البوابة نيوز:
2025-05-10@04:50:42 GMT

إعلام بلا حقيقة كاملة

تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT

اعتدنا على أن نتابع أكثر من جهة أثناء فترات الحروب، إذ يشير التاريخ إلى أن الإنسان حين يشعر بالخطر يبدأ في البحث عن أب روحي لمخاوفه يطمئنه ويحمل عنه هواجسه. يصبح طريق جمع المعلومات طريقًا جيدًا في هذه الحالة، إذ أن المعلومات تشير إلى أنك تستطيع أن تختار الأفضل حين يصبح لديك وعي. يختار الإنسان أن يفقد وعيه فقط في الظروف العاطفية، ورغم أن الإنسان يظن أن حالات الصراعات والحروب هي حالات يحتاج فيها لوعي مرتفع يتغلب على عواطفه، إلا أن الذي يحدث هو حالة عاطفية كبيرة يدخلها دون أن يدري، ويرفض أن يخرج منها مهما أشارت المعلومات له على بوابات مخارج الطوارئ من مخاطرها.

 


يعلم الكثيرون منا تلك القاعدة البشرية التي تفسر سلوك البشر عبر ميلهم لما يشبه حياتهم في معظم ما يقومون به في الحياة، أو ما يرغبون بشدة في القيام به مستقبلًا ويتلاءم مع الإمكانات الواقعية لهم. وهذا ما جعلنا نرى إعلانات أبطالها ممثلون مغمورون وغير وسيمين على الإطلاق لأنها تقول لك ببساطة: "انت ده. هو شبهك وانت ممكن تعمل اللي هو بيعمله". أدى ذلك لمتلازمة التشابه. إذ يبعد الأفراد أنفسهم عما يسبب لهم الإحباط بسبب العجز عن الوصول لما يدعو له. فالحياة المرفهة المثالية مثلًا أوقات الحرب لن يميل أحد لمتابعة أخبارها. هي ببساطة لا تشبه يومهم ولا غدهم القريب. لذا يهاجمونها، والأغرب أنهم بذكاء فطري لا يطيلون الهجوم عليها. إذ أن الهجوم في الأصل يمثل دعاية انتشار عبر تكرار ذكر من نهاجمه.


تعد هذه الفقاعة العاطفية الكبرى في حياة الأفراد وقت الخطر سببًا لأن يكون الإعلام غير حقيقي بنسبة كبيرة في كثير من مصادره. إذ أن الأفراد قد لا يكونون مهيئين لقبول الحقيقة الكاملة في كثير من الأحيان. قد تعد الحقيقة الكاملة في كثير من الأحيان تهديدًا كبيرًا من وجهة نظر بعض المتلقين. هنا تظهر إشكالية كبرى أمام الإعلام الرسمي تحديدًا. 


إن الإعلام الرسمي يحمل مهمة قومية لا ربحية في الأساس، على عكس الإعلام الخاص الذي يبدأ كمؤسسة لها طموح ربحي. إلا أن مواثيق الإعلام تفرض على الجميع المصداقية والشفافية، بل وتحاسبهم على الإخلال بها. لم يمر على البشرية حالة من حالات الخطر إلا وأعقبتها حالة من المحاسبات أنتجت التخلص من شخصيات كبيرة وأطاحت بها لأن الإعلام لا يجيد الاختباء تحت السجادة طويلًا. هو مهنة تعيش وترقد تحت الضوء.


إن الأحداث التاريخية في معظم الأحوال سجلت أن الإعلام الرسمي كان يخبر مواطنيه بالحقائق، لكنه كان يوجه خطابًا غير كامل للآخرين. لذا صعب عليك أن تأخذ من الآخرين أفكارًا حقيقية بشكل كامل أوقات الأزمات الطاحنة، لأنك وببساطة الفكرة الشديدة لست منهم، وربما لست قريبًا من فكرة الأزمة. يعد الحياد أحيانًا لا إعلام. ليس أدل على ذلك من حالة الحياد الإعلامي التي حاولت سويسرا تبنيها في الحرب العالم الثانية، وانتهت بأن أحدًا لم يلتفت لإعلامهم في معظم الأحوال من الأساس. 


