انضمام السويد للناتو.. هل اكتملت الصفقة من جانب تركيا؟
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
بعدما أعطى البرلمان التركي "الضوء الأخضر" للسويد تكون الدولة الاسكندنافية اقتربت على نحو كبير من أبواب حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وبينما باتت الأنظار موجهة إلى المرحلة الأخيرة من جانب تركيا والمتمثلة بتوقيع الرئيس، رجب طيب إردوغان على بروتوكول الانضمام تثار تساؤلات عن المقابل الذي حصلت عليه أنقرة.
ودائما ما كان المسؤولون الأتراك يربطون الموافقة على طلب الانضمام بضرورة إقدام ستوكهولم على اتخاذ إجراءات فعلية تتعلق بقضايا الإرهاب، قاصدين "حزب العمال الكردستاني" وأعضاء منظمة "غولن" التي تصنفها أنقرة كمنظمة إرهابية.
وشيئا فشيئا وعندما كانوا يشهرون باستمرار الكارت الأحمر أمام إكمال عملية الانضمام ويطالبون باتخاذ المزيد، سرعان ما اتضح من تصريحات المسؤولين على رأسهم إردوغان بأنهم يريدون من واشنطن مقابلا يرتبط بصفقة طائرات "إف 16" المعلّقة.
وكانت تركيا، قد سعت لشراء ما قيمته 20 مليار دولار من طائرات إف-16 و80 من مجموعات التحديث لطائرات حربية ضمن سلاحها الجوي.
لكن الصفقة توقفت بسبب اعتراضات من الكونغرس الأميركي على رفض أنقرة إعطاء الضوء الأخضر لتوسيع حلف شمال الأطلسي، وعلى سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان وسياستها تجاه سوريا.
"ارتياح في الغرب"ولأكثر من مرة أثار إردوغان قضية طائرات "إف 16"، وعندما أرسل إلى البرلمان التركي طلب السويد للانضمام في أكتوبر 2023، قال علانية إن التصديق "سيتوقف على الحصول على طائرات إف-16 في النهاية".
ولم تخرج من جانب الولايات المتحدة الأميركية تصريحات رسمية علنية تؤكد الربط بين الموافقة على طلب السويد وصفقة "إف 16"، خلال الأشهر الماضية.
ومع ذلك ألمح الرئيس الأميركي جو بايدن في إحدى المناسبات إلى وجود صلة بين الصفقة وطلب السويد.
وبينما رفض وزير خارجيته، أنتوني بلينكن التلميح في وقت سابق إلى أن الإدارة الأميركية تربط الموافقة على الطلب بقضية المقاتلات قال إن "الكونغرس سيفعل ذلك".
ورغم أن السويد لا تزال بحاجة إلى موافقة المجر قبل أن تتمكن من الانضمام إلى التحالف العسكري (الناتو)، إلا أن الخطوة التي اتخذها البرلمان التركي اعتبرها مراقبون "تاريخية".
وأثارت خلال الساعات الماضية ارتياحا كبيرا في الغرب، وبدا من خلال تصريحات مسؤولين كبار في الولايات المتحدة والسويد وألمانيا.
وذكر مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان عبر "إكس" أنهم يرحبون بموافقة البرلمان التركي على البروتوكول وأن ذلك يمثل "أولوية مهمة" للرئيس الأميركي، جو بايدن.
وأضاف أن السويد ستجعل الناتو "أكثر أمانا وأقوى".
ووصفت ألمانيا الموافقة بأنها "خطوة مهمة وصحيحة"، وقال الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ إنه يتوقع نفس الخطوة من المجر.
بدوره قال وزير الخارجية السويدي، توبياس بيلستروم إن موافقة البرلمان التركي على البروتوكول تعد تطورا "جيدا بالطبع".
وصرح رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون أيضا في منشوره على "إكس" أنهم "على بعد خطوة واحدة من عضوية الناتو بعد موافقة البرلمان التركي".
