تضع هجمات الحوثيون، المدعومين من إيران، في البحر الأحمر كلا من الرئيس الأمريكي جو بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في "مأزق" وتضر بجهود مكافحة التضخم العالمي، بحسب آراء خبراء في تحليل بـ"المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية" (ISPI) ترجمه "الخليج الجديد".

وتضامنا مع قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يستهدف الحوثيون من اليمن، بصواريخ وطائرات بدون طيار سفن شحن في البحر الأحمر تملكها و/ أو تشغلها شركات إسرائيلية و/ أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.

ومنذ اندلاع الحرب، تقدم إدارة بايدن لحليفتها إسرائيل أقوى دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي ممكن، حتى بات منتقدون يعتبرون واشنطن شريكة في "جرائم الحرب" بغزة، حيث يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني.

وحتى أمس الجمعة، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة 20 ألفا و57 فلسطينيا وأصاب 53 ألفا و320 بجروح، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

وخلال زيارته إلى البحرين، حيث يوجد مقر الأسطول الأمريكي في الشرق الأوسط، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في 18 ديسمبر/ كانون الأول الجاري تشكيل تحالف دولي باسم "حارس الازدهار"، بهدف "ضمان حرية الملاحة لكل البلدان وتعزيز الأمن والازدهار الإقليميين".

ويضم التحالف 10 دول هي: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا والبحرين. فيما نسب موقع "بوليتيكو" الأمريكي لمسؤول رفيع في إدارة بايدن أن التحالف يضم 19 دولة، بينها دول عربية، ولكن 9 دول فقط وافقت على الإعلان عن مشاركتها.

اقرأ أيضاً

واشنطن تتهم طهران بالضلوع في هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر

توسيع الحرب

وقال كاميل لونس إن "هجمات الحوثيين تهدد حرية الملاحة في واحد من أكثر خطوط الشحن ازدحاما في العالم، وتخاطر بتوسيع الحرب في غزة إلى مسارح أخرى وتعقيد محادثات السلام اليمنية الجارية".

ومنذ أشهر يشهد اليمن تهدئة من حرب اندلعت قبل نحو 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات الحوثيين المسيطرين على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ عام 2014.

واعتبر لونس أن هذه الهجمات "تذكر بمدى هشاشة الأمن في البحر الأحمر، ففي السنوات الأخيرة عادت منطقة البحر الأحمر للظهور كساحة للصراعات والتنافس وعدم الاستقرار".

وتابع: "فالحروب الأهلية في السودان وإثيوبيا والإرهاب في الصومال وسيناء (مصر)، والتنافس المحتدم بين الولايات المتحدة والصين، قد تمتد يوما ما إلى البحر الأحمر وتعطل حرية الملاحة".

وأضاف أنه "يتعين على المجتمع الدولي أن يتصدى لهذه التحديات بشكل شامل إذا كان راغبا في تحقيق الاستقرار في المنطقة على المدى الطويل".

واستدرك: "لكن المشهد السياسي الإقليمي والدولي أصبح مجزأ للغاية؛ لذلك أصبح من الصعب توحيد القوات الدولية للحفاظ على الأمن البحري بشكل جماعي، وهذا ما نراه اليوم مع رفض معظم دول الخليج ومصر والصين المشاركة في التحالف بقيادة الولايات المتحدة".

اقرأ أيضاً

جيوبوليتيكال فيوتشرز: هل تستخدم إيران الحوثيين لتطويق السعودية؟

غياب الرد الحازم

"مع فتح جبهة في البحر الأحمر، يستغل الحوثيون الحرب بين (حركة) حماس وإسرائيل لتحويل الانتباه عن حكمهم الاستبدادي، وتوسيع الدعم الشعبي، وتعزيز مكانتهم الإقليمية"، بحسب إليونورا أرديماجني.

وأردفت: "وهذا يسمح لهم بتعزيز الضغط على السعودية للحصول على مزيد من التنازلات في محادثات وقف إطلاق النار، فهم لاعبون غامضون اعتادوا القتال والتفاوض في الوقت نفسه".

و"يراهن الحوثيون على حقيقة أن السعودية والولايات المتحدة لن تقوما بالرد بحزم ضدهم، فالرئيس بايدن لا يريد أن يبقى متورطا في صراع جديد خلال العام الانتخابي"، كما زادت أرديماجني.

