القرار الذي أصدرتة وزارة التجارة بالولاية الشمالية أقصى شمال السودان مؤخرا الخاص بحصر إستيراد الدقيق إلا عبر السجل التجاري أثار هواجس ومخاوف المستوردين والغرفة التجارية من حدوث ندرة في أحد أهم السلع الغذائية وهي الدقيق خاصة في ظل ظروف الحرب ونزوح حوالي مليون مواطن للشمالية من الخرطوم ومؤخرا من ولاية الجزيرة.

تقرير _ التغيير

الغرفة التجارية بالشمالية لم ترفض قرار وزارة التجارة لكنها أشارت لصعوبة إدخال كافة المستوردين في السجلات التجارية في الوقت الحالي الذي بدأت فيه بوادر أزمة وندرة في السلعة الأمر الذي يتطلب معالجات سريعة من بينها تفعيل تجارة الحدود مع مصر مطلع العام الجديد.

نص قرار التجارة

 

وزير التجارة والتموين الفاتح عبدالله يوسف اصدر القرار رقم (8) والذي قضي بوضع ضوابط لإستيراد سلعة الدقيق عبر المعابر البرية وذلك في إطار تنظيم وضبط استيراد سلعة الدقيق وتشجيع الإنتاج المحلي وصولا لمنافسة الدول في المحيط الإقليمي لهذه السلعة .

و أشار نص القرار إلى حتمية تطبيق ضوابط استيراد سلعة الدقيق بالمعابر البرية أسوة باستيرادها بالمعابر البحرية وأن يتم الاستيراد بتقديم فاتورة الشراء المبدئية واعتمادها من وزارة التجارة والتموين قبل الشروع في الاستيراد.

 

وشدد القرار على أن عمليات الاستيراد تتم وفقاً للإجراءات المصرفية وتقديم فورم (IM ) كما أشار القرار إلى إبراز سجل المصدرين والمستوردين والحصول على موافقة الجهات الصحية والزراعية وموافقة الهيئة السودانية للمواصفات والمقايس.

كما دعا القرار الجهات المعنية وضع القرار موضع التنفيذ الفوري.

على صعيد متصل أصدر الوزير القرار رقم (7) لسنة 2024 م على خلفية دخول سلعةالدقيق بكميات كبيرة ومكدسة بالمعابر البرية حيث قضي القرار إيقاف التسويات بالجمارك السودانية على،سلعة الدقيق سعيا لضبط استيرادها والالتزام بجميع الإجراءات المتبعة في عمليات الاستيراد وفقا لمنشورات بنك السودان المركزي للعام الحالي.

خسائر فادحة

و أوضح بكري إدريس الأمين العام للغرفة التجارية لـ «التغيير» أن بوادر أزمة الدقيق باتت وأضحة من خلال الطلب العالي للسلعة في السوق في مقابل قلة العرض وبالتالي أرتفاع سعرها .

وأشار إدريس إلى أن بعض التجار قليلي الخبرة في المجال من الذين دخلوا السوق مؤخراً بعد الحرب، لحقت بهم خسائر فادحة بعد تلف كميات من الدقيق خلال الفترة السابقة نتيجة لسؤء التخزين ممادفعهم لترك المجال.

أيضا من الأسباب أرتفاع تكلفة الإستيراد من بلد المنشأ (مصر ) وأرتفاع الدولار الجمركي بجانب زيادة تكلفة الترحيل بالإضافة للتعقيدات المصاحبة للإستيراد والمتعلقة بإيقاف التسويات وربط الصادر بالسجل فقط .

 

وأكد بكري على أهمية المرونة في الجمارك والتسويات وإعادة النظر في الدولار الجمركي حتي لو تم تحديد سعر مختلف وأقل جمركيا للدقيق فضلا عن العمل على تخصيص وقود مدعوم للنقل لتقليل التكلفة حتي يصل المنتج بسعر مناسب للمستهلك مشيرا إلى أن قرار تفعيل تجارة الحدود مع مصر من شانه ان يساهم في إنسياب السلعة وتوفرها .

تأثير قرار وزير التجارة

واتفق لطفي العالم المستشار بالغرفة التجارية مع ماذكره الأمين العام للغرفة بأن أسباب الندرة تعود لخروج عدد من التجار من السوق من أصحاب الخبرات الجديدة الذين تعرضوا لخسائر فادحة تأثر بها السوق وأصبح الطلب اكثر من العرض .

واعتبر العالم في حديثه لـ «التغيير»  أن قرار وزير التجارة بإيقاف التسويات أضر ايضا بتجار الدقيق الذين كانوا يعتمدون علي التسويات مما قلل من عدد المستوردين.