"3 سيناريوهات تركية"وتنقسم الآراء في الداخل التركي ما بين مؤيد لفكرة الانضمام وما بين الرافض لها.
ويرى المؤيدون كما بدا عبر تعليقاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي أن الخطوة لا تنفصل عن "مصالح الدولة".
في المقابل أعاد معارضون التذكير بالعلاقة بـ"حزب العمال" و"غولن" ونشاط هاتين المنظمتين في ستوكهولم، من بينهم سياسيون في أحزاب المعارضة.
ويرى سنان أولغان، وهو دبلوماسي تركي سابق، أن التوصل إلى صفقة كاملة لم يتم بعد رغم موافقة البرلمان التركي على بروتوكول الانضمام.
ومن غير الواضح أيضا ما إذا كان إردوغان سيختار الآن انتظار وزارة الخارجية الأميركية لإخطار الكونغرس رسميا بإعادة تسليم طائرات "إف 16" إلى تركيا.
أولغان يشير إلى 3 سيناريوهات قد ينعكس إحداها على المشهد خلال الأيام المقبلة.
الأول بأن يوقع إردوغان مشروع القانون خلال 15 يوما، وينشره في الجريدة الرسمية، وهنا يمكن القول إن "الصفقة قد تمت بشكل كامل".
السيناريو الثاني هو أن يقرر إردوغان انتظار الإخطار الرسمي بصفقة طائرات "إف 16" إلى الكونغرس الأميركي من قبل وزارة الخارجية.
وبعد أن يتم الإخطار بشكل رسمي "سيوقع الرئيس التركي على مشروع القانون ويكمل الصفقة بالكامل".
السيناريو الثالث حسب الدبلوماسي التركي السابق هو أن يقرر الرئيس التركي انتظار الإخطار الرسمي من وزارة الخارجية الأميركية.
وبعد ذلك تقرر الأخيرة انتظار توقيع إردوغان على مشروع القانون.
ويوضح أولغان أنه وخلال هذه الفترة تكون مدة الـ15 يوما قد انتهت، ما يدفع إردوغان إلى إعادة مشروع القانون للبرلمان للتصويت مرة أخرى، وهو ما يشكل "عودة إلى المربع الأول".
ما الذي تغيّر؟ومنذ تقديم الطلب، قدمت السويد مشروع قانون لمكافحة الإرهاب يجعل العضوية في منظمة إرهابية غير قانونية.
وبالإضافة إلى ذلك، خففت إلى جانب كندا وفنلدا سياسات تصدير الأسلحة إلى تركيا.
ورغم أنه لا يعرف حتى الآن ما الذي تغير تركيا، يبدو للباحث في الوكالة السويدية لأبحاث الدفاع (FOI)، آرون لوند أن "تركيا سعيدة بكل الضمانات التي تلقتها من الولايات المتحدة فيما يتعلق ببيع طائرات إف 16 وغيرها من القضايا".
ويبدو له كما يقول لموقع "الحرة" أن "الجزء التركي من العملية وكأنه في طريقه إلى الحل".
لكن الباحث لا ينفي ضرورة وجود حاجة إلى بعض التنسيق، مشيرا إلى أنه "لا يزال يتعين على إردوغان التوقيع على القرار ولا يزال تصديق المجر عليه قائما".
ويعتقد كبير الخبراء الأميركيين في "المجلس الأطلسي"، ريتش أوتزن أن أنقرة "حصلت على جزء مما أرادت".
ويوضح لموقع "الحرة" أن "صفقة إف 16 ستحال الآن إلى الكونغرس بدعم من الرئيس (بايدن)"، بينما "غيّرت السويد قوانين مكافحة الإرهاب وأسقطت القيود على الأسلحة الخاصة بها".
ورغم أن ما سبق "لا يعد موافقة على طائرات إف 16 ولا تنفيذا كاملا لقوانين مكافحة حزب العمال الكردستاني من قبل السويديين" يرى أوتزن أنه "يعد تقدما كافيا للمضي قدما".
