تزامنًا مع أحداث غزة.. كتاب «الموجز في تاريخ القدس» هدية مجلة الأزهر
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
أعلن الأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية «فيس بوك»، عن تقديم كتاب «الموجز في تاريخ القدس» كهدية مع مجلة الأزهر لقرائها في عددها الحالي، شهر جمادى الآخرة لعام 1445هـ، ، بقلم عارف باشا العارف، تزامنًا مع الأحداث في غزة.
ويوضح المؤلف فحوى كتابه بالقول: «إن هذا الكتاب الذي أضعه بين يديك، أيها القارئ الكريم، يقص عليك أخبار هذه المدينة المقدسة، بأسلوب توخيت فيه الإيجاز قدر المستطاع، وقد دعوته: "الموجز في تاريخ القدس"، وفيه ذكر لمعظم الحوادث التي قامت فيها، ومن أجلها على مر العصور، من اليوم الذي بناها فيه اليبوسيون (سنة 3000 قبل الميلاد) إلى يومنا هذا.
وعن المنهج الذي اتبعه المؤلف في الكتاب، يوضح عارف بن عارف المقدسي منهجه بالقول: «حاولت جهدي ألا أنهج في بحوثي مناهج الرواة والمؤرخين الذين اتبعوا أهواءهم السياسية ومعتقداتهم المذهبية، فحادوا عن محجة الصواب، إذ اكتفوا بذكر ما يرضيهم، ويرضي عترتهم وعشيرتهم، وأما أنا فقد اعتصمت بالحيدة ما استطعتُ إلى ذلك سبيلًا، فذكرت جميع الأمم التي استوطنت هذه المدينة، وما فعلته فيها من خير وشر، وعُنيتْ عناية خاصة بالإشارة إلى ما تركته هذه الأمم من طابع فيها، ولم أبالِ إن كان هذا الطابع نافعًا أو ضارًّا، وإن كان مما يرضي هذا الفريق أو يغضب ذاك، ومع هذا، فإني لست ممن يدعي العصمة، ولا أزعم أنني تمكنت من الوصول إلى كبد الحقيقة، وإنما هي خطوة خطوتها على قدر، وأمنية تركت بقية تحقيقها لمن تولاها بعدي وقدر».
أبواب كتاب الموجز في تاريخ القدسويشتمل الكتاب على 8 أبواب، هم:
- الأول: «القدس في عهودها الغابرة»، ويتضمن الحديث عن القدس اليبوسية، القدس في زمن الفراعنة، القدس وبنو إسرائيل، القدس وآشور، القدس وبابل، القدس في عهد الفرس، القدس في عهد اليونان، القدس في عهد الرومان، القدس البيزنطية.
- الباب الثاني: «الفتح الإسلامي للمدينة»، ويشمل المباحث التالية: القدس وعمر بن الخطاب، القدس وبنو أمية، القدس وبنو العباس، القدس وبنو طولون، القدس وبنو الإخشيد، القدس الفاطمية، القدس والأتراك السلجوقيون، القدس في عهد الأرتقيين.
- الباب الثالث: ويتناول أربعة مباحث، كالتالي: القدس وحملات الصليبيين، القدس وصلاح الدين، القدس وحفدة صلاح الدين، القدس في عهد المماليك. وتأتي مرحلة الفتح العثماني للقدس كمضمون الباب الرابع، فيما يحكي الباب الخامس الاحتلال البريطاني لمدينة القدس.
- الباب السادس، ويذكر أخبارًا عن القدس في مختلف العصور، من أبرزها: أسماء القدس، أسوار القدس، زلازل القدس، مياه القدس.
- الباب السابع: ويأتي تحت عنوان «القدس كما رأيتها في أواخر عهد الانتداب»، موضحا أبرز المعلومات عن المدينة مثل أهميتها الجغرافية، موقعها الجغرافي، طقسها، جبالها، مياهها وأمطارها، مساحة أراضيها، سكانها، مدارسها، دور الكتب، متاحفها، حدائقها، طرقها، مجاريها، أمراضها ومستشفياتها، تجارتها، أوزانها ومقاييسها، صناعاتها، شركاتها، بنوكها ومصارفها، جمعياتها ونواديها، بريدها، بلديتها، القدس من الناحية الإدارية، القدس من ناحية الأمن، مستوى المعيشة فيها.
- الباب الثامن: ويأتي بعنوان «الأماكن المقدسة ودور العبادة»، ويتضمن الحديث عن المقدسات اليهودية والمسيحية والإسلامية في مدينة القدس.
