الملتقى العلمي الدولي: تعزيز دور الذكاء الاصطناعي في الأمن والسلامة
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
انطلقت اليوم الأحد أعمال ”الملتقى العلمي الدولي الأول للأمن والسلامة“ الذي تنظمه جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية والهيئة العليا للأمن الصناعي بمقر الجامعة في الرياض، خلال الفترة من 17 إلى 18 ديسمبر 2023م، بمشاركة خبراء ومختصين من العاملين والمهتمين والممارسين في مجال الأمن والسلامة في المنشآت الحيوية في الدول العربية والمنظمات الدولية.
وفي بداية أعمال الملتقى ألقى محافظ الهيئة العليا للأمن الصناعي، المهندس عالي الزهراني، كلمة توجه فيها بالشكر لصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية رئيس مجلس إدارة الهيئة العليا للأمن الصناعي على دعم سموه الدائم وموافقته على عقد الملتقى، مؤكدًا أن الأمن والسلامة ليست مجرد أولوية بل قيمة أساسية ومهمة من قيم مؤسساتنا ترتبط دومًا بالنجاح والاستدامة.
أخبار متعلقة جامعة نايف العربية.. خبراء عالميون في مؤتمر علوم الأدلة الجنائية والطب الشرعيأمير الشرقية يرعى حفل افتتاح الملتقى والمعرض الدولي السادس للسلامة المروريةأمير الشرقية يفتتح الملتقى والمعرض الدولي السادس للسلامة المرورية غداً الاثنينانطلاق الملتقى العلمي الدولي الأول للأمن والسلامة - اليوم
تطورات مثيرةأشار إلى أن العالم يشهد اليوم الكثير من التطورات المثيرة للاهتمام في هذا المجال حيث تتزايد التهديدات وتستمر في التنوع والتجدد مع التقدم التقني حول العالم، وهي تطورات تمثل تحديًا ملموسًا لكنها في الوقت ذاته تفتح الكثير من الفرص للارتقاء بهذا المجال الحيوي الذي يحمل في طياته فرصًا وظيفية واعدة لشبابنا السعودي الطموح الذي يسعى لأن يؤدي دورًا مهمًا في تحقيق تطلعات وطنه وقيادته من خلال العمل على تأمين جانب من أهم جوانب الاحتياج البشري في أي مجتمع وهو جانب الأمن والسلامة.
من جهته أوضح رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية د. عبد المجيد البنيان أن الجامعة سعت منذ تأسيسها كجهاز علمي لمجلس وزراء الداخلية العرب إلى تنفيذ الشق العلمي من الإستراتيجيات الأمنية العربية من خلال تأهيل القدرات عبر برنامج عملها السنوي، كما أنها عملت منذ اطلاق إستراتيجيتها -2019 2023م على تقديم برامج أكاديمية نوعية في مجالات القانونِ الجنائي، العلومِ الجنائية، الجرائمِ السيبرانيةِ، الأدلةِ الجنائيةِ، عِلْمِ الجريمةِ، مكافحةِ الإرهابِ، الدراساتِ الاستراتيجيةِ، الأمنِ الوطني والجرائم الاقتصادية، وكذلك طرح برامج تدريبية في تخصصات الذكاء الاصطناعي والأمن الصناعي، وإجراء الدراسات التي تهدف إلى دعم صناعة القرار وإيجاد حلول ابتكارية.
انطلاق الملتقى العلمي الدولي الأول للأمن والسلامة - اليوم
دعم كبيرأكد د. البنيان أن كُلَّ ما حققته الجامعةُ لم يكن ليتحققَ إلا بتوفيق الله ثم بالدعمِ الكبيرِ الذي تلقاهُ الجامعةُ من القيادةِ الكريمةِ في دولةِ المقرِ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ، ما مكنها من أداء دورها وتحقيق إنجازاتها، رافعًا أسمى آياتِ الشكرِ والعرفانِ لمقام خادمِ الحرمين الشريفين الملكِ سلمان بن عبدالعزيز أل سعود أيده الله، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله.
وتقدم بالشكرِ والتقديرِ لصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف بن عبد العزيز آل سعود وزيرِ الداخلية الرئيسِ الفخري لمجلسِ وزراءِ الداخليةِ العرب رئيسِ المجلسِ الأعلى للجامعةِ لما يوليه سموُه من دعمٍ واهتمامٍ ورعايةٍ للجامعة ولكافةِ أصحابِ السمو والمعالي وزراءِ الداخلية العرب.
