "إنه لا يتكلم كثيرا، خاصة في مثل هذه المواقف، وحين كنا متفائلين جدا أيام شاليط كان هو يقول لا تتفاءلوا، هو دائما حذر"، لكن "هذه المرة مختلفة بكل المقاييس، وجود أسرى إسرائيليين بهذا الكم والنوع مختلف"، كما تقول.
وتتابع "استبشرنا بصفقة كبيرة منذ البداية، من عدد الذين أسروا، كان مجرد شاليط وخرج فوق الألف أسير، فما بالك حين يكون لديهم أكثر من 100".
وزاد التفاؤل مع إتمام صفقة التبادل التي شملت النساء والأطفال في سجون الاحتلال مقابل إفراج المقاومة عن الأطفال والنساء المدنيات المحتجزات في غزة خلال فترة الهدنة.
وتنقل زوجته عن أحد الأسرى المحررين مؤخرا قوله "إن الأسرى متفائلون" بحدوث صفقة تبادل كبرى.
أطول ملف أمني
والحال نفسه للأسير إبراهيم حامد قائد كتائب القسام في الضفة الغربية خلال الانتفاضة الثانية، وهو صاحب أطول ملف أمني يضم 12 ألف ورقة، تُرجمت إلى 54 مؤبدا.
ويتهمه الاحتلال بالمسؤولية عن مجموعة من العمليات النوعية التي أوقعت عشرات القتلى والجرحى الإسرائيليين.
ينقل نجله علي شعور والده، فيقول للجزيرة نت "عمليا كان الوالد متفائلا من قبل 7 أكتوبر، كان يصلنا قوله إنه إن شاء الله قريبا سيكون عندنا".
ويضيف علي أن عملية طوفان الأقصى زادت شعوره بالتحرر ليس فقط على مستوى الأسرى وإنما "على مستوى تحرير فلسطين".
وكان إبراهيم حامد قد نشر مقالا في مجلة "الدراسات الفلسطينية" قبل "طوفان الأقصى" بـ11 يوما، بعنوان: "في إعادة الاعتبار إلى تحرير فلسطين"، والذي أجرى فيه مراجعةً علمية شاملة للمسارات السياسية التي انحرفت عن البوصلة الوطنية كاتفاقية "أوسلو".
ودعا خلاله إلى ما أسماه "العودة إلى الجذور والينابيع" و"الإجماع الأصلي" المُتمثل بهدف "تحرير فلسطين".
أما أسماء، زوجة الأسير إبراهيم حامد، فيحلو لولدها علي أن يصفها بأنها "امرأة من حديد، تتجمل بالصبر والقوة"، يقول: "نظرة أمي منذ البداية أن الحرب سوف تنتهي بصفقة كبيرة شاملة… والحقيقة لم ينقص تفاؤلها يوما".
هكذا، فتحت "طوفان الأقصى" الأفق الشخصي والسياسي للأسرى، وأصبحت فكرة التحرر من سجون الاحتلال قائمة.
وعلى جانبي طريق التحرير الذي بدا ممكنا هذه المرة للأسرى ذوي المحكوميات العالية، يقف أهالي الأسرى يترقبون مرور ذويهم وأزواجهم وآبائهم وإخوانهم.
المصدر : الجزيرة
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: طوفان الأقصى طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
آيزنكوت مهتم بمنصب رئيس الوزراء ويتهم نتنياهو بتعمد إفشال صفقة التبادل
اتهم رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي الأسبق غادي آيزنكوت، الجمعة، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإفشال مفاوضات صفقة تبادل الأسرى لأسباب سياسية، مؤكدا "أستطيع أن أكون رئيس وزراء إسرائيل".
وقال آيزنكوت، إن نتنياهو أفشل مفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس في قطاع غزة لأسباب سياسية، بحسب مقابلة أجرتها "القناة 12" الإسرائيلية.
وكشف أنه "جاهز لتولي رئاسة الحكومة.. أنا أعرف جميع التحديات التي تواجه إسرائيل، وأعرف ما هو الصواب"، مشيرا إلى أن هناك احتمال بأن يكون مرشحا لهذا المنصب.
ومطلع الشهر الجاري، شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية تطورًا بارزًا مع إعلان آيزنكوت استقالته من حزب "معسكر الدولة" ومن الكنيست، في خطوة تحمل دلالات سياسية هامة على مشهد المعارضة، وخصوصًا مع الاقتراب من احتمال التوجه إلى انتخابات جديدة.
وذكرت صحيفة "معاريف" أنه بموجب القانون، سيدخل المدير العام لمعسكر الدولة، إيتان غينزبرغ، إلى الكنيست بديلاً عن آيزنكوت، مشيرة نقلا مصادر مطلعة إلى أن الأخير يعتزم تشكيل حزب جديد ضمن كتلة "يسار وسط"، وسيكون منافسًا مباشرًا لحزبه السابق، ومن المتوقع أن يستقطب من نفس القاعدة الانتخابية التي دعمت زعيم الحزب بيني غانتس.
وجاء في البيان الرسمي الصادر عن "معسكر الدولة": "أبلغ عضو الكنيست الفريق أول (احتياط) غادي آيزنكوت رئيس معسكر الدولة بيني غانتس بنيته مغادرة الحزب".
وتأتي تصريحات آيزنكوت التي أبدت اهتماما بمنصب رئاسة الحكومة واتهام نتنياهو بإفشال الصفقة بعدما قال الأخير إن "إسرائيل تدرس مع الولايات المتحدة بدائل لإعادة المحتجزين من غزة وإنهاء حكم حركة حماس".
ولم يكشف نتنياهو عن طبيعة البدائل التي يتحدث عنها، بينما تقول المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى، إن السبيل الوحيد لإعادة المحتجزين هو اتفاق مع حركة حماس.
وجاءت تصريحات نتنياهو غداة إعلانه استدعاء وفده المفاوض من العاصمة القطرية الدوحة للتشاور، في خطوة مماثلة لما أعلنه المبعوث الأمريكي في الشرق الأوسط ستيف ويتكوف عبر منصة "إكس".
وقال ويتكوف الخميس الماضي: "قررنا إعادة فريقنا من الدوحة لإجراء مشاورات بعد الرد الأخير من حماس، والذي يُظهر بوضوح عدم رغبتها في التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة".
يأتي ذلك في الوقت الذي أكدت فيه حماس مررا استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين "دفعة واحدة"، مقابل إنهاء الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.
وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
ومنذ 6 تموز/ يوليو الجاري، تُجرى بالدوحة مفاوضات غير مباشرة بين حماس و"إسرائيل"، بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة، لإبرام اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار.
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تشن "إسرائيل" حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 203 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.