اعتبر محللون، ومصادر من قطاع النفط، أن خفض السعودية لأسعار البيع الرسمية للنفط الخام إلى آسيا يعكس ضعف أساسيات العرض والطلب.

وحسب المصادر لا يشير ذلك إلى تحول وشيك في سياسة مجموعة أوبك+ أو إلى صراع على حصة في السوق.

وخفضت السعودية في السابع من يناير سعر البيع الرسمي للخام العربي الخفيف لشهر فبراير إلى آسيا إلى أدنى مستوى في 27 شهرا.

وتعد آسيا أكبر سوق للمملكة لأنها تشتري أكبر كمية من الخام السعودي.

وأثار الخفض مخاوف في السوق بشأن الطلب في المنطقة والعالم، وأدى إلى انخفاض العقود الآجلة لخام برنت ثلاثة بالمئة في الثامن من يناير.

وأحيا تعديل الأسعار بالنسبة لبعض المراقبين ذكريات تحول السياسة السعودية في مارس 2020 ونوفمبر 2014 عندما خفضت المملكة الأسعار ورفعت الإنتاج في محاولة لزيادة حصتها في السوق.

وذكر محللون ومصادر في القطاع أن الخفض هذه المرة جعل سعر الخام السعودي متماشيا مع سعر نظيره من المنتجين الآخرين. وظلت السعودية ترفع السعر على مدى خمسة أشهر متتالية حتى نوفمبر 2023.

وقالت حليمة كروفت من شركة آر.بي.سي لأسواق رأس المال "لا نرى الخفض الأخير مؤشرا على تحول وشيك، لكنه يبقي في المقابل الأسعار متماشية إلى حد كبير مع أنواع الخام العالمية الأخرى مما يعكس ضعف سوق النفط".

ولم ترد وزارة الطاقة السعودية على طلب للتعليق.

وارتفعت إمدادات الخام لأن زيادة الإنتاج من دول ليست عضوا في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مثل البرازيل والولايات المتحدة حدت من تأثير خفض السعودية وحلفائها في أوبك للإنتاج.

وتعمل الإمارات العضو في أوبك على زيادة صادرات خام مربان الرئيسي لأبوظبي منذ بداية عام 2024، مما عزز الإنتاج الزائد لأنواع أخرى من الخام الخفيف منخفض الكبريت من دول تشمل نيجيريا العضو في أوبك، ومن الولايات المتحدة والبرازيل وأنغولا، التي انسحبت من أوبك في بداية العام.

وتظهر بيانات كبلر أن شحنات الخام من إيران، المعفاة من خفض أوبك للإنتاج، بلغت ​​مليون برميل يوميا في المتوسط إلى آسيا في ديسمبر، بما يعادل ثلاثة أمثال معدل الشهر نفسه من العام السابق.

وقال غاري روس، الرئيس التنفيذي لشركة بلاك غولد إنفستورز، المراقب المخضرم لأوبك، إن خفض السعودية للأسعار جاء استجابة لتغيرات السوق مثل انخفاض علاوة العرض الفوري لخام التسليم في وقت لاحق وضعف هوامش التكرير.

وأضاف "إنهم بحاجة إلى تحسين القدرة التنافسية".

وذكر مراقب آخر لأوبك طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مخول بالحديث علنا أن من الخطأ اعتبار خفض الأسعار مؤشرا على صراع وشيك على حصص في السوق.

وقال إن الأسعار عادت إلى مستوياتها الطبيعية بعد أن كان مبالغ فيها.

لا تحول في السياسة

وسيجري تحالف أوبك+، الذي يضم أوبك وحلفاءها، خفضا إضافيا للإنتاج في الربع الأول من عام 2024 ليصل إجمالي كمية الخفض إلى حوالي ستة ملايين برميل يوميا، وستجتمع لجنة من الوزراء في الأول من فبراير شباط لمراجعة السوق.

وقال مصدر في أوبك+ إن من غير المتوقع أن يغير الاجتماع السياسة.

وانتهى العمل باتفاق أوبك+ في مارس 2020 بعد أن رفضت موسكو تأييد زيادة خفض إنتاج النفط للتعامل مع تأثير كوفيد-19 على الطلب. وردت السعودية على رفض روسيا بزيادة إنتاجها وخفض أسعار البيع الرسمية.

وخفضت السعودية الأسعار في ذلك الوقت أكثر مما حدث في السابع من يناير، فخفضت سعر البيع الرسمي إلى آسيا في أبريل 2020 ستة دولارات للبرميل مما أدى إلى انخفاض الأسعار العالمية. وزادت خفض الأسعار بواقع 4.20 دولار للبرميل في مايو.

وأدى التحول في السياسة السعودية في نوفمبر 2014 استجابة لطفرة في إنتاج النفط الصخري بالولايات المتحدة إلى انخفاض الأسعار لأقل من 50 دولارا للبرميل ووفرة في المعروض العالمي لمدة عامين، التي لم تنته إلا بعد تشكيل أوبك+ في أواخر عام 2016 والبدء في خفض الإنتاج.

