سودانايل:
2025-05-29@05:12:14 GMT

بين الدعم السريع والحركة الشعبية: نقض عهود (2-2)

تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT

أثار الصحافي عثمان فضل الله مسألة متعلقة بطبيعة قوات "الدعم السريع" وتراكيبها قلت إثارتها في الخطاب حولها. قال فضل الله إن الوضع في الحرب اقترب من الانفلات. وذكر للجيش عيوبه من هذه الجهة، لكنه قال إن دلائل هذا الانفلات أوضح ما تكون في "الدعم السريع". فتركيبة هذه القوات، بحسب قوله، اختلفت اليوم عنها في 15 أبريل يوم نشوب الحرب القائمة في السودان.

حيث كانت قوة شبه نظامية بقانون، لكنها انتهت في يومنا إلى تحالف من ست ميليشيات، بل واستصحبت جماعة مستنفرة معروفة بـ"أم باغة"-"الكسابة" تقاتل لأجل الغنيمة.
فلم يعد "الدعم السريع"، بحسب فضل الله، جيشاً موحداً وإنما مجموعات عسكرية يرغب قادة "الدعم" في التنسيق بينها. لكن "المؤشرات جميعها ترجح احتمالية تفككها وتحولها إلى عصابات تهاجم المدن من أجل السلب والنهب في ظل الضعف البائن على الأجهزة الأمنية والعسكرية". والمصادر عند فضل الله تشير إلى وعي قادة "الدعم" بهذا التطور السلبي وسعيهم لتحاشي مآلاته التي جلبت لهم تقريع أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي الذي اتهمه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ودفع وعي "الدعم السريع" بشرور الانفلات عليه للتعبير عن أسفه لأحداث العنف القبلي التي جرت في مدينة الدلنج وما حولها بولاية جنوب كردفان قبل أسبوع. ونعى فقد الأرواح جراء هذا العنف، ودمار الممتلكات، والاستقطاب القبلي دون المنتظر من الجميع في هذه المرحلة المفصلية في الحرب ضد فلول النظام القديم من وراء الجيش. فأدان "الدعم" بقوة العنف القبلي في الدلنج وما حولها، وأكد وقوفه على مسافة واحدة من المكونات القبلية. وناشد رموز المنطقة تفويت الفرصة على المتربصين بأمنهم واستقرارهم "لتحقيق مكاسب سياسية عجزوا عن تحقيقها في ميدان الحرب التي أشعلوها في الخرطوم". وجدد "الدعم" التزامه بتأسيس دولة المواطنة بلا تمييز في بلد تميز بالتنوع الذي يريدون له أن يكون عاملاً من عوامل القوة والثراء والاستقرار.
ولم تكن وقائع الدلنج التي استنكرها "الدعم السريع" نزاعاً قبلياً كما أراد لنا أن نفهم منها. إذ كانت في الواقع حربه هو ضد الحركة الشعبية - جناح الحلو، التي تقيم دولة لها في "أرض محررة" من إقليم جبال النوبة منذ 2011. وهي حربه نيابة عن جماعته العرقية من عرب البقارة ضد الحركة الشعبية وجماعتها من شعب النوبة. ودارت المعركة بينهما في قاعدة "التكمة" العسكرية (10 كيلومترات من الدلنج). فجاء "الدعم السريع" بآلاف المقاتلين واقتحموا القاعدة التي سيطر عليها الجيش الشعبي في أغسطس (آب) الماضي. وبعد ساعتين من القتال انسحبت قوات الجيش الشعبي ليضرم "الدعم السريع" النار في مساكن الأهالي وأغلبهم من النوبة ففروا إلى الدلنج، ثم عاد الجيش الشعبي بعد تنظيم صفوفه ليسيطر مجدداً على "التكمة". وتفرق سكان المدينة عرقياً تحت وابل القذف والنيران، فلاذ البقارة إلى منطقة سيطر عليها "الدعم السريع"، بينما اتجه النوبيون إلى الجبال الغربية التي يسيطر عليها الجيش الشعبي. واكتنف هذه التفرقة خطاب كراهية شديد بين الأطراف ترك الأسر المختلطة الأعراق منهما في حيرة من أمرها من جهة فرز كومها الذي تأوي إليه.
