محللون: خلاف بايدن ونتنياهو يدفع كلا منهما للمراهنة على فشل الآخر
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
اتفق خبراء ومحللون على أن الخلافات بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بلغت حدا غير مسبوق غابت فيه المساحات الرمادية، وبات كل منهما يراهن على فشل الآخر.
وكان آخر فصول هذا الخلاف ما أبرزته شبكة "إن بي سي" نقلا عن مسؤولين أميركيين أن الخلافات بين إدارة بايدن ونتنياهو، باتت أكثر وضوحا بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأخيرة إلى إسرائيل، وأن واشنطن باتت تتطلع إلى ما بعد مرحلة نتنياهو، من أجل تحقيق أهدافها في المنطقة.
وتقول الشبكة -نقلا عن المسؤولين- إن البيت الأبيض يحاول التنسيق مع قادة إسرائيليين، من أجل تشكيل حكومة تخلف حكومة نتنياهو، وسرعان ما رد نتنياهو عليه بالنفي ليقطع الطريق أمام أي تفاعل معه معتبرا إياه تسريبا من إدارة بايدن يهدف لشيوعه في الداخل الإسرائيلي.
وخلال مشاركة في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال الدكتور لقاء مكي الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات، إن نتنياهو حرص على الرد على هذه الأنباء، ليقطع الطريق أمام أميركا من أن تجد أعوانا خارج إطار الحكومة، وحرص -أيضا- على إرضاء اليمين المتحفز لمواجهة أي قوة تنافسه على السلطة حتى ولو كانت مدعومة أميركيا.
وفي الإطار ذاته، يشير مكي إلى أن نتنياهو نقل الحرب ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة من مرحلة الدفاع عن الدولة إلى مرحلة الدفاع عن الحكومة، مشيرا في هذا السياق إلى أن كل نظام يحتاج إلى حرب يحشد خلفها أتباعه للاستمرار، وهذا ما يفعله نتنياهو.
تباين واضحوأكد مكي أن الأمر بذلك أصبح في مرحلة خنادق واضحة، تتسم بالتباين الواضح واللونين الأبيض والأسود، فالإدارة الأميركية لديها رؤيتها للصراع ومستقبله، والتي تختلف بشكل كامل عما يراه نتنياهو.
ويرى مكي أن إدارة بايدن في ورطة، فهي غير قادرة على وقف الدعم لإسرائيل، لأنها ليست نتنياهو، كما أنها لا تستطيع الاستمرار في دعم رئيس وزراء إسرائيلي يعارضها بالمطلق، وربما يؤدي لإسقاط رئيسها في الانتخابات حيث يراهن نتنياهو على ذلك بشكل واضح، ويأمل في عودة دونالد ترامب للسلطة مرة أخرى.
ويلفت الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات إلى أن نتنياهو في سبيل بقائه في السلطة مستعد للذهاب إلى أبعد حد ممكن، ومن ذلك شن حرب على إيران أو لبنان، لأنه إذا حدث ذلك لن يكون هناك متسع من الوقت للكيد به، حيث تتحول الحرب إلى إقليمية تجبر واشنطن على المشاركة فيها.
وهو ما وافقه عليه الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين، الذي يرى أن نتنياهو بات يستخدم قضية الإبهام لإبقاء حالة البلبلة على المشهد للاستمرار في السلطة، وهو ما يهمه بشكل أساسي خلال هذه المرحلة.
وأضاف جبارين أن تحركات نتنياهو خلال السنوات الأخيرة باتت جميعها تكتيكية، يحاول من خلالها الهروب من القضاء بأي شكل، وبالتالي فهو مستعد للقيام بأي شيء، حتى لو اضطر للارتماء في أحضان اليمين المتطرف وممثليه في الحكومة، بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، الذين كان يحاول إقصاءهما سابقا.
حرب انتخابيةويرى جبارين أن هناك حربا انتخابية في المقام الأول بين نتنياهو وإدارة بايدن، فكل منهما يرى أنه من سيذهب للانتخابات أولا سيخسر، لافتا إلى أن نتنياهو حريص على أن "يتسخ الكل بالفشل الحاصل في غزة"، وأن لا يتحمل تبعات الأمر وحده.
