هجمات وكلاء إيران على القواعد الأمريكية: رسائل سياسية وتصميم بالاستمرارية
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
شفق نيوز/ اعتبر موقع "لوو فير" الأمريكي المتخصص بالنزاعات والقضايا القانونية، أن الهجمات التي تشنها الميليشيات او من يسميهم "وكلاء إيران" على القوات الامريكية في العراق وسوريا، هدفها توجيه "إشارات سياسية" الطابع الى واشنطن، وانه برغم ان هذه القوى لا تسعى الى افتعال مواجهة كبرى مع الولايات المتحدة، إلا أن المخاطر والتحديات لا تزال خطيرة وكبيرة.
وبعدما استعرض التقرير الامريكي، المنشور باللغة الانجليزية، وترجمته شفق نيوز، الهجمات التي تشنها الجماعات المدعومة من إيران في أنحاء المنطقة، وخصوصا في العراق وسوريا التي وصفها بانها الاكثر قلقا بالنسبة الى الولايات المتحدة، قال ان ايران تستخدم هذه الهجمات للاشارة الى الولايات المتحدة واسرائيل بأنها قادرة على توسيع الصراع، وان طهران من خلال حث وكلائها على شن الهجمات، فإنها تسعى أيضا الى الحفاظ على شرعيتها وتعزيزها بين وكلائها باعتبارها القوة المعارضة الرئيسية لاسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة، في حين أن "الوكلاء" يستفيدون من هذه الهجمات من اجل تحقيق اهدافهم السياسية المستقلة، مثل طرد القوات الامريكية من المنطقة.
واوضح التقرير انها ليست المرة الاولى التي يتم فيها استخدام الهجمات المدعومة من إيران على المنشآت الامريكية في العراق وسوريا، لتوجيه اشارات سياسية، مذكرا بامثلة كما جرى في نيسان/أبريل 2021، حيث وقعت سلسلة من الهجمات على القوافل اللوجستية وقاعدة بلد الجوية في الفترة التي سبقت اجتماع الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق. كما أنه في ديسمبر/كانون الأول 2018، وقع هجوم بعد يوم واحد من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقتها الى قاعدة الاسد الجوية الأمريكية.
وتابع التقرير قائلا إنه كانت هناك هجمات مماثلة في السنوات الـ5 الماضية ومحدودة بشكل متعمد من حيث عدد القتلى واستهدفت بدرجة اولى توجيه إشارات سياسية، حتى لا تستدعي رد فعل امريكي كبير.
ولفت التقرير الى ان الهجمات الاخيرة التي تخطت الـ100 هجوم على القوات الامريكية في العراق وسوريا، وبرغم أنها ظلت محدودة من حيث تأثيرها المدمر وبالتالي فانها كانت تحمل طبيعة سياسية، ولكنها تبدو أكثر استمرارية من ضربات الرسائل السياسية السابقة، حيث انه في الماضي كانت الضربات الجوية الامريكية تردع وقوع المزيد من الهجمات، الا ان الضربات الامريكية هذه المرة لم تحقق ذلك.
من يرسل الإشارات ولمن؟
وبعدما لفت التقرير إلى أن السبب الجذري للزيادة الاخيرة في الهجمات هو الحرب في غزة، قال إن رسالة "التضامن مع الفلسطينيين" العامة هذه تثير الكثير من الغموض، فيما يتعلق بأهداف إيران السياسية وأهداف وكلائها، موضحا انه يبدو ان هناك هدفين يدعمان علاقة ايران بالضربات: الاشارة الى قوتها الاقليمية لواشنطن لتوسيع الصراع في حال اختارت ذلك، والإشارة الى سيطرتها على الميليشيات المدعومة من إيران، مذكرا بتصريح وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان أمام الأمم المتحدة بان الولايات المتحدة "لن تنجو من هذه النيران" إذا استمرت العمليات العسكرية الاسرائيلية في غزة، وهي تصريحات رددها قائد قوة القدس الإيراني العميد إسماعيل قاآني، بينما قال المرشد الاعلى الايراني علي خامنئي، خلال زيارة رسمية لرئيس الوزراء العراقي في طهران ان ايران والعراق تحتاجان الى التعاون لممارسة ضغوط سياسية على الولايات المتحدة واسرائيل.