ويوضح الباحث التركي المختص بالسياسة الخارجية، عمر أوزكيزيلجيك أن "السويد اتخذت خطوات مهمة ضد الإرهاب، بل وغيرت دستورها.
لكن عندما كان ذلك غير كافيا بالنسبة لتركيا، تدخلت الولايات المتحدة ووضعت نفسها في منتصف المفاوضات، وفق أوزكيزيلجيك.
الباحث التركي يشير إلى أنه "فقط وبعد أن اقتنع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي، فؤاد أوقطاي بوعود السويد والولايات المتحدة تم طرح طلب الانضمام للمناقشة في البرلمان".
ويقول لموقع "الحرة": "ليس لدى تركيا أي رفض جيوسياسي لطلب السويد الانضمام إلى الناتو. ولذلك، لم يكن هناك أي نقاش حول انضمامهم، ولم تكن تركيا تريد سوى رؤية التزام حقيقي من حليفها ضد الإرهاب".
ماذا عن الكونغرس؟وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أبلغ تركيا في زيارتين أجراهما في الأشهر الثلاثة الأخيرة بأن المصادقة على طلب السويد من شأنها تليين موقف الكونغرس الذي يجمّد صفقة بيع مقاتلات "إف 16" لأنقرة.
ورغم أن أحد أقوى المعارضين في الكونغرس لإتمام الصفقة السيناتور بوب مينينديز لم يعد رئيسا للجنة العلاقات الخارجية القوية بمجلس الشيوخ لم يعبّر بديلة السيناتور بن كاردين عن موقفه بشأن البيع.
وبينما قال بعض كبار المشرعين إن تصويت السويد سيمهد الطريق أمام طائرات إف 16 أصر آخرون على أن هناك مشاكل أوسع مع تركيا، بما في ذلك "انتهاكات حقوق الإنسان والهجمات التركية المستمرة على حلفاء الولايات المتحدة الأكراد في سوريا"، وفق صحيفة "واشنطن بوست".
ويعتبر أوتزن أن المصادقة التي حصلت من جانب البرلمان التركي الثلاثاء تعني أن "الباب مفتوحا لتحسين العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة".
ويتعين على الولايات المتحدة الأميركية، حسب قوله أن تُظهر حسن النية فيما يتعلق بضماناتها، وهو الأمر الذي قد يكون "شائكا" مع الكونغرس.
ويضيف: "بمجرد أن يسمح الكونغرس ببيع طائرات F16 والانتقال إلى الموافقة الكاملة يمكننا عندها التحدث عن التحسن في العلاقات".
وإذا حدث ذلك، يعتقد أوتزن أن "حلف شمال الأطلسي سيكون أقوى"، و"أننا سنشهد تعاونا ثنائيا أفضل في التجارة والشؤون الإقليمية وإدارة أو إنهاء العديد من الأزمات التي تؤثر على مصالح البلدين".
وبعد الموافقة من جانب البرلمان التركي يشير الباحث أوزكيزيلجيك إلى أن "العلاقات التركية الأميركية ينبغي أن تتسارع".
لكن في المقابل يضيف: "إذا لم توافق الولايات المتحدة بطريقة أو بأخرى على مبيعات طائرات إف 16 قريبا فإن الضرر في العلاقات سيكون لا يمكن إصلاحه".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: موافقة البرلمان الترکی الولایات المتحدة مشروع القانون طائرات إف 16 طلب السوید الترکی على موافقة على من جانب إلى أن
إقرأ أيضاً:
جنوب السودان يتهم طائرات متعاقدة مع الأمم المتحدة بالتهريب والتجسس
قال وزير الخارجية، موندي سيمايا كومبا، خلال إحاطة دبلوماسية في العاصمة جوبا، السبت، إن السلطات أوقفت أربع طائرات مرتبطة ببعثة يونميس عقب معلومات استخبارية توصلت إليها الأجهزة المختصة
التغيير: الخرطوم
اتهمت حكومة جنوب السودان طائرات تعمل بموجب عقود مع بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (يونميس) بالضلوع في تهريب موارد طبيعية وتركيب معدات مراقبة غير مُعلن عنها.
