هل أعضاء الكافر تسبح الله؟ سؤال يكثر البحث عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، وذلك في بيان قوله تعالى: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}.

هل أعضاء الكافر تسبح الله؟

وقال علي جمعة: كل الكائنات تسبّح فلا تكن أنت النغمة النشاذ التي لا تسبح من ضمن هذه الكائنات، لا تنسى الله ولا تنس ذكر الله واجعل لسانك رطبًا بذكر الله.

أما أن تنسى فقد دخلت في إطار أقوامٍ آخرين {نَسُوا اللّهَ فَنَسِيَهُمْ} وكانوا من المنافقين والله سبحانه وتعالى لا يرضى لعباده الكفر، والكفر أنواع: كفر عقيدة ،وكفر عشيرة ،وكفر شكران. فلا تكفر بنعم الله عليك {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}.

وأضاف في بيان هل أعضاء الكافر تسبح الله؟: يأتي الرجل إلى رسول الله ﷺ ويقول له: يا رسول الله تشعب بنا الإسلام فقل لي في الإسلام قولاً لا أسأل أحدًا بعدك فيه. فيقول: (لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله) إذًا فعليك أن تذكر الله قيامًا وقعودًا وعلى جنبك وفي كل حال، اجعل لسانك يذكر الله حتى مع عدم استحضار القلب؛ فإن ذكر الله سبحانه وتعالى يرجعك التارة بعد الأخرى إلى حظيرة القدس.

وأوضح: ذكر الله مع الغفلة خير من عدم ذكره بالمرة لا بالقلب ولا باللسان، اذكر ربك باللسان واتلُ القرآن واجعل بينك وبينه حصة في كل يوم، اجعل وردًا بينك وبين القرآن حتى لو لم تتدبر معانيه فإنك في يومٍ سوف تتدبر، لا تترك الصلاة لأنك لا تخشع فيها ، صل وداوم على الصلاة حتى يأذن الله سبحانه وتعالى أن يملأ هذا الوعاء بالنور ، وأن يملأه بالأسرار ، وأن يملأه بالأنوار ، وأن يملأه بالملك والملكوت، فإن قلب المؤمن لا يسعه شيء في هذا الكون من اتساعه لله.

وجاء في تفسير قوله تعالى: «وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ»، وقوله تعالى: «وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ»، أي أن كل شيء في هذا الكون يسبح بحمد الله تعالى ويسجد له، إلا أن ذلك يكون من الكافر كرها، ومن المؤمن طواعية.

وقد استثنى الله الكافر بقوله تعالى: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء».

وذكر الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى: «وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ»، أن الحق أن المؤمن يسجد ببدنه طوعاً، وكل مخلوق من المؤمن والكافر يسجد من حيث إنه مخلوق يسجد دلالة وحاجة إلى الصانع، وهذا كقوله: وإن من شيء إلا يسبح بحمده. وهو تسبيح دلالة لا تسبيح عبادة.

 

ما دلالات التسبيح في القرآن .. وماذا نقول لتفريج الكربة الشديدة؟ هل يجوز التسبيح باليد اليسرى؟.. أمين الفتوى يجيب حكم هبة ثواب التسبيح وقراءة القرآن للميت والأدلة على ذلك

أمَّا عن هبة ثواب التسبيح وقراءة القرآن للمتوفى: فقد جاء الأمر الشرعي بقراءة القرآن الكريم على جهة الإطلاق، ومن المقرَّر أنَّ الأمر المطلق يقتضي عموم الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال؛ فلا يجوزُ تقييدُ هذا الإطلاق إلا بدليل، وإلا كان ذلك ابتداعًا في الدين بتضييق ما وسَّعه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

وعلى ذلك: فقراءة القرآن الكريم في المسجد وعند القبر قبل الدفن وأثناءه وبعده مشروعة ابتداءً بعموم النصوص الدالة على مشروعية قراءة القرآن الكريم، بالإضافة إلى ورودِ أحاديثَ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآثارٍ كثيرة عن السلف الصالح في خصوص ذلك؛ ذكرها الإمام أبو بكر الخلَّال الحنبلي [ت: 311هـ] في جزء "القراءة على القبور" من كتاب "الجامع"، ومثلُه الحافظ شمس الدين بن عبد الواحد المقدسي الحنبلي في جزءٍ أَلَّفه في هذه المسألة، والإمام القرطبي المالكي [ت: 671هـ] في كتابه "التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة"، والحافظ السيوطي الشافعي [ت: 911هـ] في "شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور"، والحافظ السيد عبد الله بن الصِّدِّيق الغماري [ت: 1413هـ] في كتابه "توضيح البيان لوصول ثواب القرآن"، وغيرهم ممَّن صنّف في هذه المسألة.