وتوقع العالم أن تستمر الندرة لنهاية العام ومطلع السنة الجديدة لحين تجديد السجلات .

وقال : «يمكن بعدها أن يحدث إنفراج خاصة اذا ماتم تفعيل تنشيط تجارة الحدود بين مصر والسودان».

لافتا إلى أهمية سد الفجوة بواسطة المطاحن المحلية.

التكدس والمعالجات

ووصفت حنان أحمد عبد الرحمن مدير مكتب وزارة التجارة والتموين بالولاية الشمالية ماحدث و ماتم في إستيراد سلعة الدقيق حتي أدى للتكدس بأنه أمر طبيعي جراء الحرب وتداعياتها وقالت :بدايات الصدمة الأولى دائماماتحدث نوع من الفوضى ولكن مع تجاوز هذه المرحلة لابد وأن تعود الامور الى المسار الطبيعي وهو ماعملت عليه الوزارة حاليا.

وأشارت إلى حدوث العديد من التعقيدات كنتاج للحرب مثل توقف النظام الإلكتروني الخاص بالصادر والوارد الذي يربط بنك السودان ووزارة التجارة والجمارك وهو النظام الخاص بتكملة إجراءات التجارة الخارجية كذلك تعقيدات أخرى متعلقة بالنظام المصرفي إضافة لفقدان عدد كبير من المصدرين والمستوردين لمستنداتهم الخاصة بالتجارة الخارجية مثل عقودات الصادر والسجلات التجارية.

وقد تكون هذه من الاسباب التي دعت عدد كبير من التجار مع الحاجة الماسة للسلع خاصة الغذائية، لعقد اتفاقات وأدخال هذه السلع دون تكملة الإجراءات الخاصة بوزارة التجارة مما شجع علي دخول عدد من التجار غير المتخصصين في المجال بالتالي ترتب على ذلك حدوث تكدس كبير للبضائع بالمعابر لفترات زمنية طويلة تجاوزت أحيانا الشهر أو ما يقارب الشهرين مما استدعى تدخل الجهات ذات الصلة بمنظومة التجارة لتقوم كل جهة اختصاص بتحمل ما يليها من مسؤليات .

و أكدت أن بنك السودان وضع ضوابط الاستيراد الورقي المؤقت وقامت وزارة التجارة بوضع ما يليها من ضوابط تجارة خارجية سواء في مجال الصادر او الوارد.

ووصفت حنان القرارات التي صدرت من التجارة بأنها ستسهم بصورة إيجابية في تنظيم حركة التجارة صادرا وواردا ومن ضمنها قرار وزير التجارة الذي حمل الرقم (7) الخاص بضوابط إستيراد الدقيق والذي الزم التجار بتكملة إجراءات الإستيراد عبر وزارة التجارة مع التأكيد على موافقة من جهات الإختصاص الصحة والمواصفات و يأتي ذلك في أطار الحد من عمليات التكدس حفاظاً على صحة وسلامة المستهلك لجهة أن تكدس البضائع تترتب عليه نتائج يمكن أن تكون كارثية على صحة المواطن ولا معنى لتحقيق وفرة زائدة عن الحد مع تضرر صحة الانسان.

واكدت أن وضع الضوابط في كافة الجوانب هي مسؤولية السلطات المختصة لضمان أمن وصحة وسلامة الانسان.

انعكاسات إيجابية

تقول حنان : نحن على ثقة بأنه لا تخوف من أي انعكاسات أو أثار سالبة للقرار و أوضحت أن القرار يضمن دخول سلعة بتكلفة أقل كما أن الالتزام بالضوابط يعني عدم إجراء تسويات أو سداد غرامات نتيجة لتجاوز الضوابط كذلك ضمان دخول سلعة بمواصفات تراعي الصحة والسلامة .

و أضافت: لدينا قناعة بوجود موردين لهم من الإمكانيات لتغطية احتياجات السوق سواء بالولاية الشمالية او ولايات أخرى.

ونوهت حنان إلى أن مكتب وزارة التجارة والتموين بالتنسيق مع بنك السودان و إدارة التجارة بالولاية والغرفة التجارية بالولاية تمكن من التوصل لإتفاق بتمديد اتفاقية تجارة الحدود بما يسمح للتجار الذين قاموا بالتصدير من قبل للإستيراد بقيمة الصادر سلع ذات أولوية قصوى الدقيق احدها مع الالتزام بضوابط الاستيراد .

الوضع الأقتصادي

الباحث الأقتصادي أحمد عبدالمنعم قال إن تعقيدات التجارة الخارجية مع دول الجوار جاءت كنتاج طبيعي للحرب للحرب الدائرة في البلاد منذ (15) أبريل الماضي.

