بعد أول اتصال بين السيسي ورئيسي ما حدود العلاقات المستقبلية بين القاهرة وطهران؟
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
أجرى الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، أول اتصال من نوعه، مع رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، تباحثا فيه تطورات الأوضاع في قطاع غزة، فضلاً عن متابعة النقاش حول مسار القضايا العالقة بين البلدين.
وهنأ رئيسي نظيره المصري على الفوز في الانتخابات الرئاسية، حسبما أعلن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، ولم يتضمن البيان المقتضب أي تفاصيل أخرى حول طبيعة النقاشات التي تم التطرق إليها، لكنه كسر نحو عقد من جمود العلاقات المقطوعة من عام 1980.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، التقى السيسي، ورئيسي للمرة الأولى على هامش القمة العربية الإسلامية المشتركة في السعودية، لكن لم يصدر عن اللقاء أي بيان رسمي بشأن طبيعة المباحثات التي عقدها الرئيسان في الرياض.
والتقى في أيلول/ سبتمبر الماضي، وزيرا خارجية مصر وإيران، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، واتفقا على "استمرار التواصل بينهما لمتابعة الحوار حول مختلف المواضيع التي تهم البلدين على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي".
يأتي هذا اللقاء رغم المحاذير الخليجية، ولكن وزير الخارجية المصري سامح شكري، قال إن "تشابك وتعقد أزمات المنطقة بات يلقي بظلال خطيرة على حالة الاستقرار والأوضاع المعيشية لجميع شعوبها دون استثناء، الأمر الذي يقتضي تعاون جميع دول الإقليم من أجل دعم الاستقرار وتحقيق السلام والقضاء على بؤر التوتر"، وفق بيان للخارجية المصرية.
الخطوة كانت أكثر وضوحا من الجانب الإيراني، إذ عبرت طهران رسميا عن رغبتها في تطبيع العلاقات مع مصر، وأكد وزير خارجيتها عبد اللهيان عن تطلع بلاده إلى تطوير العلاقات مع القاهرة وإعادتها إلى مسارها الطبيعي.
بدوره، كشف الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي -خلال مؤتمر صحفي على هامش اجتماعات نيويورك- أن بلاده أبلغت مصر أنه لا توجد مشكلة في إقامة العلاقات، مشيرا إلى أن اللقاء الأخير "قد يمهد الطريق لاستعادة العلاقات".
وكانت العلاقات بين القاهرة طهران على وشك العودة إلى طبيعتها ورفع العلاقات الدبلوماسية من مستوى القائم بالأعمال ومكاتب رعاية المصالح إلى تبادل السفراء، في عهد الرئيس الراحل، محمد مرسي الذي استقبل نظيره الإيراني آنذاك محمود أحمدي نجاد، في أول زيارة لرئيس إيراني لمصر منذ عام 1979 ما أثار حفيظة بعض دول الخليج حينها.
هذا الاتصال الهاتفي بين السيسي ورئيسي لاقى صدى واسعا في الإعلام المصري الذي أبرز الخبر، خاصة أن مثل هذه الأخبار لا يمكن التعامل معها إعلاميا سواء في غرف الأخبار أو في البرامج التلفزيونية إلا بعد الرجوع إلى الأجهزة المسؤولة (المخابرات) عن إدارة الصحافة والإعلام.
وقال المذيع المصري، المثير للجدل، نشأت الديهي إن " أنقرة دولة كبيرة، وطهران دولة كبيرة، ومن الضروري توطيد العلاقات بين الكبار، مصر دولة لا تحمل الكراهية لأحد، وكل الخلافات قابلة للحل".
ما هي حدود العلاقات المستقبلية بين القاهرة وطهران
رغم البيان المقتضب لبيان الرئاسة بشأن ما تضمنه الاتصال الهاتفي إلا أنه يؤكد وجود اتصالات على أعلى مستوى من أجل إجراء هذا الاتصال الذي يعد نادراً في العلاقات المصرية الإيرانية، بحسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير عبدالله الأشعل، مشددا على أن هذا الاتصال يأتي في ظل تقلبات وتغيرات جيوسياسية كبيرة في المنطقة.
