اكتشاف حصون عملاقة كانت تحيط بواحات خيبر قبل أربعة آلاف عام
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
اكتشف فريق من علماء الآثار بقايا حصون عملاقة تعود إلى العصر البرونزي قبل نحو أربعة آلاف عام كانت تحيط في القديم بواحة خيبر غرب السعودية.
وبحسب الباحثين فإن هذه الحصون تعد أضخم الهياكل المكتشفة إلى حد الآن، وسيساهم اكتشافها في فهم أفضل لتفاصيل الحياة الاجتماعية لأولى المجتمعات المستقرة في المنطقة.
وستُنشر تفاصيل هذا الاكتشاف الذي قام به باحثون من المركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي والهيئة الملكية لمحافظة العلا، في عدد فبراير في دورية مجلة العلوم الأثرية العلمية "جورنال أوف أركيالوجيكال ساينس".
في بيئة يلتقي فيها الماضي والحاضر، كشفت واحة خيبر في شمال غرب السعودية عن بعض أسرارها القديمة التي تعود لآلاف السنين، إنها أسوار عملاقة يعود تاريخها إلى 4000 عام، قد تعيد كتابة تاريخ المجتمعات القديمة في المنطقة.
وبحسب بيان نشر على موقع المركز الفرنسي للبحث العلمي، فقد قام الباحثون بمقارنة المسوحات الميدانية وبيانات الاستشعار عن بعد لتقدير الأبعاد الأصلية لتحصينات واحة خيبر. وأظهرت النتائج أن الأسوار تمتد على طول يزيد عن 14.5 كيلومترا ويصل ارتفاعها إلى نحو 5 أمتار، فيما تراوح سمكها بين 1.7 و2.4 متر.
لكن هذه الأسوار اندثر أغلبها اليوم ولم يبق منها سوى 5.9 كيلومترات مع بقايا 74 حصنا. وحدد الفريق حقبة بناء هذه الحصون باستخدام الكربون المشع ووجدوا أنها تقع بين عامي 2250 و1950 قبل الميلاد. وتكشف هندسة بنائها عن براعة تصميمها ودقة تنفيذها من قبل السكان القدماء في المنطقة.
وعن دوافع إنشاء هذه الأسوار التي تحيط بمساحة شاسعة تفوق 110 هكتارات تضم مناطق سكنية وزراعية، يعتقد الباحثون أنها ربما تكون لأغراض متعددة مثل حماية الواحة من التهديدات الخارجية، أو إظهار القوة، أو ترسيم الحدود الإقليمية لأسباب إدارية أو اقتصادية.
ويكشف تحليل هذه الهياكل عن أدلة على الإستراتيجيات العسكرية التي اعتمدها السكان في ذلك الوقت للدفاع عن أنفسهم وبعضٍ من ممارساتهم الاجتماعية، كما يُظهر مجتمعا معقدا قادرا على حماية موارده وإدارتها بكفاءة.
وأبرزت الدراسات السابقة وجود واحات قديمة محصنة في مناطق أخرى في الجزيرة العربية مثل منطقتي تيماء والقرية، وكشفت أن واحة تيماء -على سبيل المثال- كانت قديما محاطة بأسوار عالية تمتد حتى نحو 19 كيلومترا.
ويعتقد الباحثون أن الحصون ظهرت عندما بدأ السكان البدو في الاستقرار تدريجيا لأسباب قد تعود للظروف المناخية التي أصبحت أكثر جفافا في المنطقة قبل نحو 4200 عام.
وصنف الباحثون واحة خيبر ضمن أكبر الواحات المحصّنة في السعودية. ومن خلال موقعها الإستراتيجي شمال الصحراء العربية، شكلت هذه الواحات جزرا خضراء حقيقية في بيئة صحراوية، ومراكز حيوية للمجتمعات المستقرة تتوفر فيها الموارد الأساسية مثل المياه والأراضي الخصبة التي سمحت بتطور النشاط الزراعي.
وتشهد هذه التحصينات -كما يقول مؤلفو الدراسة- على مجتمع منظم ومعقد قادر على تنفيذ مشاريع بناء واسعة النطاق، كما تشير إلى وجود علاقات وثيقة مع مجموعات أو حضارات أخرى في المنطقة.
وباعتبارها مركزا للحياة، كانت خيبر بحاجة إلى الحماية وإدارة مواردها النفيسة، كما يُبرز هذا النظام الدفاعي لحماية الواحات في العصر البرونزي التوسع الحضري في شمال غرب شبه الجزيرة العربية الذي استمر في التطور خلال الحقبات اللاحقة.