وقال وزير الخارجية، موندي سيمايا كومبا، خلال إحاطة دبلوماسية في العاصمة جوبا، السبت، إن السلطات أوقفت أربع طائرات مرتبطة ببعثة يونميس عقب معلومات استخبارية توصلت إليها الأجهزة المختصة.
وأوضح سيمايا: «من خلال معلوماتنا الاستخبارية، تبيّن أن طائرتين تابعتين ليونميس كانتا مزودتين بمسجلات استطلاع استخباري وأنظمة حماية من الصواريخ دون إخطار الحكومة»، مضيفاً أن «طائرتين أخريين كانتا متورطتين في تهريب موارد طبيعية، أبرزها خشب الصندل، بين جنوب السودان والسودان».
وحدد الوزير أرقام الطائرات المعنية، مشيراً إلى أن الطائرتين UNO-570P وUNO-571P كانتا تحملان معدات غير مُعلن عنها، بينما استُخدمت الطائرتان UNO-535P وUNO-536P، بحسب الاتهامات، في عمليات تهريب عابرة للحدود.
وأكد أن هذه المعطيات أُبلغت لكبار مسؤولي بعثة يونميس، وأن لجنة حكومية مستقلة تولت التحقيق في القضية. وقال: «لجنة التحقيق أنهت عملها، وتم رفع التقرير النهائي إلى مكتبي والجهات المختصة لاتخاذ ما يلزم من قرارات».
وشدد الوزير على أن الاتهامات موجهة إلى مشغلي الطائرات، وليس إلى بعثة الأمم المتحدة كمؤسسة، قائلاً: «نحن لا نتهم يونميس، فهذه الطائرات تعمل بموجب ترتيبات تعاقدية بين المشغلين والأمم المتحدة».
ووصف القضية بأنها «مسألة أمن قومي خطيرة»، مؤكداً أنها منفصلة تماماً عن خطة خفض قوات يونميس وإغلاق بعض قواعدها، والتي أرجعها إلى تحديات التمويل العالمي لعمليات حفظ السلام.
وأفادت الحكومة بأن جميع الشركات المدنية الأخرى المتعاقدة مع الأمم المتحدة تواصل عملها دون قيود، باستثناء شركة طيران واحدة جرى إيقاف أربع طائرات تابعة لها. كما أشارت إلى أن بعثة يونميس أنهت عقدها مع شركة طيران عسكرية رواندية، وهو قرار قالت جوبا إنها لا تعترض عليه.
تساؤلات دبلوماسية
وأثارت الاتهامات تساؤلات داخل الأوساط الدبلوماسية، حيث تساءل سفير جنوب أفريقيا لدى جنوب السودان عن جدوى الإعلان العلني عن معلومات استخبارية حساسة، وعن التداعيات الأمنية لخفض وجود يونميس قبيل الانتخابات المقررة في ديسمبر 2026.
وردّ الوزير بأن الحكومة تعمل على تجهيز قواتها الأمنية والتنسيق مع شركاء إقليميين لضمان الاستقرار خلال فترة الانتخابات، مبرراً الإحاطة العلنية بالرغبة في الرد على استفسارات دبلوماسية متكررة والتصدي لما وصفه بـ«السرديات الخارجية».
ونفى سيمايا بشكل قاطع أي اتهام لبلاده بعرقلة عمل يونميس، مؤكداً أن التعاون مستمر بشأن تدوير القوات وإغلاق القواعد وفق ما هو متفق عليه.
وأضافت الحكومة أنها ستشارك نتائج التحقيق مع بعثة يونميس بعد اتخاذ القرارات النهائية، ودعت الشركاء الدوليين إلى احترام سيادة جنوب السودان.
من جهتها، قالت إذاعة «راديو تمازج» إنها لم تتمكن من الحصول على تعليق فوري من بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان.
المصدر: راديو تمازج الوسومحكومة جنوب السودان موندي سيمايا كومبا وزير الخارجية يونميس