«بلاغة آية».. تأملات فـي عاقبة الظالمين فـي يوم القيامة «4»
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
.. والاسم مجموع: (مهطعين)؛ وذلك لبيان أنه لا يشذُّ أحدٌ عن هذا الإهطاع، والسير العاجل السريع، وشخوص الأبصار، وتجمدها على شيء واحد، تنظر إليه وترتقبه، وتسعى نحوه، لا تريم، ولا تتحول، وتراها كأنها قد أخذها السكر، وأكلها الخوف، فهي
ناظرة بشخوص شديد، ورقبة ممتدة ونظر إلى بعيد ترتقب الأمور.
وقوله:(مقنعي رؤوسهم) هو اسم فاعل من الفعل الرباعي (أقنع)، وأقنع هو فعل ثلاثي، مزيد بالهمزة، ومعناه الرفع، والشخوص للرؤوس، كما قلنا: (أقنع فلان رأسه، وعنقه:
رفعهما، وشخص ببصره نحو الشيء في ذل، وخشوع)، فالإقناع مدُّ العنق، والرأس نحو الشيء، دون أن يلوي المقنِع على شيء من خوفه، وذله، وخشوعه، وخضوعه، و(مقنعي): هي حال منصوبة، وعلامة نصبها الياء؛ لأن الكلمة جمع مذكر سالم، حُذِفَتْ نونُه للإضافة، و(رؤوسهم): مضاف إليه، وهو كناية عن الذل، والخوف، والخشوع، والخضوع، وعدم رفع الرأس من الخزي والعار، والشنار، ويمكن أن نقول في قوله:(رؤوسهم) مجاز لغوي مرسل، علاقته الجزئية؛ حيث أطلق الرأس، وأراد الجسد كله، أي ينظرون بكُلَّيتهم، وجميع أجسامهم، واختار (الرؤوس) لأنها مجمع الحواس، وأصل النظر، وإرسال دلالة المهابة، وشعور الخوف، فهو يتأتى من الحواس، ويتدرج إلى العقل، والفؤاد، والروح، وإلى كل الجسم، حيث يرى المرء أخاه عندما يخاف بهيئته، وكل حواسه فيدرك أنه وجل خائف فزِعٌ، ويشعر به بسبب ما يريه الرأس بما فيه من عين، وأنف، وفم، ولسان، ونحوها من الحواس التي يمتلئ بها الرأس، وما فيه من وجه، وما أُودِعَ فيه من وسائل الإدراك، والعلم، والحس.
وانكسار، وجر (الرؤوس) للإضافة، وهو معنى يتناغم مع الانكسار، والذلة التي هم فيها حالة حسابهم بين يديْ ربهم، كما أن الحذف في النون لأجل الإضافة فيه حذفٌ لكرامتهم، ونسفٌ لآدميتهم، وعقولهم التي عطَّلوها بظلمهم لغيرهم، وتعدِّيهم على حقوق الناس، فتلاقى الجانب النحوي، مع الجانب الدلالي، وتناغم المعنى النحوي مع المعنى السياقي، وهو من سمات لغة الكتاب العزيز.
وقوله:(لا يرتد إليهم طرفهم) هو كناية عن تجمده، وعدم طَرْفِه، وأنهم لا يملكون شيئًا، ولا إرادة لهم في أنفسهم؛ إذ كانوا في الدنيا لهم إرادة على جوارحهم، أما الآن فلا إرادة لهم، ولا يملكون أي أمر عليها، والفعل المضارع (لا يرتد) يفيد الاستمرار، و(إلى) هنا بمعنى (اللام)، أي: لا يرتد لهم طرفهم، و(إلى) تفيد انتهاء الغاية المكانية، وقال:(طرفهم)، ولم يجمعْه (كما جمع الأبصار)؛ لأنهم بمثابة رجل واحد، وله طرف واحد؛ لأنهم عن بكرة أبيهم يمضون إلى مصير واحد، وعاقبة واحده، وهذا النفي نفي ثابتٌ، وأزلي:(لا يرتد..)، ومستمر، والإضافة على معنى اللام، أيْ طرف هو لهم، وفيه وجوههم، لكن لا يعمل، ولا يمكنهم أن يجعلوه يعمل؛ لأنه لم يعد مسخرًّا لهم كما كان في الدنيا.