عقب ذلك عقدت جلسة حوارية بين الهيئة والجامعة تناولت التعاون بين الجانبين وآفاق تعزيز العمل المشترك، ثم بدأت أعمال الجلسة الأولى للملتقى حول محور ”سلامة العمليات والعوامل البشرية“ وتضمنت أوراقًا علمية عن «التحديات والفرص لسلامة العلميات في رؤية 2023 تقنيات سلوكيات الأداء»، و«العوامل البشرية في سلامة العمليات»، إضافة إلى «نموذج القصور البشري لتحسين ثقافة العاملين بالمنشآت الصناعية».
انطلاق الملتقى العلمي الدولي الأول للأمن والسلامة - اليوم
الأمن وإدارة المخاطرفيما ناقشت الجلسة الثانية محور ”الأمن وإدارة المخاطر“ أوراقًاً علمية عن «تعزيز الأمن من خلال التعاون»، و«إدارة المخاطر المؤسسية».
كما تضمنت الجلسة الثالثة حول محور ”الوقاية من الحريق“ تقديم أوراقًً علمية عن «نظام NFPA البيئي للسلامة من الحرائق والتقنيات الناشئة»، و«دور المختبرات وخدمات المعايرة في تعزيز السلامة والأمن الصناعي»، و«رحلة التحول في قطاع منع ومكافحة الحرائق بالشركة السعودية للكهرباء»، واختتمت جلسات اليوم الأول بنقاش ورقة عن «التحقيق في الحرائق من الأساطير إلى النزاهة».
وسيشهد الملتقى في يومه الثاني غدًا بمشيئة الله تعالى عقد ثلاث جلسات تتناول محاور «الأمن السيبراني، و«التخطيط للاستجابة للطوارئ والاستعداد لها»، و«ذكاء الأعمال».
انطلاق الملتقى العلمي الدولي الأول للأمن والسلامة - اليوم
كما سيتضمن اليوم الثاني تقديم عدد من المحاضرات العلمية عن ”تجربة جامعة نايف العربية في التدريب للأمن الصناعي والمنشآت الحيوية، و“ الاتجاهات الحالية لهجمات التصيد الاحتيالي على البنية التحتية الحيوية، و”أثر تجربة العميل في تحسين نتائج السلامة والأمن الصناعي“
يهدف الملتقى إلى عرض أحدث المستجدات العلمية في الأمن والسلامة، وتعزيز العلاقات بين الخبراء والمهتمين في هذا القطاع، إضافة إلى الاستفادة من التجارب والخبرات المحلية والدولية بهذا القطاع.
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: الرياض الذكاء الاصطناعي جامعة نايف العربية الرياض جامعة نایف العربیة الأمن والسلامة عبد العزیز
إقرأ أيضاً:
هل يهدد الذكاء الاصطناعي التعليم والجامعات ؟
وقع نظري مؤخرًا على مقال نشره كاتب أمريكي يُدعى «رونالد بروسر»، وهو أستاذ إدارة الأعمال بجامعة «سان فرانسيسكو».
نُشر المقال في مجلة «Current Affairs»، وهي مجلة سياسية ثقافية تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في 1 ديسمبر 2025.
تحدّث الكاتبُ في هذا المقال عن أزمة التعليم في ظل وجود الذكاء الاصطناعي، ويرى أن الجامعات الأمريكية عقدت الكثير من الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل شركة OpenAI، وأن هذا التوجّه يمثّل تهديدًا للتعليم ومستقبله، ويسهم في تفريغه من مضمونه الرئيس؛ بحيث يتحوّل التعليم إلى ما يشبه مسرحية شكلية فارغة من التفكير وصناعة الفكر والمعرفة الحقيقية.
يرى «بروسر» أن هناك تحوّلا يدفع الطلبة إلى استعمال الذكاء الاصطناعي بشكل مكثّف وغير منضبط في إنجاز الواجبات والأعمال المنوطة إليهم، وكذلك يدفع كثيرا من الأساتذة إلى الاعتماد المفرط عليه في إعداد المحاضرات وعمليات التقويم والتصحيح، وتدفع الجامعات ـ كما يذكر «بروسر» ـ ملايين الدولارات في إطار هذه الشراكات مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI؛ لتوفير النُّسخ التوليدية التعليمية وتسخيرها للطلبة والأكاديميين.
