سلط مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعهد "تشاتام هاوس"، سنام فاكيل، والزميل المشارك بالبرنامج، نيل كويليام، الضوء على "اليوم التالي" للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واعتبرا أن الدولة العربية عليها مسؤولية التحرك الآن لتخطيط هذا اليوم.

وذكر الباحثان، في تحليل نشره موقع المعهد وترجمه "الخليج الجديد"، أن 3 أشهر مرت على الحرب دون أن تقدم أي دولة عربية صياغة لأي خطة أو استراتيجية لإدارة تداعيات الحرب أو وضع مسار لدعم إقامة الدولة الفلسطينية.

 وأشارا إلى أن ضغط الدعم الشعبي القوي لفلسطين والحرص على عدم تأييد العدوان الإسرائيلي والحذر من التحديات الدبلوماسية والإقليمية المثيرة للخلاف في المستقبل، بما فيها خطر نشوب حرب إقليمية تشمل حزب الله وإيران، دفع الدول العربية إلى رفع الدعوة لوقف إطلاق النار إلى مرتبة الاهتمام الأول.

ويرى الباحثان أن هذه الأولوية صحيحة، فإنقاذ الأرواح ومنع "تهجير السكان"، كما اقترح بعض وزراء اليمين المتطرف في إسرائيل، يجب أن يكون الأولوية، لكنهما أكدا أن ذلك لا ينبغي أن يمنع الدول الإقليمية من العمل معا لدعم الفلسطينيين، ولا أن يمنعهم من البناء على النجاحات التي حققتها سلسلة من عمليات خفض التصعيد في العام الماضي: بين السعودية وإيران، وبين الإمارات وتركيا، وقبل ذلك بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر وقطر.

ويتفهم الباحثان أن دول المنطقة كانت تأمل في أن تضغط أولويتها المصدرة لوسائل الإعلام، على إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لفرض ضبط النفس على إسرائيل، وفي إطار من هذه الاستراتيجية رفضت الدول العربية مناقشة إعادة الإعمار "في اليوم التالي" أو السيناريوهات السياسية أو الأمنية في قطاع غزة بعد الحرب.

كما لم ترغب الدول العربية في إضفاء الشرعية على العدوان الإسرائيلي عبر رفض تمويل جهود إعادة الإعمار دون ضمانات بأن إسرائيل لن تبدأ المزيد من دورات القصف.

تأجيل التكامل

لكن هذه الاستراتيجية محفوفة بالمخاطر التي قد تؤخر أي احتمال محتمل للسلام، بما في ذلك المزيد من تأجيل الرؤية الأوسع للتكامل الإقليمي، التي تشمل إسرائيل والدول العربية، بحسب الباحثين، الذين شددا على خطورة افتراض أن عملية السلام ستنشأ من الحرب.

فبدون التخطيط الإقليمي الجاد والاستثمار في غزة، فإن النتيجة المحتملة التي يمكن أن تتحقق هي الفوضى والفراغ السياسي الفلسطيني إلى جانب واقع مرير، يتمثل في المجاعة والمرض والموت بالقطاع.

ولن تتحمل إسرائيل وحدها المسؤولية عن ذلك حينئذ، بحسب الباحثين، إذ سيُنظر إلى الدول العربية أيضاً على أنها مسؤولة، ولمنع هكذا السيناريو، يجب أن يبدأ الاستثمار في "اليوم التالي" لغزة اليوم، بحسب الباحثين.

اقرأ أيضاً

اليوم التالي للحرب.. وهْم إسرائيل والغرب!

واعتبر فاكيل وكويليام أن نهج الدول العربية الحالي يخاطر بما وصفاها "مكاسب" اتفاقيات إبراهيم، التي تقوم على تكامل إقليمي بين هذه الدول وإسرائيل، إذ أعطى قادة الدول العربية الأولوية للمصالح الوطنية العملية منذ اندلاع حرب غزة، وتجاهلوا اتفاقيات التطبيع وأوقفوا مساراتها، بما فيها مسار اتفاق التطبيع التاريخي بين السعودية وإسرائيل، الذي دعمته واشنطن.

ويرى الباحثان أن الانتظار حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة سيؤدي إلى مزيد من التأخير في عملية التسوية السياسية المعقدة والحساسة للوقت، والتي يمكن عرقلتها بسهولة بسبب التصعيد الإقليمي الجاري بالفعل في هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر ومضيق باب المندب، وتلك التي ينفذها حزب الله على الحدود اللبنانية.

فضلاً عن ذلك، فإن الغضب الإقليمي إزاء عدد القتلى والدمار في غزة لن يتم التغلب عليه بسهولة، وهو ما يهدد بتأخير خطط التكامل الإقليمي (العربي-الإسرائيلي)، بحسب الباحثين.