وبحسب الباحثين، فإن الاكتشاف يحفز على توسيع البحث ليشمل مواقع أخرى من المنطقة بهدف فهم الحضارات العربية القديمة بشكل أفضل، مما سيمكّن من الكشف عن جوانب لم تكن معروفة سابقا من التاريخ والثقافة العربية القديمة.
كما يسلط أيضا الضوء على أهمية الجزيرة العربية في التاريخ العالمي لكونها ليست منطقة عبور فحسب، بل منطقة استيطان وابتكار كذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
تساؤلات كبيرة تحيط بإعلان انتهاء الحرب ونزع فتيل الصراع الإسرائيلي الإيراني
هل نجحت سياسة ترامب "السلام من خلال القوة"؟
ما هو مصير البرنامج النووي الإيراني ومخزون اليورانيوم؟
واشنطن"رويترز": عندما أرسل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قاذفات قنابل لضرب مواقع نووية إيرانية مطلع الأسبوع، كان يراهن على أنه يستطيع مساعدة إسرائيل حليفة بلاده في شل برنامج طهران النووي مع عدم الإخلال بتعهده منذ فترة طويلة بتجنب التورط في حرب طويلة الأمد.
وبعد أيام قليلة فحسب، يوحي إعلان ترامب المفاجئ بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بأنه ربما يكون قد أعاد طهران إلى طاولة المفاوضات.
لكن لا تزال هناك قائمة طويلة من التساؤلات الكبيرة التي لم تتم الإجابة عنها، منها ما إذا كان أي وقف لإطلاق النار يمكن أن يسري بالفعل ويصمد بين خصمين لدودين تحول صراع "الظل" بينهما الذي استمر لسنوات إلى حرب جوية تبادلا فيها خلال الاثنى عشر يوما الماضية الغارات الجوية.
ولا يزال من غير المعروف أيضا الشروط التي اتفق عليها الطرفان وغير مذكورة في منشور ترامب الحماسي على وسائل التواصل الاجتماعي الذي أعلن فيه "وقف إطلاق النار الكامل والشامل" الوشيك، وما إذا كانت الولايات المتحدة وإيران ستعيدان إحياء المحادثات النووية الفاشلة، ومصير مخزون إيران من اليورانيوم المخصب الذي يعتقد عدد من الخبراء أنه ربما نجا من حملة القصف التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقال جوناثان بانيكوف نائب مسؤول المخابرات الوطنية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط سابقا "حقق الإسرائيليون الكثيرمن أهدافهم.. وإيران تبحث عن مخرج.. تأمل الولايات المتحدة أن تكون هذه بداية النهاية. يكمن التحدي في وجود استراتيجية لما سيأتي لاحقا".
ولا تزال هناك تساؤلات أيضا بشأن ما تم الاتفاق عليه بالفعل، حتى في الوقت الذي عزز فيه إعلان ترامب الآمال في نهاية الصراع الذي أثار مخاوف من اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقا.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه رصد صواريخ أطلقت من إيران باتجاه إسرائيل في الساعات الأولى من صباح اليوم. وأفادت هيئة الإسعاف الإسرائيلية بسقوط قتلى في قصف صاروخي على مبنى في بئر السبع.
وبعد ذلك بوقت قصير، قال ترامب إن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران "دخل حيز التنفيذ الآن" وحث البلدين على عدم انتهاكه.
وبينما أكد مسؤول إيراني في وقت سابق أن طهران قبلت وقف إطلاق النار، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إنه لن يكون هناك وقف للأعمال القتالية ما لم توقف إسرائيل هجماتها.
لكن ذلك لم يمنع ترامب والموالين له من الاحتفاء بما يعتبرونه إنجازا كبيرا لنهج السياسة الخارجية الذي يسمونه "السلام من خلال القوة".
وكان ترامب قد أيد ما خلصت إليه إسرائيل عن أن إيران تقترب من تطوير سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران منذ فترة طويلة. وقالت أجهزة المخابرات الأمريكية في وقت سابق من العام الجاري إن تقييمها هو أن إيران لا تصنع سلاحا نوويا، وقال مصدر مطلع على تقارير مخابراتية أمريكية لرويترز الأسبوع الماضي إن هذا الرأي لم يتغير.
