أرض الصومال تمنح إثيوبيا منفذ بحري وتثير أزمة في القرن الأفريقي.. تفاصيل
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
أثارت مذكرة التفاهم التي وقعتها إثيوبيا وأرض الصومال، أمس الاثنين ردود أفعال واسعة حيث تقضي بمنح أديس أبابا منفذ بحري على البحر الأحمر، بعدما أصبحت دولة حبيسة إثر استقلال إريتريا.
أرض الصومال تمنح إثيوبيا منفذ بحري
وشهدت العاصمة أديس أبابا توقيع مذكرة التفاهم بين رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ورئيس أرض الصومال موسى بيهي، والتي تقضي بحصول إثيوبيا على 20 كم على البحر الأحمر من أرض الصومال بمدة إيجار 50 عاما.
وأكد "بيهي" خلال المؤتمر الصحفي بأديس أبابا أنه في مقابل منح الدولة الحبيسة منفذ بحري على البحر الأحمر، فإن إثيوبيا ستعترف بأرض الصومال لتصبح بذلك أول دولة أفريقية تعترف بها.
الحكومة الصومالية تعقد اجتماع طارئ
وتسبب هذا التطور الجديد في إعلان الحكومة الصومالية، أنها ستعقد اجتماعا طارئا اليوم الثلاثاء لبحث الرد على مذكرة التفاهم الموقعة بين بيهي وآبي أحمد.
ويأتي ذلك التطور بعد توقيع الصومال وأرض الصومال اتفاقية تاريخية الأسبوع الماضي تقضي بإعادة المفاوضات بين الجانبين بشأن القضايا العالقة.
رئيس الوزراء الإثيوبيوقال رضوان حسين، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإثيوبي، إن مذكرة التفاهم "ستمهد الطريق أيضًا للوصول إلى قاعدة عسكرية مستأجرة على البحر الأحمر".
وغرد رئيس الوزراء الإثيوبي عبر حسابه الرسمي بمنصة "إكس" قائلا: "ماذا يمكن أن يقال سوى شكر الخالق".
ويأتي توقيع مذكرة التفاهم نتيجة جهود متزاصلة بذلتها إثيوبيا من أجل الوصول إلى البحر الأحمر، حيث سافر وفد إثيوبي في أغسطس الماضي، بقيادة وزير النقل والخدمات اللوجستية أليمو سيمي إلى هرجيسا، عاصمة أرض الصومال، للنظر في المزيد من خيارات الموانئ لإثيوبيا.
والتقى الوفد الإثيوبي وناقش مع المسؤولين الحكوميين في أرض الصومال حول جعل ميناء بربرة خيارًا إضافيًا لأنشطة تجارة الاستيراد والتصدير الإثيوبية، وفي نوفمبر، قال أليمو سيمي إن إثيوبيا تتفاوض مع حكومة أرض الصومال لتأمين الوصول المباشر إلى الميناء البحري.
وكان من المتوقع أن تمكن الصفقة التي تم توقيعها في مارس 2018 إثيوبيا من امتلاك مساهم بنسبة 19٪ في ميناء بربرة بعد توقيع اتفاقية مع موانئ دبي العالمية وهيئة ميناء أرض الصومال في دبي، وشهدت الاتفاقية امتلاك موانئ دبي العالمية لحصة قدرها 51% في المشروع، لكن صفقة تمكين حصة إثيوبيا لم تتحقق منذ ذلك الحين.
غضب الصومال من اتفاقية إثيوبيا وصوماليلاند
وغرد مرسل خليفة النائب في البرلمان الصومالي عبر منصة "إكس"، أمس الاثنين قائلا "إن سيادة دولتنا الصومال وسلامتها الإقليمية أمر مقدس، ومن واجب حكومتنا، وكذلك المواطنين، حماية سيادتنا وسلامة أراضينا".
وأضاف النائب في البرلمان الصومالي "أعتقد أن حكومتنا، بسلطتيها التنفيذية والتشريعية، سوف تستجيب بشكل مناسب للأخبار المتعلقة بانتهاك إثيوبيا لسلامة أراضينا".
