قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إنه قد يتوهم بعض الناس التعارض بين نفاذ القدر والدعاء، فلا ينبغي للمسلم توهم التعارض بين نصوص الشرع الشريف.

دعاء أوصى به الرسول عائشة.. كلمات ترزقك لطفا في القضاء الإيمان بقضاء الله.. خطيب المسجد النبوي: ركن يستوجب التسليم بالأقدار خيرها وشرها فائدة الدعاء مع القضاء

وأضاف علي جمعة، في منشور له، أن الشرع جاء بحتمية الإيمان بالقدر، وجاء بالحث على الدعاء، وذلك لأن الدعاء عبادة لها أثرها العظيم، والقضاء أحد أركان الإيمان.

وتابع: وسيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يدع الدعاء قط, فكم رفعت محنة بالدعاء, وكم من مصيبة أو كارثة كشفها الله بالدعاء، ومن ترك الدعاء فقد سد على نفسه أبوابا كثيرة من الخير.

وقد قال الغزالي في هذا الشأن: "فإن قلت: فما فائدة الدعاء والقضاء لا مرد له؟ فاعلم أن من القضاء رد البلاء بالدعاء, فالدعاء سبب لرد البلاء واستجلاب الرحمة, كما أن الترس سبب لرد السهام, والماء سبب لخروج النبات من الأرض, فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان, فكذلك الدعاء والبلاء يتعالجان". وليس من شرط الاعتراف بقضاء الله تعالى ألا يحمل السلاح.

الحكمة من القضاء والقدر

كشف الدكتور علي جمعة ، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، عن حكمة في القضاء والقدر ، منوها أنه توجد حكمة عالية في قضية القضاء والقدر، وهي حكمة الابتلاء بمسألة الرضا عن الله.

وأضاف علي جمعة، في منشور له ، أن الإنسان لا يعلم ماذا كتب عليه غدًا؛ ولذلك من حقه أن يتمنى، وأن يسعى إلى تحقيق ما هو مباح ومشروع، فعندما لا تتحقق هذه الأماني والأحلام ويختلف ما رتبه المخلوق مع ما أراده الخالق يظهر الإيمان الحقيقي، فإذا كان ما كتبه الخالق أحب إليه مما رتبه لنفسه فذلك المؤمن الصالح، وإن أبى واعترض وسخط فذلك العاصي الجاهل، والذي قد يترتب على عدم رضاه وسخطه الخروج من الملة والعياذ بالله.

وقال علي جمعة ، إن الإيمان بالقدر خيره وشره، هو من أهم مظاهر الإيمان بالله، حيث يعني الرضا بالله ربا وحاكما، وهو كذلك ثمرة الإيمان بالله وحلاوته. ويتمثل دستور الإيمان بالقدر في قوله تعالى : ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر :49]، وما قاله عبادة بن الصامت رضي الله عنه لابنه: «يا بنى إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ،وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، سمعت رسول الله يقول : « إن أول ما خلق الله القلم، فقال له : اكتب. قال : رب وماذا أكتب ؟ قال : اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ». يا بنى إني سمعت رسول الله يقول : « من مات على غير هذا فليس منى »( أخرجه أحمد ، أبو داود - واللفظ له).

وأورد علي جمعة ، قول النبي لابن عباس رضي الله عنه : « واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف »( أخرجه أحمد، والترمذي).

وذكر أنه ينبغي على المسلم أن يعتقد اعتقادًا جازمًا بأنه لا فعل إلا الله، وأن كل ما يجري في الكون، وكل ما جرى، وكل ما سيجري، هو فعل الله سبحانه وتعالى، وأن الله كتب هذا الفعل من الأزل.
فالإيمان بالقضاء والقدر هو التعبير الفعلي للإيمان بالله، فإن كنت تؤمن بوجود الله وصفات كماله وجلاله وجماله، فيجب أن تؤمن بأثر هذه الصفات وهي أفعاله سبحانه وتعالى، فالإيمان بأفعال الله أن تؤمن بأنه لا فعل إلا لله، وأن ترضى بما يصدر في الكون عن الله حتى تكون عبدًا ربانيًا.

وأشار إلى أنه لا تنافي بين اعتقادك أن الفعل لله وحده، وبين كونك مختارًا مريدًا، فإن اختيار الإنسان وإرادته محسوس لا ينكره عاقل، ومن أنكره كذب بالمحسوس، وكذب بنصوص القرآن، التي أثبتت للإنسان قدرة ومشيئة واختيارًا، قال تعالى : ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾، وقال سبحانه : ﴿مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾.

وأكد أن الصواب في تلك المسألة أن تثبت لنفسك فعلًا واختيارًا، وأن تعتقد أن الله هو الفعال وهو صاحب الأمر، ولا يخرج أمر من دائرة قهره سبحانه، فالقدر سر الله في خلقه، ولذا ترى بعض العارفين كأبي العباس الحريثي يقول : "من نظر إلى الخلق بعين الشريعة مقتهم ، ومن نظر لهم بعين الحقيقة عذرهم". فالعارف مستبصر بسر الله في خلقه.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدعاء القضاء علي جمعة الأزهر علی جمعة

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الكذب عارض بشري والسكوت لا يعني دائما الرضا

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان من العوارض البشرية الكذب: وهو خطأ متعمد عن سوء نية، لذلك هو خطيئة ويكون لحقد أو تدبير سيء أو خجل أو نحو ذلك.

واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه من الكذب ايضا الذهول ويكون عن عدم تركيز الأمر وقلة العناية به، ويكون عن دهشة من أمر طارئ، ومن العوارض البشرية الإكراه من الغير سواء أكان أدبياً أو مادياً.

أجمل دعاء فى الصباح.. ردده يسخر الله لك من يقضي حاجتك ويفرج كربتكهل يُجدّد السحر في شهر صفر؟.. انتبه لـ7 حقائق واحتمي بـ 3 أدعية

واشار الى ان كل هذه العوارض التي تعتري الإنسان تجعل الأصل أنه "لا ينسب لساكت قول"، فالناقل قد يقع في شيء من العوارض البشرية، فإذا سكت المنقول عنه لا ينسب له قول ذلك القائل ولا بد من التحري ومن هنا اخترع المسلمون علوم التوثيق في جانب القرآن، وضبطوا المسألة غاية الضبط ليس فقط على مستوى الآية أو الكلمة أو الشكلة، بل على مستوى الأداء الصوتي وفي جانب السنة أبدوا أكثر من عشرين علما لضبط الرواية، والنبي ﷺ يحذر من هذا فيقول : « من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار ».

وفي جانب العلوم المختلفة أوجدوا أسانيد الدفاتر أي الكتب في العلوم جميعًا، ونراهم في جانب القضاء يؤكدون على العدالة والضبط في الشاهد، فليس كل أحد تقبل شهادته، بل لابد من حالة نأمن فيها تقليل العوارض البشرية، وضبط النقل متمثلا بالحديث النبوي الشريف فعن ابن عباس قال : « سُئل النبي ﷺ عن الشهادة. قال : هل ترى الشمس ؟ قال : نعم.  قال : على مثلها فاشهد ».

أما إذا لم يكن قد صدر عنه القول أو الفعل أصلا فهو أشد من الحالة الأولى، ولا يكلف قطعا برد كل بهتان عليه، ويذكر الإمام السخاوي في الضوء اللامع أبياتا عن شيخه يلخص فيها تلك الحالة : 
كم من لئيم مشى بالزور ينقله   ** لا يتقي الله لا يخشى من العار 

يود لو أنه للمرء يهلكه**ولم ينله سوى إثم وأوزار 

فإن سمعت كلاما فيك جاوزه ** وخل قائله في غيه ساري 

فما تبالي السما يوما إذا نبحت

** كل الكلاب وحق الواحد الباري 

وقد وقعت ببيت نظمه درر  **قد صاغه حاذق في نظمه داري 

لو كل كلب عوى ألقمته حجرا   ** لأصبح الصخر مثقالا بدينار

وعلى الرغم من تقرر هذه القاعدة في الشرع نقلا وشهادة وقضاء وعلماً فإن الشرع استثنى منها شأن كل قاعدة ما يستوجب الاستثناء لغرض صحيح أخر فقال رسول الله ﷺ: « البكر تستأمر فتستحي فتسكت. قال : سكاتها إذنها ».

فأيام ما كانت الناس تستحي وكان الحياء خلقا كريماً كانت البنت تخجل عندما يتقدم لها خاطب فإذا سألها أبوها استحت فقدر الشرع هذا الحياء، والنبي ﷺ يقول : « الحياء خير كله ». فاكتفى بصمتها عن إذنها، وهي أيضًا إذا كرهته أو رفضته لا تخجل من إبداء رأيها والجهر به، ومن هنا جاء في الثقافة الشائعة (السكوت علامة الرضا) وهو علامة قاصرة على البكر التي تستحي فتعميم هذه العلامة ليس بسديد.

هل لنا أن نواصل أصولاً لحياتنا الثقافية نرجع إليها جميعا وتكون بمثابة الدستور أو بمثابة ميثاق الشرف الثقافي أو إننا سنظل هكذا في متاهة حوار الطرشان نسير من غير أصول نسعى في حياتنا الثقافية على غير هدى.

طباعة شارك الكذب عقاب من يكذب علي جمعة

مقالات مشابهة

  • حضرتك مش محتاج حد.. الشيخ خالد الجندي: علاقتك بالله لا تحتاج وسيطا
  • علي جمعة: الكذب عارض بشري والسكوت لا يعني دائما الرضا
  • علي جمعة: الرضا والتسليم والتوكل مفاتيح النجاة في عالم يملكه الله
  • الطريقة الصحيحة للدعاء المستجاب
  • الأزهر: استحضار الأحزان مرهق للنفس فاحرص على ما ينفعك واستعن بالله
  • لا تنسوا الدعاء فهو عبادة يحبها الله
  • جعجع: سلاح حزب الله بلا فائدة ولم يعُد يُخيف إسرائيل
  • أمين الفتوى: تأخير الصلاة عن وقتها دون عذر ذنب يستوجب التوبة والقضاء
  • كيف نؤمن بالمهدى المنتظر؟.. علي جمعة يوضح
  • علي جمعة يكشف من هو المنافق الحقيقي