حروب بحرية وشيكة الوقوع
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
إذا أخذنا بعين الاعتبار المسافة البحرية التقريبية بين ميناء عدن في اليمن، وميناء وهران في الجزائر، والتي تقدر بنحو 6200 كيلومتراً مروراً بباب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس، ومن ثم البحر الأبيض المتوسط من شرقه إلى غربه. نجد ان اعتراض السفن التجارية المتوجهة إلى إسرائيل، واحتجازها في الموانئ اليمنية والجزائرية لم يكن حدثاً طارئاً حملته رياح الصدفة.
فقد قامت الجزائر قبل بضعة أيام بإحتجاز سفينة ألمانية محملة بالأسلحة، كانت متوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، وهي المرة الثانية التي تحتجز فيها الجزائر هذا النوع من السفن التجارية. حيث احتجزت في وقت سابق سفينة شحن ألمانية عملاقة كانت تبحر في طريقها إلى الموانئ الإسرائيلية، وكانت تحمل كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر بينها صواريخ. وجاءت عمليات الاحتجاز الجزائرية متزامنة تماماً مع العمليات المشابهة لها في باب المندب وخليج عدن. .
وبالتالي فان عمليات الاحتجاز اليمنية والجزائرية ستشكل المزيد من تضييق الخناق على الكيان الإسرائيلي وعلى داعميه في الغرب، آخذين بعين الاعتبار ان البحر الأبيض المتوسط يمثل آخر منافذ خطوط الشحن الإسرائيلية للهروب من ضراوة الهجمات الصاروخية في باب المندب. الأمر الذي اضطر الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى التفكير الجدي بتشكيل قوة بحرية لحماية الملاحة في البحر الأحمر، ومرافقة السفن التجارية، بعد تعرض ثلاث منها بصواريخ أطلقها الحوثيون. وتشاورت الولايات المتحدة مع حلفائها حول تنظيم تحركات قوافل السفن التجارية ومرافقتها ومتابعتها وتوفير الحماية لها. .
وقد أكدت التقارير الأمريكية في وقت سابق، إن الصواريخ الباليستية التي أطلقها المتمردون الحوثيون في اليمن أصابت ثلاث سفن تجارية، بينما أسقطت سفينة حربية أمريكية ثلاث طائرات بدون طيار. وهذا يمثل تصعيدا خطيراً في سلسلة من الهجمات البحرية في الشرق الأوسط المرتبطة بالحرب الاسرائيلية على غزة. .
وعلى هذا السياق تجري الآن محادثات مع دول أخرى بشأن تشكيل قوة عمل بحرية تشمل سفناً من دول شريكة إلى جانب الولايات المتحدة لضمان المرور الآمن. ومن المحتمل تأسيس فرق عمل مماثلة لحماية الشحن التجاري في أماكن أخرى، بما في ذلك القرن الأفريقي قبالة سواحل الصومال. في حين ذكرت شركة الأمن البحري (أمبري) Ambrey: إن ملكية احدى السفن التي تعرضت للهجوم كانت مرتبطة بدان ديفيد أونغار، وهو مواطن بريطاني مدرج كمقيم إسرائيلي في دليل الشركات الرئيسي في بريطانيا. وحددت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن أونغار هو ابن ملياردير الشحن الإسرائيلي أبراهام رامي أونغار. وقد تم استهداف الشحن العالمي بشكل متزايد حيث تهدد الحرب الإسرائيلية على غزة بالتحول إلى صراع إقليمي أوسع. .
في غضون ذلك، تترقب الشركات البحرية العالمية أي تطورات كبيرة في حركة الشحن عبر البحر الأحمر، في وقت أظهرت بيانات شركات الشحن ارتفاع تكلفة تأمين السفن العابرة لقناة السويس. .
وللحديث بقية. . .
