الاحتلال الإسرائيلي يشن حملة إبادة شاملة تستهدف قطاع الثقافة والتراث الفلسطيني
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
قالت وزارة الثقافة الفلسطينية إن الاحتلال الإسرائيلي يشن حملة إبادة شاملة تستهدف قطاع الثقافة والتراث الفلسطيني.
جاء ذلك في تقرير أصدرته الوزارة، أوجزت فيه مجمل الانتهاكات الإسرائيلية بحق قطاع الثقافة في فلسطين، خلال عام 2023.
وقال وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف "إن إسرائيل تشن حملة إبادة ممنهجة وموجهة تستهدف قطاع الثقافة والتراث بمكوناته المادية وغير المادية بشكل مباشر، سعت من خلالها لمحو الذاكرة الوطنية وتعزيز تشويه الحقائق ومحاربة الرواية الفلسطينية".
وأكد أبو سيف "أن كل سياسات الاحتلال لن تغير الحقيقة الأزلية والأبدية أن فلسطين للفلسطينيين، فهم أهل البلاد وأصحابها".
وأضاف أن "الحرب الممنهجة التي تشنها دولة الاحتلال على شعبنا هي استكمال للنكبة التي بدأت قبل خمسة وسبعين عاما، وما زالت مستمرة، وخلالها واصلت سرقة التراث والآثار والمقتنيات الثقافية وسلب ونهب منجزات شعبنا ومحاربة روايتنا الوطنية".
ومن أبرز الانتهاكات الإسرائيلية بحق القطاع الثقافي الفلسطيني خلال عام 2023، وفق بيان الوزارة، اغتيال وقتل فنانين وكتاب واعتقال بعضهم على خلفية أعمال فنية ومحتوى فني، والأسرلة والتهويد، خاصة في المناطق الأثرية والبلدات القديمة في القدس ونابلس والخليل وسبسطية، وتدمير مبانٍ تاريخية وأثرية ومتاحف، وتدمير ميادين عامة ونصب تذكارية وأعمال فنية في الميادين العامة وجداريات فنية، وسرقة الآثار واللقى الأثرية في مناطق القدس ونابلس والخليل وغزة خلال العدوان المتواصل، وهدم مؤسسات ثقافية ومسارح ومطابع وجاليرهات فن ومكتبات ودور نشر ومراكز للأرشيف، وإغلاق مؤسسات ثقافية ومؤسسات عاملة في قطاع الثقافة بالقدس، ومنع نشاطات ثقافية في القدس، وحرمان من التنقل للمشاركة في فعاليات ثقافية داخل فلسطين، ومنع العديد من الفنانين والكتاب من السفر للمشاركة في فعاليات ثقافية خارجية.
وجاء في التقرير أن قوات الاحتلال استهدفت معالم المدن الفلسطينية فقصفت الميادين العامة والنصب والأصرحة التذكارية والحدائق والجداريات الفنية، وقد تم رصد عشرات الاستهدافات لأعمال فنية ونصب تذكارية في الميادين العامة، خاصة في مدينة غزة.
وأضاف أن جيش الاحتلال دمر كل النصب التذكارية في الميادين العامة على طول شارع الرشيد من مفترق السودانية شمال غزة حتى جسر وادي غزة، كما قام بتجريف وتدمير حديقة الجندي المجهول في حي الرمال والنصب التذكاري الشهير فيها، كذلك دمر تمثال العنقاء في قلب ميدان فلسطين في غزة الذي يشير إلى شعار مدينة غزة، إلى جانب استهداف المجسم الفني (الحروف) في منطقة تل الهوى، وتدمير النصب التذكاري لصرح الشهداء الستة في مخيم جباليا وغيرهم الكثير.
وبين التقرير أن "دولة الاحتلال اتبعت الآلية ذاتها في استهداف الميادين العامة والنصب التذكارية في الضفة الغربية، مثل استهداف معالم رئيسة في مدينة جنين، منها ميادين الشهداء، وتدمير وسرقة التمثال الحديدي (حصان جنين) الذي صنعه النحات الألماني وماس كبلبر من مخلفات اجتياح الاحتلال لمدينة جنين ومخيمها عام 2002 وهو أحد الشواهد على جرائم الاحتلال".
وأضاف أنه في"الوقت الذي يستمر فيه العدوان على قطاع غزة، فإنه من المؤكد أن المتاحف والمواقع الأثرية تتعرض لعملية تدمير لمحتوياتها".
وفي هذا السياق، أعربت وزارة الثقافة عن قلقها من أن تتعرض اللقى الأثرية والتمثايل والجرار القديمة لعمليات سرقة على يد جنود الاحتلال أو بعض لصوص الآثار الذين قد يصاحبون الجيش في عملياته العدوانية، وطالبت منظمة "اليونسكو"، والصليب الأحمر بتشكيل لجنة أممية للكشف عن هذه الآثار والمواقع المستكشفة والمتاحف.