ويأمل بايدن أن يفوز بولاية رئاسية ثانية عبر انتخابات رئاسية مقررة في نوفمبر/ تشرين الثاتني 2024.

أرديماجني أضافت: "ولا يزال (ولي العهد السعودي الأمير) محمد بن سلمان يعطي الأولوية للدبلوماسية ونغمة التهدئة لتجنب استئناف هجمات الحوثيين على الأراضي والمصالح السعودية، مع دخول تنفيذ رؤية 2030 (التنموية) مرحلة حاسمة".

وأحد أبرز أهداف هذه الرؤية هو تنويع وتوسيع اقتصاد المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، بعيدا عن الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات؛ في ظل تقلبات أسعاره وتحول العالم نحو الطاقة المتجددة غير الملوثة للبيئة.

اقرأ أيضاً

ميدل إيست آي: سوق النفط لم يتأثر بهجمات الحوثيين في البحر الأحمر.. وهذه هي الأسباب

مأزق رهيب

واعتبر ديفيد أوتاواي أن "هجمات الحوثيين على السفن التجارية التي تمر عبر مضيق باب المندب (يمر عبره نحو 12% من التجارة العالمية المنقولة بحرا من حيث الحجم،) والبحر الأحمر، وهما ممران دوليان حيويان، وضعت إدارة بايدن في مأزق رهيب".

وأوضح أن "الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن حرية الملاحة هناك، خاصة وأن 10% من إجمالي النفط المنقول بحرا يمر عبرها يوميا".

واستدرك: "لكن الهجمات الأمريكية الانتقامية ضد حكومة الحوثيين المتمردة تهدد بتوسيع الحرب بين إسرائيل وحماس إلى صراع إقليمي، وهو احتمال بذل بايدن جهودا كبيرة لتجنبه".

أوتاوي حذر أيضا من أنه "من الممكن أن تصبح محادثات السلام الجارية بين الحوثيين والسعودية لإنهاء الحرب الأهلية اليمنية ضحية أخرى. كما ورد أن بعض السفن التي تعرضت للهجوم كانت متجهة إلى السعودية وليس الموانئ الإسرائيلية".

وتابع: "ويجد السعوديون أنفسهم الآن في مأزقهم الخاص في تقرير كيفية التعامل مع التهديد الحوثي المتصاعد للشحن البحر الأحمر".

فيما قال روبرتو إيطاليا إن "الهجمات الحوثية على السفن التجارية العابرة لمضيق باب المندب والبحر الأحمر في الأسابيع الماضية بدأت في توليد موجات صادمة في جميع أنحاء الاقتصاد العالمي".

وأضاف أن شركات الشحن الكبرى تتخلى عن هذا الطريق التجاري المهم وتحول أساطيلها حول أفريقيا بسبب المخاوف الأمنية (...) والتكاليف الإضافية والتأخيرات تهدد بجعل مكافحة التضخم العالمي أكثر صعوبة".

وتابع: "وستتأثر حركة المرور عبر قناة السويس (المصرية) أيضا، فحوالي 5% من النفط الخام في العالم و10% من المنتجات النفطية و8% من تدفقات الغاز الطبيعي المسال المنقولة بحرا تمر عبر هذا الممر المائي. وبالنظر إلى أزمة الجفاف الموازية في منطقة قناة بنما، فإن مرونة سلاسل التوريد العالمية تتعرض مجددا لاختبار شديد".

اقرأ أيضاً

هجمات الحوثيين البحرية.. 3 خيارات للغرب كلها سيئة

المصدر | المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الحوثيون بايدن محمد بن سلمان مأزق البحر الأحمر إسرائيل الولایات المتحدة فی البحر الأحمر هجمات الحوثیین حریة الملاحة اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

هجوم أوكراني يخلف انقطاعا للكهرباء على حوالي 700 ألف شخص

شنت أوكرانيا، يوم ثلاثاء، هجومًا واسعًا بطائرات مسيرة استهدفت منطقتي زابوريجيا وخيرسون الخاضعتين لسيطرة روسيا، ووُصفت تلك عملية بأنها من أكبر الهجمات على هذه المناطق منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022، وذلك دون تعليق فوري من الجانب الأوكراني.

