عربي21:
2025-12-13@22:36:01 GMT

على قدر مكانة مصر كان حجم الغضب والاحتجاج

تاريخ النشر: 27th, July 2025 GMT

لماذا التركيز على مصر، وتحميلها المسئولية دون غيرها عن حصار غزة وتجويع أهلها، وموتهم جوعا؟ لماذا نسيان أو تجاهل حجم المساعدات التي قدمتها مصر والتي تمثل فوق السبعين في المائة من جملة المساعدات العالمية لغزة؟ لماذا تجاهل الأدوار الكبرى لمصر تجاه القضية الفلسطينية وخوضها 4 أو 5 حروب بسببها؟ لماذا التركيز على معبر رفح وتجاهل المنافذ البحرية والجوية الأخرى المتاحة لإيصال المساعدات؟ لماذا التظاهر والحصار والغلق للسفارات المصرية، وتجنب سفارات العدو وشركائه الأمريكان؟ ولماذا لا يتم انتقاد تركيا أيضا؟

هذه هي الأسئلة الرئيسية التي يواجه بها النظام المصري وأبواقه الإعلامية ولجانه الالكترونية؛ سلسلة الاحتجاجات النوعية الجديدة التي تصاعدت مؤخرا (مثل غلق السفارات واقتحام مقر أمني.

. الخ) تنديدا بموقفه تجاه غزة، والمشاركة في حصارها وتجويع أهلها. وبعيدا عن هزلية بعض تلك الأسئلة، ورغبتها في حرف الأنظار عن الدور المصري إلى غيره من الدول، فإن الذين يسألون هذه الأسئلة لا يعرفون قيمة وقدر مصر كما يعرفه المحتجون والمتظاهرون ضد نظامها؛ الأولون (أصحاب تلك الأسئلة) يرون مصر دولة ضعيفة عاجزة عن المواجهة غير قادرة على فرض كلمتها، وغير راغبة أو غير قادرة على خوض حرب، بينما يراها المحتجون دولة مركزية، عظيمة، أم العرب أو شقيقتهم الكبرى، وصاحبة الدور التاريخي تجاه فلسطين وغزة على وجه الخصوص، وأنها القادرة بحكم قيمتها ومكانتها على فرض ما تريد من سياسات وإجراءات دعما للأشقاء في غزة، وأن هذه القدرة ليست مجرد كلام نظري، أو أمنيات فارغة، بل تم تنفيذها من قبل في محطات متعددة؛ كان أبرزها فرض كلمتها لوقف العدوان على غزة في العام 2012، وفتح المعبر بقرار أحادي على مدى 24 ساعة لدخول المساعدات وخروج المرضى والمصابين والطلاب والمغتربين، مصر التي تمتلك واحدا من أقوى الجيوش في العالم لا ترغب في الحرب ولكنها لا تخشاها، ولا تتهرب منها إذا أصبحت الخيار الوحيد.

فارق كبير بين من ينظر لمصر أنها من أهل العزم (وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم)، ومن يراها جرذا مذعورا يخشى المواجهة، مضطرا لتقديم فروض الولاء للعدو حتى يتجنب أذاه، وما ذلك بمنجيه، فالعدو لا يزال مصرّا على تهجير أهل غزة أو جزء كبير منهم إلى مصر، وقد اتخذ خطوات تمهيدية لذلك أمام نظر النظام المصري الذي وقف مشلولا لا يقوى على المواجهة، بدءا من احتلال الجيش الإسرائيلي لمعبر فيلادلفيا بالمخالفة لاتفاقية السلام وملاحقها، وصولا إلى إقامة ما وصفه كذبا بالمدينة أو المنطقة الإنسانية الآمنة على الحدود المصرية تماما، لتكون الخطوة الأخيرة هي تفجير الحدود ودفع الفلسطينيين للهرب إلى مصر للنجاة.

