كتاب وأكاديميون بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية: العربية رفدت التراث العالمي بكنوز المعرفة والفن الخالد
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
يحتفي العالم، غدا ،الإثنين، الموافق للثامن عشر من ديسمبر، باليوم العالمي للغة العربية، باعتبارها ركنا من أركان التنوع الثقافي، وإحدى اللغات الأكثر انتشارا واستخداما في العالم، ويحتفي بإبداعها وفنونها ودورها في إنتاج المعارف والأفكار وتعزيز الحوار بين الثقافات.
وقد وقع الاختيار على هذا التاريخ، لأنه اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة.
وتحت شعار /العربية: لغة الشعر والفنون/، تحتفي الأمم المتحدة هذا العام باليوم العالمي للغة العربية، حيث أعربت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة /اليونسكو/، بهذه المناسبة، عن تقديرها وتحياتها للناطقين باللغة العربية في كل أنحاء العالم، الذين يحافظون على تراث لغوي وثقافي فريد ورمز للتنوع والإلهام.
وفي هذا الإطار، أبرز كتاب وأكاديميون في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ دور اللغة العربية في رفد التراث العالمي بكنوز الإبداع، وإسهامها الخالد في ميادين الشعر والفن، منوهين بكونها تمثل ذاكرة الأمة العربية الإسلامية ومستودع تراثها، والجسر الرابط بين الماضي والحاضر.
وأكد الشاعر والكاتب الدكتور حسن علي النعمة، رئيس مجلس أمناء جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، في تصريح لـ/قنا/ أن الاحتفاء يعكس إجلال الأمم المتحدة للغتنا العربية وإكبار مساهمتها في إثراء الثقافة الإنسانية على مدى العهود من خلال إنتاج روائع البيان والتبيين ورفد التراث العالمي بجماليات الشعر والفنون، وإغناء الوجدان الإنساني بصنوف الإبداع.
ولفت إلى أن عطاء الحضارة العربية واللغة العربية للإنسانية في مختلف العصور، يتجلى في حوارها وتفاعلها مع أهل البلدان والأمصار التي نزلت بها، فأخذت من تراث هذه الأمم وأعطتها وأضافت إليها، وصاغت تراثا جديدا ولغة جديدة من كنوز الخيال والأدب والفن. لذلك تعتبر اللغة العربية اليوم من أغنى لغات العالم بقاموسها اللغوي ورصيدها من البيان والآداب والفنون.
وشدد الدكتور حسن النعمة على ضرورة الوعي بمنزلة اللغة العربية، وحث أجيال الأمة وكل المتحدثين بها، على المساهمة في تكريم لغتنا وصون حضارتنا بمزيد من الإنتاج والإبداع ومواكبة تطور الحضارة الإنسانية في علومها وإبداعاتها، ومواصلة مسيرة العطاء في مجالات المعرفة وتسخير التكنولوجيا والعلم، فديمومة اللغة العربية واستمراريتها وتقدمها يعتمد على قدرتها على التفاعل مع العصر ومواصلة مسيرة الأخذ والعطاء.
وبدوره، أكد الكاتب والأكاديمي الدكتور علي أحمد الكبيسي، رئيس قسم اللغة العربية بجامعة قطر سابقا، وعضو المجلس العلمي لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية، في تصريح مماثل لـ/قنا/ على أن اللغة العربية تمثل ذاكرة الأمة العربية الإسلامية ومستودع تراثها، والجسر الرابط بين الماضي والحاضر.. لافتا إلى أنها تحظى في دولة قطر باهتمام كبير بوصفها اللغة الرسمية للدولة، تقديرا لأهميتها ومكانتها الدينية والتاريخية.
وشدد على أن هذا الاهتمام يتجلى من خلال أربعة نماذج في التشريع وتأسيس المعاجم ونشر ثقافة المناظرة، وتوظيف التكنولوجيا لتعزيز البحث اللغوي.
أما النموذج الأول، فيتمثل في إصدار قانون حماية اللغة العربية وهو القانون رقم 7 لسنة 2019 وتضمن 15 مادة تلزم جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية بحماية اللغة العربية ودعمها في كافة الأنشطة والفعاليات كما تلزم استعمال اللغة العربية في عدد من القطاعات والمحيط الاجتماعي.
