عربي21:
2025-05-31@04:17:20 GMT

حسن بيتماز رحمه الله.. عندما تكون فلسطين هي الحياة

تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT

"يَعْتَقِدُوْنَ أَنَّنَا إِذَا صَمَتْنَا لَنْ تَكُوْنَ هُنَاكَ مُشْكِلَةٌ، وَلَكِنْ.. إِذَا صَمَتْنَا فَلَنْ يَبْقَىْ التَّارِيْخُ صَامِتَاً، وَحَتَّى لَوْ صَمَتَ التَّارِيْخُ فَإِنّ الحَقِيْقَةَ لَنْ تَبْقَىْ صَامِتَةً.. يَعْتَقِدُوْنَ أَنَّهُمْ إِذَا تَخَلَّصُوْا مِنَّا فَلَنْ تَكُوْنَ هُنَاكَ مُشْكِلَةٌ، وَلَكِنْ.

. إِذَا تَخَلَّصْتُمْ مِنَّا فَهَلْ سَتَتَخَلَّصُوْنَ مِنْ عَذَابِ الضَّمِيْرِ؟! وَإِنْ تَخَلَّصْتُمْ مِنْ عَذَابِ الضَّمِيْرِ فَهَلْ سَتَتَخَلَّصُوْنَ مِنْ عَذَابِ التَّارِيْخِ؟! وَإِنْ نَجَوْتُمْ مِنْ عَذَابِ التَّارِيْخِ، فَكَيْفَ سَتَهْرُبُوْنَ مِنْ عَذَابِ اللهِ؟!"

كانت هذه هي آخر كلمات الرجل الكبير حسن بيتماز، نائب حزب السعادة التركي، وهو يخاطب الأمّة التركية من فوق منبر برلمانها، قبل أن يسقط، رحمه الله تعالى، متأثراً بما يحدث في فلسطين من قتل ودمار وجثث وأشلاء، وسط صمت حكومات العالم أو تواطؤها، ومن بينها الحكومة التركية التي تكتفي أحزابها الحاكمة بتنظيم الاعتصامات وإعلان دعوات المقاطعة لمطاعم كنتاكي ومحلات ستاربكس، فيما بواخر زعمائها وسفن أبنائهم تمخر العباب جيئة وذهاباً إلى "إسرائيل"! كما قال.

لقد بلغ جنون العدوان مداه، ووحشية الجرائم منتهاها، وحجم التآمر ومستوى الصّمت المريب حدّاً لا يطاق، ولم يكن أمام الرجل الذي يرى أمّته العظيمة عاجزة عن قطع العلاقات مع الكيان الغاصب، أو طرد سفير القتلة، أو إيقاف تصدير البضائع إلى جنود الاحتلال، مع رفض مجلس النّواب طلباً من كتلته البرلمانية بزيارة وفد برلماني إلى غزة، إلا أن يقول كلمته، بكلّ ما يمكن أن تحمله هذه الكلمة من صدق ووفاء، وصفع وإباء.

كان ذلك الرجل الذي يعيش لفكرة تحيا به ويحيا بها، رجل لم يسكت قلبه عن النبض حباً بفلسطين وهتافاً لها، حتى رحل وهو يعلن الولاء لفلسطين وأهلها، والبراء ممّن خذلها ولم يخذّل عنهاقالها، مختزناً بها كلّ مآسي أهل غزة وآهات السّنين، وكلّ تفاصيل الفكر والدّعوة، وخلاصات المؤتمرات والمخيمات وفعاليات الصّادقين، لتكون آخر أنفاسه في هذه الحياة، الفكرة التي طالما نبض بها قلبه ونطق بها لسانه، فألقى كلمته، كاملة دون نقصان، واضحة دون أيّ غموض أو لبس، ليموت، رحمه الله، على ما عاش عليه، ويلفظ أنفاسه بما أمدّه بالحياة طوال حياته، فكان ذلك الرجل الذي يعيش لفكرة تحيا به ويحيا بها، رجل لم يسكت قلبه عن النبض حباً بفلسطين وهتافاً لها، حتى رحل وهو يعلن الولاء لفلسطين وأهلها، والبراء ممّن خذلها ولم يخذّل عنها، رافعاً صوته بكلّ ثقة وكبرياء وعنفوان، حتى لكأنّي به في واحدة من تلك التجمّعات المليونية التي كان يقف فيها خطيباً أو مترجماً في ميادين يني كابي أو تقسيم ومئات الألوف تردّد خلفه: Filistin ve Türkiye kardeştir  فكان موته شهادة حيّة عن صدق حياته وما عاش له: Canlarımız Filistin'e feda

لا أذكر أني التقيته يوماً إلا وفلسطين هي الحاضر الأكبر بيننا، فمنذ عام 1996، حين كنّا نلتقي، مع الأستاذ المجاهد نجم الدين أربكان رحمه الله تعالى أو من دونه، في مؤتمر عامّ أو مناسبة خاصّة، كانت البوصلة الهادية لتلك اللقاءات كلّها همّ الأمّة ووحدتها، والعالم الجديد وبناؤه، وكان القاسم المشترك بينها جميعاً الصهيونية العالمية ومكرها، وفلسطين الحبيبة وألم احتلالها.

