ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (هل الاحتفال ببداية السنة الميلادية، بما يتضمنه من مظاهر الاحتفال كتعليق الزينة يُعدُّ حرامًا شرعًا؟

حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية.. سؤال اختفى 40 عاما هذا سبب الجدال حوله حكم النقوط في الأفراح.. هل هو دين واجب الرد أم هدية؟

وقالت دار الإفتاء، إن الاحتفال ببداية السنة الميلادية المؤرخ بيوم ميلاد سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام بما يتضمنه من مظاهر الاحتفال والفرح جائزٌ شرعًا، ولا حُرمة فيه؛ فهو من جملة التذكير بأيام الله، وصار مناسبة اجتماعية ومشاركة وطنية، وما دامَ أنَّ ذلك لا يُلزِم المسلمين بطقوسٍ دينيةٍ أو ممارسات تخالف عقائد الإسلام أو يشتمل على شيء محرم فليس هناك ما يمنعه من جهة الشرع.

وأشار إلى أن الاحتفال برأس السنة الميلادية مناسبة تتناولها مقاصد: اجتماعية، ودينية، ووطنية؛ فإنَّ الناس يودِّعون عامًا ماضيًا ويستقبلون عامًا آتيًا حسب التقويم الميلادي الـمُؤَرَّخ بميلاد سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، والاختلاف في تحديد مولده عليه السلام لا يُنَافي صحَّة الاحتفال به؛ فإنَّ المقصودَ إظهار الفرح بمضي عام وحلول عام، وإحياء ذكرى المولد المعجز لسيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، مع ما في ذلك من إظهار التعايش والمواطنة وحسن المعاملة بين المسلمين وغيرهم من أبناء الوطن الواحد.

ومن هنا كان للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة عدة مقاصد، وكلُّها غيرُ بعيد عن قوانين الشريعة وأحكامها.

فأما المقصد الاجتماعي: فهو استشعار نعمة الله في تداول الأيام والسنين؛ ذلك أنَّ تجدُّد الأيام وتداولها على الناس هو من النعم التي تستلزم الشكر عليها؛ فإن الحياة نعمة من نعم الله تعالى على البشر، ومرور الأعوام وتجددها شاهد على هذه النعمة، وذلك مما يشترك فيه المجتمع الإنساني ككلّ، فكان ذلك داعيًا لإبراز معاني التهنئة والسرور بين الناس، ولا يخفى أن التهنئة إنما تكون بما هو محلّ للسرور.

وأما المقصد الديني: فهو يوافق مولد نبي من أنبياء الله تعالى وهو سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام، ولمولده منزلة وقدسية خاصة في الإسلام؛ فإنه المولد المعجز الذي لا مثيل له في البشر؛ حيث خُلِقَ من أم بلا أب، قال تعالى: ﴿إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران: 59]، وقد صاحب مولدَه من الآيات الكونية والمعجزات الإلهية ما لم يتكرر في غيره؛ حتى ذكروا أن الله تعالى أجرى النهر في المحراب للسيدة البتول مريم عليها السلام، وأوجد لها التمر في الحال من جذعٍ يابس في الشتاء في غير وقت بدوِّ ثمره؛ كي يطمئن قلبها وتطيب نفسها وتَقَرَّ عينها، بعد ما ألجأها ألم الولادة والطلق إلى جذع النخلة تستند إليه وتستتر به، وبهذا يُرَدُّ على منكري الاحتفال بمولد سيدنا عيسى عليه السلام متعلِّلين بأنه في غير وقته؛ لأن بدوَّ التمر إنما يكون في الصيف وهو وقت تأبير النخل، لا في الشتاء، متناسين أن الإعجاز الإلهي قد احتف بهذا المولد المبارك المجيد في زمانه وأوانه، كما حف به في ملابساته وأحواله.

وذكرت دار الإفتاء، أن الفرح بيوم مولده المعجز هو أمر مندوب إليه؛ فإن القرآن الكريم قد خلّد ذِكْرَه بتفاصيله في سورة مريم، وأمر حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم بتذكُّرِه فقال: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: 16-33]، والمسلمون يؤمنون بأنبياء الله تعالى ورسله كلهم، ولا يفرقون بين أحد منهم، وهم كما يفرحون بمولد النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يفرحون بأيام ولادة الأنبياء والرسل أجمعين، وهم حين يحتفلون بها يفعلون ذلك شكرًا لله تعالى على نعمة إرسالهم هداية للبشرية ونورًا ورحمة، فإنهم أكبر نِعم الله تعالى على البشر، والأيام التي وُلِدَ فيها الأنبياء والرسل أيامُ سلام وبركة على العالمين.

وقد نص الله تعالى على ذلك؛ فقال عن سيدنا يحيى عليه السلام: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: 15]، وقال على لسان سيدنا عيسى عليه السلام: ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: 33].

كما أن في الاحتفال به امتثالًا للأمر القرآني بالتذكير بأيام الله تعالى وما فيها من نعم وعبر وآيات؛ قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5].