اقرأ أيضاًللعام والأزهر.. موعد امتحانات الفصل الدراسي الأول
رئيس جامعة الأزهر يدعو الفنانين إلى التقاط الصور الجمالية الموجودة في القرآن الكريم
داوود يشارك في تكريم الفائزين في ملتقى الأزهر الدولي الثاني للكاريكاتير
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأزهر الشريف القدس الشريف القدس المحتلة المسجد الأقصى القدس الشرقية القدس التاريخ تاريخ تاريخ فلسطين مجلة الأزهر كتائب القسام تاريخ اليهود تاريخ القدس التاريخ القديم تحرير القدس
إقرأ أيضاً:
هدية أمام ضريح الشيخ
عدا مسجد الشيخ ناصر أبي نبهان الخروصي الذي تحدثنا عنه فـي المقال السابق، يوجد فـي «المدينة الحجرية» أكثر من خمسين مسجدًا، واللافت هنا أنّ لكلِّ مذهب مسجده الخاص، ويصل عدد مساجد الإباضية فـي هذه المدينة إلى عشرين مسجدًا، تحولت إلى مساجد للشافعية بعد انحسار الوجود العُماني فـي الجزيرة.
كنتُ قبل سنوات قد شاهدتُ فـيديو لصلاة العيد فـي مسجد السيد حمود فـي زنجبار، هكذا كتَبَ من أرسل الفـيديو فـي التعريف بالمسجد. ما شدّني فـي الفـيديو أنه لو لم يُذكَرْ فـيه أنّ الصلاة فـي زنجبار لما جادل أحدٌ أنها فـي عُمان؛ لأنّ كلَّ المصلين الظاهرين فـي المقطع عُمانيون وبلباسهم التقليدي. لذا حرصتُ فـي هذه الزيارة على أن نزور هذا المسجد ونصلي فـيه. وما زادني شوقًا لذلك أنني قرأتُ أنّه كان له دورٌ إصلاحيٌّ، إذ كان مدرسة يتعلم فـيها الناس أمور دينهم، كما أنّ الشيخ العلامة أبو إسحاق إبراهيم اطفـيّش كان يلقي دروسه فـيه ما بين صلاتي المغرب والعشاء أثناء زيارته لزنجبار، وكان طلبة العلم يتزاحمون على حلقته، من ضمنهم سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي الذي سيُصبح فـيما بعد المفتي العام لسلطنة عمان.
وقبل أن أواصل سرد حكاية المسجد، وعلى ذكر العلامة اطفـيّش، فقد حكى لي الشيخ سعود بن حمد الرواحي، أحد الذين قضوا فـي زنجبار ردحًا من الزمن، أنّ الشيخ أبو إسحاق كان فـي إحدى رحلاته إلى زنجبار ضيفًا فـي بيت الشيخ حمد بن سالم الرواحي؛ والد الشيخ سعود، طوال زيارته لزنجبار، وطلب منه والدُه أن يلازمه. وممّا يُذكر فـي هذا الشأن أنّ صورة انتشرت فـي مواقع التواصل يظهر فـيها الشيخ اطفـيّش مع طفل قيل إنه سماحة الشيخ أحمد الخليلي، لكن ثبت بعد ذلك أنّ الصورة لسعود الرواحي، بعد أن تحرّى عن الموضوع الباحث فـي تاريخ شرق إفريقيا محمد بن عبدالله الرحبي، وقد سألتُ الشيخ سعود عن نسبة الصورة إليه فأكد لي ذلك.
وأعود إلى حكاية المسجد، فقد كانت المفاجأة أننا وجدناه مسجدًا صغيرًا؛ وعلاوةً على ذلك فإنه بلا اسمٍ فـي واجهته، وإنما مكتوب على بابه «وقف». ولم أكد أبوح لسيف وسليمان بظنّي أنّ هذا ليس هو المسجد المقصود، حتى قطع الشيخ عبدالله بن حميد البحري إمام المسجد، الشكَّ باليقين بتأكيده أنه هو المسجد الذي نبحث عنه. سألني: «متى آخر مرة صليتَ فـيه؟» أجبتُ: «هذه أول مرة أزور فـيها زنجبار»، وحكيتُ له حكاية فـيديو الصلاة.
على أية حال؛ ما زالت جماعة المسجد تحافظ على إقامة دروس دينية فـيه بعد صلاة المغرب كل أربعاء. ولاحظتُ عندما صليتُ الفجر فـيه غير مرة، أنّ عادة السلام المتبعة فـي عُمان قبل جائحة كورونا ما زالت متبعة هناك، حيث يسلم الإمام ويصافح جميع المصلين بعد الصلاة، فـيما يسلم الجميع على بعضهم البعض. ولاحظتُ كذلك أنّ عدد المصلين فـي المسجد قليلٌ، وقد طلب منا الشيخ عبدالله البحري مرة أن نضع أحذيتنا فـي صناديق خاصة معدة لذلك، تشبه صناديق البريد، أو صناديق الأمانات فـي المولات التجارية، حيث يأخذ المصلي مفتاح الصندوق معه أثناء الصلاة. ويبدو أنّ ظاهرة سرقة الأحذية منتشرة هناك.