وقلل مندوبون في أوبك من أهمية مسألة الحصة السوقية مستشهدين بوجهة نظر المنظمة بأن نمو المعروض من دول ليست عضوا في أوبك سيتباطأ وبأن حصة الأعضاء في السوق ستتعافى مع مواصلة الاستثمار في الطاقة الإنتاجية.

ومع تركيز معظم دول العالم على التحول إلى الطاقة منخفضة الكربون، قال مسؤولون تنفيذيون غربيون في شركات نفط إن الفشل في الاستثمار في التنقيب سيؤدي إلى نقص في النفط على المدى المتوسط.

وقالت كروفت إن من الصعب رؤية كيف أن العودة إلى حرب الحصص السوقية ستؤدي إلى تحسين الأوضاع المالية في السعودية لعام 2024 لأنها ستحتاج لخفض الأسعار على مدى شهور لإبطاء إنتاج الولايات المتحدة من الخام الصخري. وأشارت أيضا إلى أن علاقات السعودية مع روسيا تبدو جيدة.

وأردفت قائلة "السعودية قد تختار البقاء في وضع الثبات على اعتبار أنها فعلت ما يكفي لدعم السوق وستواصل السعي إلى زيادة تقاسم الأعباء مع الأعضاء الآخرين".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: إلى آسیا فی السوق فی أوبک

إقرأ أيضاً:

المحافظات المحتلّة.. بين هيمنة السعودية وسطوة الإمارات صراع يهدد بالانهيار

الثورة نت | تقرير ـ هاشم الأهنومي

منذ سنوات، تعيش المحافظات الجنوبية والشرقية الخاضعة للاحتلال حالة غير مسبوقة من التمزق، بعدما تحوّلت إلى ساحة مفتوحة لصراع النفوذ بين السعودية والإمارات، في هذا الواقع، تتعدد أدوات الاحتلال، وتتكاثر أذرعه العسكرية، فيما يجد المواطن نفسه محاصرًا بين مشاريع خارجية متناقضة، يتحمل وحده كلفة الفوضى والانهيار.

لم يتشكل هذا المشهد فجأة، بل جاء نتيجة تراكم طويل لتحركات الاحتلال وأدواته من المرتزقة الذين فقدوا أي صلة بالمصلحة الوطنية.

هيمنة سعودية.. مشروع يمتد من الحدود إلى البحر

حين بدأت القوات السعودية التوسع في حضرموت والمهرة، كان المشهد أقرب إلى عملية إحلال كاملة للنفوذ المحلي، النقاط العسكرية ظهرت على الطرق الحيوية، والمنافذ البرية تحوّلت إلى مراكز يديرها ضباط سعوديون مباشرة، بينما تراجع المرتزقة الموالون للرياض إلى أدوار هامشية لا تتجاوز تنفيذ التعليمات.

ومع مرور الوقت، أصبح الهدف السعودي أوضح: مشروع نفوذ ممتد من حدودها إلى بحر العرب، يضمن لها السيطرة على خطوط التجارة الدولية، ويحوّل المحافظات الشرقية إلى منطقة نفوذ أمنية واقتصادية تخضع لإدارة سعودية مباشرة، بعيدًا عن أي اعتبارات وطنية أو سيادية.

سطوة إماراتية.. مليشيات تصنع قواعد النفوذ

على الضفة الأخرى، رسمت الإمارات مسارًا أكثر عدوانية في عدن وشبوة وسقطرى، لم تعتمد على قواتها النظامية فقط، بل أنشأت مليشيات خاصة تعمل خارج الإطار، وتدين بالولاء الكامل لأبوظبي، هذه المليشيات أصبحت هي صاحبة القرار الفعلي، والمرتزقة مجرد واجهة شكلية.

تغيّر كل شيء في المحافظات التي تقع تحت السطوة الإماراتية، الموانئ تُدار من غرف عمليات خارجية، المطارات تُغلق وتُفتح بأوامر إماراتية، والتحركات العسكرية تتم وفق أجندة لا علاقة لها بمصلحة اليمن، وهكذا تحوّلت كل محافظة إلى “إقطاعية” منفصلة عن الأخرى، يهيمن عليها طرف خارجي ويتحكم بها كما يشاء.

محافظات تتقاذفها مشاريع الاحتلال

لم يعد التنافس بين السعودية والإمارات مجرد خلاف سياسي؛ فقد انتقل إلى الأرض على شكل صدامات مسلحة بين أدواتهما، ففي عدن، تتبدل السيطرة على المقرات والمعسكرات تبعًا لمزاج أبوظبي والرياض.

وفي شبوة، تتجدد المواجهات كلما حاولت إحدى الدولتين توسيع مجال نفوذها.

وفي أبين، تتعايش تشكيلات المرتزقة كمراكز قوى مستقلة، لا يجمعها مشروع مشترك سوى خدمة المحتل.