وإنّي لأشهد أنّ الرجل بقي ثابتاً على الحقّ الذي آمن به، لم يغير ولم يبدّل، فما بين لقائنا الأول في تموز عام 1996 في أحد مقرّات حزب الرفاه بمدينة إسطنبول، ولقائنا الأخير في جلسة برلمانية لكتلة حزب السعادة في إحدى قاعات البرلمان التركي بمدينة أنقرة في شهر تشرين الثاني عام 2023 كان الخطاب نفسه والمضمون ذاته.

في اللقاء الأول دعا الشيخ يوسف القرضاوي رحمه الله تعالى ممثّلين لمنظمات طلابية عربية وإسلامية إلى الانتصار لفلسطين التي تعاني من مؤامرات الأعداء وتآمر الإخوة والأصدقاء، وفي اللقاء الأخير تحدّث رئيس الوزراء التركي السابق داوود أوغلو عن فلسطين التي يقصفها العدو الصهيوني بكلّ أنواع الحقد والبارود والنار، وواجب نصرتها والدفاع عن المستضعفين فيها. وما بين اللقاءين حياة طويلة كنّا نتواصل فيها عبر الهاتف، أو نلتقي في اجتماعات متنوّعة على مائدة فلسطين ومعاناة أهلها، والأمل الحادي بذلك الجيش الذي نراه في الأفق القريب قادماً لتحريرها.

التقينا في بورصة عام 2005 تحت مظلّة اتحاد المنظمات الطلابية ورعاية الأستاذ مصطفى الطحان رحمه الله تعالى، لتأسيس المنتدى الشبابي الدولي (آيفو) بحضور قيادت شبابية يمثّلون خمس حركات إسلامية عالمية هي حركة الإخوان المسلمين، وحزب الرفاه التركي أو حركة المللي غورش Millî Görüş، والجماعة الإسلامية في باكستان، والحزب الإسلامي الماليزي، والجماعة الإسلامية في أندونيسيا.

يومها تحدّث الأستاذ المجاهد نجم الدين أربكان رحمه الله تعالى عن الصهيونية العالمية التي تشكّل أكبر تحدّيات العالم الجديد والنّظام العادل الذي ينبغي أن يسود ليعلي قيمة السلام بدلاً من الحرب، والحوار بدلاً من الصراع، والعدالة بدلاً من المعايير المزدوجة، والتعاون بدلاً من الاستغلال، والمساواة بدل الاستعلاء، وحقوق الإنسان بدل القمع والهيمنة، وكان حسن بيتماز ذلك الشاب الذي يتّقد حركة وحيوية، ونشاطاً لا يهدأ وحماساً لا يفتر، وهو يدعو شباب الأمّة إلى تجسيد هذه الأفكار في حمل الهمّ، والتقدّم لإنقاذ العالم وإحياء المجد التليد.

توالت لقاءاتنا في ظلّ المنتدى الشبابي الدولي IYFO، ومركز البحوث الاقتصادية والاجتماعية ESAM، واحتفالات الفاتح في إستانبول، ثمّ لقاءات الاتحاد العالمي للمنظمات الطلابية الإسلامية (إيفسو) في إستانبول وجاكرتا والخرطوم ولبنان، وصولاً إلى لقاءات أنقرة في منزله كما في مركز حزب السعادة، وموضوع هذه اللقاءات كلّها أهمية التنسيق بين مكوّنات الحركة الإسلامية العالمية من أجل نهضة الأمّة الواحدة، واسترداد فلسطين السليبة، والقدس المحتلة، ومسجدها الأسير.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين البرلمانية وفاة تركيا فلسطين تضامن برلماني مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رحمه الله تعالى الأم ة

إقرأ أيضاً:

حكم ترك مخلفات نحر الأضاحي في الشوارع.. الإفتاء: من السيئات

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه:ما حكم نحر الأضاحي في الشوارع وترك مخلفاتها في الطرقات وعدم القيام بتنظيف هذا؟.

وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: إن هذا العمل المسئول عنه من السيئات العِظام والجرائم الجِسام؛ لأن فيه إيذاءً للناس؛ فقد قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58].