وتحدث التقرير عن معلومات استخباراتية تشير الى تشجيع طهران لوكلائها والى اجتماعات عدة عقدت بين قوة القدس وميليشيات عراقية، وكيفية الاستفادة من حزب الله للتصعيد في جنوب لبنان، والمقاومة الاسلامية في العراق، مشيرا الى تواصل التنسيق الاستراتيجي والعملياتي الذي يحدث داخل "غرفة العمليات المشتركة" التي يقودها فيلق القدس و"حزب الله" بين الجماعات العراقية والفلسطينية واليمنية في "محور المقاومة".
واوضح التقرير برغم ذلك، أنه من الصعب أن نعرف بشكل قاطع إلى اي مدى تتصرف الميليشيات بمحض ارادتها او بناء على طلب ايران، الا انه اشار الى ان سيطرة طهران على وكلائها محدودة، حيث أن السيطرة المطلقة أمر نادر بالنسبة للجهة الراعية. وعلى سبيل المثال، لفت التقرير الى ان عصائب اهل الحق، وحركة النجباء، وكتائب حزب الله، هم اعضاء بارزون في الهيكلية الامنية المتمثلة بالحشد الشعبي، وغيرهم من الجماعات العراقية الوكيلة، ولديهم احزابهم ومصالحهم السياسية الخاصة ومستقلون عن الاتجاه الإيراني بل ويتنافسون فيما بينهم فيما يتعلق بالسكان المحليين وإيران.
وتابع التقرير انهم يريدون القول ان هذه الميليشيات تريد ان تقول للسكان المحليين انها بمثابة لاعبين موثوقين في المنطقة ولديهم القدرة على الحاق الضرر باسرائيل والقوات الامريكية، مشيرا الى انه "سيكون من الصعب الحفاظ على موقع مهم في محور المقاومة من دون القيام ببعض الهجمات".
وتابع التقرير انه بالاضافة الى اظهار عملها من اجل غزة، فإن هذه المليشيات في العراق ربطت هجماتها بإخراج القوات الامريكية من العراق، وهو هدف معلن منذ سنوات، ويبدو ان الميليشيات تستخدم الازمة الحالية لتسريع عملية إخراج الأمريكيين.
لكن التقرير قال انه بينما تتخذ كل من إيران ووكلائها موقفا عدائيا للإشارة إلى نفوذهم وشرعيتهم، إلا أنه لا يبدو ان أيا منهم يمتلك حوافز لاستخدام اللحظة الحالية لايقاد صراع واسع النطاق مع الولايات المتحدة، وأن الهجمات التي تجري ضد الأمريكيين هدفها توجيه الإشارات السياسية، مذكرا بأن إيران فعلت ذلك في عامي
2021 و2022، من خلال الميليشيات لهدف يبدو أنه كان للضغط على الولايات المتحدة أثناء المفاوضات بشأن اتفاق نووي إيراني محتمل ولتحذير الولايات المتحدة من تعزيز الضغط الاقتصادي على إيران في حال فشلت المفاوضات.
وتابع قائلا ان العديد من المحللين يشيرون الى العدد المحدود من الهجمات والى ان ايران ووكلائها يسعون الى تجنب صراع أوسع نطاقا، ويؤكدون مجددا أن الهجمات تركز على اهدافهم السياسية المعلنة، وأنه لو كانت الميليشيات المدعومة من ايران تريد شن هجمات أكثر فتكا واثارة رد فعل أمريكي كبير، فإنه بمقدورها ذلك، مشيرا إلى أنها استخدمت في هجماتها الصواريخ والطائرات المسيرة، ولم تستخدم قدراتها الاكثر فتكا المتمثلة بصواريخ كروز والصواريخ الباليستية.