وأضاف: الوضع المثالي في الأقتصاد تقليل الإستيراد وزيادة الصادر بما يساهم في المحافظة علي العملات الصعبة وكما نعلم الولاية الشمالية من الولايات المنتجة لسلعة القمح وساهمت خلال أزمة الخبز الشهيرة في الخرطوم في العام 2021 بمد العاصمة بكميات كبيرة من المخزون الإستراتيجي الذي يبدو أنه تأثر بسبب هذا الأمر بجانب الضغط علي الولاية التي تضاعف عدد سكانها نتيجة نزوح الآف اليها مماشكل ضغط علي الخدمات والغذاء.

وقال إن مسؤولية اتخاذ القرارات المتعلقة بالصادر الوارد تقع على عاتق الجهات المحلية التي أصدرتها والقاعدة تتطلب مراعاة المصلحة العامة للمواطنين بمايضمن توفر السلعة بجودة عالية وفق المواصفات ويمنع المضاربات وألتلاعب في الصادر .

وأشار أحمد إلى أن الدولة لم تصدر حتي الآن ميزانية طوارئ أو حرب ولم تتحدث حتي عن موجهات الموازنة الجديدة لبنك السودان للعام 2024 وبالتالي القرارات تصبح مسؤولية وزارة التجارة بالولاية بالتنسيق مع الغرف التجارية والجهات المختصة لإدارة الأزمة خاصة في ظل عدم وجود احصائيات دقيقة لحجم الاستهلاك وعدد السكان.

الوسومإستيراد الشمالية دقيق ضوابط ولاية

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إستيراد الشمالية دقيق ضوابط ولاية

إقرأ أيضاً:

حليب الأطفال .. سلعة نجاة مفقودة وسط حرب الإبادة

الثورة  / متابعات

في قطاع غزة، حيث الموت يتسلل من كل زاوية، لم تعد القنابل وحدها تقتل الأطفال. اليوم، يُولد الرضّع في أحضان مجاعة زاحفة، تفتك بأجسادهم قبل أن يعرفوا معنى الحياة، وتحولت عبوة حليب الأطفال إلى “سلعة نجاة” قد تُهدى أو تُهرب، لكنها نادرًا ما تُشترى.

في مستشفى ناصر بخان يونس، يئنّ قسم الأطفال تحت وطأة ما وصفه الأطباء بـ”أسوأ كارثة إنسانية يشهدها القطاع الصحي منذ عقود”.

رضّع على حافة الهلاك

الدكتور أحمد الفرا، رئيس القسم، يقول بصوت مخنوق: “ما لدينا من حليب صناعي قد يكفينا لأيام قليلة فقط. الأطفال يموتون أمام أعيننا، ولا نملك ما نقدمه سوى الحسرة”.

الأسوأ، بحسب الفرا، أن حليب الأطفال المخصص للمواليد الخدج قد نفد تمامًا، مما اضطر الأطباء لاستخدام الحليب العادي رغم عدم ملاءمته لحالات الولادة المبكرة.

يضيف: “نحن مجبرون على الاختيار بين السيئ والأسوأ. هذه ليست ممارسة طبية.. هذه مجازر سريرية بحق الأبرياء”.

مدير الإغاثة الطبية في غزة يقول: الاحتلال يتعمد عدم إدخال أي نوع من الحليب ومئات الأطفال يعانون من سوء التغذية، ولا مقومات غذائية تعوض الأطفال في القطاع عن غياب الحليب .

أمهات يتضورْن جوعًا

في مخيم النصيرات، تجلس هناء الطويل، أم لخمسة أطفال، على بطانية ممزقة، تمسك طفلها الصغير وقد خفّ وزنه حتى بات أقرب إلى شبح.

تقول بصوت متهدج: “لا أملك في صدري حليبًا. جسدي جائع… كيف أُرضع؟ أحتفظ بقطعة خبز بجانبي لعلها تخفف بكاءه ليلًا”.

طفلها، كما تقول، تأخر في المشي والكلام. إنها ترى علامات الهزال وقصور النمو تترسخ في جسده، تمامًا كما يترسخ الخوف في قلبها.

أرقام مفجعة وحصار يسرق الطفولة

وفقًا لوزارة الصحة في غزة، توفي حتى الآن 66 طفلًا نتيجة الجوع المباشر، بينما يدخل يوميًا أكثر من 112 طفلًا المستشفيات للعلاج من سوء التغذية، بحسب منظمة الصحة العالمية.