ونوهت بأن فاعل ذلك إنما يتخلق بأخلاق بعيدة عن أخلاق المسلمين؛ لأن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول فيما رواه عنه عديدٌ من الصحابة رضيَ اللهُ عنهم: «المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِه» رواه الشيخان وغيرهما.


وأشارت إلى أن الذابح للأضاحي أو غيرِها في شوارع الناس وطرقهم مع تركه للمخلفات فيها يؤذيهم بدمائها المسفوحة التي هي نجسة بنص الكتاب العزيز، ويعرضهم لمخاطر الإصابة بأمراض مؤذية، وأين هؤلاء من حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الذي رواه مسلم وغيره عن أبي برزة رضي الله تعالى عنه قال: قلت: يا نبيَّ اللهِ، عَلِّمنِي شيئًا أَنتَفِعُ به، قال: «اعزِلِ الأَذى عن طَرِيقِ المُسلِمِينَ».

حكم حج ذوي الإعاقات الذهنية؟.. الإفتاء توضحالأضحية.. تعرف على فضلها دينيا وإنسانيا واجتماعياحكم المبادرة بشراء صكوك هدي التمتع مِن المدينة المنورة.. الإفتاء توضح


فكما أن إماطة الأذى صدقة، وهي من شعب الإيمان، فإن وضع الأذى في طريق الناس خطيئة، وهو من شعب الفسوق والعصيان، ووالله إنه ليجلب الأذى لفاعله في الدنيا والآخرة، وبرهان ذلك قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: «اتَّقُوا المَلاعِنَ الثَّلاثةَ: البَرازَ في المَوارِدِ، وقارِعةِ الطَّرِيقِ، والظِّلِّ» رواه أبو داود وأحمد وغيرهما عن معاذ وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم؛ فإن هذه الخصال تستجلب لعنَ الناسِ لفاعليها، وما نحن فيه مِن تقذير شوارع الناس ومرافقهم وتعريضهم للأمراض والأخطار مثير لغيظ الناس واشمئزازهم وحنقهم على فاعليها ومرتكبيها.


فالواجب القيام بهذا النحر في الأماكن المعدة والمجهزة لمثل ذلك، والواجب الحرص على الناس وعلى ما ينفعهم، والنأي بالنفس عن كل ما يُكَدِّر عيشَهم أو يؤذي أحاسيسهم وأبدانهم.


ودعت المسلمين الى عدم ترك مخلفات النحر في الشوارع والتسبب في إيذاء الناس ونشر الأوبئة والأمراض، امتثالا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ضرر ولا ضرار».

حكم تلويث البدن والثياب والممتلكات بدماء الأضاحي

كما بينت أنه لا يصح تلويث البدن والثياب والممتلكات بدماء الأضاحي؛ لأن النظافة والطهارة سلوك ديني وحضاري.

طباعة شارك الإفتاء حكم ذبح الأضاحي في الشوارع وترك مخلفاتها في الطرقات تلويث البدن والثياب والممتلكات بدماء الأضاحي حكم تلويث البدن والثياب والممتلكات بدماء الأضاحي الأضحية

مقالات مشابهة

  • حكم ترك مخلفات نحر الأضاحي في الشوارع.. الإفتاء: من السيئات
  • الملك فهد في زيارة مدرسية قبل 45 عامًا .. فيديو
  • 14 كلمة تعينك على الطاعة في العشر الأول من ذي الحجة
  • المهندس البشير: قيمة الاستثمار 7 مليارات دولار سيسهم بتوليد 5 آلاف ميغا واط الأمر الذي يسهم في زيادة عدد ساعات التغذية الكهربائية وينعكس إيجاباً على جميع مناحي الحياة
  • نور أعرج لـ سانا: نحرص على أن تكون رحلة الحج فرصة لترسيخ قيم التواضع، ونظافة المخيمات في المشاعر، فقد كنا من أوائل البعثات العربية والإسلامية التي قمنا بتبني مشروع نظافة الخيم في عرفات ومنى، إضافة إلى الصحة المستدامة لدى حجاجنا من خلال التوعية الصحية التي
  • استشاري نفسي: الرجل يشعر بالكبت مع زوجته التي تنفق على المنزل
  • السيد القائد: نسعى لموقف أقوى إلى جانب فلسطين في معاناتها التي لم يسبق لها مثيل
  • السيد القائد الحوثي: القرآن الكريم النعمة الكبرى بكتاب الهداية الذي فيه البركة الواسعة في كل مجالات الحياة
  • قبلان: عندما يمتلك لبنان F-35 ومنظومات ثاد نناقش سلاح المقاومة
  • الحكمة من أن العشر الأوائل من ذي الحجة أفضل وأحب الأيام إلى الله؟