تواصل جماعة الحوثي اليمنية استهداف السفن الإسرائيلية العابرة مضيق باب المندب، وفق قرار الجماعة إعلان الحرب على إسرائيل في أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، "نصرةً لإخواننا في فلسطين"، حسبما قاله المتحدث العسكري باسم الجماعة العميد يحيى سريع.

وأثّرت هذه العمليات العسكرية الحوثية على حركة الملاحة البحرية في مضيق باب المندب، الذي يعد أحد أهم المعابر البحرية في العالم.

وقال رئيس هيئة قناة السويس، إن العشرات من شركات النقل البحري غيَّرت مسارها من القناة إلى رأس الرجاء الصالح.

وفي وجه هذا الواقع، تحرّكت الدول الغربية لكبح سيطرة الحوثيين على باب المندب. وأعلنت الولايات المتحدة، رفقة عشر دول أخرى، تشكيل حلف عسكري من أجل حفظ الأمن في البحر الأحمر.

حلف دولي ومبادرة عسكرية

أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الاثنين، بدء عملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر، أطلق عليها اسم "حارس الازدهار"، في أعقاب سلسلة من الهجمات شنها الحوثيون على سفن الشحن الإسرائيلية أو المرتبطة بإسرائيل.

وقال أوستن، خلال زيارته البحرين التي تستضيف الأسطول الأمريكي في الشرق الأوسط، إن هذا التحالف سيضم 10 دول هي، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا. وأضاف أنهم سينفذون دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

يأتي هذا عقب تصريحات أدلى بها مسؤول رفيع في البنتاغون، يوم الأحد، رأى فيها أن تهديدات الحوثيين اليمنيين في البحر الأحمر "عالمية وتشكل تحدياً دولياً"، وأن "الولايات المتحدة خلال الأسابيع الماضية، عملت مع الحلفاء والشركاء على معالجة التهديد، عبر توسيع فرقة العمل 153 المعنية بأمن البحر الأحمر، في إطار القوات البحرية المشتركة".

وقالت صحيفة لوموند الفرنسية، إنه "ملامح هذا التحالف البحري الجديد لا تزال غير واضحة. لكن في هذه المرحلة، تعد المبادرة مجرد امتداد لواحدة من قوات العمل المشتركة الخمس التي كانت الولايات المتحدة تقودها بين البحر الأحمر والخليج العربي منذ نحو 20 عاماً".

وأردفت الصحيفة الفرنسية أن هذه المبادرة تواجه عقبات عدة، على رأسها تهديدها السلام في منطقة الشرق الأوسط والتسبب في انقسامات بين الأطراف هناك. وفي هذا السياق، قال وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان ليكورنو: "علينا أن نرى كيف سيجري تجميع الأمور. يمكننا أن نفعل المزيد، لكنّ هذا التحالف لا ينبغي أن يتكون من دول غربية فقط".

وكان هناك تحدٍّ آخر حول مسألة تزوُّد القوات البحرية المشاركة في العملية بالوقود والذخائر، ما قد يكون موضوع نقاش طويل مع دول حوض البحر الأحمر غير الراغبين في المشاركة في التحالف. ونقلت الصحيفة عمّن سمّته مصدراً مقرباً من الأمر، قوله: "في مواجهة الحساسيات المتعددة لدول المنطقة، فإن الوصول إلى الطائرات والصواريخ، ثم تحديد الموانئ التي تزوِّد السفن بالوقود، ليس بالأمر السهل بأي حال من الأحوال".

رد الحوثي

ورداً على المبادرة العسكرية الغربية، توعّد زعيم جماعة الحوثي اليمنية، عبد الملك الحوثي، الأربعاء، باستهداف البوارج الأمريكية. وقال الحوثي في خطاب متلفز: "لن نقف مكتوفي الأيدي أمام أي توجه أمريكي للتصعيد، أو ارتكاب حماقة باستهداف بلدنا أو شن حرب عليه".

وأضاف مهدداً بأن "أي تصعيد من هذا النوع سيجعل البوارج وحركة الملاحة الأمريكية هدفاً لصواريخنا وطائراتنا المسيّرة وعملياتنا العسكرية (...) فالولايات المتحدة تقوم بعسكرة البحر الأحمر، بهدف حماية السفن الإسرائيلية والسعي لتوريط دول أخرى معها".

