غزة- سمعت إسلام حجيلة -فجر اليوم الخميس- صوت القصف الذي وقع كزلزال هز أرجاء مدرسة مصطفى حافظ في قطاع غزة، حيث تنزح، فهرعت على الفور إلى الخارج، وسط حالة من الفزع والرعب لم تعشها من قبل.

وكان القصف استهدف المبنى المجاور الذي يضم عديدا من أقارب إسلام، التي رأت -بعد وقت قصير- كيف تشتعل النار في المبنى، وتلتهم ألسنة اللهب أجساد الأطفال والنساء.

وأسفر القصف الإسرائيلي الذي استهدف المدرسة عن استشهاد 16 شخصا، بينهم نساء وأطفال، وإصابة العشرات، حسب وزارة الصحة الفلسطينية، وبين الشهداء 13 شخصا من عائلة واحدة، إضافة إلى 3 أسرى سابقين، أبعدتهم إسرائيل قسرا من الضفة الغربية، بينما تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي صورا مروعة للمجزرة، بينها أب يحتضن طفله، وقد التهمتهما النيران.

وتوقفت المدرسة عن استقبال الطلاب منذ الأشهر الأولى للحرب، بعدما تحوَّلت لمركز إيواء لعشرات الأسر، معظمها من حي الشجاعية شرق مدينة غزة.

جثث بكل مكان

وتقول إسلام حجيلة -للجزيرة نت- وهي تحاول استرجاع التفاصيل وسط الصدمة، رأيت "أجسادا مقطعة، وجثثا محترقة في كل مكان"، وتضيف بعد أن أجهشت بالبكاء "كنا نائمين، وفجأة سمعنا انفجارا كبيرا، وتطايرت النوافذ والأبواب فوق رؤوسنا، وخرجنا نركض، فوجدنا أقاربنا ممزقين ومحترقين والنار تشتعل فيهم".

وبحسب حجيلة، لم تكن هناك وسائل لإطفاء النيران، فسارع الناجون إلى جالونات الماء التي يستخدمونها للشرب والغسل، لكنهم فوجئوا بأنها مثقوبة ونفد محتواها بفعل شظايا الانفجار. ورغم ذلك، فإنهم حاولوا جاهدين إخماد النيران بأيديهم، وبما تبقى من الماء، لمحاولة إنقاذ الجرحى الذين كانت النار تلتهم أجسادهم.

مجزرة مدرسة مصطفى حافظ بغزة أتت فيها قنابل الاحتلال على كل شيء (الجزيرة)

وتكمل وهي تعتصر حزنا: "استشهد أولاد عمي صقر وزوجته اكتمال الأربعة، وزوجة عمي الثانية ماتت، وأخي مصاب، وأبناء عمي محترقون، لم نستطع إنقاذ أحد من داخل المبنى، وأطفأنا النار بأيدينا".

إعلان

وسادت حالة من الفوضى والهلع، عقب القصف، حيث ركض النازحون محاولين إنقاذ الجرحى وانتشال الشهداء.

ومدرسة مصطفى حافظ ليست أول مركز إيواء يتم استهدافه خلال الحرب، إذ سبق أن تعرضت عشرات المدارس التي تؤوي نازحين في قطاع غزة للقصف، ووقوع مجازر مماثلة.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي الفلسطيني، اليوم الخميس، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب خلال الـ48 ساعة الماضية 26 مجزرة دموية راح ضحيتها أكثر من 300 شهيد، ومئات الجرحى.

الطفلة حلا حجيلة تروى مجزرة المحرقة التي ارتكبتها إسرائيل في مدرسة مصطفى حافظ التي تؤوي نازحين (الجزيرة) مشاهد مرعبة

وفي القسم المجاور، كانت الطفلة حلا حجيلة (13 عاما) نائمة حين دوّى الانفجار، وبلهجة طفولية باكية، تروي ما حدث قائلة: "كنت نائمة، وفجأة كل شيء تحطم من حولي، طلعنا (خرجنا) لنجد القسم الثاني احترق بالكامل، وشفت (رأيت) طفلة صغيرة وهي تحترق، والنار تلتهم كامل جسدها".

وتتوقف حلا هنيهة باكية بحرقة، ثم تتابع: "رأيت قدم رجل كبير مقطوعة ويحملها طفل صغير بيده، ورأيت شقيقين يحتضنان بعضهما بعضا، وقد التصقا بفعل الحرق، ولحمهما ذاب على بعض من النار".

وتقول حلا إنها حملت شقيقها الصغير، وركضت باتجاه مدرسة أخرى تقيم فيها جدتها، خوفا من تكرار القصف.

ونددت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية بالاستهداف الذي تعرضت له مدرسة مصطفى حافظ، معتبرة أنه استمرار في سياسة استهداف المنشآت التعليمية.

وقال الناطق باسم الوزارة صادق الخضور "نعتبر استهداف المدارس -التي تعمل حاليا مراكز إيواء- جزءا من استهداف القطاع التعليمي بأكمله، حيث تضرر أكثر من 90% من مباني المدارس منذ بدء العدوان".

وأضاف للجزيرة نت أن "هذه المؤسسات، وفق القانون الدولي الإنساني، يجب أن تكون محمية، ونأمل من المؤسسات الدولية والحقوقية والأممية أن تتحمل مسؤوليتها في حماية هذه المدارس والمنشآت".

إسرائيل ارتكبت مجزرة بحرقها النازحين داخل مدرسة مصطفى حافظ بغزة كما فعلت مرارا (الجزيرة) سياسة المجازر

من جهته، يقول رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الدكتور رامي عبده إن "الجريمة المروعة" التي ارتكبتها إسرائيل بقصف النازحين داخل مدرسة مصطفى حافظ في مدينة غزة، تمثل "امتدادا لنمط متكرر من استهداف مراكز الإيواء منذ 21 شهرا".