صحيح أن الموقف الرسمي المعلن حتى الآن برفض التهجير، وهو موقف يستحق التقدير، لكنه قد لا يصمد أمام سيف العدو وذهبه، وفي ظل حالة الضعف التي يظهر بها النظام عبر أبواقه ولجانه، وفي ظل المشكلات الاقتصادية الكبرى التي دفعته ولا تزال تدفعه لطلب المزيد من القروض الخارجية، والتي يتعثر حاليا في سداد أقساطها وفوائدها فيلجأ إلى بيع أصول الوطن، ويدخل ترامب على الخط ليساوم السيسي بمزيد من المساعدات المالية، وبمياه النيل (أي التدخل لدى إثيوبيا للحفاظ على حصة معقولة لمصر في المياه) مقابل قبول مصر تهجير أهل غزة أو جزء منهم.

الذين يدافعون عن موقف النظام ويطرحون ما سبق من شكوك دفاعا عنه؛ لا يعرفون أو يتعامون عن رؤية المظاهرات الكبيرة التي استهدفت سفارات العدو الصهيوني، وأكبر داعم له (الولايات المتحدة)، وقد شارك مصريون إلى جانب غيرهم من الجنسيات في تلك المظاهرات، ولو سمح النظام المصري بحرية التظاهر في مصر فإن المصريين سيتوجهون على الفور صوب سفارتي واشنطن وتل أبيب، ولكن لأن التظاهر ممنوع في مصر فقد أبدع الشباب المصريين في الخارج طرقا مبتكرة للتعبير بطرق سلمية فردية وإن بدت صادمة للبعض، لكن ظهر أنها أقوى تأثيرا من تظاهرات الحشود البشرية؛ مع أهمية هذه المظاهرات أيضا كشكل احتجاجي سلمي.

كما فات المشككين أن الغضب لم ينصبّ على مصر فقط من بين الدول العربية والإسلامية بل طال الأردن، والسعودية، والإمارات، لكن مصر تبقى هي الأكثر تحملا للمسئولية بحكم التاريخ والجغرافيا، والقدرة على الإنقاذ وإيصال المساعدات بفضل امتلاكها للمعابر القريبة من غزة، ومن هنا كانت جرعة النقد لها أكبر من غيرها.

وبعيدا عن مشكلة معبر رفح، فقد أعلنت السلطات المصرية عن إرسال مئات الشاحنات على مدى الأيام الماضية، عبر معبري كرم أبو سالم وزيكيم، وهنا من حقنا أن نسأل: إذا كانت مصر قادرة على إيصال تلك المساعدات فلماذا إذن تأخرت أو امتنعت عن إرسالها طيلة الأيام والأسابيع الماضية حتى لفظ مئات الفلسطينيين شيوخا وأطفالا أنفاسهم الأخيرة بسبب الجوع؟ ولماذا كان الإصرار على سَوق حجج ومبررات ثبت خطؤها عن عدم إمكانية إدخال المساعدات؟!

مرة أخرى، فإن إدخال المساعدات عمل محمود، يستحق التحية، كما يستحق التحية كل حراك أو احتجاج أو ضغط محلي أو عالمي أسهم في وصول المساعدات، وإجبار الكيان على السماح بدخولها بعد ان تضررت صورته كثيرا، ولكن المطلوب الآن الاستمرار والمضاعفة حتى يمكن إنقاذ الجوعى المقبلين على الموت، وغيرهم من أبناء القطاع المحاصر..

x.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء مصر حصار غزة الاحتجاجات تهجير مصر غزة احتجاج حصار تهجير قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

فلنغير العيون التي ترى الواقع

كل مرة تخرج أحاديثنا مأزومة وقلقة وموتورة، مشحونة عن سبق إصرار وترصد بالسخط والتذمر، نرفض أن نخلع عنا عباءة التشاؤم، أينما نُولي نتقصّى أثر الحكايات شديدة السُمية، تلك الغارقة في البؤس والسوداوية. 