وفي هذا السياق، يوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي أن المعضلة الموجودة فيها إسرائيل الآن هي معضلة انتخابية، فوقف الحرب سيكون بمثابة هزيمة إستراتيجية، وإسقاط الحكومة من شأنه أن يوقف الحرب، وهو ما لا يريد أي من قيادات المعارضة أن يسجل باسمه.
ويؤكد وليام لورنس المسؤول السابق في الخارجية الأميركية أن إدارة بايدن كانت سعيدة بانتهاء ولاية نتنياهو السابقة، وهو ما يؤكد تجذر الخلاف بين الجانبين، ورغبة بايدن في العمل مع حكومة مختلفة، لكن هجمات حماس كانت شديدة لدرجة دفعت الرأي العام الإسرائيلي لليمين.
ولذا، فإن الحكومة التي ينتظر أن تخلف حكومة نتنياهو، لا بد أن تكون من اليمين كذلك -حسب رأي لورنس- لكن ربما لا تكون من اليمين المتشدد، والذي يمكن أن يتقبل رؤية الإدارة الأميركية بضرورة إنهاء الحرب في أقرب فرصة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إدارة بایدن أن نتنیاهو إلى أن وهو ما
إقرأ أيضاً:
كيف تدعم حكومة بريطانيا جرائم الحرب وتكمّم أفواه المدافعين عن غزة؟
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا، للممثلة الدّاعمة لغزة، جولييت ستيفنسون، قالت فيه إنّ: "لدينا قوانين للتعامل مع الجرائم المرتبطة بالاحتجاجات. ولكن الأمر في الواقع يتعلق بحكومة متواطئة في فظائع غزة تسعى إلى إسكات المعارضة".
وأكدّت الكاتبة، في المقال الذي ترجمته "عربي21"، أنّ: "رسائل البريد الإلكتروني شديدة اللهجة لم تجد نفعا. كما أن مناشدات أعضاء البرلمان لم تجد نفعا. النزول إلى الشوارع بمئات الآلاف حاملين اليافطات واللافتات لم يجد نفعا. لقد وقف ممثلون منتخبون من جميع الأحزاب في البرلمان في مجلس العموم وطالبوا الحكومة بالتحرك".
وتابعت: "أدان بعض وزراء الحكومة تجويع إسرائيل للفلسطينيين في غزة. ويظهر كل استطلاع للرأي العام أن الأمة تطالبنا بوقف تسليح إسرائيل، وتريد أن ترى وقفا فوريا وغير مشروط ودائما لإطلاق النار. لكن لا شيء من هذه المحاولات أجدى نفعا".
وأشارت الممثلة البريطانية الحائزة على عدد من الجوائر، إلى أنّ: "كير ستارمر وحكومته لا يزالا منعزلين عن جميع الدعوات للتدخل الإنساني ولا تزال إسرائيل تقتل الأطفال في غزة بدعم من الحكومة البريطانية".
وشددت على أنّ: "تصنيف جماعة عمل مباشر سلمية، مثل "بالستاين آكشن"، كمنظمة إرهابية يهدد الحقوق الأساسية لحرية التعبير والاحتجاج السلمي. ومن المؤكد أن على الحكومة تطبيق قانون الإرهاب بأقصى درجات ضبط النفس والدقة، وإلا فإنه يسمح للدولة بقمع الحريات المدنية التي ناضلنا من أجلها ونلناها بشق الأنفس، والتي تمثل أساس ديمقراطيتنا".
وقالت إنّ: "هذه الحريات المدنية تعرضت بالفعل لتهديد حقيقي وخطير. فقد ازدادت الصلاحيات الممنوحة للشرطة تدريجيا إلى درجة مقلقة، ويعود ذلك جزئيا إلى قانون الإرهاب لعام 2000 وقانون الشرطة والجريمة والأحكام والمحاكم لعام 2022. وقد أدى كلاهما إلى تآكل خطير في حق الاحتجاج العام، ومنح الشرطة صلاحيات أكبر بكثير ومساءلة أقل بكثير".