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات السفن التجاریة
إقرأ أيضاً:
وداعًا يا مريم.. قصة الفراشة التي اختطفها البحر في تونس
في مساء السبت، كانت الشمس تودع شاطئ "عين جرنز" على سواحل مدينة قليبية في تونس، ونسيم البحر يحمل ضحكات الأطفال والعائلات الذين قصدوا البحر للفرح والراحة.
كانت الطفلة مريم، ذات السنوات الثلاث، تجلس على عوامة مطاطية صغيرة، تضحك وتتأرجح بين ذراعي الماء... ولم تكن تعلم أن البحر الذي احتضنها بلطف في البداية، سيبتلعها فجأة إلى الأبد.
في لحظة واحدة، تحول المشهد من نزهة عائلية إلى كابوس، حيث انقطع الحبل الذي يربط عوامة مريم بالشاطئ، بعد أن عصفت الرياح بقوة، بلغت نحو 40 كيلومترًا في الساعة. كانت الأم تراقبها، والأب يلهو قريبًا منها، لكن الرياح كانت أسرع من كل شيء.
ركض الأب نحو البحر، قفز دون تردد، وبدأ يسبح باتجاه عوامة طفلته، متحديًا التيارات العنيفة، لكن البحر كان أقسى.
أربعون دقيقة من السباحة المحمومة، ثم ترنح جسده المنهك، وكاد يغرق هو الآخر، فأنقذته فرق الإنقاذ، لكن مريم كانت قد اختفت، كما لو أنها ذابت في زرقة البحر.
تسابق الغواصون، فرق الحماية المدنية، الحرس البحري، وأفراد الجيش، إلى موقع الحادث. عشرون غواصًا، طائرات مسيرة، قوارب إنقاذ، وأجهزة مسح تحت الماء... جميعها شاركت في سباق ضد الزمن.
لم تكن العائلة وحدها في هذا الألم، فقد تحولت قضية مريم إلى قضية رأي عام. تصدرت صورتها منصات التواصل الاجتماعي، وتحولت إلى رمز للوحدة والقلق والحزن في كل بيت تونسي بل كل بيت عربي.
كل دقيقة كانت كالعمر. الأمل يتقلص، والموج لا يعيد شيئًا. إلى أن جاء اليوم الثالث... وجاءت الجثة.
في فجر يوم الاثنين 30 يونيو، وعلى بعد 25 كيلومترًا من موقع اختفائها، ظهرت جثة مريم الصغيرة قرب ميناء "بني خيار"، هامدة بين الصخور، كما لو أن البحر أعادها حين هدأت عاصفته.
جثمانها الصغير لم يتحمل الانتظار ولا المياه المالحة، لكن ملامحها البريئة بقيت شاهدة على اللحظة الأخيرة.
العائلة لم تصدق. الأم، التي لم تتوقف عن البكاء والدعاء، انهارت. الأب، الذي خاطر بحياته، وقف مذهولًا كأن الزمن تجمد. مريم كانت حلمًا ورديًا، اختطفه البحر في لحظة غدر.
مريم ليست الأولى التي يأخذها البحر، لكنها أصبحت أيقونة لحجم الألم الممكن من مجرد نزهة على الشاطئ.
هل كان بالإمكان إنقاذها لو كانت هناك مراقبة بحرية كافية؟ هل وفرت الدولة ما يلزم لحماية العائلات من الرياح والتيارات؟ لماذا لم يغلق الشاطئ في ظل تحذيرات الأرصاد من الطقس السيئ؟ أسئلة كثيرة يطرحها التونسيون اليوم، وتظل دون إجابة.
قصة مريم لم تنته عند البحر. هي الآن في قلوب الناس، في ذاكرة من لم يعرفوها إلا من خلال صورتها وهي تبتسم، وفي ضمير وطن لم يعتد أن يفقد أطفاله هكذا.
ربما لن تعود مريم، لكنها خلفت أثرًا يجعلنا نعيد التفكير في سلامة أطفالنا، في مسؤولياتنا، وفي هشاشة الحياة أمام لحظة واحدة من الإهمال أو الغدر الطبيعي.