الدكتور ثائر أحمد، عضو وفد طبي يسعى لإدخال المساعدات عبر منظمة “آفاز”، يحذّر: “هذه ليست أزمة طعام.. إنها حملة تجويع ممنهجة، الأطفال هم أول ضحاياها”.

ويؤكد: “لا يمكن للعالم أن يبقى صامتًا بينما يُستخدم التجويع كسلاح حرب ضد الرُضّع. التاريخ لن يغفر”.

تهريب الحليب.. مهمة مستحيلة

تروي الدكتورة ديانا نزال، جراحة العيون الفلسطينية-الألمانية، كيف صادر جنود الاحتلال 10 عبوات حليب أطفال من حقيبة طبيب أمريكي تطوع للمساعدة في غزة.

ما الذي يخيفهم من حليب الأطفال؟ أي تهديد يمثله الرضيع؟ تتساءل نزال، مضيفة: إنها لحظة عبث مطلق: أن تُعامل عبوة حليب كقنبلة، بينما يُترك الأطفال يواجهون المجاعة دون شفقة أو إنسانية.

سوق سوداء في زمن المجاعة

في السوق الموازية، قفز سعر عبوة الحليب إلى ما يقارب 50 دولارًا، أي عشرة أضعاف ثمنها الطبيعي، ما جعلها حلمًا بعيد المنال للأمهات الغزيات.

نورهان بركات، نازحة في خان يونس، تقول: “لم أعد قادرة على الرضاعة الطبيعية بسبب الجوع. أبكي بصمت كلما سمعت ابنتي تبكي”.

أم غزية تعاني من سوء التغذية تضطر إلى إطعام طفليها الرضيعين عدسا مسلوقا، في ظل غياب تام لجميع أنواع الحليب، الذي إما فقد من رفوف غزة، أو أصبح بسعر لا تقوى على شرائه.

العالم يشاهد.. ولا يتدخل

منظمة العفو الدولية وصفت الحصار بأنه “تكتيك إبادة جماعية”، مؤكدة أن الاحتلال يستخدم التجويع سلاحًا ضد المدنيين. ومع ذلك، لا تزال المساعدات قاصرة عن تلبية الحد الأدنى، إذ لا يُسمح بدخول أكثر من 50 شاحنة يوميًا، بينما يحتاج القطاع إلى 500 شاحنة يوميًا على الأقل.

وغالبًا ما تُنهب هذه الشاحنات أو تُصادر في طريقها بسبب الفوضى وانعدام الأمن، مما يحوّل الرحمة إلى ضياع.

الطبيب البريطاني جيمس سميث الذي عمل في غزة: «لماذا يشكل حليب الأطفال مثل هذا التهديد لطموحات إسرائيل في غزة؟ الإجابة.. وأدرك أن ذلك يزعج صحفيين ووسائل إعلام، ما نشهده هنا إبادة جماعية.. حرمان الناس ومنهم الأطفال حديثو الولادة من كل شيء يحتاجونه للبقاء.. إنها سياسة تجويع متعمدة!»

تحذير أخير “جيل بأكمله يُمحى”

الدكتور الفرا يختصر المأساة بجملة تختصر كل المعاناة: “هذا الجيل مُستهدف. حتى لو عاد الحليب، لن يعود النمو، حتى لو انتهت الحرب، لن تنتهي آثارها، سنخسر جيلًا كاملًا ما لم يتدخل العالم الآن، وليس غدًا”.

 

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. في تقليعة جديدة.. مطربة سودانية ترفع طرف ثوبها وتحوله لصندوق لتجمع أموال “النقطة” الطائلة عليه خوفاً من شقوطها على الأرض و”شفشفتها”
  • السلطات تقرر حجب الإنترنت في السودان لساعات خلال اليوم
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع 1.500 سلة غذائية في محلية أم رمته بولاية النيل الأبيض في السودان
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع 800 سلة غذائية في محلية أم درمان بولاية الخرطوم بالسودان
  • الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع: ضوابط جديدة للإعلام الرياضي بالتعاون مع اتحاد الإعلام الرياضي
  • حليب الأطفال .. سلعة نجاة مفقودة وسط حرب الإبادة
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزع 1.200 سلة غذائية في محافظة الدمازين بولاية النيل الأزرق في السودان
  • كامل إدريس: ضوابط مشددة لحماية قطاع التعدين من الفساد
  • نمو إجمالي السجلات التجارية القائمة بالمملكة إلى ما يربو على 1.7 مليون سجل بنهاية الربع الثاني من 2025
  • مخاوف من ضربات إسرائيليّة جديدة... حقيقة أم مُبالغة؟