التعبئة والتعبئة المضادة.. أو من المستفيد من الانزلاق العرقي!
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
التعبئة والتعبئة المضادة.. أو من المستفيد من الانزلاق العرقي!
محمد بدوي
المراقب لحالة الحرب التي اندلعت في السودان منذ 15 أبريل 2023 بين القوات المسلحة “الجيش” وقوات الدعم السريع، بالضرورة يمكنه الوقوف حالة الفرز التي احدثتها ثورة ديسمبر 2018 بتبني شعارات على نسق “العسكر للثكنات الجنجويد ينحل” وهو ما تمت مواجهته بشراسة بانقلاب 25 اكتوبر 2021، لكن صمود الشارع شكل ترسا دلل على عزم الشارع تحقيق التغيير، فجاء حرب 15 ابريل 2023 تكشف عن استمرار مناهضة حركة الشارع وتم التمهيد لذلك بالتعبئة التي انتظمت افطارات شهر رمضان 2023 من قبل الاسلاميين، وهو ما يكشف خروج قادة الحركة الإسلامية السودانية عقب اندلاع القتال بين الطرفين في مطلع مايو 2023 والدعوة لتعبئة الإسلاميين للقتال إلى جانب الجيش ثم أعقبتها دعوة أخرى من قيادة الجيش للمدنيين القادرين على حمل السلاح للانخراط والتي أطلق عليها “الاستنفار” بناء على ذلك سارعت مجموعات من فئة الشباب للانخراط في التدريب ثم المعارك إلى جانب الجيش، رغم ذلك فإن السجل يشير إلى مغادرة قادة الجيش للقيادة العامة ثم ولاية الخرطوم إلى مدينة بورتسودان بالبحر الأحمر، ذات السجل كشف عن سيطرة للدعم السريع على حقول بترولية، وعدد من الحاميات العسكرية التي كشفت وسائل الاعلام عن السيطرة عليها عقب انسحاب للجيش منها، اذن بالنظر إلى معادلة القتال وتقديرات الانسحاب يطل السؤال حول جدوى دور الاستنفار للمدنيين للانخراط في القتال!
الاجابة على السؤال ترتبط بتوظيف الجهود بين وقف الحرب والاستمرار في القتال وايهما أجدى؟ بالرغم من عدم اعلان الدعم السريع اعلاميا حملة للاستنفار إلى صفوفه إلا أنه عمليا ينفذ ذلك بطرق مختلفة ويعمل على تدريب المنضمين كما هو الحال في ولاية جنوب دارفور لترزح الحالة في سياق التعبئة والتعبئة المضادة، وهذا يجعل من المدنيين الذين يجدر حمايتهم من طرفي الحرف واحترام كرامتهم والحفاظ على حقوقهم ينزلقون كوقود في سياق الحرب بما ينعكس سلبا على جهود وقف الحرب لان تلك الحالة تطيل من أمد القتال الذي يستهدف المدنيين سواء في ارواحهم او تقليص المساحات الامنة، اذا نظرنا بشكل عكسي للجهود التي تبذل للتعبئة من كل النواحي سواء عسكرية كالتسليح أو اعلامية في الترويج نجد أنها إذا وجهت لوقف الحرب فقد تجدي نفعا لان طبيعة الحرب هي في الاساس هدفها نسف التغيير السياسي وفقا للنسخة التي ظل الشارع من اجلها خلال حقبة حكم الاسلاميين وتتويجا بثورة ديسمبر 2018 وهو ما يفضحه منهج الاستنفار المرتبط بالتوازي بين طرفي الحرب فلماذا لم يستنفر الجيش قبل او بعد سقوط حامية زالنجي ولماذا يركز الدعم السريع على استنفار عبر بعض الادارات الاهلية في مناطق دارفور، قراءة هذا المشهد مع الخطاب المبذول للتعبئة يدفع نحو الانزلاق العرقي الذي يباعد بين الشعب ونضاله نحو التغيير، ويفتح المجال لنهب للثروات لتحقق الفوضى كما في يحدث في بعض الدول كالكنغو على سبيل المثال لا الحصر.