وحذر زعيم الجماعة اليمنية "الدول المطلة على البحر الأحمر" بأنها "ستكون متضررة من التدخل الأمريكي"، ونصح "الدول التي يسعى الأمريكيون لتوريطها في البحر الأحمر، بأن لا تضحّي بمصالحها وحرية ملاحتها، خدمةً للعدو الصهيوني (إسرائيل)".

ما تأثير هجمات الحوثيين في التجارة الدولية؟

وفي بيان مصور له في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، تعهد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، بمواصلة الهجمات وضرب السفن الإسرائيلية التي تمر عبر الممرات التجارية الاستراتيجية وناقلات النفط. وهكذا كثّف الحوثيون من مهاجمتهم السفن الإسرائيلية، مع استمرار الحرب الجارية على قطاع غزة.

وفي ظل هذه التطورات، يطرح عدد من المتابعين أسئلة حول تأثيرها في النشاط الملاحي والاقتصادي الإسرائيلي في البحر الأحمر، وما إذا كان استهداف السفن الإسرائيلية يؤثر في الملاحة الدولية في أحد أهم المعابر البحرية في العالم.

ويعد معبر باب المندب أحد أهم الممرات البحرية في العالم، إذ إنه المعبر الوحيد من المحيط الهندي إلى مياه البحر الأحمر، وبالتالي إلى قناة السويس. ويعد الطريق التجاري الرئيسي للسلع والواردات النفطية، من شرق آسيا والخليج نحو أوروبا ودول شمال إفريقيا.

ووفق التقديرات، فإن 12% من مجمل التجارة الدولية تمر من مضيق باب المندب، إضافة إلى 30% من تجارة الحاويات، بقيمة تزيد على تريليون دولار. ويمر عبره ما يقرب من 6.2 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات النفطية باتجاه أوروبا والولايات المتحدة وآسيا، إضافةً إلى أكثر من 50 مليون طن منرالمتتجات الزراعية كل عام.

وبالتالي، فحدوث أي أعمال عسكرية تهدد الملاحة البحرية عبر المضيق يهدد الأمن الطاقيّ والغذائيّ العالميّ، لما قد تؤدي إليه من اضطراب في سلاسل التوريد وتضخم في أسعار السلع بسبب ارتفاع تكلفة الشحن.

وبدأت شركات الملاحة الدولية بتحويل مسارات سفنها بعيداً عن باب المندب، والمرور عِوَض ذلك عبر رأس الراء الصالح في جنوب إفريقيا. وأكدت تصريحات لرئيس هيئة قناة السويس المصرية، الفريق أسامة ربيع، أن 55 شركة نقل بحري حوَّلت مساراتها منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لتجنب هجمات جماعة الحوثي اليمنية في البحر الأحمر.

وبالتزامن مع ذلك بدأت شركات عالمية في رفع تكلفة كل حاوية بنسبة تصل إلى 46%، بعد قرار المرور بعيداً عن مضيق باب المندب، وبالتالي ارتفاع تكلفة النقل والتأمين. كما أعلنت 5 شركات كبرى تحويل مسار تجارتها إلى رأس الرجاء الصالح.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: السفن الإسرائیلیة الولایات المتحدة مضیق باب المندب فی البحر الأحمر البحریة فی

إقرأ أيضاً:

غارديان: دونالد ترامب يسعى إلى تغيير الأنظمة في أوروبا

يرى الكاتب الصحفي جوناثان فريدلاند أن الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب لم تعد مجرد شريك متردد لأوروبا، بل تحولت إلى طرف معادٍ يسعى صراحة إلى التأثير في مستقبلها السياسي.

وقال الكاتب -في عموده بصحيفة غارديان- إن الأمر وصل إلى العمل على تغيير الأنظمة داخل القارة، استنادا إلى ما ورد في إستراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة التي تقول إن "تنامي نفوذ الأحزاب الأوروبية الوطنية" مدعاة لتفاؤل كبير، وإن الولايات المتحدة ستفعل ما بوسعها لمساعدة أوروبا على "تصحيح مسارها الحالي".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2واشنطن بوست: "الدعم السريع" تحتجز آلاف الرهائن وتقتل مَن لا يدفع فديةlist 2 of 2نيوزويك: 3 مؤشرات على حرب وشيكة بين الولايات المتحدة وفنزويلاend of list

وقد وجهت إستراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة انتقادات حادة إلى أوروبا، واعتبرتها مهددة بالاندثار الحضاري بسبب الهجرة وتراجع المواليد وما تصفه بقمع حرية التعبير.