فمن الأحاديثِ الصحيحة الصريحة في ذلك:

ما رواه عبد الرحمن بن العلاء بن اللَّجْلاجِ عن أبيه، قال: قال لي أبي -اللَّجْلاجُ أبو خالد- : يا بُنَيَّ! إذا أنا متُّ فأَلْحِدْني، فإذا وضَعْتَني في لحدي فقل: بسم الله، وعلى ملَّة رسول الله، ثم سُنَّ عليَّ التراب سنًّا -أي ضَعْه وضعًا سهلًا- ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها؛ فإني سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقولُ ذلك. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، قال الهيثمي: ورجاله موثوقون.

وقد رُوي هذا الحديث موقوفًا على ابن عمر رضي الله عنهما. كما أخرجه الخلَّال في جزء "القراءة على القبور" والبيهقي في "السنن الكبرى" وغيرهما، وحسَّنه الإمامان النووي وابن حجر.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَلَا تَحْبِسُوهُ، وَأَسْرِعُوا بِهِ إِلَى قَبْرِهِ، وَلْيُقْرَأْ عِنْدَ رَأْسِهِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَعِنْدَ رِجْلَيْهِ بِخَاتِمَةِ الْبَقَرَةِ فِي قَبْرِهِ» أخرجه الطبراني، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وإسناده حسن كما قال الحافظ في "الفتح"، وفي رواية «بِفَاتِحَةِ البَقَرَة» بدلًا من «بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ».

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدكتور علي جمعة ذكر الله التسبيح قراءة القران للميت قراءة القران الكريم صلى الله علیه وآله وسلم رسول الله م ن ف ی ال

إقرأ أيضاً:

ما هي أفضل الأعمال في يوم عرفة؟

يعد يوم عرفة أحد الأيام المباركة والفضيلة والتي يحاول المسلمون بذل قصارى جهدهم في استغلاله من خلال القيام بالأعمال الصالحة، ومن أهم الأعمال الفضيلة في هذا اليوم المبارك، نستعرضها في السطور التالية..

عاجل - مواقيت الصلاة.. موعد أذان المغرب يوم عرفة 2024 عبارات جميلة عن يوم عرفة صيام يوم عرفة

صيام التطوع بشكل عام مستحب، ويتأكّد استحبابه حال موافقته لأيّام فاضلة، ويعدّ يوم عرفة من الأيام الفاضلة التي يُستحبّ الصيام فيها، وقد أجمع الفقهاء على استحباب صيام يوم عرفة لغير الحاج، بينما تعددت آراؤهم في حكم صيام يوم عرفة للحاج على النحو الآتي:

ذهب الحنفيّة إلى استحباب صيام يوم عرفة للحاج إن كان الصيام لا يضعفه عن أداء مناسك الحجّ؛ وذلك لفعل أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-.

وذهب الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى كراهية صوم الحاج يوم عرفة، وقالوا باستحباب الإفطار في يوم عرفة للحاجّ.

وصيام يوم عرفة يكفر صغائر الذنوب والمعاصي التي وقع بها العبد في سنتين؛ الماضية واللاحقة؛ فعن أبي قتادة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ؟ فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ).

والمقصود بتكفير السنة القادمة؛ أي أنّ الله -تعالى- يوفّق عبده المؤمن في اجتناب الذنوب والمعاصي التي تحتاج إلى تكفير في سنته القادمة؛ جزاءً له على صيام يوم عرفة.

الدعاء في يوم عرفة

بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ الدعاء يوم عرفة من أفضل الدعاء وأكثره خيرًا؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ، وخيرُ ما قلتُ أَنا والنَّبيُّونَ من قبلي: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ ولَهُ الحمدُ وَهوَ على كلِّ شَيءٍ قديرٌ)، فالدعاء في يوم عرفة يكون أعظم ثوابًا، وأجزل عطاءً وأقرب إجابة..