لا يقين

ويؤكد فاكيل وكويليام على ضرورة أن تنظر دول الخليج تحديدا إلى الوضع كما هو: فبينما تضغط إدارة بايدن تدريجيًا على إسرائيل لتغيير عملياتها في غزة، فإن وقف إطلاق النار لا يزال غير وشيك، إذ تستمر مفاوضات تبادل الأسرى بين إسرائيل وقطر وحماس والولايات المتحدة، لكن ليس هناك يقين بأن مثل هذه العملية ستؤدي إلى وقف إطلاق النار، كما أن انتظار خطة واشنطن، أو خطة إسرائيل حال تحقيق هدفها المستحيل، المتمثل في اقتلاع حماس من جذورها، لن يحقق أي نتيجة.

فإدارة بايدن لن تستطيع بمفردها إدارة سيناريوهات "اليوم التالي" في عام انتخابي أمريكي حاسم قد يشهد عودة دونالد ترامب كمنافس، وسيتطلب الأمر ضخًا قويًا من الإرادة السياسية لحمل إدارة بايدن على كبح جماح إسرائيل خاصة خلال عام الانتخابات، ودبلوماسية إبداعية ومغامرة للعمل مع جميع القادة الذين يمثلون الفلسطينيين، بحسب الباحثين.

ويلفت فاكيل وكويليام أيضا إلى أهمية تعلم "الدروس المؤلمة" من التدخلات التي قادها الغرب في العراق وليبيا، حيث كانت خطط "اليوم التالي" إما غير موجودة أو تم تصميمها وتنفيذها بشكل سيئ.

وإذا كانت الولايات المتحدة على استعداد للقيام بالمهمة الدبلوماسية الثقيلة المتمثلة في فرض وقف إطلاق النار، وهو ما لا تستطيع أي دولة أخرى أن تفعله، وتحديد معايير المفاوضات، فإن دول المنطقة تتحمل أيضاً المسؤولية في التخطيط لـ "اليوم التالي"، خاصة تلك التي تشعر بأنها غير قادرة على وضع حد للحرب في غزة من خلال السبل الدبلوماسية، مثل الأردن وتركيا، بعدما سحبا سفيريهما إلى تل أبيب وأظهرا استنكارهما من السياسة الإسرائيلية، حسبما يرى الباحثين.

اقرأ أيضاً

مباحثات أمريكية إسرائيلية حول اليوم التالي لانتهاء الحرب في غزة

المصدر | سنام فاكيل ونيل كويليام/تشاتام هاوس - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة الدول العربية الأردن تركيا الخليج بايدن الدولة الفلسطينية وقف إطلاق النار الدول العربیة الیوم التالی فی غزة

إقرأ أيضاً:

مدير المنظمة العربية للتنمية الزراعية يرفع علمي جامعة الدول العربية و المنظمة العربية للتنمية الزراعية بمقر المنظمة بالخرطوم

رفع البروفسور /إبراهيم أدم أحمد الدخيري مدير المنظمة العربية للتنمية الزراعية بمباني مقر المنظمة علمي جامعة الدول العربية وعلم المنظمة علي سارية المبني إيذانا بمباشرة العمل من العاصمة القومية الخرطوم بحضور والي الخرطوم ومدير الإدارة العامة لتأمين المرافق والمنشآت وعدد من المؤسسات الإعلامية.وتفقد مدير المنظمة مرافق المبني ووقف علي حجم الأضرار التي لحقت به بسبب المليشيا المتمردة مثمنا جهود إدارة شرطة البعثات الدبلوماسية في تأمين المنشآت والمرافق الخاصة بالمنظمةوتفيد متابعات المكتب الصحفي للشرطة أن البروفسور الدخيري التقي خلال المناسبة الاستاذ/ أحمد عثمان حمزة والي الخرطوم بحضور اللواء شرطة/ قاسم أمين كاكتلا مدير الإدارة العامة لتأمين المرافق والمنشآت وبحث اللقاء آفاق التعاون وسبل تعزيز إنجاح مهام المنظمة عبر تأمين كافة أنشطتتها .المكتب الصحفي للشرطة إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • قمة الإعلام العربي.. جلسة “دور الإعلام في دعم الهوية العربية”
  • جلسة «دور الإعلام في دعم الهوية العربية» تؤكد على الدور المحوري للإعلام والمؤسسات التربوية والثقافية في تعزيز الهوية
  • انطلاق المنتدى العربي الثالث للتنمية الاقتصادية في الشارقة
  • مدير المنظمة العربية للتنمية الزراعية يرفع علمي جامعة الدول العربية و المنظمة العربية للتنمية الزراعية بمقر المنظمة بالخرطوم
  • مؤتمر في الجامعة العربية يحظر 20 شركة تنتهك أحكام المقاطعة العربية للاحتلال
  • رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: إسبانيا مؤهلة لقيادة تحرك جماعي للاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: يجب منع إسرائيل من الاستمرار في تجاهل القانون الدولي والتصعيد في الأراضي الفلسطينية
  • لجنة حوكمة وسياسات الأمن السيبراني بمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب تناقش عدداً من المبادرات العربية في الأمن السيبراني
  • الجامعة العربية تدعو لتصعيد الجهود الدبلوماسية لوقف لحرب
  • العربية للتنمية الزراعية تنظم ورشة عمل لتطوير التعداد الزراعي العربي