إن حضور قضية القدس في المشروع القرآني، لم يكن حضورا عابرا أو شكليا أو هامشيا أو تقليديا، وإنما كان حضورا مركزيا فعليا حقيقيا، وكان تبنيها موقفا إيمانيا نابعا من صميم الدين، ومن حقيقة الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وطبيعة الاستجابة الفعلية لأوامره ونواهيه جل وعلا، ولا تكاد تخلو ملزمة من ملازم هذا المشروع العظيم، إلا وقضية القدس حاضرة فيه، سواء من حيث التموضع الوجودي، أو من حيث تجسد صورة الصراع الكوني، بين أولياء الله وحزبه، وأولياء الشيطان وحلفه، وهو ما يبدو جليا في طروحات كثير من الملازم، من “يوم القدس العالمي”، إلى “من نحن ومن هم”، إلى “اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا”، إلى “لتحذن حذو بني إسرائيل”، وغيرها وغيرها كثير، حيث قدم الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي – رضوان الله عليه – أوضح الصور والشواهد، لطبيعة الصراع من اليهود وطبيعة دورهم التضليلي الإفسادي، وخطورة توليهم وتصديقهم والركون إليهم، وكيفية معاملتهم، واستراتيجيات مواجهتهم، وإفشال مؤامراتهم ومخططاتهم.


لذلك يمكن القول إن العدوان الصهيوسعوأمريكي على اليمن، بكل مظاهره وجرائمه ومجازره، كان بمثابة الثمن الباهظ، الذي دفعه اليمنيون مسبقا، على مدى تسعة أعوام، نظير موقفهم المبدئي والثابت، من قضية فلسطين أرضا وإنسانا، ذلك لأن ارتباطهم بالقضية المركزية المحورية، لم يكن من قبيل التعاطف الإنساني، أو التعصب القومي فقط، بل كان أداءً للواجب الديني أولا وقبل كل شيء، كونها تمثل الركيزة الأساس، في المشروع القرآني العظيم، الذي أعاد الشعب إلى مساره الإيماني الأصيل، وأعاد للدين قيمته الاعتبارية والروحية، وأكد على طبيعة المسئولية، وحقيقة الاستخلاف الإلهي، وطبيعة الصراع الأزلي، ضد قوى الشر والاستكبار والضلال، الذين نص عليهم الله سبحانه وتعالى بقوله:- “لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا”، وهو أعلم بهم منا، حيث يقول جل وعلا:- “والله أعلم بأعدائكم”، ونهانا عن موالاتهم أو التقرب إليهم، أو موادتهم في أي صورة من الصور، أو تحت أي ذريعة من الذرائع، فقال وهو الحكيم العليم:- “يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء. بعضهم أولياء بعض. ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين”.
كانت القدس ومازالت هي ركيزة المشروع القرآني الحضاري، الذي تشرَّبه اليمنيون واعتصموا به، فاستعادوا هويتهم الإيمانية، ودورهم الريادي، وحققوا به انتظارهم الخالد، على قوى تحالف العدوان والحصار العالمي، حيث ترجموا مفردات ذلك المشروع العظيم، اعتقادا وسلوكا، ولم ينسوا القدس أو يتخلوا عنها، حتى وهم يخوضون أشرس المعارك، ويقاسون أسوأ الظروف والصعوبات، مؤكدين في كل مناسبة وموقف وحادثة، أن القدس هي البوصلة، وأن الكيان اليهودي الصهيوني الغاصب، هو العدو الأول، ومن خلفه أمريكا وأخواتها، وأن تحرير القدس وفلسطين قاطبة، هي مسئوليتهم الأولى، وغايتهم العظمى، التي لا يثنيهم عنها أي شيء.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

ركيزة أساسية في دولة القانون..المفتي يهنئ رئيس مجلس الدولة بتوليه المنصب

زار الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، اليوم الاثنين، المستشار  أسامة يوسف شلبي، رئيس مجلس الدولة؛ لتقديم التهنئة له بمناسبة توليه منصبه الجديد.