وأشار عبده -الذي فقد ابنة عمّه "ضحى" و3 من أطفالها في هذا القصف- إلى أن الاحتلال "أصدر أوامر تهجير لسكان شرق غزة، ثم استهدفهم عند لجوئهم غرب المدينة بقذائف حارقة ومدمّرة، حتى تفحَّمت أجسادهم".

وأضاف "في هذه المدرسة كان مشهد الأب الذي يحتضن طفله في لحظاته الأخيرة، شهادة دامغة على فظاعة ما يتعرض له المدنيون في غزة، وخلال الأيام الثلاثة الماضية فقط، قُصفت 7 مدارس، بعضها مأهول بالنازحين وبعضها بعد إخلائه، مما يؤكد وجود نهج تدميري شامل يستهدف مقومات الحياة في القطاع".

واعتبر عبده أن "المجزرة ليست معزولة، بل تأتي في سياق سياسة ممنهجة هدفها بثّ الرعب وتفريغ غزة من سكانها، وتكريس واقع الإبادة الجماعية".

وأشار إلى أن "ارتفاع وتيرة المجازر تزامن مع الحديث عن تهدئة مرتقبة، في محاولة لاستخدام دماء المدنيين كورقة ابتزاز سياسي".

إعلان

وختم عبده بمطالبته بتحرك دولي عاجل، وقال إن "المطلوب من المجتمع الدولي ومؤسسات العدالة الدولية الخروج من دائرة الصمت، والعمل على وقف هذه الإبادة ومساءلة مرتكبيها، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مدرسة مصطفى حافظ

إقرأ أيضاً:

مذابح يومية في غزة وإخلاءات متواصلة تحت نيران القصف

إجبار سكان مناطق واسعة على النزوح تحت نيران القصف

تصعيد خطير للعمليات العسكرية الإسرائيلية وارتكاب مذابح يومية

تركيز القصف على مراكز الإيواء ومدارس تؤوي نازحين

إسرائيل تحاول حصر الفلسطينيين في مواصي خان يونس جنوب غزة

اكتظاظ سكاني وظروف إنسانية صعبة يعيشها النازحون في غرب غزة

استشهاد أكثر من 20 فلسطينيا في استهداف استراحة على شاطئ غزة

تحذيرات من نقص حاد في الأدوية ومناشدات لإنقاذ المرضى

 

الرؤية- غرفة الأخبار

تشهد الأيام الأخيرة تصعيدا عسكريا خطيرا من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، من خلال القصف المُتواصل لتجمعات الفلسطينيين، وتجديد أوامر الإخلاء لسكان مناطق واسعة من مدينة غزة، وشمال القطاع، تحت نيران القصف.

وتركز القصف على مراكز الإيواء خلال ساعات الليل ونهار الإثنين، وقصف أكثر من 7 مدارس تؤوي نازحين بهدف إجبار من كانوا بداخلها على إخلائها، كما كثف من عمليات قصف العمارات السكنية والمباني التي تزيد على 3 طوابق فأكثر، في محاولة منه لمنع استغلال هذه البنايات عند تقدم قواته براً، من قبل الفصائل الفلسطينية وخصوصاً عناصر القناصة.

ويحاول الجيش الإسرائيلي، دفع الغزيين إلى مواصي خان يونس جنوباً، في مشهد يذكّر ببدايات الحرب البرية على قطاع غزة، فيما يُحاول السكان البقاء في مناطق مدينة غزة وخصوصاً غربها المكتظ بمئات الآلاف وسط ظروف إنسانية قاسية وصعبة.

ومن بين المذابح التي ارتكبها جيش الاحتلال، استهداف استراحة على شاطئ بحر غزة، حيث يتجمع السكان لتناول المرطبات واستخدام الإنترنت، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 20 فلسطينيا.

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، محمود بصل، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن طائرة إسرائيلية استهدفت استراحة "الباقة" على شاطئ مدينة غزة.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، الإثنين، أن القطاع يعاني من نقص حاد في المضادات الحيوية اللازمة لعلاج مرض التهاب السحايا، محذرا من تداعيات صحية كارثية نتيجة ذلك.

وقال المدير العام لوزارة الصحة منير البرش إنَّ الاحتلال الإسرائيلي يتعمد ارتكاب إبادة جماعية وعمليات تطهير عرقي في القطاع. وأشار إلى أنَّ 16 مستشفى فقط تعمل بشكل جزئي في قطاع غزة، في ظل الانهيار المتواصل للمنظومة الصحية، محذرا من أن أكثر من 80 ألف مريض يواجهون مخاطر جدية نتيجة النقص الحاد في الأدوية.

مقالات مشابهة

  • “حماس”: عشرات الشهداء جراء قصف إجرامي على مدرسة حافظ وخيام النازحين بغزة
  • أونروا: إيصال المساعدات لقطاع غزة يجب أن يكون آمناً وكريماً ومتاحاً للجميع
  • استشهاد 17 شخصا بقصف مدرسة مصطفى حافظ غرب غزة.. تفاصيل
  • زيزي مصطفى.. نجمة "البوسطجي" التي أسرَت القلوب ورحلت في صمت
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • الاحتلال يستهدف كل ما هو متحرك.. مأساة إنسانية وصحية تتفاقم في قطاع غزة
  • المَدْرسة المتميزة «عاتكة بنت زيد».. الإدارة التي تصنع الأثر
  • ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي على شمال وجنوب غزة إلى 20 شهيدا
  • مذابح يومية في غزة وإخلاءات متواصلة تحت نيران القصف