ترامب وقادة أوروبيون والأمين العام لحلف الناتو مارك روته يحضرون اجتماعا في البيت الأبيض (الأناضول)

وأكد الكاتب أن هذا الخطاب الذي يعكس رؤية ثقافية وعنصرية ترى أن أوروبا تفقد هويتها البيضاء والمسيحية لا يقتصر على لغة أيديولوجية أو مزايدات إعلامية، بل يمثل خطة سياسية واضحة تعلن واشنطن بموجبها نيتها دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة واليمين المتشدد في دول أوروبية كبرى مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، والعمل على إضعاف الاتحاد الأوروبي.

ويربط فريدلاند هذا التوجه بالمصالح الروسية، معتبرا أن تقويض الاتحاد الأوروبي هدف إستراتيجي قديم بالنسبة لموسكو، وهو ما يفسر الترحيب الروسي بالسياسة الأميركية الجديدة، في تقاطع غير مسبوق بين موقفي واشنطن والكرملين.

لحظة مفصلية

ويتناول المقال أسباب العداء الأميركي للاتحاد الأوروبي، مرجحا أن جزءا منه يعود إلى قدرة الاتحاد على فرض قيود وتنظيمات تحد من نفوذ شركات أميركية وشخصيات نافذة مثل إيلون ماسك، إضافة إلى رغبة ترامب في التعامل مع دول أوروبية متفرقة يسهل الضغط عليها بدل تكتل قوي موحد.

إعلان

وبغض النظر عن الدوافع يؤكد الكاتب أن الولايات المتحدة باتت ترى الاتحاد الأوروبي خصما لا حليفا، وهو واقع لم يعد قابلا للإنكار، وبالفعل حاول المدافعون عن ترامب القول إن الإدارة لا تعادي أوروبا بحد ذاتها، بل الاتحاد الأوروبي تحديدا.

أوروبا تواجه لحظة مفصلية تتطلب شجاعة سياسية للاعتراف بأن التحالف الأطلسي يمر بأزمة عميقة، وأن الاعتماد التقليدي على الولايات المتحدة لم يعد مضمونا

وعلى الصعيد الأمني، ينتقد فريدلاند الموقف الأميركي من الحرب في أوكرانيا، معتبرا أن واشنطن تمارس ضغوطا على كييف للقبول بشروط تصب في مصلحة روسيا، في وقت يتجاهل فيه قادة أوروبيون -بمن فيهم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته– حقيقة أن أقوى دولة في الحلف باتت أقرب إلى موسكو منها إلى حلفائها التقليديين.

من جهة أخرى، يسلط الكاتب الضوء على التناقض في الموقف البريطاني، حيث يعلن رئيس الوزراء كير ستارمر دعمه لأوكرانيا، لكنه يواصل إعطاء الأولوية للعلاقة مع واشنطن على حساب التعاون الأوروبي، سواء في ملفات الدفاع أو التجارة.

ويخلص المقال إلى أن أوروبا تواجه لحظة مفصلية تتطلب شجاعة سياسية للاعتراف بأن التحالف الأطلسي يمر بأزمة عميقة، وأن الاعتماد التقليدي على الولايات المتحدة لم يعد مضمونا.

وفي ظل هذا الواقع، يدعو الكاتب القادة الأوروبيين إلى مواجهة الحقيقة وبناء موقف أوروبي أكثر استقلالية وتماسكا بدل التمسك بعلاقات لم تعد متبادلة ولا قائمة على الثقة القديمة.

مقالات مشابهة

  • قائد البحرية الإيرانية: البحر أحد نقاط قوتنا
  • تقرير دولي: بنغازي تفتح باب التنمية عبر الترفيه وسياحة المغامرات
  • تقارير إسرائيلية: تحركات الحوثي تغيّر معادلات البحر الأحمر وتدفع الرياض لخيارات أكثر صرامة
  • آبي أحمد وأفورقي: صراع الممرات البحرية يعيد شبح الحرب
  • دونالد ترامب يسعى لتغيير أنظمة الحكم في أوروبا
  • تقرير دولي: ليبيا تعود إلى خارطة الاستثمار العالمي عبر بوابة الطاقة والبنية التحتية
  • تقرير دولي: ليبيا بين أكثر الدول الإفريقية تطوراً في 2025
  • غارديان: دونالد ترامب يسعى إلى تغيير الأنظمة في أوروبا
  • البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع
  • تقرير دولي: تنافس حوثي على الضرائب والجبايات يدفع لانهيار القطاع الخاص