بينما يتمثل النموذج الثاني في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، وهو مشروع حضاري، يهدف بشكل أساسي إلى رصد تطور معاني ألفاظ اللغة العربية وتتبع استعمالاتها المتنوعة عبر سياقاتها التاريخية وذلك بتخصيص مدخل معجمي لكل لفظة يدون فيه تاريخ ظهورها بمعناها الأول وتاريخ تحولاتها التركيبية والدلالية، ومستعمليها في كل طور من أطوارها، مع توثيق كل ذلك بالنصوص التي تشهد على صحة المعلومات الواردة فيها، وذلك اعتمادا على مدونة لغوية ضخمة من المصنفات العربية.
وأضاف: ويفتح هذا المعجم أبوابا واسعة أمام الباحثين والدارسين لتعميق الوعي والفهم لموروثنا المعرفي والعلمي، ويهيئ فرصا عديدة لتجديد معارفنا الحاضرة واستشراف مستقبل واعد في مجالات البحث والتعليم والمعالجة الآلية للغة العربية.
وحول النموذج الثالث، أشار الدكتور علي الكبيسي إلى مركز مناظرات قطر وهو عضو في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، وله جهود وأنشطة متميزة في نشر ثقافة المناظرة باللغة العربية في قطر وخارجها.
أما النموذج الرابع، فهو معهد قطر لبحوث الحوسبة وهو تابع لجامعة حمد بن خليفة وله جهود متميزة في تعزيز مكانة اللغة العربية في عصر المعلومات من خلال إجراء بحوث متعددة في مجال تقنيات اللغة العربية.
وفي ذات السياق، نوهت الكاتبة والأكاديمية الدكتورة صيتة نقادان، رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم بجامعة قطر في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ باختيار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة /اليونيسكو/ لموضوع /العربية: لغة الشعر والفنون/ عنوانا رئيسيا لمناسبة اليوم العالمي للغة العربية لعام 2023 مما يعد فرصة لتسليط الضوء على القيمة الثقافية والإنسانية العظيمة التي تحملها اللغة العربية، وخاصة في مجال الشعر والفنون.
وأشارت إلى أن ارتباط اللغة العربية بالشعر يعكس تاريخا عريقا من التفرد الأدبي من بدايات الشعر العربي المدون حتى الآن، "فالشعر ديوان العرب" كما قيل، فقد حمل الشعر تاريخ العرب وحكاياتهم ومشاعرهم وعاداتهم وتقاليدهم ومعاناتهم وفكرهم، وحفظها تراثا إنسانيا فريدا لا يشبه أي تراث آخر.
وأوضحت أن هذه المناسبة تفتح المجال لكشف استلهام الفنانين والشعراء جماليات اللغة العربية في أعمالهم الفنية، من خلال ربط اللغة بالفن، وتعميق الفهم لدور العربية في تحفيز الإبداع بكل صوره.. كما تبرز ضرورة الحفاظ على التراث اللغوي والثقافي العربي، وتسلط الضوء على الأهمية الحيوية للغة العربية كوسيلة لنقل التراث الأدبي والفني للأجيال القادمة، وتعزز دور اللغة العربية في إثراء التواصل الثقافي على مستوى العالم وبين مختلف شعوبه كما يفترض للغة حية ومؤثرة مثل اللغة العربية.
وشددت على أن اللغة العربية قدمت إسهاما جوهريا في ميدان الشعر العالمي بآلاف الدواوين الشعرية الخالدة، فهي لغة شعرية بكل تفاصيلها وتراكيبها وجرسها وثراء قاموسها اللغوي. وفي إطار الفنون، تتألق اللغة العربية حاملة للإبداع والتعبير، فالعمارة والفنون التشكيلية والخط العربي كلها تجسد تراثا حافلا بالتنوع والابتكار، يندرج ضمن سياق عربي يتميز بالعمق الثقافي والتأثير الجمالي في تجسيده لهوية اللغة العربية وجمالياتها.