وخلال العام المنصرم، استشهد عدد كبير من الفنانين والكتاب والمبدعين خلال مجازر الاحتلال بحق شعبنا، وقد استطاعت الوزارة رصد استشهاد 44 من العاملين في قطاع الثقافة من مبدعين وكتاب، أربعة منهم في الضفة الغربية فيما تركز الجزء الأكبر في قطاع غزة، في حرب الإبادة على شعبنا هناك، من شعراء وروائيين وكتاب وأعضاء في فرق دبكة بما في ذلك فرق الأطفال.
وشملت الاستهدافات قامات أدبية وفنية كبيرة كان لها دور هام في إثراء الثقافة الفلسطينية من شعراء وفنانين تشكيليين وموسيقيين.
وبين التقرير أن عمليات الاعتقال والتوقيف بحق الفنانين تواصلت، حيث اعتقلت قوات الاحتلال 9 من المبدعين بسبب إنتاجاتهم الفنية من غناء وموسيقى، إلى جانب صنّاع المحتوى، خاصة في الضفة الغربية.
وشملت الانتهاكات الإسرائيلية، كذلك، تدمير المباني التاريخية والأثرية والثقافية، إذ بلغ مجموع ما تم رصده من مباني مدمرة في قطاع غزة، وفق التقرير، 207 يمكن تصنيفها كاالتالي: 144 مبنى في البلدة القديمة من مدينة غزة، منها مباني أعطت المدينة شكلها وهويتها التاريخية مثل القيسارية أو سوق الزاوية وحمام السمرة وسبط العلمي وقصر الباشا، و25 مبنى وكنيسة ومسجدا ومواقع أثرية أهمها المسجد العمري وكنيسة القديس برفيريوس ومسجد السيد هاشم، ومسجد كاتب ولاية وغيرها، و26 مركزا ثقافيا ومسرحا، و9 دور نشر ومكتبات، و3 شركات إنتاج فني وإعلامي.
كذلك، شملت انتهاكات الاحتلال استهداف متاحف، مثل متحف القرارة، ومتحف رفح، ومتحف البادية، وفندق المتحف، ومتحف الباشا، إضافة لتدمير نصب تذكارية وميادين عامة في الضفة وغزة، والعديد من المباني التاريخية خلال اجتياح البلدة القديمة من نابلس، وتدمير مقر الأرشيف المركزي لمدينة غزة.
واقتحمت قوات الاحتلال، بحسب ما جاء في التقرير، 14 مركزا ثقافيا في الضفة الغربية، منها مكتبتان تم الاستيلاء على محتوياتهما وإغلاقهما، إضافة للاعتداء على أكثر من 5 مؤسسات في مدينة القدس، واقتحام وفض العديد من النشاطات والتجمعات الثقافية.
وواصلت سلطات الاحتلال حرمان الكتاب والمثقفين والفنانين الفلسطينيين من السفر، وبالتالي عدم المشاركة في الفعاليات المتنوعة وعدم تمثيل فلسطين في المحافل الدولية، كما منعت العديد من الكتاب والفنانين والناشرين العرب من المشاركة في معرض فلسطين الدولي للكتاب الذي نظمته الوزارة في سبتمبر عام 2023، إلى جانب حرمان مئات الكتاب من غزة من المشاركة في فعاليات الوزارة برام الله، خاصة ملتقى الرواية، ويوم الثقافة الوطنية، ومعرض الكتاب.
وفي مدينة القدس المحتلة، بين التقرير أن المشهد الثقافي يعاني من محاولات التشويه والتحريف المستمرة للتاريخ والمواقع الأثرية ومحاربة الفعل الثقافي بكافة أشكاله، وفي سبيل ذلك ضاعفت سلطات الاحتلال من الميزانية المخصصة لعمليات الأسرلة التي تمس الثقافة العربية في القدس، حيث بلغت 284 مليون دولار.
وأشار التقرير إلى أن استهداف الاحتلال للمدينة المقدسة يشمل ملاحقة المؤسسات الثقافية بالضرائب كضريبة الدخل والضريبة المفروضة على العقارات (ارنونا) والمراقبة على أعمالها بطرق مرهقة ومبالغ باهظة، هدفها عرقلة العمل الثقافي، إضافة لتهديدات بالإغلاق، ومنع كامل لكل ما يشير إلى دعم حكومي فلسطيني رسمي علني لمؤسسات القدس.
وفي السياق ذاته، بين التقرير أن النظام التعليمي في القدس يواجه محاولات أسرلة المناهج وتجريده من المفاهيم الوطنية والعربية، بهدف محو الثقافة العربية ونشأة بيئة تعليمية يهودية إسرائيلية بكافة الطرق، عبر التعديل على المناهج ووضع معيقات لدخول الطلبة الفلسطينيين الجامعات العبرية وإضعاف التعليم العربي عموما.