وعن أسباب الاتصال التي دفعت الرئيس الإيراني للاتصال بنظيره المصري، أوضح في تصريح لـ"عربي21": أن "إيران تريد طمأنة مصر أن جماعة الحوثي في البحر الأحمر لا تستهدف قناة السويس، وأنها حريصة على ضمان ذلك وتأمين مرور السفن عبر القناة، خاصة أن مصر لم تنضم إلى التحالف الأمريكي في البحر الأحمر".
وأعرب الأشعل عن اعتقاده أن "هناك فيتو ليس خليجي على عودة تطبيع العلاقات بين القاهرة وطهران، بل هو في الأساس فيتو إسرائيلي – أمريكي، هما لا يريدان لهذين البلدين الكبيرين تاريخيا واستراتيجيا أن يتحالفا حفاظا على مستقبل إسرائيل، ولكن مع بد تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا فإن تطبيع العلاقات مع طهران سوف يشكل قوسا عربيا إسلاميا قويا يحاصر إسرائيل ويهدد وجودها".
لكن السفير المصري رغم قناعته بأهمية هذا التحالف الثلاثي وقدرته على تغيير الكثير من المعادلات المسلم بها في المنطقة لصالح العالمين العربي والإسلامي إلا أنه استبعد أن تطبع القاهرة مع طهران، قائلا: "القرار ليس مصريا خالصا، لا أتوقع تطبيعا حقيقيا يمكن أن يفتح كل قنوات الاتصال المغلقة بين البلدين منذ عام 1980، الأمر مرهون بقرار مصري خالص".
ماذا تستفيد مصر من إيران
يتفق عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري، الدكتور عماد صابر، مع الأشعل في وجود "فيتو" خارجي على استئناف العلاقات بين البلدين، قائلا: " قد تعيق العلاقات الإستراتيجية لمصر، مع الولايات المتحدة، قدرتها على تطوير علاقات قوية مع إيران، بالنظر إلى أن طهران لا تزال خصمًا قويًا لواشنطن.. كما أن التقارب المصري الإيراني مسار قلق لإسرائيل".
ورجح في حديثه لـ"عربي21": أن " تعيد حرب غزة وتبعاتها الجيوسياسية رسم خريطة العلاقات السياسية في المنطقة.. والسعي إلى تحسين العلاقات مع طهران له أهمية كبيرة لمصر تتمثل في تحقيق العديد من المصالح الحيوية لمصر لعل أهمها حماية الممر المائي الحيوي لقناة السويس وضمان المرور الآمن للسفن عبر مضيق باب المندب، وكذلك تعزيز التعاون الإقليمي والإستراتيجي مع طهران في مختلف القضايا الملحة مثل المتعلقة بسوريا والعراق واليمن وفلسطين".
وأضاف صابر: "وأيضا رغبة مصر في تخفيف حدة التوترات في قطاع غزة نظرًا لعلاقات إيران الوثيقة مع العديد من فصائل المقاومة الفلسطينية، ولا سيما حماس والجهاد الإسلامي، علاوة على ذلك، تلعب مصر دورًا حاسمًا في عملية المصالحة الفلسطينية، والمفاوضات الاسرائيلية مع حماس، الأمر الذي يتطلب التواصل مع إيران التي تدعم بعض الفصائل الفلسطينية".
على المستوى الاقتصادي، يعتقد السياسي المصري أن "تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري لا سيما وأن البلدان قد أصبحا عضوين في منظمة بريكس، كما ترغب مصر في تسهيل تدفق السياح الإيرانيين إلى مصر، مما قد يسهم بالعملة الصعبة التي تشتد الحاجة إليها للبلاد.. وكما ترغب مصر بشكل كبير من توسيع صادراتها من البضائع إلى السوق الإيرانية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الإيراني رئيسي المصري السيسي غزة إيران مصر السيسي غزة رئيسي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تطبیع العلاقات العلاقات بین العلاقات مع بین القاهرة مع طهران
إقرأ أيضاً:
الحرس الثوري الإيراني يكشف عن جزء من قدراته الصاروخية ويؤكد تفوقه العسكري
أعلن اللواء علي فضلي، نائب معاون التنسيق في الحرس الثوري الإيراني، أن طهران لم تُفعّل سوى نسبة محدودة من قدراتها العسكرية والصاروخية خلال المواجهات الأخيرة، في إشارة إلى وجود قدرات غير معلنة تعزز تفوقها الاستراتيجي.
