أخصائيون: ضرورة وضع حد للانتقادات ومواجهتها بإيجابية
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
يرسم بعض الأفراد صورة محددة لحياتهم، إلا أنهم قد يواجهون أحيانا سيلا من الانتقادات اللاذعة واتهامات الفشل وسوء إدارة حياتهم من الآخرين، مما يثير لديهم مشاعر سلبية، وأكد أخصائيون نفسيون على ضرورة تقبل النقد مهما كان وضبط النفس والمحافظة على الهدوء وعدم الرد على الانتقادات والاكتفاء بالصمت، موضحين بأن كل شخص يرى الأمور من زاوية مختلفة عن الشخص الآخر.
في هذا الاستطلاع ترصد ((عمان)) بعض وجهات النظر حول هذا الموضوع، وتتوقف عند رأي المختصين بالصحة النفسية.
تقول فاطمة بنت قادر البلوشية: أصادف العديد من المواقف والانتقادات التي توجه لي سواء من محيط عائلتي أو أقاربي، وأتعمد عدم الرد وأتجاهل المواقف، لذا أجد نفسي أحيانا نادمة على عدم الرد لبعض الانتقادات والإساءة، وأكثر ما يزعجني هي الانتقادات التي توجه إلى أبنائي فيما يخص تربيتهم أو طبيعة تصرفاتهم، خاصة أن الانتقادات تأتي من بعض الأشخاص الذين لا استلطفهم. واعتبر ذلك من قبيل الاحترام الذي يجب أن يكنه الشخص للآخرين، مضيفة أن هنالك أشخاصا يردون على الآخرين وهذا في رأيي وضع طبيعي، إلا أن البعض الآخر يتجنب ذلك قدر المستطاع، إلا في حال أصبحت الأمور “زادت عن حدها”.
ويشاركها الرأي عيسى بن حمد السيابي الذي ذكر بأن هناك بعض التصرفات السلبية التي تصدر من بعض الأشخاص وخاصة في مقر العمل تسبب الإحراجات، مبينا أنه يتصدى لتلك التصرفات بعدم الرد والتجاهل، ولكن ذلك ينعكس سلبا على شخصيتي فيما بعد واحترامي لذاتي لعدم الدفاع عن نفسي، أو الرد بطريقة صحيحة ضد بعض الزملاء الذين يتقصدون إيذائي نفسيا.
وأفادت وفاء الناعبية: أنا ضد عدم الرد لأي انتقاد أو إساءة توجه لي، فلابد أن يكون للشخص دبلوماسية في الرد، كما أن هذه المواقف تتطلب عدم الصمت وأن يكون الشخص المتعرض للانتقاد قادرا على أن يواجه نفسه والآخرين. وتضيف: أحيانا قد تبدر من الشخص بعض التصرفات ما هي إلا تراكمات من مواقف وطباع يتركها المحيطون، بالتالي يتعامل معهم بناء على تلك الشخصية التي كونها. لذا ينبغي على الفرد أن يكون قادر على تنمية نفسه وشخصيته ليكون على قدر كافٍ من الوعي والقدرة على الرد والنقاش ورفض ما لا يقبله من الآخرين.
ويرى زياد بن طارق الحسني أن على الفرد أن يكون محافظا على شخصيته وعلاقته مع الآخرين، وأن يحرص في نفس الوقت على أن يحافظ على مشاعرهم حين يتحدث معهم، أو الرد عليهم في أحداث الحياة اليومية، لأن لكل شخص شخصيته وأسلوبه في الحياة، وفي حال عدم التوازن في العلاقات سيؤدي ذلك إلى حدوث الكثير من المشاكل الاجتماعية الأسرية على وجه الخصوص.
مواجهة الانتقاد
من جانبها قالت الأخصائية النفسية هيفاء بنت سالم الحكمانية: إن على الفرد أن يواجه الانتقادات بإيجابية، وألا يتسرع في الرد وأن يحكم عقله، موضحة أن الرد بطريقة عقلانية وإيجابية ليس قلة احترام وإنما تأكيدا لذاته، ومن منظوري أرى الصمت هو رد عظيم فالصمت لغة العظماء. والشخص الحكيم هو الذي يصمت ويكف عن الرد عندما يحاول أحد أن يقلل من ذاته فقد يكون الصمت هو أقوى رد في بعض المواقف.
وتتابع: يجب أن يضع الفرد حدا للتأثير السلبي للانتقاد كما عليه أن يواجه الانتقاد بإيجابية. وأن يكون منضبطا ذاتيا وغير متسرع، فالفرد يقوي ثقته بنفسه، ويجب ألا يتاثر بأي انتقاد سلبي، وأن يتقبل النقد مهما كان وأن يبقى هادئا غير مندفع وأن يكون واثقا من نفسه.
الجانب الإيجابي
كما أوضحت سليمة السندية أخصائية نفسية بأن الشخص المنتقد عادة ما يرى من منظور واحد منظوره الشخصي، وأنا كشخص واع يجب أن آخذ الجانب الإيجابي من رأيه، لأن الطبيعة البشرية تجعل كل شخص يرى من ويته المختلفة عن الشخص الآخر، التي يرى منها الشخص المنتقد.