في الأماكن التي ننشُد لقاءت متخففة من صداع الحياة، نُصر على تصفح سجل النكبات من «الجِلدة للجِلدة»، فلا نترك هنّة ولا زلة ولا انتهاكًا لمسؤول إلا استعرضناه، ولا معاناة لمريض نعرفه أو سمعنا عنه إلا تذكرنا تفاصيلها، ولا هالِكِ تحت الأرض اندرس أثره ونُسي اسمه إلا بعثناه من مرقده، ولا مصيبة لم تحلُ بأحد بعد إلا وتنبأنا بكارثيتها. 

ولأننا اعتدنا افتتاح صباحاتنا باجترار المآسي، بات حتى من لا يعرف معنىً للمعاناة، يستمتع بالخوض في هذا الاتجاه فيتحدث عما يسميه بـ«الوضع العام» -ماذا يقصد مثله بالوضع العام؟- يتباكى على حال أبناء الفقراء الباحثين عن عمل، وتأثير أوضاعهم المادية على سلوكهم الاجتماعي، وصعوبة امتلاك فئة الشباب للسكن، وأثره على استقرارهم الأُسري، وما يكابده قاطني الجبال والصحراء وأعالي البحار! 

نتعمد أن نُسقط عن حواراتنا، ونحن نلوك هذه القصص الرتيبة، جزئية أنه كما يعيش وسط أي مجتمع فقراء ومعوزون، هناك أيضًا أثرياء وميسورون، وكما توجد قضايا حقيقية تستعصي على الحلول الجذرية، نُصِبت جهات وأشخاص، مهمتهم البحث عن مخارج مستدامة لهذه القضايا، والمساعدة على طي سجلاتها للأبد. 

يغيب عن أذهاننا أنه لا مُتسع من الوقت للمُضي أكثر في هذا المسار الزلِق، وأن سُنة الحياة هي «التفاوت» ومفهوم السعادة لا يشير قطعًا إلى الغِنى أو السُلطة أو الوجاهة، إنما يمكن أن يُفهم منه أيضًا «العيش بقناعة» و«الرضى بما نملك». 

السعادة مساحة نحن من يصنعها «كيفما تأتى ذلك»، عندما نستوعب أننا نعيش لمرة واحدة فقط، والحياة بكل مُنغصاتها جميلة، تستحق أن نحيا تفاصيلها بمحبة وهي لن تتوقف عند تذمر أحد. 

أليس من باب الشفقة بأنفسنا وعجزنا عن تغيير الواقع، أن نرى بقلوبنا وبصائرنا وليس بعيوننا فقط؟ أن خارج الصندوق توجد عوالم جميلة ومضيئة؟ ، أنه وبرغم التجارب الفاشلة والأزمات ما زلنا نحتكم على أحبة جميلين يحبوننا ولم يغيرهم الزمن؟ يعيش بين ظهرانينا شرفاء، يعملون بإخلاص ليل نهار، أقوياء إذا ضعُف غيرهم أمام بريق السلطة وقوة النفوذ؟ 

النقطة الأخيرة 

يقول الروائي والفيلسوف اليوناني نيكوس كازنتزاكس: «طالما أننا لا نستطيع أن نغير الواقع، فلنغير العيون التي ترى الواقع». 

عُمر العبري كاتب عُماني 

مقالات مشابهة

  • لماذا قلق الجميع من بلير؟
  • فلنغير العيون التي ترى الواقع
  • مدبولي:موقع المركز في العاصمة الجديدة يُعزز مكانة مصر كبوابة قارية للاستثمارات والتجارة والدبلوماسية
  • قبل أمم أفريقيا 2025.. أزمة مكافآت تهز معسكر «صقور الجديان » وتشعل الغضب
  • بين الغضب والمفاوضات.. أزمة مصدق تهدد الاستقرار الفني والمالي للزمالك
  • 4 طرق لتكون حازما بدون قسوة مع أطفالك .. تعرف عليهم
  • استقالة الحكومة البلغارية غداة تظاهرة حاشدة
  • سورية توقف شخصين لنشر رموز النظام السابق
  • عاجل- مدبولي: البحث العلمي ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة مصر الدولية
  • القضاء الأعلى يوبخ مسؤولًا بعد كتاب عن إسقاط النظام السياسي في العراق