وفي السياق نفسه، أكد وزير النفط الصومالي أن "الصومال غير قابل للتجزئة! إن سيادتها وسلامة أراضيها لا تقبل المساومة".
وأشار عبر حسابه بمنصة "إكس" أن إثيوبيا تعلم جيدا أنها لا تستطيع التوقيع على اتفاق عسكري/مذكرة تفاهم لاستئجار ميناء مع رئيس دولة إقليمي - وهذا التفويض هو من اختصاص الحكومة الفيدرالية"، مؤكدا أن "إثيوبيا ليس لديه أي قرار مطلق لانتهاك سلامتنا الإقليمية".
الرئيس الصومالي السابق محمد عبد الله فرماجووقال الرئيس الصومالي السابق محمد عبد الله فرماجو أمس الاثنين، إن الاتفاقية الموقعة بين إثيوبيا وأرض الصومال تشكل خطرا على قارة أفريقيا كلها.
وأضاف فرماجو عبر حسابه الرسمي بمنصة "إكس" إن احترام السيادة والسلامة الإقليمية هو ركيزة الاستقرار الإقليمي والتعاون الثنائي. ويتعين على الحكومة الصومالية أن تستجيب بشكل مناسب.
آبي أحمد: مستقبل إثيوبيا مرهون بالنيل والبحر الأحمر
يذكر أن وسائل الإعلام الحكومية الإثيوبية أذاعت لقاء في أكتوبر الماضي يظهر خلاله رئيس الوزراء آبى أحمد قائلا "إن النيل والبحر الأحمر يحددان مستقبل إثيوبيا، وسوف يساهمون إما فى تطويرها أو فى زوالها"، وأضاف قائلا "عندما أتحدث مع مبعوثى الدول العظمى، لا يقبلون حججى بأن المشاريع الإثيوبية على النيل الأزرق هى شئوننا الداخلية، ويؤكدون أن النيل ليس شأنا خاصا بنا، بل يخص المصريين والسودانيين الذين تعتمد حياتهم عليه".
وواصل خطابه معلقا "الجميع يقول هذا؛ ليس من المحرمات لكن فى إثيوبيا، ما أجده محزنًا ومؤلمًا هو أننا نعتبر مناقشة قضية البحر الأحمر من المحرمات، حتى بين أعضاء البرلمان" وزعم آبى أحمد أنه "فى حين يناقش الغرباء بحرية مسائل مثل سد النهضة، وهى مشاريع ممولة داخليا، لماذا تجد أنه من المحرمات مناقشة قضية حاسمة مثل البحر الأحمر؟ يمكننا أن نقرر عدم الاستيلاء على البحر الأحمر، لكن لماذا لا نناقش ذلك؟ لماذا نخجل من مناقشة إيجابيات وسلبيات الحصول على منفذ إلى البحر الأحمر؟".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: رئیس الوزراء الإثیوبی على البحر الأحمر مذکرة التفاهم أرض الصومال إثیوبیا من
إقرأ أيضاً:
الانتصار اليمني في البحر الأحمر.. رسالة مدوية بنهاية عصر الهيمنة الأمريكية
يمانيون | تحليل
تمرّ الإمبراطورية الأمريكية اليوم بلحظة فارقة في تاريخها، لحظة لا تُخطئها أعين المراقبين ولا تقديرات الاستراتيجيات الجيوسياسية في العالم.
فمنذ عقود، فرضت الولايات المتحدة هيمنتها بالقوة على النظام العالمي، عبر سطوتها العسكرية والاقتصادية، فمارست الاحتلال المباشر تارة، والوصاية السياسية والنهب الاقتصادي تارة أخرى، وكانت البحر الأحمر مجرد ساحة عبور لتلك الإمبراطورية في مشاريعها نحو الهيمنة العالمية.
لكنّ معركة البحر الأحمر الأخيرة جاءت لتقلب هذه المعادلات، وتعلن بداية مرحلة جديدة لا يقرر فيها الكبار وحدهم مصير الملاحة الدولية، بل أصبح للشعوب المستضعفة – بفضل صمودها وتطور إمكانياتها الدفاعية – القدرة على فرض الوقائع الجديدة، وكسر إرادة الطغيان العالمي.