تجدد دعوات الانخراط في القتال عقب سيطرة الدعم السريع على الفرقة الاولى بود مدني بولاية الجزيرة سببها انتقال الحرب إلى مناطق امنة تشكل مراكز لحماية النازحين الفارين من الحرب ومركز للمساعدات الانسانية، وهو ما يسقط تبرير الدعم السريع بأن دوافع الهجوم مرتبطة بحشد الجيش لقوات لمهاجمتهم في الخرطوم، بافتراض صحة ذلك فهو ليس بالمبرر على الاطلاق، بالمقابل ايضا ليس بمبرر للعودة إلى التعبئة الشعبية، لأن مبررات انسحاب الجيش التي اطلقها قائد الفرقة الأولى وفقا للوسائط تطرح سؤال دور الجيش في حماية صفوفه من انضمام مقاتلين من خارجه سواء من الاسلاميين أو غيرهم؟
فإذا لم يكن ذلك بالإمكان فإن انخراط المدنيين يجعلهم عرضة لذات السيناريو الذي برر به الانسحاب لأن النتيجة قد لا تخرج من انسحاب الجيش مرة أخرى بذات الدواعي وترك المستنفرين عرضة للمواجهة العسكرية منفردين، وتعريض المدنيين للقتل والانتهاكات في ظل عدم سيطرة للدعم السريع على مقاتليه كما يبصم سجل الاحداث المرتبطة بالانتهاكات في المناطق الحضرية التي يستهدفها ثم يسيطر عليها.
من ناحية ثانية تصاعد دعوات التسليح عبر القيادات المجتمعية او السياسية يطرح سؤال مصدر التسليح كجزء من سلسلة علاقة الحرب الدائرة بالحلفاء الاقليميين والدوليين واسواق السلاح المختلفة، بهذا فان الامر يشير إلى تعدد اطراف الحرب بما يشكل مجموعات من تجار السلاح والذهب والممتلكات المسروقة ليتسع مسرح وفاعلي تجار الحرب، لتصب دعوات التسليح والخطاب السالب وقودا جديدا في ظل حرب واسعة وعنيفة في محيط متعدد الحدود المفتوحة.
أخيراً: التعبئة والتخوين المستندة على منصة الوطنية تعطي طرفي الحرب المزيد من المساحات للاستمرار والذي يقابله خصما على حياة المدنيين وممتلكاتهم وكذلك بالجانب الاخر مسرحا لتجار الحروب سواء داخليا او خارجيا، لن يوقف الحرب طرف ثالث غير المدنيين لان ليست له ذات الغبينة تجاه السلم والوطن فطرفي الحرب ليسوا سوى ورثة لنظام الاسلاميين، فكيف لمن ورث البلاد الهلاك أن يلطف بها ورثة بذات جينات المطامح والعنف.
badawi0050@gmail.com
الوسومالجزيرة الجيش الدعم السريع الفرقة الأولى حرب 15 ابريل دارفور زالنجي زعماء القبائل محمد بدوي ود مدنيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجزيرة الجيش الدعم السريع الفرقة الأولى حرب 15 ابريل دارفور زالنجي محمد بدوي ود مدني الدعم السریع السریع على وهو ما
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع يقصف الفاشر والجيش يتقدم في غرب كردفان
قال مصدر عسكري للجزيرة إن قوات الدعم السريع قصفت بالمدفعية مدينة الفاشر شمال دارفور (غربي البلاد) صباح اليوم الثلاثاء، وإن عددا من القذائف استهدفت مواقع سكانية مكتظة بالنازحين وأوقعت عدة إصابات.
وقال مصدر ميداني للجزيرة إن الجيش وقوات الدعم السريع تبادلا القصف المدفعي بحي الصالحة جنوب أم درمان صباح اليوم.