وأما المقصد الوطني: فهو عيدٌ لشركاء الوطن من غير المسلمين، وقد أقرّ الإسلام أصحاب الديانات السماوية على أعيادهم؛ كما جاء في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَإِنَّ عِيدَنَا هَذَا اليَوْمُ».
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء الاحتفال السنة الميلادية الزينة السنة المیلادیة دار الإفتاء علیه السلام الله تعالى تعالى على

إقرأ أيضاً:

علي جمعة يكشف عن وظائف يوم عاشوراء .. تعرف عليها

كشف الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك عن وظائف يوم عاشوراء. 

وظائف يوم عاشوراء 

وأوضح أن وظائف يوم عاشوراء تتمثل فى:

الصيامُ لِمَنْ استطاع، فإن لم يستطع الصيامَ، ووسَّعتَ على أسرتك، فقد قمتَ بسُنَّةِ التوسعة؛ فَيُرجى أن يُوسَّعُ عليك في السنة كلِّها. قال : مَنْ وَسَّعَ على عياله يوم عاشوراء، وسع الله عليه سائر سنته». [أخرجه الطبراني].

حكم صيام يوم عاشوراء فقط .. دار الإفتاء تجيبدعاء يوم عاشوراء .. 17 كلمة لا ترد بها دعوة و310 أدعية تزيد الرزق وتقضي الحوائجهل يجوز للمرأة التصدق من مال زوجها دون علمه؟.. يسري جبر يُجيبسعة ورحمة.. يسري جبر يحدد سبب تعدد الطرق الصوفية

وقد سُئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة، فقال: «يُكَفِّرُ السنةَ الماضيةَ والباقيةَ».

وسُئِلَ عن صوم يوم عاشوراء، فقال: «يُكَفِّرُ السنةَ الماضية» [رواه مسلم].

ومن وظائف هذا اليوم كذلك: الذِّكر، والدعاء، وقراءة القرآن أو الاستماع إليه، وفعل الخيرات، والصدقات.

ومن أعظم ما يُستحب في هذا اليوم: اجتماع الأسرة؛ فاجعلوه فرصةً للِّقاء العائلي.

وتابع: وكان الشيخ عطية صقر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف رحمه الله تعالى، إذا سُئِل: كيف نحتفل بعاشوراء؟ وكيف نحتفل بالمولد النبوي؟ أو ببداية السنة الهجرية؟

كان يقول:

"نحن في عصرٍ انشغل فيه الناس، فمثلُ هذه الومضات تُضيء الحياة، وتُعيد للإنسان صلتَه بالإسلام، ولو من باب الثقافة؛ فهذه المناسبات تُحيي الناس في ظلال الإسلام، وتُرسِّخ هُويَّة الإسلام في النفوس".

وفَهْمُ مشايخِنا، رحمهم الله تعالى، أن علينا أن نهتمَّ بالمناسبات التي تربطنا بالهوية الإسلامية، وأن نُحييَها على ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مع مراعاة تغيّر الزمان والمكان،  وأن نستحضر  ونحيي الوظائف في هذه الأيام، فنخرج بفوائدها، فهناك أسرار كثيرة لا نعلمها، ولكن إذا اتبعنا الشريعة، وصلينا الصلاة في مواقيتها، وأقمناها كما أمر سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام ، تعرضنا لنفحاتٍ كثيرة، من أهمها : 

الهدوء النفسي، والطمأنينة، والسعادة، والرضا، والتسليم، والأمل، والهمة.

وقال علي جمعة: صوموا يوم عاشوراء، فإن لم تستطيعوا، فاشغلوا أوقاتكم بالذكر، والدعاء، وقراءة القرآن أو الاستماع إليه، ووسّعوا على أهليكم، واجتمعوا على مائدةٍ واحدة؛ لِنصل الأرحام، وننال بركةَ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

طباعة شارك يوم عاشوراء وظائف يوم عاشوراء فضل يوم عاشوراء يوم عاشوراء 2025 علي جمعة

مقالات مشابهة

  • رسالة لشباب اليوم..
  • هل يجوز قول عليه السلام بعد ذكر سيدنا الحسين؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي
  • أحداث المعجرة التى وقعت يوم عاشوراء.. الأزهر يوضحها
  • حكم التوسعة وإدخال السرور على الناس والأهل يوم عاشوراء.. الإفتاء تجيب
  • علي جمعة يكشف عن وظائف يوم عاشوراء .. تعرف عليها
  • تعلن محكمة شرعب السلام الابتدائية أن على المدعية هيفاء قائد والمدعى عليه وليد توفيق الحضور إلى المحكمة
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: ما أحوج الشعوب للأمن والسلام والرشاد.. ومن واظب على ذكر الله تعالى أشرقت عليه أنواره وتوافدت عليه خيراته
  • مريم غادرت ولم تعُد.. هل من يعرف عنها شيئًا؟
  • يوم عاشوراء.. اعرف فضله وموعده لهذا العام.. وماذا تفعل فيه؟