اليمن… مفاجأة التاريخ
حين دخلت القوات المسلحة اليمنية ساحة البحر الأحمر، لم تدخلها كدولة نامية محاصرة، بل كممثّل عن قضية عادلة، وموقف أخلاقي، وإرادة سياسية لا تلين.
استخدمت اليمن أدواتها العسكرية بمهارة، وأعلنت – بلغة القوة – أن الممرات البحرية لم تعد خطوطاً أمريكية حمراء، وأن مصالح الاحتلال الصهيوني ليست محصّنة، بل أصبحت تحت طائلة النار والموقف.
إن هذه المواجهة، رغم محدودية الوسائل مقارنةً بالإمكانات الأمريكية الضخمة، كشفت هشاشة الردع الأمريكي في مواجهة الإرادة الراسخة.
فكم من حاملات طائرات عبرت تلك المياه دون منازع، قبل أن تواجه اليوم طوفاناً من المسيّرات والصواريخ اليمنية الذكية التي تجاوزت الحواجز التقليدية للتفوق التكنولوجي.
تحوّل دولي في المواقف
الرسالة التي وصلت إلى عواصم العالم لم تكن عسكرية فقط، بل كانت سياسية وأخلاقية واستراتيجية. مفادها: أن الهيبة الأمريكية ليست قدراً لا يُقاوم، وأن مشاريع التسلط يمكن أن تُكسَر.
ولعل أبرز مظاهر هذا التحول، الصمت المريب – أو التراجع الخجول – من بعض حلفاء أمريكا في حلف الناتو، الذين باتوا يرون في استمرار التورط في الحروب الأمريكية عبئاً لا يطاق، وسبباً مباشراً في اهتزاز أمنهم الداخلي واستنزاف مقدّراتهم الاقتصادية.
كما بدأت شعوب أخرى تطرح تساؤلات كانت تعتبر من المحرمات: لماذا نخضع لقرارات أمريكية لا تأخذ مصالحنا بعين الاعتبار؟ لماذا نمضي خلف سياسات عدوانية تعود علينا بالخراب؟ واليمن قدم الجواب: يمكن المقاومة، ويمكن الانتصار.
البحر الأحمر… ميدان كسر الهيمنة
لقد شكّلت المعركة البحرية في البحر الأحمر والعربي ليس فقط تطوراً عسكرياً، بل لحظة مفصلية في ميزان الردع العالمي.. لم تعد قواعد الاشتباك تُدار من غرفة عمليات أمريكية أو قواعدها العائمة في البحار، بل أصبح للميدان صوت آخر، وصورة أخرى، وشعوب أخرى.
أثبتت اليمن أن التحكم بممرات الطاقة والتجارة العالمية لم يعد امتيازاً للغرب، وأن القوة لم تعد حكراً على من يمتلك التكنولوجيا، بل على من يمتلك الحق والإرادة والشجاعة السياسية لاتخاذ القرار.
بداية أفول الهيمنة الأمريكية
هزيمة أمريكا في البحر الأحمر – حتى وإن لم تعلنها واشنطن صراحة – تمثل كسرًا رمزيًا واستراتيجيًا للهيبة التي بنتها على مدى عقود، وهي بداية تحول عالمي أعمق، يتمثل في تراجع دور القطب الأوحد، وصعود قوى جديدة تفرض توازنًا في الإرادات والمعادلات.
لم يكن التراجع الأمريكي في أفغانستان، ولا التخبط في العراق، ولا التخلي عن أوكرانيا، ولا الانقسامات داخل حلف الناتو، إلا مؤشرات على دخول الإمبراطورية الأمريكية مرحلة الشيخوخة السياسية والاستراتيجية، تلك التي تحدث عنها ابن خلدون في نظريته عن أعمار الدول.
والآن، ها هو البحر الأحمر – بسواحله اليمنية – يعلن صراحةً أن العالم قد تغيّر، وأن الزمن الأمريكي يوشك على الأفول، وأن إرادة الشعوب حين تقترن بالقوة والموقف المبدئي، قادرة على إعادة صياغة الجغرافيا السياسية… من عمق البحر، إلى عرش الإمبراطورية.