المسجدُ واحدٌ من ثلاثة مساجد تركها السيد حمود بن أحمد بن سيف البوسعيدي - ضمن أوقاف كثيرة - حيث ترك مسجدين آخرين فـي منطقة «بوبوبو»؛ الأول كان يسمى المسجد الصغير «مسكتي مدوغو» ويقع بالقرب من مركز الشرطة، وقد وُسِّع الآن وأصبح جامعًا كبيرًا، أما الآخر فموجود فـي الداخل حيث مزرعة السيد حمود وقصره، وقد دفن بجنب هذا المسجد بعد أن لازم محرابه فـي سنواته الأخيرة، وقبرُه لا يزال موجودًا هناك.
أفادني الشيخ عبدالله البحري إمام مسجد السيد حمود، أنه تعاقب على إمامة مسجد السيد حمود فـي ماليندي علماء وشيوخ أجلاء معظمهم من الكنود، منهم الشيوخ سعيد بن ناصر الكندي، ومحمد بن سعيد الكندي، وعبدالرحمن بن محمد الكندي، وصالح بن سعيد الكندي، عيسى بن سعيد الكندي، وموسى بن صالح الكندي، وعبدالله بن يحيى الكندي، ومحمد بن عبد الله الكندي، وعلي بن محمد الكندي. والآن المسجد بيد جيل جديد من الأئمة.
لا يفصل بين مسجد السيد حمود ومسجد «ماليندي» إلا شارع ضيّق يسمح بمرور سيارة واحدة فقط. ومسجد «ماليندي» هذا من أهم المعالم التاريخية المحمية؛ لأنه من أقدم المساجد فـي زنجبار، ويرجع تاريخه إلى القرن الخامس عشر، ويتبع القائمون على المسجد إحدى الطرق الصوفـية، وقد لاحظنا عند صلاتنا هناك أنّ الإمام والمصلين يهلِّلُون بشكل جماعي عقب الصلوات مباشرة، أما صلاة المغرب فتقام بعد الانتهاء من الأذان فورًا، بحيث لا يفصل بين الأذان والإقامة فاصل زمني. فـي الجانب الأيمن من المسجد تقبع عدة قبور، منها ضريح السيد أحمد بن أبي بكر بن سميط العلوي الحسيني، وبجواره تلميذه المربي الشيخ سعيد بن دحمان، ودُفِن أيضًا بجوارهما الحبيب أحمد بن حسين بن الشيخ أبي بكر؛ هؤلاء كلهم فـي ضريح واحد. وخارج الضريح هناك قبور الشريف أحمد بن علوي بن محمد باعلوي الحسيني، والشريف علوي بن أحمد بن علوي باعلوي الحسيني وغيرهم، وكلُّ قبر عليه شاهد يحمل اسم المتوفى.
والشيخ أحمد بن أبي بكر بن سميط، هو فقيه وقاض من أصول حضرمية، استقر فـي زنجبار، وعاش فـيها حياة حافلة بالنشاط والعطاء، فازدادت بذلك سمعته.
من المفارقات العجيبة أنّ صديقي أحمد بن فـيصل الجهضمي أرسل لي عبر الواتساب يطلب هدية بعينها من زنجبار، وهي عبارة عن صورة لضريح الشيخ ابن سميط، واصفًا لي موقع المسجد، ولم يكن يعلم أنني ورفـيقَيْ رحلتي صلينا فـيه مرارًا. وما حصل أنّني كنتُ حينئذ قريبًا جدًّا من المسجد، فذهبتُ إليه من فوري، والتقطتُ عدة صور؛ وإذا بإمام المسجد يداهمني فجأة ويسأل: «هل أتيت لزيارة الضريح؟»، أجبتُ: «نعم». قال: «أنا أيضًا أحسستُ برغبة عارمة لزيارته، لذا جئتُ». قلت له: «الله جابك»، فتح لي باب الضريح فدلفت إلى الداخل، قرأتُ الفاتحة وأخبرته بقصة صديقي الذي يريد هدية. التقطتُ الصور وأرسلتُها لأحمد، ولم يستغرق الأمر إلا دقائق قليلة لا تتعدّى الخمس. ومع اندهاش أحمد لهذه السرعة قلتُ له: «إنّ الله استجاب فورًا وأرسل لي الإمام شخصيًّا ليفتح لي الضريح».
وليس بعيدًا عن مسجدَيْ السيد حمود وماليندي، هناك مسجد فرضاني «مسجد الجمعة» المطل على الميناء، ومسجد بني رواحة، الذي سأتحدث عنهما وعن مساجد أخرى فـي مقال الأسبوع القادم إن شاء الله.