بناء على ذلك، تذهب هذه الملايين إلى هذه النظم التوليدية الذكية وشركاتها التقنية، في حين استقطعت الأموال من موازنات الجامعات؛ فأدى إلى إغلاق برامج أكاديمية في تخصصات مثل الفلسفة والاقتصاد والفيزياء والعلوم السياسية، وكذلك إلى الاستغناء عن عدد من أعضاء هيئة التدريس.
يكشف الكاتبُ في نهاية المطاف أن الجامعات بدأت تتحول من الاستثمار في التعليم ذاته إلى تسليم النظام التعليمي ومنهجيته وعملية التعلّم إلى منصات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يقلّص الاعتماد على الكوادر البشرية وعلى المنهجيات النقدية والتفكيرية.
كذلك يُظهر الكاتبُ الوجهَ المظلم للذكاء الاصطناعي والاستغلال الذي قامت به شركات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع بعض الجامعات ومؤسسات البحث العلمي، ويرتبط هذا الوجه المظلم بعملية فلترة المحتوى الذي يُضخّ في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية؛ حيث تُكلَّف فئات من البشر ـ في الغالب من الدول الأفريقية الفقيرة ـ بمراجعة هذا المحتوى وتصنيفه وحذف غير الملائم منه، مقابل أجور زهيدة جدا، وذلك بغية صناعة واجهة «آمنة» لهذه النماذج، وتقتضي هذه العملية في الوقت نفسه استهلاك كميات هائلة من الطاقة والمياه لتشغيل مراكز البيانات التي تقوم عليها هذه الأنظمة.
كما يكشف وجها آخر للاستغلال الرقمي، ضحاياه الطلبة في بعض الجامعات الأمريكية ـ خصوصا المنتمين إلى الطبقات العاملة ـ عبر استغلالهم لصالح مختبرات شركات وادي السيليكون؛ إذ تُبرَم صفقات بملايين الدولارات بين هذه الشركات وبعض الجامعات، دون استشارة الطلبة أو أساتذتهم، في حين لا يحصل الطلبة إلا على الفتات، ويُعامَلون كأنهم فئران تجارب ضمن منظومة رأسمالية غير عادلة.
أتفقُ مع كثير من النقاط التي جاء بها «رونالد بروسر» في مقاله الذي استعرضنا بعض حيثياته، وأرى أننا نعيش فعلا أزمة حقيقية تُهدِّد التعليم والجامعات، ونحتاج لفهم هذه الأزمة إلى معادلة بسيطة معنية بهذه التحديات مفادها أننا الآن في مرحلة المقاومة، والتي يمكن اعتبارها مرحلة شديدة الأهمية، لأنها ستُفضي في النهاية إما إلى انتصار التقنية أو انتصار الإنسان.
مع ذلك، لا أعتقد أن هذه المعركة تحتاج إلى كل هذا القدر من التهويل أو الشحن العاطفي، ولا أن نُسبغ عليها طابعا دراميًا مبالغًا فيه.
كل ما نحتاجه هو أن نفهم طبيعة العلاقة بيننا وبين التقنية، وألا نسمح لهذه العلاقة أن تتحول إلى معركة سنخسرها بكل تأكيد، نظرا إلى عدة عوامل، من بينها أننا نفقد قدرتنا على التكيّف الواعي مع المنتجات التقنية، ولا نحسن توظيفها لصالحنا العلمي والتعليمي؛ فنحوّلها ـ عن قصد أو بدون قصد ـ إلى خصم ضار غير نافع.
نعود بالزمن قليلا إلى الوراء ـ تحديدا تسعينيات القرن العشرين ـ
لنتذكّر المواجهة التي حدثت بين المنظومة التعليمية ـ من جامعات وأساتذة وباحثين ومهتمّين بالمعرفة ـ وبين موجة التهديدات الجديدة التي تزّعمها الإنترنت ومحركاته البحثية، وكان أحد أبرز هذه التهديدات ظهور ما يمكن تسميته بثقافة البحث السريع؛ حيث ابتعد الطالب والباحث عن الطرق التقليدية في البحث مثل استعمال الكتب والقراءة المطوّلة والعميقة، ولجأ إلى الإنترنت والبحث عن المعلومات في غضون ساعات قليلة، والاكتفاء بتلخيص الدراسات والكتب.