"شهدنا منذ فترة استخدام هذه الصلاحيات لقمع الاحتجاجات القانونية واحتجاز المتظاهرين السلميين" أردفت الممثلة، عبر المقال ذاته، مبرزة أنّه: "بالإضافة إلى ذلك، وبغض النظر عن أعضائها، فإن حظر "بالستاين آكشن" سيؤثر بشكل مباشر على العديد من النشطاء الآخرين الذين يساورهم قلق بالغ إزاء مذبحة الفلسطينيين في غزة. حتى مجرد الظهور بمظهر الداعم للعمل المباشر السلمي لبالستاين آكشن سيُعرّضهم لخطر التجريم".
وأشارت إلى أنّ: "رد الحكومة على الخروقات الأمنية المحرجة في قواعد سلاح الجو الملكي البريطاني من قبل "بالستاين آكشن" يبدو غير متناسب، ويسلط الضوء، في رأيها، على تأثير المصالح الخاصة عليها"، موضّحة: "لطالما شنّ كبار السياسيين اليمينيين ومدراء شركات الأسلحة وجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل حملة لإغلاق "بالستاين آكشن" وحظرها".
وقالت إنّ: "شركة لوكهيد مارتن البريطانية تعد مصنعا رئيسيا لقطع غيار طائرات إف-35 المقاتلة التي ساعدت إسرائيل على سحق قطاع غزة، وقتل أكثر من 56,000 شخصا، وتسببت في بتر أطراف عدد أكبر من الأطفال للفرد الواحد مقارنة بأي مكان آخر في العالم. أنهت الحكومة المبيعات المباشرة لإسرائيل لبعض الأسلحة، لكنها منحت "إعفاء لطائرات إف-35" يسمح باستمرار وصول مبيعات هذه القطع إلى إسرائيل عبر الولايات المتحدة، حيث تُجمّع الطائرات".
وذكرت أنّ: "شركة "إلبيت سيستمز" الإسرائيلية تعمل لتصنيع الأسلحة أيضا على الأراضي البريطانية، والحكومة لديها صفقات ثنائية مربحة مع الشركة. في عام 2022، عقدت وزيرة الداخلية آنذاك، بريتي باتيل، اجتماعا مع مارتن فوسيت، الرئيس التنفيذي لشركة "إلبيت سيستمز" في المملكة المتحدة، لمناقشة كيفية التعامل مع حملة: بالستاين آكشن".
وأوضحت أنّ: "تعريف الإرهاب كما هو منصوص عليه في قانون الإرهاب لعام 2000 يشمل إلحاق أضرار جسيمة بالممتلكات". فيما تساءلت: هل يعد رش الطلاء الأحمر على المعدن ضررا جسيما؟" وعلقت بالقول: "يبدو أن إدانة رش الطلاء الأحمر على الطائرات، كما عبرت عنها وزيرة الداخلية، إيفيت كوبر، لا تقابلها إدانة مماثلة من جانبها لرش الدم الأحمر على جدران خيام غزة".
إلى ذلك، أقرّت أنّ: "جرائم تتعلق بإلحاق الضرر بالممتلكات ارتكبت"، موضحة أن "هناك قوانين سارية للتعامل معها. وأن وصف هذه الجرائم بالإرهاب لا يؤدي إلا إلى تعميق تواطؤ حكومة المملكة المتحدة في جرائم الحرب المرتكبة في فلسطين".
وأشارت إلى أنه: "في خطوة يائسة أخرى، بذلت جهود لتقويض دوافع حركة فلسطين من خلال ربطها بشكل واهٍ بإيران، حيث أفادت مصادر لم تكشف هويتها في وزارة الداخلية للصحف بأنها تحقق في أموال المجموعة"، مؤكدة أنّ: "حملات التشهير هذه تعد جزءا من سياسة أوسع نطاقا تنتهجها الحكومة لتخويف المعارضة وقمعها".
