شوك الكلام: “أدهش ما منيت به مقولة: الصادق المهدي أعجوبة وأنه لا يمرض”
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
شوك الكلام: “أدهش ما منيت به مقولة: الصادق المهدي أعجوبة وأنه لا يمرض”
د. عبد الله علي ابراهيم
9 ديسمبر 2020
(ما أسمع واحد (سوى أنصاري مسمى) يقول يا حليل الإمام الصادق كان حكيماً في مقاس زمننا المروع)
كان مما يمزق نياط قلبي وأنا أشاهد برامج الجريمة على التلفزيون الأمريكي قول أم القتيلة التي مَثّل القاتل بجثتها: “لا بد أن فرائصها ارتعدت فزعاً”.
تواقحنا الفظ مع الإمام بينة دامغة على عيبنا المشين مع الديمقراطية. وكان يعرف عنا ذلك. فقال عن المتواقحين معه إنهم جماعة “مودرليها سلطة”. وهم البرجوازية الصغيرة المتعلمة في مصطلحي الماركسي. ووصفتها مرة بأنها في حالة “حسد انتخابي” مزمن من الإمام الذي هو في غزارة من الخلق بينما هي فئة قليلة لا تَغلِب. فهي تطلب الديمقراطية بصدق وبتضحيات ببينة أنها الطبقة التي تملك سر إدارة الدولة الحديثة. ولكن ما جاءت الديمقراطية حتى رأت ضآلة كسبها البرلماني وغلبة الطبقة الإرثية من رجال صوفية وزعماء عشائر. فتسقم ويركبها شيطان الانقلاب على الحكومة المنتخبة التي قل ألا يكون الإمام من وجوهها من فوق بسطة من الجماهيرية.
لم تطلب هذه الفئة فتحاً جماهيرياً بعمل سياسي متصل سوى على أيام مؤتمر الخريجين الباكرة أو في بدايات الحركة الشيوعية والإخوان المسلمين. ثم كف مؤتمر الخريجين عن موالاة ذلك الفتح الجماهيري، وتزاوج مع أحزاب الجمهرة التقليدية أو الطائفية. مرة يأمن لها الخريجون ومرة تركبهم حِمية “مقتل القداسة عند أعتاب السياسة” (الوطني الاتحادي من غير الختمية). أما الشيوعيون والإخوان فأجهضوا فتحهم الجماهيري بالانقلاب اليساري تارة واليميني تارة. ومتى اعتلوا دبابته استبدت بهما السلطة فبشعوا بأحزاب الكثرة بالحل والمصادرة بنشاف وجه مرموق. واستعاضوا عن بناء الحزب الجماهيري، الذي بوسعه وحده أن يُثبت مواطنتهم في النظام الديمقراطي، بأحزاب في مقاس المصالح الحكومية تنقضي بانقضاء حكمهم وتتبخر. وتنهض البرجوازية الصغيرة من جديد لاستعادة الديمقراطية وعشمها أن مر السنين تحت ديكتاتورياتها هي نفسها لابد أكسب الناس وعياً يعتزلون به تلك الأحزاب في دورة ديمقراطية جديدة. ولم تصدق حساباتهم لأنها لم تُسبق بعمل سياسي جماهيري يتولد عنه هذا الوعي المنتظر.
وانتهت أحزاب البرجوازية الصغيرة المدينية إلى محاق كما نرى. واعتزلها من أراد التعويض عنها بحمل الأحزاب التقليدية على إصلاح نفسها بـ”المؤسسية” ويعنون بها طلاق الحزب من الجماعة الدينية واستبعاد بيت الزعامة الدينية من قيادته. فانطبق عليها سياسياً قولنا “الكديسة أم خيط”. وتقال العبارة في الذي بلا دار يتغشى الأبواب. فظلوا طوال عهد الإنقاذ يدعون من غير تفويض وببجاحة أحزاب الغزارة مثل حزب الأمة أن يتحولوا إلى المؤسسية كما مر. وهذه عودة ركيكة لخطة الجيل الأول من البرجوازية الصغيرة. جاء ذلك الجيل لمثل حزب الأمة يطلب الوجاهة في غزارته بغير شروط. أما جيل الكديسة أم خيط فيريد نفس الوجاهة بشروطه يتطفل بها على تكوين تاريخي. وأشفقني دائماً إرخاء الإمام أذنه لدعوتهم الباطلة فيقلل مثلاً من دور الإرث في منازل بناته وأولاده في الحزب. أما السيد محمد عثمان فكلما قالوا “المؤسسية” رد عليهم بـ”المرجعية” فشتت شملهم. عاش أبو هاشم.
والإمام شهيد للديمقراطية بوجوه عديدة. فمن سَقط قول من عاشوا فترة رئاسته للوزارة إنه كثير الكلام قليل الفعل: أبو الكلام أزاد. ويفوت عليهم أنهم يحاكمون حاكماً في وضع ديمقراطي بما تعودوه من الديكتاتوريين صاعقة النجم الذين ركبوهم طويلاً. ومنهم من كان يعدمهم الشهادة والنضم، ويفصل الواحد منهم بنشرة الثالثة بالراديو، بل ويلحقه بيده. فالديمقراطية لمن صح اعتقاده فيها كلام في كلام لأن المسؤول فيها تلجمه تحالفات سياسية وبرلمان وقضاء وشارع لا ينضب.
لم يرد الإمام أن يغادرنا إلى دار خير من دارنا بغير أن يطلعنا على أقحوان جراحه من فرط كزازتنا نحسده على صحة الجسد العابد التقي. لقد أمضه بصمت “شوك القول” كما قال الشاعر أسامة تاج السر في رثائه.
IbrahimA@missouri.edu
الوسومالإمام الصادق المهدي البرجوازية الختمية الديمقراطية السودان الطائفية حزب الأمة د. عبد الله علي إبراهيم عاش أبو هاشم عهد الإنقاذالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإمام الصادق المهدي البرجوازية الختمية الديمقراطية السودان الطائفية حزب الأمة د عبد الله علي إبراهيم الصادق المهدی
إقرأ أيضاً:
شاهد بالصور.. خلال نهائي كأس الملك.. جماهير الإتحاد السعودي تكرم الإداري السوداني العم كمال الذي خدم النادي لأكثر من 40 عام وترفع صورته بالمدرجات في “تيفو” عالمي
أعدت جماهير فريق الإتحاد السعودي, خلال نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين, تكريم عالمي للإداري بالنادي كمال أبشر.
وبحسب رصد ومتابعة محرر موقع النيلين, فقد شهدت المباراة النهائية التي جمعت الإتحاد, بالقادسية, رفع جماهير “الإتي”, “تيفو” عليه صورة الإداري السوداني, الجنسية كمال الملقب بالدولي.
واحتفي جمهور نادي الاتحاد السعودي, بأحد أبرز رموزه، حيث قضى العم كمال, نحو 40 عامًا من عمره في خدمة الفريق.
وفي لفتة وفاء مؤثرة، رفعت جماهير نادي الاتحاد السعودي لافتة عملاقة تحمل صورة الإداري كمال الدولي، خلال مباراة نهائي كأس ملك السعودية أمام القادسية مساء الجمعة، والتي كسبها الاتحاد بنتيجة 3- 1 ليتُوّج (العميد) بالكأس، محققًا بذلك ثنائية تاريخية هذا الموسم (الدوري والكأس).
محمد عثمان _ الخرطوم
النيلين
إنضم لقناة النيلين على واتساب