وفي مقابلة بثها التلفزيون الإيراني مساء الخميس، قال فضلي إن بلاده استخدمت فقط ما بين 20 إلى 30% من إمكاناتها العسكرية العامة، وإن مدينة صاروخية واحدة فقط من أصل عدة مدن مماثلة تم تفعيلها.
وأوضح فضلي أن أحد أبرز الأسلحة المستخدمة، وهو صاروخ "سجيل"، شكل عنصر مفاجأة للعدو و"كان خارج حساباته"، في إشارة إلى فعاليته ومداه البعيد. وأضاف: "نحن في أفضل أوضاعنا العسكرية منذ أكثر من 45 عاماً، ونعمل منذ سنوات طويلة على إعداد قواتنا لصد أي عدوان".
الجاهزية العسكرية وغياب عنصر المفاجأةوأكد اللواء فضلي أن القوات الإيرانية لم تُفاجأ بالحرب الأخيرة، بل كانت مستعدة لها مسبقًا، ما يعكس – بحسب وصفه – مستوى التخطيط والتأهب العالي داخل الحرس الثوري. كما شدد على أن طبيعة المواجهة الأخيرة كشفت جانبًا بسيطًا فقط من قدرات إيران الدفاعية والهجومية، لافتًا إلى أن باقي المدن الصاروخية لا تزال خامدة ولم تدخل حيّز الاستخدام.
وتعد المدن الصاروخية الإيرانية منشآت تحت الأرض يُعتقد أنها تحتوي على أعداد ضخمة من الصواريخ بعيدة المدى، ويُستخدم بعضها لأغراض الردع الاستراتيجي. وغالبًا ما تترافق تصريحات قادة الحرس الثوري مع رسائل موجهة إلى الخصوم الإقليميين والدوليين، وخصوصًا الولايات المتحدة وإسرائيل.
الملف النووي بين المعرفة والعقيدةوفي سياق متصل، تناول اللواء فضلي ملف البرنامج النووي الإيراني، مؤكدًا أن بلاده تمتلك المعرفة والعلم اللازمين لصناعة السلاح النووي. لكنه شدد على أن "المبادئ العقائدية للجمهورية الإسلامية" لا تسمح بإنتاج هذا النوع من الأسلحة، في إشارة إلى فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي التي تحرّم تصنيع السلاح النووي.
واعتبر فضلي أن التركيز الدولي على هذا الملف لا يستند إلى وقائع موضوعية، بل يُستخدم كذريعة من قبل "العدو" لممارسة الضغط السياسي والعقوبات. وأضاف أن إيران تتعرض لحملة ممنهجة، تهدف إلى تقييد قدراتها الدفاعية وتبرير السياسات العدائية ضدها في المحافل الدولية.
تصريحات فضلي تأتي في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية حول برنامج إيران النووي والصاروخي، لا سيما بعد الغارات التي استهدفت منشآت إيرانية ومواقع لفصائل موالية لطهران في المنطقة. ويُنظر إلى البرنامج الصاروخي الإيراني بوصفه أحد أعمدة القوة العسكرية للجمهورية الإسلامية، في ظل استمرار العقوبات الغربية ومحاولات الحد من نفوذها في الشرق الأوسط.
ويُذكر أن "سجيل" هو صاروخ أرض-أرض باليستي بعيد المدى يعمل بالوقود الصلب، ويُعد من أكثر الصواريخ تطورًا في الترسانة الإيرانية، ويصل مداه إلى نحو 2000 كيلومتر، ما يجعله قادرًا على الوصول إلى أهداف في عمق إسرائيل وأجزاء من أوروبا.