وأضافت: من جانب خبرتي الشخصية، فأنا أخذ الموقف بهدوء وأرد على الموضوع بهدوء وبنظرة إيجابية وأراعي ألا أخسر المنتقد مهما كان "طبعا إذا كان عزيزا علي"، أو يوجد معي وليس بعابر سبيل، كما أرى من الجانب العاطفي أيضا. مشيرة بأن الانتقاد ليس مرضا نفسيا وإنما هو طبع في الشخص يحتاج لتعديل سلوك، كأن ندخله في صداقات تقوّم معه سلوكه مثلًا، كنماذج من شخصيات تكون لها قيمه ومعزة في نفس المنتقد أو نهديه كتابا يقوّم لديه هذا السلوك.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: عدم الرد أن یکون
إقرأ أيضاً:
هل يكون فصل الدين عن الدولة سببا في نجاحها؟
وقد تناولت حلقة 2025/12/14 من برنامج "باب حوار"، هذه القضية التي تجادل الضيوف بشأنها وقدم كل واحد منهم دليله على صحة ما يقول من وجهة نظره.
ففصل الدين عن الدولة أصبح ضرورة في العصر الحديث لأن ربط بلد بدين معين يعني عدم أنصاف من لا يدينون بهذا الدين من مواطنيه، كما تقول الناشطة الحقوقية العراقية زينة الصباغ، والباحث القانوني والحقوقي المغربي سامي بوعجاجة، الذي يرى بضرورة إخضاع الدين للدولة وليس العكس.
فلا يجب أن يكون الدين مصدر التشريع في أي بلد يضم مواطنين من أديان مختلفة ومن ثم يصبح القانون الوضعي أكثر واقعية وعدلا لأنه يبنى على أسس تضمن جوهر الوطن وتحفظ المواطنة للجميع، وليس على أساس ما يحمي الدين فقط، حسب بوعجاجة.
ولم تختلف الباحثة في الشؤون الإنسانية نوارة الجاسم، مع الرأيين السابقين، حيث دافعت عن ضرورة إبعاد الدين عن الدولة بقولها إن "نظرة الناس للمقدس تختلف من دين لآخر ومن ثم يصبح إقحام الدين في السياسة تعزيزا للصراع".
لكن الطبيب المصري محمد الديب، يرى بأن الدين هو الضامن الوحيد للوطن والمواطن "خصوصا وأنه لا أحد يمكنه الحسم بأن من يشرعون القوانين الوضعية يعملون من أجل الوطن والمواطن".
كما أن الأصل -وفق الديب- أن الدين والوطن كلاهما لله وليس الدين لله والوطن للجميع كما يقول البعض، وعليه فإن تأسيس القوانين والسياسات انطلاقا من الدين يلزم الأغلبية بحماية الأقلية وحقوقها.
ودعم المحامي والباحث الحقوقي يزيد عمرو، هذا الموقف بقوله إن الدين "لم يحرم الأقليات من حقوقها على مدى التاريخ"، مضيفا أن مقولة الدين لله والوطن للجميع "تستخدم لإبعاد الدين عن حياة الناس في حين أن الدين هو من صنع الأوطان ولا يجب فصله عنها".
والأهم من ذلك، برأي الكاتب والصحفي إياد الدليمي، أن هناك تعسفا في استخدام هذه المقولة لأن العديد من الأوطان قامت ونضجت على أساس ديني، حسب قوله. ومن ثم فإن الدين لا يتعارض مع فكرة الدولة الوطنية والتي يمكن إقامتها على أسس دينية دون المساس بمقتضياتها.
الازدهار بين الدين والثقافةوترفض الجاسم مقولة أن العرب لم يزدهروا إلا في ظل الدولة الدينية، وترى فيها عودة للوراء ومحاولة لإسقاط واقع دول كانت أغلبيتها مسلمة على دول لم تعد كذلك، فضلا عن حاجة الدول المسلمة اليوم للتعامل مع دول وشعوب تعتنق أديانا أخرى.
بل إن بوعجاجة يذهب لما هو أبعد من ذلك بقوله إن ازدهار الدول الإسلامية في حقب مضت كان بسبب التجارة والترجمة والتبادل الثقافي وليس بسبب الدين، في حين تعزو الصباغ ازدهار العرب إلى تطبيقهم الدين بحذافيره في حين أن حكام اليوم يحيدون عن المنهج، فلم يعد ممكنا إيجاد ذلك الحاكم المثالي الذي يحلم به من ينادون بالدولة الدينية.
بيد أن الدليمي يرد بأن الأمم قد تزدهر بسبب التجارة والثقافة فعلا، لكن الواقع يؤكد أن العرب ازدهروا سياسيا وثقافيا في ظل الدين، حتى إن حضارة الغرب بنيت على أساس مفاهيم وضعها مسلمون.
ولا تتطلب معرفة أثر الدين في ازدهار العرب -برأي عمرو- سوى مقارنة قبل الإسلام بحالهم بعده، مضيفا "الإسلام دعا للعلم وجعله فرض كفاية مما أنتج علماء كبارا مثل ابن سينا والحسن بن الهيثم، لكن ما حصل أن الأمة حادت عن الطريق".
وتعليقا على هذا الأمر، قال الديب، إن الازدهار ليس كله ماديا لأن بعض الأمم المزدهرة اليوم منحطة أخلاقيا على نحو يهدد بانهيارها، في حين أن الإسلام جمع بين ازدهار المادة والروح، وإن كان هناك من عيب فهو في التطبيق وليس في المنهج.
Published On 14/12/202514/12/2025|آخر تحديث: 21:06 (توقيت مكة)آخر تحديث: 21:06 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