واختتمت الدكتورة صيتة نقادان تصريحها لـ/قنا/ بالإشارة إلى أن التحدي والواجب يكمن في نقل هذا الإرث الثقافي اللغوي بكل الوسائل، وهذا يتطلب منا تشجيع البحث العلمي والتأليف في المجالات الأدبية والفنية، ويجب علينا أن نكون روادا في تيسير حوار فكري يسهم في توسيع آفاق المعرفة وفتح أفق جديد للغتنا وثقافتنا وشعرنا وتعريف الأمم الأخرى بعمق الإرث الفني الذي تحمله في مجال الشعر والفن والخط والعمارة.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: اليوم العالمي للغة العربية الیوم العالمی للغة العربیة اللغة العربیة فی للغة العربیة فی الشعر والفنون الأمم المتحدة من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
بيوم المتاحف العالمي: الآثار تطلق معارض مؤقتة حول تطور الكتابات والفنون
بمناسبة يوم المتاحف العالمي، والذي يوافق 18 مايو من كل عام، تنظم وزارة السياحة والآثار ممثلة في المجلس الأعلى للآثار، برنامجًا موسعًا من الفعاليات والمعارض الأثرية المؤقتة والأنشطة الثقافية والفنية وندوات تعليمية وورش تفاعلية لزائري متاحف الآثار على مستوى الجمهورية، لتسليط الضوء على أوجه التطور الثقافي والحضاري في مصر عبر العصور التاريخية المختلفة بما يتسق وشعار يوم المتاحف العالمي لهذا العام: "مستقبل المتاحف في مجتمعات سريعة التغير".
كما تنظم برنامجًا موسعًا من الفعاليات والمعارض والأنشطة في عدد من المتاحف على مستوى الجمهورية، ما يعكس اهتمام الوزارة بتعزيز الدور المجتمعي والثقافي والتعليمي لمتاحف الآثار، وتأكيدًا على أهميتها كجسور للحوار الحضاري والتنمية المستدامة.
وأكد السيد شريف فتحي وزير السياحة والآثار، على أهمية هذه المبادرات التي تسهم في تعزيز الوعي الأثري والسياحي لدى جميع فئات المجتمع، مشددًا على دور المتاحف كمؤسسات ثقافية وتعليمية وتوعوية، تسهم في ربط المواطنين بتاريخهم العريق، وحضارتهم الفريدة، وتشجعهم على الحفاظ على التراث المصري الأصيل، كما تسهم في توثيق التراث المصري، وتقديمه بطرق عصرية تتناسب مع تطلعات المجتمعات الحديثة.
وأشار إلى أن المتاحف تعد جسور للحوار الحضاري والتنمية المستدامة، وترسيخ قيم الهوية والانتماء عبر ربط الجمهور بتراثهم الحضاري.
ومن جانبه، أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن ما يتم تنظيمه من فعاليات بمتاحف الآثار هذا العام للاحتفال بيوم المتاحف العالمي تؤكد على حرص الوزارة ممثلة في المجلس الأعلى للآثار على دمج المجتمعات المحلية، خاصة فئات الشباب وذوي الهمم، في الأنشطة المتحفية، بما يعزز من وعيهم التراثي ويدعم التنمية الثقافية الشاملة. كما تعكس الدور المتنامي للمتاحف كمؤسسات ثقافية وتعليمية تلعب دورًا محوريًا في حفظ التراث وتعزيز الهوية، كما تبرز رؤية المجلس الأعلى للآثار في مواكبة التطورات التكنولوجية والانفتاح على مختلف فئات المجتمع، تحقيقًا لمفهوم "المتاحف للجميع".
وأضاف أن المعارض الأثرية المؤقتة التي تم تنظيمها في إطار هذا الاحتفال تتناول موضوعات تتماشى مع أهداف اليوم العالمي للمتاحف، خاصة في مجالات الاستدامة والتعليم المتحفي والشمول الثقافي، مشيرًا إلى أن الكتابات والفنون والحرف التراثية تعد وسيلة مشتركة للتعبير بين المجتمعات عبر العصور، رغم اختلاف اللغات والأدوات.
وأشار الأستاذ مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف، إلى ما تضمنته هذه الفعاليات حيث تم افتتاح عدد من المعارض الأثرية المؤقتة، من أبرزها معرض “من العلامات الكتابية إلى الحروف الخطية: دور الكاتب والخط في مصر عبر العصور”، والذي أقيم بالتوازي في عدد من المتاحف، هي المتحف المصري بالتحرير، متحف الفن الإسلامي بباب الخلق، المتحف القبطي بمصر القديمة، ومتحف قصر محمد علي بالمنيل، حيث يعرض هذا المعرض تطور أدوات الكتابة والخطوط بدءًا من العلامات التصويرية في عصور ما قبل الأسرات وحتى العصر الحديث.