واضاف التقرير انه في حين أن إيران ووكلائها ربما يتصرفون بعدوانية، الا انه يبدو أنهم يحاولون تجنب الصراع المباشر مع الولايات المتحدة، حيث انهم لا يستخدمون النطاق الكامل لقدراتهم.
وتابع قائلا إن خطة إيران فرض تكاليف على الولايات المتحدة في العراق وسوريا وأماكن أخرى في المنطقة وانما من دون الحاق مستوى من الضرر من شأنه ان يؤدي إلى رد فعل أمريكي واسع النطاق.
وأشار إلى أن إيران تدرك أنها لا تستطيع الصمود أمام صراع تقليدي مع الولايات المتحدة.
واضاف انه على الرغم من أن إيران والجماعات الوكيلة لها من غير المرجح ان تسعى الى الحرب مع الولايات المتحدة، فان الاستمرار غير المسبوق للهجمات الاخيرة، يخلق تحديات تصعيد خطيرة للولايات المتحدة.
وحذر التقرير من الهجمات الحالية تختلف بشكل ملحوظ عن الهجمات السابقة في ثباتها و وتيرتها وتكتيكاتها، وهي تأتي بعد فترة هدوء طويلة بشكل غير عادي، حيث انه قبل 17 تشرين الأول/أكتوبر، لم تهاجم الميليشيات المدعومة من إيران القوات الامريكية في المنطقة منذ اوائل نيسان/ابريل، ولم تتعرض القوات الامريكية لاطلاق النار سوى بضع مرات في العام 2023، وهو انخفاض كبير عن السنوات الماضية.
وقال التقرير ان الهجمات على الأهداف الامريكية في العراق وسوريا متواصلة على الرغم من الضربات الجوية الانتقامية المتعددة التي شنتها واشنطن، مذكرا بأنه في الماضي كان الاستعداد للرد على الهجمات التي ادت الى اصابة جنود اميركيين جانبا حاسما في ردع هذه الجماعات عن شن هجمات أكثر جرأة، وكانت هجمات الميليشيات تتراجع بعد الردود العسكرية الامريكية، لكنها هذه المرة تظهر المزيد من التصميم، وتستمر في ضرب القوات الامريكية في المنطقة على الرغم من الضربات الجوية الاخيرة.
وختم التقرير بالقول انه اذا كانت الولايات المتحدة تسعى إلى إعادة تأسيس الردع، فإنه سيتحتم عليها أما تسلق سلم التصعيد فيما يتعلق بهجماتها، أو إيجاد طرق اقل علنية لردع وكلاء إيران.
ترجمة: وكالة شفق نيوز
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي طهران العراق سوريا القواعد الأمريكية الامریکیة فی العراق وسوریا القوات الامریکیة فی مع الولایات المتحدة المدعومة من إیران الهجمات التی التقریر انه من الهجمات التقریر ان فی المنطقة أن إیران الى ان
إقرأ أيضاً:
الجغرافيا المستباحة: القواعد الأمريكية ومسار صناعة الاضطراب في المنطقة
كعادتها، بنت الولايات المتحدة قواعدها بمزاعم واهية وهي في حقيقتها مخالب مغروسة في الجغرافيا والسياسة والاقتصاد، ومع كل جندي أمريكي وكل رادار يتم نصبه خارج أمريكا، ومع كل طائرة تحلق في سماء ليست سماءها، تتسع دائرة السيطرة وتتقلص مساحة القرار المحلي حتى يصبح البلد، مهما بدا كبيراً وعريقاً، مجرد محطة ضمن خارطة المصالح والهيمنة الأمريكية، فالمطارات تُفتح أمام الطائرات الأمريكية أكثر مما تفتح أمام طيران البلد نفسه، وتستباح الممرات البحرية وكأنها خطوط ملاحة داخلية، ويدار المجال الجوي بأجهزة ورموز لا يعرفها إلا الضباط القادمين من وراء الأطلسي.