مفتي الجمهورية يهنئ رئيس هيئة قضايا الدولة بالمنصب رسميًّارئيس مجلس الدولة يستقبل مفتي الجمهورية لتهنئته بالمنصب الجديد

وأعرب مفتي الجمهورية، خلال اللقاء، عن خالص تهانيه للمستشار أسامة يوسف شلبي، متمنيًا له دوام التوفيق والسداد في حمل أمانة هذا المنصب الرفيع، مؤكدًا أن مجلس الدولة، بما يتمتع به من مكانة دستورية ودور قضائي فريد، يشكِّل ركيزة أساسية في بناء دولة القانون، وقلعة راسخة للعدالة الإدارية، من خلال اضطلاعه برقابة مشروعية القرارات الإدارية، وصون العلاقة بين الإدارة والمواطن في إطار من النزاهة والانضباط والاتساق مع مبادئ الدستور وروح العدالة.
 
وأشار المفتي، إلى أن مجلس الدولة كان وما زال أحد أبرز أعمدة البنيان القضائي المصري، بما يملكه من رصيد تاريخي مشهود، وبما يحتضنه من كوادر قضائية وقانونية مرموقة، تسهم في صيانة المنظومة الإدارية للدولة، وتُعلي من شأن الضوابط الدستورية والقانونية التي تحفظ للمواطن كرامته، وللدولة هيبتها.

من جانبه، أعرب المستشار، أسامة يوسف شلبي، رئيس مجلس الدولة، عن تقديره البالغ لزيارة مفتي الجمهورية، مشيرًا إلى أن هذه الزيارة تعبِّر عن روح المسؤولية المشتركة، وتعكس عمق ما يجمع بين المؤسسات الوطنية من تكامل في الأدوار وتلاقٍ في الغايات، مشيدًا بما تنهض به دار الإفتاء من جهد جاد في ترسيخ الوعي الرشيد، وتقديم الخطاب الشرعي المتزن الذي يراعي تطورات العصر ويحفظ ثوابت الأمة، مؤكدًا أن التعاون بين المؤسسات القضائية والدينية يسهم في تعزيز مناخ الانضباط العام، وبناء وعي مجتمعي قائم على الفهم العميق للشريعة والقانون في مواجهة التحديات التي تتطلب تضافر الجهود وحسن إدارة المسؤوليات.

طباعة شارك مفتي الجمهورية الإفتاء مجلس الدولة رئيس مجلس الدولة المؤسسات الوطنية المؤسسات القضائية

مقالات مشابهة

  • جامعة جازان تُشارك في ملتقى “جسور التواصل الحضاري” بجناحٍ نوعي ونخبةٍ من الأكاديميين
  • أمير الشرقية: القيادة أولت التعليم اهتمامًا بالغًا باعتباره ركيزة التنمية
  • معقولية نظرية التكليف الإلهي مقابل قصور الأطروحة القانونية العلمانية.. كتاب جديد
  • عبد الفتاح العواري: أخوة الإسلام هي النسب الأصيل الذي انصهرت فيه الأعراق
  • إسرائيل تستولي على 744 دونماً شرق رام الله
  • وزير دفاع الإحتلال يدعو اليهود لحرق منازل الفلسطينيين
  • ركيزة أساسية في دولة القانون..المفتي يهنئ رئيس مجلس الدولة بتوليه المنصب
  • يديعوت: هكذا يعيش اليهود في إيران.. لماذا لا يهاجرون إلى إسرائيل؟
  • رئيس مدينة الغردقة يتفقد مشروعات التطوير: متابعة حديقة الفيروز وممشى النصر لتعزيز الجمال الحضاري
  • بعد الإنذار الذي وجه إليهم.. أصحاب البسطات في الميناء يستجيبون لقرار البلدية