وسردت تجربتها الشخصية في أحد الاحتجاجات هذه حيث قالت: "لقد مررت بنفسي بتجربة صغيرة من هذا القبيل. في 18 كانون الثاني/ يناير، حضرت تجمعا في وايت هول نظمته منظمة "أوقفوا الحرب"، ولاحظت على الفور أن تكتيكات الشرطة في ذلك اليوم بدت مختلفة تماما".
"كانوا حاضرين بالآلاف، وكانوا بالفعل يحاصرون الناس في بداية الحدث، ويتصرفون بطريقة بدت عدوانية واستفزازية. كانت مسيرة إلى مبنى هيئة الإذاعة البريطانية، بي بي سي المخطط لها احتجاجا على تغطيتها للصراع، قد منعت من قِبل شرطة العاصمة (قبل مهلة وجيزة، واقتصر التجمع على وايتهول. طلب مني الانضمام إلى مجموعة من حوالي 12 شخصا يشكلون وفدا رمزيا، ويطلبون المرور عبر صفوف الشرطة للوصول إلى مبنى هيئة الإذاعة البريطانية. وهناك، خططنا لوضع الزهور على الباب" استرسل المصدر نفسه.
وأوردت: "بعد تردد ومقاومة، وصلنا إلى صفوف الشرطة، سمح لنا أحد الضباط بالمرور. لكن بعد ذلك بوقت قصير، عرقل صف آخر من الشرطة تقدمنا. وهنا رأيت عن كثب الأساليب غير المتناسبة التي تستخدمها الشرطة. شهدت وصول المزيد من شاحنات الشرطة إلى المنطقة، تحاصر المتظاهرين السلميين وتجري اعتقالات عديدة - 77 شخصا في ذلك اليوم".
وتكمل: "بعد ثلاثة أسابيع، وصلتني رسالة من شرطة العاصمة تهددني بتهم بموجب المادة 14 من قانون النظام العام. ثم واجهت استجوابا مع الشرطة لمدة ثلاث ساعات، قبل أن يقال لي بعد عدة أسابيع (وبعد دفع آلاف الجنيهات الإسترلينية من الرسوم القانونية) أنني لن أواجه أي إجراء آخر".
وأشارت إلى أنها: "التقت، على مدار الواحد والعشرين شهرا الماضية، بمئات الأشخاص الذين خرجوا، وغالبا ما كانوا يقطعون مسافات طويلة، للاحتجاج على هذه الإبادة الجماعية. شيوخ وشباب، من كل دين وعرق وجيل وهوية. يأتون مذعورين من الوحشية التي تمارس على سكان غزة. وكثيرون من بينهم يهود".
وبينت أنه: "مع ذلك، لا تزال جماعات الضغط تتهم المحتجين بمعاداة السامية. مشيرة إلى أنها: "تتجاهل مثل هذا الاتهام كونها متزوجة من رجل يهودي، كانت والدته لاجئة من فيينا هتلر، وهربت في الوقت المناسب عام 1938 كلاجئة، وقضي على معظم أفراد عائلتها لاحقا في المحرقة". وأضافت أنّ: "أطفالها يعرفون أنفسهم كيهود، وأن لدى العائلة العديد من الأصدقاء اليهود الأعزاء، وجميعهم يشعرون بالفزع من أنشطة بنيامين نتنياهو وحكومته والقوات الإسرائيلية".
وأوضحت أنّ: "هؤلاء الأصدقاء اليهود أناس مدفوعون بالرحمة والإنسانية وإحساس بالصواب والخطأ لا يلين للترهيب. في غزة، يشاهد العالم أبشع أعمال العنف التي شهدتها في حياتي. كأن جلدا قد سلخ عن وجه البشرية ليكشف عن أعماق مرعبة من السادية والانحطاط".
وختمت مقالها بالتأكيد على: "إدراكها التام لفكرة: لا أريد أن أجد نفسي في نهاية حياتي أستعيد ذكريات هذا الوقت، نادما على أنني كان بإمكاني فعل شيء ولم أفعله - وأنني كنت خائفة جدا من التحدث أو التصرف. لن تشعر منظمة "بالستاين آكشن" وأنصارها بمثل هذا الندم. مع ذلك، قد تشعر به حكومتنا البريطانية الحالية".