ومن أبرز القطع المعروضة لوحة تفسير الأحلام المكتوبة باليونانية، وتمثال الكاتب “ني ماعت سد” من الأسرة الخامسة، وتمثال كتلة يحمل كتابات سينائية نادرة (بالمتحف المصري)، ولوح خشبي لتعليم اللغة القبطية، وشاهد قبر بصليب العنخ، وصليب معدني بكتابات (بالمتحف القبطي)، لوح خطي بخط الثلث يعود لعام 1299 هـ، رقعة من خط ياقوت المستعصمي، وصفحة من مخطوط “الأدوية المفردة” (بمتحف الفن الإسلامي)، ومرقعتان بخطوط المحقق والنسخ والثلث، بخط الحاج أحمد كامل آقديك والسيد محمد شفيق (بمتحف قصر محمد علي).
كما تم تنظيم معارض متخصصة أخري تسلط الضوء على موضوعات تراثية متنوعة مثل "نوادر الساعات"، بمتحف قصر الأمير محمد علي بالمنيل يضم 20 ساعة جيب فريدة من مجموعة الأمير محمد علي توفيق، ومعرض "روائع الكريتلية"، بمتحف جاير أندرسون بالسيدة زينب، يضم مجموعة مميزة من الفنون الحرفية التراثية والمستمرة حتى الآن مثل الزجاج، تكفيت المعادن، والخشب المعشق.
ومتحف المركبات الملكية ببولاق، فيقدم معرض بعنوان "ساعات ملكية"، يضم ساعات نادرة مزينة بصور الملك فاروق، وزخارف نباتية وإنسانية مصقولة بالمينا أو مجسمة. ويعرض متحف ركن فاروق بحلوان معرضًا بعنوان "أيادٍ قوية"، يضم خمس قطع فنية تجسد دور الفلاح والفلاحة في عدد من الثقافات.
وفي متحف السويس القومي تم تنظيم معرض تحت عنوان "البيت والمجتمع: ثوابت ومتغيرات"، يعكس التغيرات المجتمعية وأثرها على تفاصيل الحياة اليومية، من الطعام والملابس إلى العلاقات الأسرية، وأدوات للتجميل، وملابس، ونقود، والعلاقات الأسرية، بالتحولات الكبرى في المجتمع، سواء سياسية أو دينية أو اقتصادية، ويظهر في الوقت نفسه ما تبقى من عادات وتقاليد.
ويختتم متحف كفر الشيخ هذه السلسلة من المعارض بمعرض بعنوان "وسائل الإنارة في العصرين اليوناني الروماني والإسلامي"، يعرض مجموعة من أدوات الإضاءة التي استخدمت في تلك الفترات التاريخية.
كما تنوعت الفعاليات العلمية والثقافية لتشمل محاضرات وندوات متخصصة ألقاها نخبة من الأساتذة والخبراء في مجالات الكتابة القديمة، والتراث غير المادي، والتكنولوجيا الرقمية، والاستدامة البيئية، والذكاء الاصطناعي في صيانة وترميم الآثار. وشهد المتحف المصري بالتحرير بالتعاون مع مركز الآثار الإيطالي تنظيم فعالية رائدة حول استخدام الذكاء الاصطناعي في حماية المومياوات والتراث الإنساني، بمشاركة علماء ومتخصصين من مصر وإيطاليا.
وتضمنت الأنشطة جانبًا تفاعليًا هامًا مع الجمهور، حيث تم تنظيم ورش عمل فنية للأطفال ومن ذوي الاحتياجات الخاصة، شملت الرسم، والتلوين، وإعادة التدوير، والحكي بالعرائس، وصناعة المجسمات، إلى جانب عروض فنية وموسيقية في كل المتاحف لإضفاء طابع احتفالي وتفاعلي مميز.
كما استضافت بعض المتاحف ملتقيات علمية حول دور المتاحف في التنمية المجتمعية والثقافية، مثل متحف إيمحتب بالجيزة، والمتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، ومتحف كفر الشيخ. وركزت هذه الملتقيات على مفاهيم الاستدامة، ودور التكنولوجيا الحديثة في تطوير العروض المتحفية، وتمكين المتاحف من أداء رسالتها في ظل المتغيرات المجتمعية المتسارعة.