وجاء إعلان ترامب بعد ساعات فقط من إطلاق إيران صواريخ على قاعدة جوية أمريكية في قطر لم تسفر عن وقوع إصابات، وذلك ردا على إسقاط الولايات المتحدة قنابل خارقة للتحصينات زنة 30 ألف رطل على منشآت نووية إيرانية تحت الأرض مطلع الأسبوع.وقالت مصادر مطلعة إن مسؤولي إدارة ترامب اعتبروا أن رد إيران اليوم كان محسوبا لتجنب زيادة التصعيد مع الولايات المتحدة.
ودعا ترامب إلى إجراء محادثات مع إسرائيل وإيران. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار طالما لا تشن إيران هجمات جديدة. وذكر المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن إيران أشارت إلى أنها لن تشن ضربات أخرى.
وأضاف المسؤول أن ترامب تحدث مباشرة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكان نائب الرئيس الأمريكي جيه.دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف على اتصال مباشر وغير مباشر مع إيران. وتوسطت قطر وساعدت في التواصل مع الإيرانيين.
وقال المسؤول في البيت الأبيض إن إيران أبدت أيضا تقبلها لوقف إطلاق النار لأنها في "حالة ضعف شديد"على حد رأيه. وعاش الإيرانيون أياما شهدوا فيها قصفا إسرائيليا لمواقع نووية وعسكرية بالإضافة إلى استهداف كبار العلماء النوويين والقادة الأمنيين بعمليات قتل.
وتحدث ترامب علنا أيضا في الأيام القليلة الماضية عن احتمالات "تغيير النظام" في إيران.
وذكر ثلاثة مسؤولين إسرائيليين في وقت سابق من أن الحكومة الإسرائيلية تتطلع إلى إنهاء حملتها على إيران قريبا، ونقلوا هذه الرسالة إلى الولايات المتحدة، لكن الكثير سيعتمد على طهران.
وقالت لورا بلومنفيلد الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط بكلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن "أما وقد أعلن ترامب ’السلام العالمي‘ سيكون من الصعب على نتنياهو معارضته علنا".
* مقامرة ترامب الكبرى
ويمثل قرار ترامب غير المسبوق قصف مواقع نووية إيرانية خطوة طالما تعهد بتجنبها، وهي التدخل عسكريا في حرب خارجية كبرى.ولم يراهن ترامب، في أكبر وربما أخطر تحرك في سياسته الخارجية منذ بدء ولايته الرئاسية، على قدرته على إخراج الموقع النووي الإيراني الرئيسي في فوردو من الخدمة فحسب، بل أيضا ألا يجتذب سوى رد محسوب ضد الولايات المتحدة.
وكانت هناك مخاوف من أن ترد طهران بإغلاق مضيق هرمز، أهم شريان نفطي في العالم، ومهاجمة قواعد عسكرية أمريكية متعددة في الشرق الأوسط وتفعيل نشاط وكلاء لها ضد المصالح الأمريكية والإسرائيلية في مناطق مختلفو من العالم.
وإذا استطاع ترامب نزع فتيل الصراع الإسرائيلي الإيراني، فقد يتمكن من تهدئة عاصفة انتقادات الديمقراطيين في الكونجرس وتهدئة الجناح المناهض للتدخل في قاعدته الجمهورية التي ترفع شعار "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا" بشأن القصف الذي خالف تعهداته الانتخابية.
كما سيسمح له ذلك بإعادة التركيز على أولويات السياسة مثل ترحيل المهاجرين غير المسجلين وشن حرب رسوم جمركية ضد الشركاء التجاريين.لكن ترامب ومساعديه لن يتمكنوا من تجاهل الشأن الإيراني والتساؤلات العالقة التي يطرحها.
وتساءل دنيس روس وهو مفاوض سابق لشؤون الشرق الأوسط في إدارات جمهورية وديمقراطية "هل يصمد وقف إطلاق النار؟. نعم، يحتاجه الإيرانيون، والإسرائيليون هاجموا بشكل كبير قائمة الأهداف" التي وضعها الجيش الإسرائيلي.
لكن لا تزال العقبات قائمة، إذ يقول روس "ضعفت إيران بشكل كبير، لكن ما هو مستقبل برامجها النووية والصاروخية الباليستية؟ ماذا سيحدث لمخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب؟ ستكون هناك حاجة للمفاوضات، ولن يكون حل هذه المسائل سهلا".