وتؤدي هذه المعادلة إلى فراغ شامل؛ المرتزقة ليسوا سلطة شرعية، والمحتل لا يهتم ببناء مؤسسات، والناس يعيشون بلا أمن ولا خدمات ولا مستقبل واضح.

تدهور الخدمات.. سردية الانهيار الذي يعيشه المواطن 

في المحافظات المحتلة، لا يحتاج أحد لسماع خطاب سياسي لفهم حجم التدهور؛ فالحياة اليومية هي الدليل الأقوى، كهرباء منهارة، مياه مقطوعة، غياب للأمن، وتفشي للجرائم والاختطافات.

وفي عزّ الصيف، تتحول عدن إلى مدينة خانقة بسبب الانقطاع المتواصل للكهرباء، بينما يعجز المرتزقة عن تقديم أي تفسير أو حل، كل ذلك لا يعكس فشل الإدارة فقط، بل انهيار شامل ناتج عن تعدد المليشيات وتضارب مصالح المحتلين، وغياب أي سلطة وطنية حقيقية.

عدن.. مدينة تحكي قصة الاحتلال 

عدن بما تحمله من رمزية وطنية، تعيش اليوم أكثر مراحلها قتامة، خريطة السيطرة داخل المدينة تتبدل بشكل مستمر، تبعًا للصراع السعودي الإماراتي.. المرتزقة يتحركون على وقع الأوامر الخارجية، بينما تتحول المدينة إلى مسرح مفتوح للفوضى.

سلطات متداخلة، مليشيات متقاتلة، وقرارات لا تُتخذ داخل اليمن أصلًا، بهذا الشكل، تغدو عدن المرآة الأكثر وضوحًا لحقيقة الاحتلال وتبعاته.

المهرة وحضرموت.. مخاوف تتعاظم 

في المهرة، يشهد المواطنون تحوّل محافظتهم الهادئة إلى قاعدة متقدمة للنفوذ السعودي، قواعد عسكرية، نقاط تفتيش، سيطرة على المنافذ، وانتشار معدات ثقيلة في مناطق حساسة.. تتلاشى سلطة المرتزقة كليًا، بينما تتقدم الرياض لتفرض واقعًا جديدًا يمس الهوية الاجتماعية والسياسية للمحافظة.

أما حضرموت، فتمثل واحدة من أعقد ساحات الصراع؛ حيث تتقاطع مشاريع الاحتلال السعودي والإماراتي، وتتنافس المليشيات التابعة لهما على المعسكرات والمواقع النفطية، فيما يعيش المواطن حالة رعب دائم من انفجار المواجهات.

سقطرى.. الجزيرة التي صودرت هويتها

سقطرى أصبحت نموذجًا صارخًا للاحتلال الإماراتي المباشر، الجزيرة التي كانت رمزًا للطبيعة والهدوء باتت تُدار اليوم كما لو كانت جزءًا من مشروع اقتصادي إماراتي خاص:المطار والميناء والمقار الحكومية جميعها تحت إدارة مليشيات تتلقى تعليماتها من أبوظبي.

لم يكن التغيير تدريجيًا؛ بل حدث بسرعة خاطفة صادرت هوية الجزيرة، وغيّرت تركيبتها الإدارية والاجتماعية بالكامل، بينما المرتزقة يكتفون بدور المتفرج.

مستقبل مجهول ومحافظات على حافة الانهيار

المحافظات المحتلة لا تعيش مجرد اضطراب سياسي، بل انهيارًا شاملًا صنعه الاحتلال وأدواته من المرتزقة، الدولة غائبة، القرار الوطني مصادَر، القوى الخارجية تتحكم بكل تفاصيل الحياة، والاقتصاد ينهار بفعل النهب المنظم للثروات، وكلما اشتد الصراع بين السعودية والإمارات، ازداد الوضع سوءًا وارتفعت احتمالات الانفجار الأمني والاجتماعي، ما يجعل مستقبل تلك المحافظات مهددًا طالما بقي قرارها بيد المحتل.

مقالات مشابهة

  • أوبك تُبقي توقعاتها بارتفاع الطلب على النفط في 2025-2026
  • العالم يستعد لعصر جديد من انخفاض أسعار النفط
  • بلومبيرغ: نقص ناقلات النفط في العالم يتفاقم
  • أوبك: السوق تتجه نحو توازن أقوى بدعم من آسيا
  • النفط يتراجع مع عودة التركيز إلى محادثات إحلال السلام في أوكرانيا
  • ارتفاع أسعار النفط في آسيا بعد احتجاز ناقلة فنزويلا.. وتراجع المخزونات الأمريكية
  • تراجع في مخزونات النفط الأمريكية وارتفاع ملحوظ في البنزين ونواتج التقطير
  • النفط يواصل التراجع تحت ضغوط من ضعف أسعار المنتجات المكررة
  • النفط يستقر في آسيا مع ترقب خفض الفائدة وتراجع كبير في المخزونات الأمريكية
  • المحافظات المحتلّة.. بين هيمنة السعودية وسطوة الإمارات صراع يهدد بالانهيار