إذا لم نعد بيان "الدعم السريع"، الذي تبرأ فيه من حرب "التكمة" وعدها نزاعاً قبلياً ضريراً عمي عن المعركة الكبرى ضد الفلول وجيشهم، من بين خططه لتجلية صورته مما علق بها من عرقية، فلربما عددناه مبادرة منه لعدم توسيع شقة الخلاف بينه والحركة الشعبية. فباندلاع هذه الحرب بينهما خرقا اتفاقاً مبرماً بينهما في مايو (أيار) الماضي يكونان به معاً بندقية واحدة على الجيش. وتكفل "الدعم السريع" بالسيطرة على شمال وغرب ولاية كردفان، بينما تكفل الجيش الشعبي باحتلال كل حاميات الجيش في جبال النوبة. وانبنت هذه الخطة على فهم للصفاء العرقي جغرافياً لا مكان له من الإعراب في شأن التداخل التاريخي والاجتماعي بين الجماعتين. ووقع الصدام بينهما فاستدعت جماعة البقارة في شمالي مدينة الدلنج "الدعم السريع" لنجدتهم ففعل. ورتب في الأثناء أن يحتل الدلنج نفسها التي تسيطر عليها القوات المسلحة. وهو ما لم تقبل به الحركة الشعبية. فالدلنج زهرة مدائن جبال النوبة والأغلب في الجيش هم النوبيون أنفسهم بنسبة 40 في المية. ومع ما بدا على الجيش من حياد بينهما فإنه غض الطرف عن تحركات الجيش الشعبي في مدينة الدلنج وإقامة منصاته المسلحة ليرد الصاع صاعين على "الدعم السريع" متى حاول الهجوم على الدلنج.
الانفلات الذي يسم تكوين "الدعم السريع" وتراكيبه، الذي نوه به فضل الله، ناشب بمفاصله مهما يكن من أمر المواجهة بين "الدعم" والحركة الشعبية. فلم يكن بوسع الدعم الوفاء بميثاقه مع الحركة لأنه "فزع" (وهو الجماعة في البادية تفزع لنصرة الواحد منهم متى أصابه مكروه في ماله ونفسه) حاضنته العرقية وهم بقارة جنوب كردفان. فمتى استصرخوه لبى لا يسألهم في النائبات على ما قالوا برهاناً. وهذا ما حدث هذه المرة. فما تضررت الحاضنة حتى جاء "الدعم السريع" لنجدتها حتى لو خرق ميثاقاً مثل ميثاقه مع الجيش الشعبي الذي أخلى ما بينه وبين الجيش.
وسبق لـ"الدعم" التدخل لنصرة بقارة هذه المنطقة في أغسطس (آب) 2022 ولكن بصورة سلمية. فطلب الفريق محمد حمدان دقلو من سلفا كير، رئيس جمهورية جنوب السودان، التوسط عند عبد العزيز الحلو، زعيم الجيش الشعبي ليطلق سراح نفر من البقارة محتجزين لديه بدل زمالة السلاح بينهما في الحركة الشعبية لتحرير السودان في السودان القديم. وربما، وقد دق "الدعم السريع" والجيش الشعبي عطر منشم بينهما، أن عاودتهما أيام معركة طروجي بينهما في 2015. وكان نظام الإنقاذ قد بعث بـ"الدعم السريع" ليقتحم مقر الحلو الحصين فوق جبال النوبة (كاودا)، ومنّى الرئيس المخلوع عمر البشير نفسه بـ"الصلاة في كاودا" متى انهزم الحلو، أو كما قال. وخسر "الدعم السريع" المعركة وعاد بخفي حنين.
لربما تأخرنا كثيراً في فحص تكوين وتراكيب قوات مثل "الدعم السريع" التي ربما حملها واحد من احتمالات الحرب الثلاثة إلى سدة الحكم في البلاد.