وأشار إلى أن الجيش بعد تقدمه في حي الصالحة -آخر معاقل الدعم السريع في العاصمة الخرطوم– قام صباح اليوم بقصف مدفعي على دفاعات الدعم السريع أقصى جنوب الصالحة، بينما ردت قوات الدعم السريع على قصف الجيش بالمدفعية الثقيلة.
كما قال مصدر عسكري للجزيرة إن الجيش أحرز تقدما جديدا في ولاية غرب كردفان بعد استعادته مدينة الخوي، كما استعاد أيضا بلدة عنكوش بغرب كردفان.
وأشار المصدر إلى أن الدعم السريع استخدم الطيران المسير صباح الثلاثاء لإيقاف تمدد الجيش في ولاية غرب كردفان، وأضاف أن طيران الدعم السريع استهدف كذلك ليلة أمس مدينة الأبيض (عاصمة ولاية شمال كردفان) وضواحي الخوي صباح اليوم.
نزوح الآلافوفي ظل التطورات العسكرية الجارية، أعلنت منظمة الهجرة الدولية -أمس الاثنين- نزوح أكثر من 7 آلاف أسرة سودانية من مدينتي الخوي والنهود بولاية غرب كردفان جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الأول والثاني من مايو/أيار الجاري.
إعلانوأفادت المنظمة الدولية -في بيان- بأن الفرق الميدانية لتتبع حركات النزوح قدرت نزوح 7204 أسر من الخوي والنهود بسبب تفاقم انعدام الأمن في الأول والثاني من مايو/أيار الجاري.
وأوضحت المنظمة أن الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة النهود أدت إلى نزوح 5451 أسرة، بينما نزح ما يُقدر بـ1678 أسرة من الخوي.
وذكرت أن معظمهم نزحوا إلى داخل ولاية غرب كردفان وإلى ولاية شمال كردفان، مشيرة إلى استمرار عمليات النزوح وأن الوضع على الأرض لا يزال متقلبًا وغير قابل للتنبؤ إلى حد كبير.
معارك الطائرات المسيرةوكان مصدر عسكري قال للجزيرة -الأحد الماضي- إن الجيش استعاد السيطرة على مدينة الخوي غرب كردفان، في حين قالت مصادر محلية إن قوات الجيش استعادت أيضا السيطرة على بلدات عدة غرب مدينة الأبيض بشمال كردفان، من بينها بلدات أم صميمة والعيّارة وأبو قعود.
وإلى الشرق، أفاد مراسل الجزيرة بأن المضادات الأرضية للجيش السوداني تصدت فجر اليوم لمسيرات حاولت مهاجمة مدينتي بورتسودان شرقي السودان وعَطْبَرة شمالي البلاد.
ولا تزال قوات الدعم السريع تستخدم المسيرات في كثير من عملياتها ضد الجيش السوداني، إذ حاولت فجر الأحد مهاجمة مدينتي بورتسودان شرقي السودان وعَطْبَرة شمالي البلاد، لكن المضادات الأرضية للجيش السوداني تصدت لها، بحسب مراسل الجزيرة.
كما أن المضادات الأرضية للجيش السوداني تصدت الأحد الماضي لـ3 مسيرات على الأقل حلقت فوق مدينة عطبرة، كبرى مدن ولاية نهر النيل.
وقبل ذلك، استهدفت قوات الدعم السريع بالطائرات المسيرة مستودعاتٍ للوقود في بورتسودان، اشتعلت فيها النيران لمدة 5 أيام قبل أن تتمكن قوات الدفاع المدني من السيطرة بشكل كامل على الحرائق الأحد الماضي.
وتتهم السلطات السودانية قوات الدعم السريع بشن هجمات بطائرات مسيّرة على منشآت مدنية، بينها محطات كهرباء وبنية تحتية بمدن البلاد الشمالية، مثل مروي ودنقلا والدبة وعطبرة.
إعلانويخوض الجيش السوداني والدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في حين قدّر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.