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر في يوم عرفة من قول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له"؛ لأنّ هذا الدعاء يشتمل على ثناء الله -تعالى- وتوحيده، مما يجعله سببًا في نزول رحمة الله -تعالى- وخيره على عباده الموحّدين، كما أنّ فيه شهادة التوحيد، وأفضل الدعاء قول: "الحمدلله"؛ لأن حمدالله -تعالى- على نعمه يتضمّن معنى الشكر الذي يكون سببًا في زيادة النعم.

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: الدعاء في القرآن الكريم يأتي بمعنيين:

المعنى الأوّل دعاء العبادة؛ كقوله -تعالى-: (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّـهِ إِلَـهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ).

والثاني يأتي بمعنى دعاء المسألة، كما قال -جل وعلا-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)؛ فكلّ داعٍ لله -تعالى- هو عابد له، وكذلك كلّ عابد لله -تعالى- فهو داع له وسائل.

ذكر الله تعالى

يستحب للمسلم أن يكثر في يوم عرفة من ذكر الله -تعالى-، ويشتغل بالتكبير والتهليل إلى حين غروب الشمس، ويستحبّ أن يذكر الله -تعالى- بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ كأن يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير".

وقد كان الصحابي عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- يذكر الله -تعالى- كثيرًا في يوم عرفة فيقول: "الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، اللهم اهدني بالهدى، وقني بالتقوى، واغفر لي في الآخرة والاولى".

وقد سمّى النبي -صلى الله عليه وسلم- الذكر في يوم عرفة بأفضل الدعاء؛ وذلك ليبيّن اختصاص يوم عرفة بهذا الدعاء، وقد يسمّى الثناء دعاءً؛ وذلك لتشاركهما في جلب المنافع، وحصول المقصود بهما.

وقوف الحجاج بعرفة

يحقق الحاجّ ركن الوقوف بعرفة إذا حضر في داخل حدود المكان المسمى بعرفات وأقام فيه لوقت يسير ولو لحظة فأكثر، وأن يكون حضوره بنيّة الوقوف، ويبدأ وقت الوقوف بعرفة من ظهر يوم التاسع من ذي الحجة، ويستمر إلى فجر اليوم العاشر من ذي الحجة.

وفي موقف عرفة يدنو الله -تبارك تعالى- من عباده، ويباهي بهم ملائكته الكرام، وفيه يعتق الله تعالى من النار أفواجًا من الناس لا حصر لهم؛ فعن عائشة- رضي الله عنها- عن النبي- صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمِ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟).

ويقول الإمام ابن رجب- رحمه الله تعالى- عن يوم عرفة: "هو يوم العتق من النيران، فيُعتق الله -تبارك وتعالى- فيه حجّاجه الواقفين بعرفة، كما يعتق فيه عباده المسلمين في كلّ مكان؛ أولئك الذين لم يشهدوا الوقوف بعرفة ولذلك يتبعه يوم عيدٍ لجميع المسلمين؛ وذلك لاشتراك جميع المسلمين في العتق من النيران، ونيل المغفرة في يوم عرفة".

التعريف بيوم عرفة وفضله

يوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة، وهو اليوم الذي يسبق يوم النحر، وقد عظَّم الله -تعالى- مكانة يوم عرفة، ورفع منزلته، وجعله أفضل الأيّام للأسباب الآتية:

فيه تتنزّل الرحمات.تجاب فيه الدعوات.يغفر الله -تعالى- فيه الأخطاء والزلّات.يُعين فيه أهل العثرات.

مقالات مشابهة

  • توجه سيدنا رسول الله إلى منى للنحر ورمي الجمرات
  • تكبيرات العيد.. الصيغة الصحيحة بالسنة وموعد ترديدها
  • يوم عرفة: يوم المغفرة والرحمة
  • ما هي أفضل الأعمال في يوم عرفة؟
  • فضل يوم عرفة
  • كيف تعامل الرسول مع المنافقين؟
  • الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: كيف وصلتنا السُّنة؟ (6)
  • هل دعاء يوم القر مستجاب؟.. أعظم الأيام عند الله بعد النحر
  • مشهد مهيب لامرأة تسبح في أيسلندا وسط شق يفصل بين قارتين
  • «يوم عرفة».. رحلة إيمانية وفرصة مغفرة عظيمة