IbrahimA@missouri.edu
//////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرکة الشعبیة الدعم السریع الجیش الشعبی بینهما فی فضل الله

إقرأ أيضاً:

قوات الدعم السريع تضرب هدفين استراتيجيين جنوب البلاد

الخرطوم- أصابت ضربة بمسيّرة نُسبت إلى قوات الدعم السريع الثلاثاء 28 مايو 2025، هدفين استراتيجيين في جنوب دولة السودان، بحسب مصدر عسكري، في وقت تعاني البلاد الغارقة في الحرب منذ عامين من تفشي وباء الكوليرا الذي اودى بـ172 شخصا في أسبوع.

وقال المصدر العسكري لوكالة فرانس برس إن "مليشيا الدعم السريع قصفت مستودعا للوقود في مدينة كوستي ومقر الفرقة 18 بمسيرة استراتيجية مما تسبب في إشعال النار بالمستودع".

وقال شهود عيان في المكان إنهم شاهدوا أعمدة دخان كثيفة، كما سمعوا دوي انفجارات في هذه المدينة الواقعة على بعد حوالى 350 كيلومترا جنوب الخرطوم في ولاية النيل الأبيض.

يشهد السودان منذ نيسان/أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للبلاد منذ انقلاب عام 2021، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".

وعلى الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة السودانية في بيان ارتفاعا حادا في حالات الكوليرا، إذ سُجلت 2729 إصابة و172 حالة وفاة خلال أسبوع واحد. وشهدت ولاية الخرطوم وحدها 90% من الإصابات الجديدة، بحسب المصدر ذاته.

وأشار تقرير سابق إلى أن 51 شخصا لقوا حتفهم في الأسابيع الثلاثة الأولى من أيار/مايو في البلد الغارق في الحرب، حيث نزح 70% من السكان وأصبح 90% من محطات ضخ المياه خارج الخدمة، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

قبل انسحابها الأسبوع الماضي، نفذت قوات الدعم السريع ضربات عدة بمسيّرات، لا سيما في ولاية الخرطوم ضد ثلاث محطات كهرباء، ما أدى إلى حرمان العاصمة من الكهرباء لأيام.

وقال المنسق الطبي لمنظمة "أطباء بلا حدود" في الخرطوم سليمان عمار الجمعة "انقطعت الكهرباء عن محطات معالجة المياه ولم يعد بإمكانها توفير المياه النظيفة من النيل".

وقال بشير محمد، أحد سكان أم درمان بولاية الخرطوم، لوكالة فرانس برس إن عائلته تشرب "مياها تُسحب مباشرة من النيل، وتشتريها من بائعين باستخدام عربات تجرها الحمير".

وقال طبيب في مستشفى النو في أم درمان لوكالة فرانس برس إن هذه المياه غير المعالجة هي "السبب الرئيسي لانتشار" الوباء.

الكوليرا مرض متوطن أصلا في السودان، لكن العدوى أصبحت أكثر تواترا وضراوة بسبب انهيار المنشآت الصحية والأضرار الناجمة عن الحرب.

تنتشر هذه العدوى المعوية الحادة عن طريق الطعام والماء الملوثين ببكتيريا ضمة الكوليرا، وغالبا من خلال البراز. ويمكن أن تؤدي إلى الوفاة خلال ساعات إذا تُركت من دون علاج.

- تدهور النظام الصحي -

وفي مواجهة التدفق الهائل للمرضى، أطلق المتطوعون في غرف الطوارئ نداءً عاجلا للمتخصصين في الرعاية الصحية من ذوي الخبرة لتعزيز الفرق الطبية في المستشفيات.

وقال أحد المتطوعين الذين اتصلت بهم وكالة فرانس برس إن الطاقة الاستيعابية للمستشفيات جرى تخطيها بدرجة كبيرة، وأصبح النقص في العاملين في مجال الرعاية الصحية محسوسا بشكل خطير. ولفت إلى أن "بعض المرضى يرقدون على الأرض في ممرات" المستشفيات.

وبحسب نقابة الأطباء، اضطر ما يصل إلى 90% من مستشفيات البلاد إلى الإغلاق موقتا في وقت ما بسبب الاشتباكات.

وقدّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في نيسان/أبريل أن ما 70% إلى 80% من المرافق الصحية في المناطق المتضررة أصبحت خارج الخدمة موقتا.

وقد أدت الحرب التي دخلت عامها الثالث إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح 13 مليون شخص، وتسببت بما وصفته الأمم المتحدة بأنه "أسوأ أزمة إنسانية" لا تزال قائمة في العالم.

مقالات مشابهة

  • "أطباء السودان" تتهم الدعم السريع باعتقال 178 شخصا بشرق دارفور
  • مصدر عسكري: «الدعم السريع» قصفت بمسيَّرة مستودعاً للوقود ومقراً للجيش جنوب السودان
  • ” الشعبية” تدعو لتصعيد الغضب الشعبي العالمي والعربي لوقف العدوان على غزة
  • هجمة بمسيرة.. الدعم السريع تضرب هدفين استراتيجيين في جنوب السودان
  • اتهامات للدعم السريع باختطاف وقتل فتيات بالفاشر
  • مسيرات الدعم السريع تهاجم للمرة الثالثة على التوالي المنشآت الحيوية جنوبي البلاد
  • قوات الدعم السريع تضرب هدفين استراتيجيين جنوب البلاد
  • في بيان أصدرته: “الدعم السريع” تؤيد العقوبات الأمريكية على الجيش لاستخدامه الأسلحة الكيمائية والتسبب بكارثة إنسانية
  • بتحرير الدبيبات الجيش السوداني افشل وابطل تحالف المليشيا والحركة الشعبية
  • هل استخدم جيش السودان الأسلحة الكيميائية ضد الدعم السريع؟