ثروات البلدان هي الأخرى ليست بمنأى عن هذا الامتداد؛ فالقواعد، وإن تم الترويج لها كحاميات، هي في الحقيقة مفاتيح للموارد، وأينما وُجد النفط، ظهرت القواعد الأمريكية على هيئة دروعٍ عسكرية تضمن استمرار تدفّق الذهب الأسود، لا إلى خزائن الشعوب، وإنما تصب في مصانع وشركات الأمريكي، وحيثما توفرت الموانئ أو المضائق أو المواقع الاستراتيجية، تحوّلت البلدان إلى خرائط نفوذ تتقاسمها اللجان العسكرية، بينما تُعزل الحكومات في هامش ضيق لا يتجاوز تسيير شؤون داخلية لا تلامس حدود القرار السيادي.
ومع مرور الوقت، باتت القواعد الأمريكية السبب الرئيسي لزعزعة الاستقرار في دول عدة، وبعضها أشعل صراعات، ومنها ما كان منصة لعمليات عدوانية تجاوزت حدود البلدان المضيفة نفسها، وبعضها جعل تلك البلاد ساحةً مفتوحة لحروب ليست حروبها، وفي كل ذلك، تتراكم الأثمان على كاهل الشعوب وحدها فتراجعت التنمية، وسلبت هويات الشعوب وتغيرت ثقافاتها ، وكأن الوجود العسكري الذي قيل إنه للحماية أصبح جزءاً من صناعة الأخطار لا من مواجهتها.
وهكذا، لم يكن الأمر مجرد وجود عسكري عابر، بل مسار طويل صاغ واقعاً جديداً: دول ضعُفت، وثروات نُهبت، وخرائط سياسية تغيّرت، ونُظُم فقدت القدرة على تشكيل مستقبلها بيدها، وما بقي للشعوب إلا ذاكرة السيادة التي كانت، وحلم السيادة التي يجب أن تعود.
مهام القواعد الأمريكية في المنطقةتتوزع المهام التي تتولاها القوات العسكرية الأمريكية المنتشرة في منطقتنا، ولا سيما في المنطقة الوسطى، على مجموعة من الأدوار المحورية التي تكشف حقيقة انتشارها وغاياته، وفي مقدمة هذه المهام تبرز المهمة المركزية الكبرى المتمثلة في فرض السيطرة والهيمنة على المنطقة باعتبارها نطاق نفوذ أمريكي مغلق لا يُسمح لغير الولايات المتحدة بالاقتراب منه، فواشنطن تنظر إلى "الشرق الأوسط" كمساحة يجب أن تبقى تحت سلطانها المباشر، وتعمل على منع أي قوة خارجية من النفاذ إليه أو مزاحمتها فيه.
وليس وصف أمريكا للمنطقة بأنها “بحيرة أمريكية” بعيداً عن الواقع؛ فمن أجل هذا التصور تمددت قواعدها وانتشرت قواتها، في محاولة لترسيخ شرق أوسط جديد يخضع لإرادتها، وهو ما يعيد إلى الأذهان خطاب كونداليزا رايس عام 2006 أثناء العدوان على لبنان حين بشّرت بـ“الفوضى الخلاقة” التي قالت إنها ستفضي إلى ولادة شرق أوسط جديد، لم يكن مقصوداً منه سوى شرق يعاد تشكيله تحت الوصاية الأمريكية، وهذه هي المهمة الجوهرية الأولى، ومنها تتشعب بقية المهام الأخرى.
المهمة الثانية تتمثل في إحكام القبضة على المعابر والمنافذ الحيوية، وضمان تدفق النفط وحماية خطوط الإمداد وحرية الملاحة في أهم الممرات البحرية في العالم، فالمنطقة تحتضن شرايين التجارة الدولية " قناة السويس، وباب المندب، والبحر الأحمر، ومضيق هرمز" حيث تمر نسبة ضخمة من إمدادات الطاقة العالمية، وتصر الولايات المتحدة على أن تكون حرية الملاحة في هذه الممرات مضمونة للغرب قبل غيره، فيما يُنظر لحركة الشرق على أنها يجب أن تبقى تحت المتابعة والرقابة المستمرة، ولهذا فإن يمكن فهم مدى الانتكاسة التي منيت بها الولايات المتحدة بعد تمكن الجيش اليمني من بسط سيطرته على البحر الأحمر وطرد القطع البحرية الأمريكية لمئات الأميال ضمن معركة إسناد غزة.