وأكدت وزارة الثقافة الفلسطينية، في تقريرها، أن "المساس بالآثار الفلسطينية والممتلكات الثقافية في فلسطين هو مساس بجزء هام من ذاكرة البشرية، وعليه يجب أن يقف المجتمع الدولي وقفة حقيقية أمام مسؤولياته لحماية هذه الذاكرة".
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائيلي التراث الفلسطيني قطاع الثقافة الثقافة الفلسطینی فی الضفة الغربیة المیادین العامة قطاع الثقافة التقریر أن مدینة غزة فی القدس فی مدینة فی قطاع
إقرأ أيضاً:
مصر وإسبانيا تجددان رفض العدوان على غزة.. وخبير يحذر: الاحتلال يتجه نحو عسكرة شاملة للمجتمع
في ظل تصاعد الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، تواصل مصر دورها الفاعل في دعم القضايا العربية، وتعزيز العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
تطورات الأوضاع الإقليميةوفي هذا الصدد، تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالا هاتفيا من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، جرى خلاله بحث تطورات الأوضاع الإقليمية وآفاق التعاون بين البلدين.
ومن جانبه، قال الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أن استدعاء جيش الاحتلال الإسرائيلي لما يقارب 450 ألفا من جنود الاحتياط يعد مؤشرا واضحا على وجود نية مبيتة لدى الاحتلال لفرض التهجير القسري على سكان قطاع غزة، مما يؤكد هذا الاستدعاء أن الجيش يمتلك كميات كافية من الذخائر والأسلحة، حيث يتم تجهيز كل جندي بسلاح خاص مسجل باسمه، ما يدل على الاستعداد الكامل لتنفيذ المخطط.
وأضاف أيمن الرقب، خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن يمتلك جيش الاحتلال وفرة كبيرة في الأسلحة والذخيرة، ولا يواجه أي عجز في هذا الجانب، إضافة إلى ذلك، فقد تم تسليح مئات الآلاف من المستوطنين، إلى جانب القوات النظامية، في خطوة تعكس توجها إسرائيليا نحو عسكرة المجتمع بكامله، وتحشيد السكان اليهود إلى جانب الجيش في إطار تعبئة عامة.
وأشار الرقب: "وما يدعو للقلق هو أن ما يروج من فتور في العلاقات بين الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال قد لا يكون سوى محاولة للتضليل الإعلامي، تهدف إلى تلطيف صورة الدعم الأمريكي لإسرائيل".
وتابع: "فالحقيقة أن الولايات المتحدة هي الجهة الوحيدة القادرة فعليا على وقف هذه الحرب، وإن ادعت التفاوض أو أبدت برودا في الموقف، وبالتالي، فإن ما يشاع عن توتر بين شخصيات مثل ترامب ونتنياهو قد يكون جزءا من حملة خداع إعلامي، في حين أن هناك أمورا جوهرية يجري التوافق عليها خلف الكواليس".
دخول المساعدات الإنسانية دون عوائقوأعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن رفضهما القاطع لاستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ورفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
وشددا على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق، والعمل على تهيئة الظروف المناسبة لتنفيذ حل الدولتين، بما في ذلك توسيع نطاق الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
كما أكد الجانبان على أهمية دعم المبادرة العربية الإسلامية الهادفة إلى إعادة إعمار قطاع غزة، مع ضمان بقاء سكانه في أراضيهم، ورفض أي تغيير ديموغرافي قسري.
وصرح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الاتصال الهاتفي شهد تأكيدا متبادلا على أهمية البناء على الزخم الحالي في العلاقات الثنائية، لا سيما في أعقاب زيارة الرئيس السيسي إلى مدريد في فبراير 2025، من أجل توسيع مجالات التعاون المشترك، خاصة في القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الاتصال تطرق كذلك إلى الأوضاع في سوريا ولبنان وليبيا، حيث تم الاتفاق على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي هذه الدول الشقيقة، وتأمين استقرارها الداخلي، كما تم التأكيد على استمرار التنسيق والتشاور بين مصر وإسبانيا حيال القضايا الإقليمية، في ضوء الدور المحوري الذي تضطلع به الدولتان في تعزيز الاستقرار في المنطقة.
والجدير بالذكر، أن يأتي هذا الاتصال في إطار الجهود الدبلوماسية المصرية لتعزيز السلام الإقليمي، والتأكيد على ثوابت السياسة الخارجية المصرية تجاه القضية الفلسطينية والدول العربية الشقيقة، إلى جانب تطوير علاقات التعاون مع الدول الأوروبية الصديقة لتحقيق مصالح الشعوب والتنمية المستدامة.