د.جمال عبدالعزيز أحمد
كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة – جمهورية مصر العربية
Drgamal2020@hotmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
5 ساعات على الهاتف يوميًا.. فاجعة صحية تُصيب شابًا وتمنعه من رفع رأسه
صورة تعبيرية (مواقع)
تحولت عادة يومية إلى كارثة صحية مروعة لشاب يبلغ من العمر 25 عامًا، بعد أن أصيب بما يُعرف بـ"متلازمة الرأس المتدلي"، نتيجة قضاء أكثر من 5 ساعات متواصلة يوميًا على هاتفه المحمول، بين الألعاب ومشاهدة الفيديوهات.
وفقًا لما نشرته صحيفة ديلي ميل البريطانية، فقد بدأ الشاب الياباني يعاني من ضعف شديد في عضلات الرقبة الخلفية، ما أدى إلى عجزه عن رفع رأسه، حيث أصبح ذقنه ملاصقًا لصدره بشكل دائم، وهي الحالة التي تُعرف طبيًا باسم "متلازمة تدلي الرأس" أو "متلازمة الرأس المتدلي".
اقرأ أيضاً هاتفك اختفى أو سُرق؟: بهذه الحيل الذكية يمكنك تحديد موقعه خلال دقائق 16 مايو، 2025 تحارب 3 أمراض قاتلة.. هذه الفاكهة السحرية قد تنقذ حياتك 16 مايو، 2025
ما هي متلازمة الرأس المتدلي؟:
هي حالة مرضية نادرة تحدث نتيجة ضعف أو فشل في عضلات الرقبة الباسطة، ما يجعل الشخص غير قادر على إبقاء رأسه مرفوعًا أثناء الجلوس أو الوقوف.
وفي الحالات الشديدة، لا يمكن رفع الرأس إلا عند الاستلقاء، حيث تسترخي العضلات جزئيًا.
وتُعد هذه المتلازمة عرضًا مشتركًا في بعض الأمراض العصبية والعضلية، مثل:
التصلب الجانبي الضموري (ALS)
مرض باركنسون
الوهن العضلي الوبيل
اضطرابات العمود الفقري
بعض أنواع السرطان
لكن المقلق في حالة هذا الشاب أن المتلازمة لم تُشخّص بسبب مرض مزمن، بل بفعل الاستخدام المفرط للهاتف الذكي، ما يُسلط الضوء على مخاطر متزايدة مرتبطة بالجلوس المطول وانحناء الرأس لفترات طويلة.
الأعراض التي لا يجب تجاهلها:
ميل الرأس الدائم إلى الأسفل
صعوبة في رفع الرأس دون دعم
شد وآلام في مؤخرة الرقبة
تنميل أو ضعف في الذراعين
مشكلات في البلع أو التنفس في الحالات المتقدمة
التكنولوجيا... سلاح ذو حدين:
أطباء الأعصاب وخبراء العلاج الطبيعي حذروا مرارًا من أن الاستخدام المفرط للهواتف الذكية، خاصةً في أوضاع غير صحية، قد يؤدي إلى مشاكل خطيرة في العمود الفقري والرقبة والعضلات، تصل في بعض الأحيان إلى تشوهات هيكلية دائمة.
كيف تحمي نفسك؟:
تجنب استخدام الهاتف لفترات طويلة دون استراحة
حافظ على وضعية جلوس صحية وابقِ الهاتف في مستوى العين
مارس تمارين تقوية واستطالة لعضلات الرقبة بانتظام
استشر طبيبًا فور الشعور بأي ضعف أو آلام مستمرة في الرقبة.