إن الحقائق تمثل مشكلة كبيرة، إذ أن بعضها سري بالفعل لضرورة البقاء أحياء، وأفضل شيء يمكن أن تقدمه للوثائق السرية ألا تتحدث عنها، ولا تسمح بوصول الحوار للسؤال عنها، فإن سئلت عنها عليك ألا تنكرها وألا تتحدث عنها في ذات الوقت. عليك أن تحاول بحديثك أن تعيدها للرقاد خلف ستار أنيق دون إحداث إزعاج، وهو ما نسميه في فنون العلاقات العامة "سياسة". 
 

د. نهلة الحوراني : أستاذة الإعلام بقسم الصحافة - آداب المنصورة
 


 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: فترات الحروب الإعلام الرسمي الإعلام الإعلام الخاص

إقرأ أيضاً:

لمسة وفاء في زمن الجفاء.. باحث يقبل يد أستاذه أمام الجميع بـ آداب سوهاج

في لفتة إنسانية نادرة ومؤثرة، التُقطت خلال المناقشة العلنية لرسالة الدكتوراه التي تقدم بها الباحث أحمد جعفر أحمد محمد، المدرس المساعد بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة سوهاج.

صورة تُظهر لحظة قيام الباحث بتقبيل يد أستاذه المشرف، الأستاذ المساعد الدكتور صابر حارص محمد، أستاذ الإعلام والرأي العام بالكلية.

الاندماج الإعلامي وتأثيره على المحتوى الرقمي.. رسالة دكتوراه بجامعة سوهاجمحافظ سوهاج يتفقد قافلة تركيب الأطراف الصناعية بمستشفى الهلال الأحمر بالحويتيصحة سوهاج: 124 ألف مواطن استفادوا من 100 مليون صحة خلال أبريلكشف المستور.. حملة طلابية بـ"إعلام سوهاج" تفضح الإهمال الصحي لنساء الريف في الصعيدصورة من الزمن الجميل

الصورة، التي انتشرت بسرعة بين زملاء الباحث وأساتذة القسم، عبّرت بعمق عن مشاعر الامتنان والاحترام الصادق من تلميذٍ نحو أستاذه، وأثارت حالة من الإعجاب والتأمل بين كل من شاهدها.

فقد جسدت هذه اللقطة قيمة كانت ولا تزال من أنبل ما يربط بين المعلم وتلميذه، لكنها أصبحت مشهداً نادراً في زمنٍ باتت فيه العلاقات الأكاديمية أكثر جفافًا وبعدًا عن المشاعر الإنسانية الصافية.

هذه اللفتة البسيطة، لكنها عظيمة في معناها، أعادت إلى الأذهان روح الانتماء والاحترام الحقيقي التي تربط الأجيال الصاعدة بأساتذتها، وقدمت نموذجًا ملهمًا لما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين من يُعلم ومن يتعلّم.

إنها ليست مجرد صورة، بل شهادة تقدير ودرس في الوفاء، يعلّمنا أن العلم لا يُؤتى فقط بالبحث والدراسة، بل أيضًا بالتواضع والاعتراف بالفضل.

طباعة شارك سوهاج اخبار محافظة سوهاج اخبار جامعة سوهاج قسم الإعلام قسم إعلام سوهاج كلية الآداب مناقشة

مقالات مشابهة

  • الصحة العالمية تحذر من تفشي جدري القرود في سيراليون
  • سوريا.. حقيقة انتفاضة المدن الجامعية ضد الإدارة الجديدة
  • الجامعة العربية: تؤكد أهمية دور الإعلام في منظومة حقوق الإنسان
  • تطورات ميدانية في رفح.. مروحيات إسرائيلية لإجلاء جنود وسط اشتباكات عنيفة
  • إعلام السويس يتألق في المهرجان العربي لعلوم الإعلام ويحصد جائزتين
  • مؤتمر "إعلام القاهرة" يناقش "جهود التسويق الإعلامي الصحي وتأثيراته النفسية"
  • لمسة وفاء في زمن الجفاء.. باحث يقبل يد أستاذه أمام الجميع بـ آداب سوهاج
  • مخابر “Frater Razes” تنظم دورة تكوينية للصحفيين حول أهمية المعلومات في ظل الأزمات الصحية
  • أوروبا تنزف اقتصادياً.. إفلاس كل 3 دقائق في 2024
  • وزير الإعلام السابق: افتتاح الإخبارية خطوة نحو إعلام حر ‏ومسؤول