روسيا: مصرع 7 وإصابة 113 في هجمات إرهابية بمقاطعتي بريانسك وكورسكروسيا: الوضع في محطة زابوريجيا معقّد جداً بعد الهجوم الأوكرانيزيلينسكي: سنواصل مهاجمة روسيا حتى تتوقفروسيا تدعو لإجراء انتخابات رئاسية أوكرانية لتوقيع معاهدة سلام
نتيجة الهجوم الأوكراني

صرح مسئولون عينتهم روسيا، يوم الثلاثاء، أن هناك على الأقل 700 ألف شخص في مناطق واسعة من جنوب أوكرانيا الخاضعة لسيطرة القوات الروسية بدون كهرباء بعد هجمات بطائرات مسيرة وقصف مدفعي أوكراني نتج عنه تدمير محطات فرعية للكهرباء.

ووفقًا لرويترز، قال حاكم زابوريجيا المعين من روسيا، يفغيني باليتسكي، أن هناك أكثر من 600 ألف شخص في 500 بلدة تقريبًا في المنطقة بدون كهرباء بعد القصف الأوكراني الذي دمر البنية التحتية عالية الجهد.

وكتب باليتسكي على التيليجرام: "كنتيجة لقصف القوات المسلحة الأوكرانية، تدمرت البنية التحتية عالية الجهد في شمال غرب منطقة زابوريجيا". وأضاف: "لا يوجد كهرباء في أنحاء المنطقة. وتلقت وزارة الطاقة أوامر لتطوير مصادر للكهرباء في أسرع وقت ممكن. وتم تحويل منشئات الرعاية الصحية لتكون مصدر بديل للطاقة".
 

محطة زابوريجيا النووية

وكشف مسؤولون مدعومون من روسيا أن الوضع الحالي في محطة زابوريجيا النووية، وهي أكبر منشأة نووية في أوروبا والتى استولت عليها روسيا في عام 2022، تحت السيطرة ولكن معقد. و أضافوا أن مستويات الإشعاع طبيعية في المنشأة والتي تعمل في وضع الإغلاق ولا تولد الطاقة حاليًا.

اجتماع الوفدين في تركيا

وجاءت الهجمات بالطائرات المسيرة بعد ساعات من وصول وفدي روسيا وأوكرانيا في تركيا لبحث مفاوضات سلام حيث أعلنت موسكو أنها ستوافق على إنهاء الحرب في حالة تنازل أوكرانيا عن أجزاء جديدة كبيرة من أراضيها والموافقة على تحديد حجم جيشها.

وتدعي روسيا احقيتها بتلك المنطقتين، وهي من أكبر المناطق التي سيطرت عليها بالفعل وتحاول السيطرة على المزيد منها، والتي تعد جزءًا مما تعتبره من دفعها لضمان أمنها وتأمين مستقبل كلًا من الروس المنحدرون من أصول روسية والمتحدثين بالروسية.

ورفضت أوكرانيا تصور روسيا للصراع مشيرة أنه محاولة للاستيلاء على الأراضي بأسلوب استعماري من موسكو، متعهدة على إعادة تلك الأرضي التي فقدتها عن طريق مزيج من القوة والديمقراطية.

طباعة شارك أوكرانيا زابوريجيا خيرسون روسيا الحرب جنوب أوكرانيا القوات الروسية هجمات بطائرات مسيرة القوات المسلحة الأوكرانية محطة زابوريجيا النووية أوروبا تركيا موسكو

مقالات مشابهة

  • قائد بعثة "أسبيدس": زيادة حركة السفن في البحر الأحمر 60% بعد تراجع هجمات مليشيا الحوثي
  • بعد تراجع هجمات الحوثيين.. الملاحة تعود تدريجياً للبحر الأحمر
  • لماذا تتحرك واشنطن نحو السودان عبر مجموعة الرباعية؟
  • "ستريت جورنال": الحوثيون عدو صعب وشرس أرهقوا البحرية الأمريكية بعمليات معقدة (ترجمة خاصة)
  • وول ستريت جورنال: كيف استطاع الحوثيون قض مضاجع البحرية الأميركية؟
  • مفتي عمان: ترامب طلب من مسقط التوسط لوقف هجمات الحوثيين
  • البحر الأحمر يغيّر قواعد اللعبة: كيف أجبر الحوثيون أقوى بحرية في العالم على التعادل؟.. وول ستريت جورنال تجيب
  • هجوم أوكراني يخلف انقطاعا للكهرباء على حوالي 700 ألف شخص
  • لماذا انتصرت إسرائيل في لبنان وفشلت في اليمن؟: السعودية تفتح ملفاً مسكوتاً عنه
  • طارق يثير سخرية واسعة .. من الهزيمة إلى السفلتة (تفاصيل)