أما المهمة الثالثة فهي حماية الكيان الإسرائيلي، وهي غاية ثابتة في العقيدة العسكرية الأمريكية، إذ تُراقب أمريكا المشهد عن كثب، وتستخدم انتشارها العسكري لتأمين التفوق العسكري الإسرائيلي ومنحه الدعم الإضافي، بما يضمن بقاءه في موقع القوة، وبالتالي فإن بروز اليمن كقوة فاعلة شكل تهديدا حقيقيا ضاعف من الهزيمة المعنوية لواشنطن بعد عجزها عن حماية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر واضطرارها لقبول الاتفاق مع الجيش اليمني مقابل حماية سفنها، تاركة سفن الكيان الصهيوني عرضة للنيران اليمنية.
المهمة الرابعة تتعلق بتأمين مخزون عسكري لوجيستي يمكن استدعاؤه سريعاً عند الحاجة، وقد بدا ذلك واضحاً مؤخراً عندما احتاج الكيان الصهيوني لأسلحة خلال عدوانه على غزة سارعت الولايات المتحدة لدعمه من قواعدها العسكرية المنتشرة في الإمارات وقطر .
وتأتي المهمة الخامسة في إطار تدريب الجيوش في الدول التي تنتشر فيها هذه القوات، وضبط مساراتها العسكرية بما ينسجم مع المصالح الأمريكية، ولهذا تُنظم مناورات مشتركة متفاوتة الحجم والأهمية، وتزداد دلالة هذا الأمر مع إقحام الكيان الصهيوني في مناورات تشارك فيها دول عربية حتى من غير المطبعة مع العدو.
أما المهمة السادسة فهي تأسيس نواة لأحلاف عسكرية، دائمة أو مؤقتة، تُصاغ لخدمة الاستراتيجية الأمريكية العليا، سواء كانت سياسية أو عسكرية.
ومن يتأمل خريطة الانتشار العسكري الأمريكي في منطقتنا، وما تتولاه هذه القوات من مهام، يدرك أن هذا الوجود ليس مجرد تعاون عسكري عابر، بل احتلال مكتمل الأركان يمارس الهيمنة وينتهك السيادة ويصادر الاستقلال، ويفتح الباب أمام الفتن والانقسامات التي تمزق المنطقة وتستنزف مقدراتها.
خارطة انتشار القواعد العسكرية الأمريكيةبلغ الوجود العسكري الأمريكي في منتصف عام 2025 المنطقة ما يزيد عن 50 ألف جندي، يتمركزون في قواعد كبيرة، والدول التي تضم أكبر عدد من القوات الأمريكية هي قطر والبحرين والكويت والإمارات والسعودية:
قطر (قاعدة العديد) الجوية
تعتبر قاعدة العديد الجوية في قطر هي أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، ويعود تاريخ إنشاؤها لعام 1996، حيث تم بنائها على مساحة تزيد عن 24 هكتارا، ويمكن للقاعدة استيعاب 100 طائرة، إضافة إلى استيعاب الطائرات من دون طيار، وفي الوقت الحالي تضم القاعدة ما يزيد 10 آلاف جندي أمريكي، وهي مقرا متقدما للقيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، وهذه القاعدة اتخذها الأمريكيين منطلقا للعمليات العدوانية على العراق وأفغانستان وسوريا.
يتواجد فيها الجناح الجوي رقم 379 و أساطيل التزود بالوقود الجوية والقوات الاستكشافية رقم 44 و340 و379 و434 و911 وجناح التحكم الجوي رقم 93، كما تحتوي القاعدة على ناقلات “KC-10” وقاذفات “KC135” وطائرات استطلاع الكترونية“EA6”.
بلغت تكلفة هذه القاعدة ما يقارب 1.4 مليار دولار، وفيها مدرج يبلغ طوله 2.8 ميل يستطيع أن يستوعب 120 طائرة، وقد تحدث الجنرال “جيسين أرماكوست”، قائد الجناح رقم 379، عن أهمية القاعدة قائلاً “إن هذه القاعدة لها مكانها الاستراتيجي في إدارة عمليات المنطقة الوسطى في الشرق الأوسط".
الإمارات (قاعدة الظفرة) الجوية
تعتبر قاعدة الظفرة الجوية قاعدة إستراتيجية تركز على الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخباراتية ودعم العمليات الجوية العدوانية الأمريكية، حيث تستضيف القاعدة طائرات متقدمة مثل مقاتلات الشبح "إف-22 بابتور" (F-22 Raptor) وطائرات المراقبة المختلفة، بما في ذلك الطائرات من دون طيار وطائرات الإنذار المبكر والمراقبة الجوية "أواكس" (AWACS)، ولذلك تعتبر الإمارات منطلقا للعمليات العدوانية ضد بلدان المنطقة، نظرا للدور المنوط بها في التخطيط للعمليات العدوانية.
البحرين (قاعدة الدعم البحري)
قاعدة الدعم البحري المسماة "إن إس إيه" الواقعة في البحرين تضم القاعدة البحرية الأمريكية وقد تم بناءها في موقع القاعدة البحرية البريطانية السابقة "إتش إم إس جيوفير" (HMS Jufair)، حيث تستضيف القاعدة في الوقت الحالي حوالي 9 آلاف من موظفي وزارة الدفاع الأمريكية، بما في ذلك العسكريون والمدنيون، وهي تعتبر موطنا للأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، ويتركز عمليها في توفير الأمن للسفن والطائرات والقطع العسكرية الأمريكية في المنطقة.
السعودية:
السعودية هي الأخرى تعتبر من أهم المراكز الأمريكية في منطقة الخليج حيث كان للقيادة العسكرية المركزية الأمريكية عند وقوع أحداث 11 سبتمبر 13 مرفقاً خاصاً بها في السعودية، بالإضافة إلى حقها باستخدام 66 مرفقاً تابعاً للقوات المسلحة السعودية. أما مقرها، فقاعدة الأمير سلطان الجوية، حيث توجد طائرات التجسس يو تو U-2 أيضاً.
القواعد الأخرى التي تستخدمها أمريكا بانتظام موجودة في الضهران (قاعدة الملك عبد العزيز)، والرياض (قاعدة الملك خالد)، وفي خميس مشيط وتبوك والطائف.
الكويت: (معسكر عريفجان)
يعتبر معسكر عريفجان في دولة الكويت قاعدة رئيسية للجيش الأمريكي، والقاعدة تقع على بعد حوالي 55 كلم جنوب شرق مدينة الكويت، وقد تم إنشاؤه في عام 1999، ويعمل مركزا رئيسيا للوجستيات والإمداد والقيادة للعمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة، وخصوصا ضمن منطقة عمل القيادة المركزية الأمريكية.
العراق (قاعدة أربيل)
وتستخدم قاعدة أربيل من قبل القوات الأمريكية لتنفيذ العمليات الجوية، خصوصا في شمال العراق وسوريا، حيث تقدم الدعم والمشورة للقوات الكردية والعراقية.
الأردن:
توجد في الأردن قاعدتان عسكريتان جويتان هما قاعدتا «الرويشد» و «وادي المربع» وبهما الكثير من المقاتلات الأمريكية، كما توجد في الأردن الوحدة 22 البحرية الاستكشافية الأمريكية، بميناء العقبة الأردني ففتح الباب أمام قوات العمليات الخاصة الأمريكية للتدرب وللقيام بمهمات انطلاقاً من الأردن.
وسمح لوكالة الأمن القومي NSA وللاستخبارات العسكرية الأمريكية بإقامة مراكز تنصت سرية على الحدود مع سوريا والعراق. وبعد أحداث 11 سبتمبر، قام أردنيون بعمليات محددة في الحرب الأمريكية على الإرهاب بالتنسيق مع منظمة "الثعلب الرمادي" Gray Fox الاستخباراتية السرية الأمريكية.
انصار الله