ولّد هذا التحوّل مشكلات أخرى، من بينها تفشّي ظاهرة الانتحال العلمي والسرقات الفكرية، ولكن، لم تستمر هذه المشكلة لفترة طويلة؛ فحُلّت تدريجيا بعد سنوات، وتحديدا مع ظهور أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقة العلمية، وظهور أنظمة تأقلمية ومعايير وقوانين تعليمية وأكاديمية عملت على إعادة تموضع الإنترنت داخل المنظومة التعليمية، وهكذا خرج النظام التعليمي والجامعات من تلك المواجهة رابحًا في بعض أجزائه وخاسرًا في أجزاء أخرى.
لا أتصور أن مشكلتنا الحالية مع الذكاء الاصطناعي تشبه تماما المشكلة السابقة التي أحدثها ظهور الإنترنت ومحركات البحث؛ فكانت التحديات السابقة -نسبيا- أسهل، وكان من الممكن التعامل معها واحتواؤها في غضون سنوات قصيرة. أما المشكلة الراهنة مع الذكاء الاصطناعي، فتكمن في سرعته التطورية الهائلة التي لا نستطيع حتى أن نتحقق من مداها أو نتنبّأ بوتيرة قدراتها الإبداعية؛ فنجد، مثلا ، أنه في غضون سنتين أو ثلاث فقط انتقل الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل«ChatGPT» من مرحلته البدائية إلى مرحلته المتقدمة الحالية، تجاوز فيها في بعض الزوايا قدرات الإنسان العادي في المهارات اللغوية، وأصبح يشكّل تحديًا حقيقيًا كما أشرنا في مقالات سابقة.
فيما يتعلّق بالتعليم والجامعات، وكما أشار الكاتب في المقال الذي استعرضناه؛ فنحن أمام مشكلة حقيقية تحتاج إلى فهم عميق وإعادة ترتيب لأولوياتنا التعليمية.
نقترح أولا ألا نتجاوز الحد المسموح والمقبول في استعمال الذكاء الاصطناعي في التعليم؛ فيجب أن تكون هناك حالة توازن واعية في التعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية في الجامعات، وكذلك المدارس.
وبصفتي أكاديميًا، أرى من الضروري أن نقنن استعمال الذكاء الاصطناعي داخل الجامعات عبر وضع معايير وقوانين واضحة، والسعي في الوقت ذاته إلى تطوير أدوات قادرة على كشف حالات الانتحال والسرقات العلمية المرتبطة باستعمال هذه التقنيات والنماذج الذكية، رغم صعوبة ذلك في المرحلة الحالية، ولكن من المرجّح أن يصبح الأمر أكثر يسرا في المستقبل القريب.
رغم ذلك، فلا يعني أنه ينبغي أن نمنع استعمال الذكاء الاصطناعي منعًا تامًا؛ فجلّ ما نحتاجه أن نُشرف عليه ونوجّهه ضمن حدود معيّنة؛ لتكون في حدود تعين على صناعة الإبداع البشري؛ فيمكننا أن نوجّه الذكاءَ الاصطناعي في تنمية مهارات الحوار والتفكير والتحليل لدى الطلبة إذا استُعملَ بطريقة تربوية صحيحة.
ولكن في المقابل يجب أن تُشدَّد القوانين والعقوبات المتصلة بحالات الانتحال والاعتماد الكلّي على النماذج التوليدية سواء في مخرجات العملية التعليمية أو في البحوث العلمية.
كذلك من الضروري أن نُعيد التوازن إلى دور أعضاء هيئة التدريس في الجامعات؛ فمن غير المعقول أن نترك صناعة المحتوى التعليمي مرهونة بالكامل للذكاء الاصطناعي، في حين يتراجع دور الأكاديمي وإبداعه الذي يمارس التفكير والنقد والإضافة المعرفية من عنده.
على صعيد آخر، أظهرت دراسات حديثة التأثير السلبي للاستعمال المفرط للذكاء الاصطناعي والاعتماد عليه على الدماغ البشري بشكل فسيولوجي مباشر؛ فيمكن أن يدخله في حالة من الضمور الوظيفي مع الزمن، خصوصا حال تخلّى الإنسان عن ممارسة التفكير لصالح الخوارزمية.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني