صناعة الذرائع في لوم الخرطوم … تنصل المثقف الدارفوري
نموذج خلاف الزيادية والبرتي من مائتي عام …
لفت إنتباهي ما قال أحد المثقفين الدارفوريين (الوليد مادبو ) وهو من الذين يشار إليهم بالبنان في 2023م : (إن الدولة عجزت منذ الاستقلال في تشييد بنية تحتية تسهم في إحداث توسع أفقي ورأسي يجعل المكان ذا ملمح وجداني، لكنها لم تألو جهداً في حبك المؤامرات وبث الدسائس التي جعلت الكل يقبل بالقبلية إطارا وللثنائية مبرراً (ثنائية رزيقات ومعاليا، هبانية وفلاته، تعايشة وسلامات، زياديه وبرتي، إلخ).

فلا تكاد تلتق بفرد من افراد النخبة، منها من هو مخلص ومن هو دعي ، حتي يسألك: ما هو دوركم “كمثقفين دارفوريين ؟). إنتهى.

سهل جدا لوم الخرطوم وتحميلها أوزار كل مشاكل دارفور وحروبها الأهلية وبالتالي فإن الخرطوم (تستحق العقاب لأنها هي السبب في خلافاتنا نحن الدارفوريين ولولاها لكنا سمنا على عسل !! )

حين قرأت كلام المثقف الدارفوري تذكرت كلاما قرأته في كتاب تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان للشريف محمد بن عمر التونسي الذي زار دارفور في 1805م وبلاد العرب والسودان هي دارفور والسودان وقتها كانت تعني السود عموما.

فقد قال محمد بن عمر التونسي عن دارفور : ( أما دارفور فهو الإقليم الثالث من ممالك السودان وذلك أن القادم من المشرق إلى بلاد السودان أول ملكة وإقليم يعرض له مملكة سنار ثم كردفال ثم دار الفور فظهر أنها الإقليم الثالث وبحسب ذلك يكون إقليم ودداي هو الرابع ( في تشاد الحالية ) والباقرمة الخامس (في تشاد والكاميرون ) وبرنو السادس (موزع بين تشاد والنيجر ونيجيريا ) وإدقز السابع (أغاديس في النيجر ) ونفه الثامن ودار تنبكتو التاسع ( في دولة مالي) ودار ملا أو ملي العاشر (من السنغال غربا إلى دولة مالي)

نعود إلى ما قام محمد بن عمر التونسي بتوثيقه في 1805م عن دارفور وقد عاش فيها سبعة سنوات حسوما وأتيح له فيها من حرية التجوال بسبب عروبته وإسلامه ما لم يكن متاحا لغيره من الرحالة الأوروبيين الذين كان سلاطين دارفور يحظرون عليهم دخول البلاد !

قال الشريف محمد بن عمر التونسي عن خلافات القبائل : ( لكن من حيث أن أمراض بلاد السودان لم تكن وبائية قاتلة ، كانت أعمارهم أطول من أعمار غيرهم ، فلذلك تجد فيهم المسنين ، حتى تجد من تجاوز المائة وعشرين. وأما أبناء السبعين والثمانين والتسعين ، فلا يكاد يحصرهم العد ، ولا يوقف لكثرتهم على حد ، هذا على مع ما ابتليوا به من الفتن ، والحروب والمحن ، لأن كل قبيلتين منهم بينهما دم مسفوك ، وثأر مطالب به غير متروك ، كما بين البرتي والزيادية ، وبني عمران والميمة والفلاتا والمساليط والمسيرية الحمر والرزيقات والمجانين وبني جرار والزغاوة والمحاميد مما لا يكاد يحصى ، هذا خلاف فتن الملوك ، وخلاف ما يصير من القتل في مجلس الشرب ، أو في المعاندة على الكواعب الأتراب ، ولولا ذلك لكانوا في الكثرة كيأجوج ومأجوج ، وضاق بهم الفضاء والمرج.( تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان – محمد بن عمر التونسي -1850م –ص282).

أليس عجيبا أن هذه هي نفس الثنائية التي تحدث عنها المثقف الدارفوري في 2023م وكأنها أمر مستجد بسبب دسائس الخرطوم ؟!

ولنقفز قفزات عبر الزمن.
ففي 1913م في زمن السلطان علي دينار هاجم أحد قادته خليل عبد الرحمن عرب الزيادية وطاردهم حتى داخل كردفان الأمر الذي أثار قلق حكومة السلطة الثنائية في الخرطوم وكان يومها الحاكم العام ونجت باشا.

وفي نوفمبر 1916م إنتهت سلطة الحكم الذاتي للسلطان علي دينار وتم ضم دارفور كمحافظة من محافظات السودان.

وفي أول يوليو 1955م وبينما سلطة الحكم الثنائي تحزم حقائبها لمغادرة السودان تجدد خلاف البرتي والزيادية ولكنه كان خلافا قانونيا ساحاته المحاكم , فقد شهدت محكمة كتم ( النزاع الذي كان بين قبيلتي البرتي والزيادية بشأن الهشاب ورسوم العوائد التي تفرض عليه، حيث كان البرتي يقومون بجمع رسوم العوائد من العرب الزيادية ؛ باعتبار أن (الهشاب) يقع داخل ديارهم. فتقدم إثر ذلك الزيادية بشكوى للمحكمة الإقليمية بكتم والتي نظرت فيها وأصدرت حكمها في أول يوليو عام 1955 م لصالح الزيادية، وأمرت المحكمة قبيلة البرتي بعدم التعدي على الأهالي وأخذ العوائد ؛ باعتبار أن أشجار الهشاب تقع داخل ديار الزيادية ، وتم كذلك تحديد ديار كل قبيلة على حدة بصورة واضحة ، وجاء تأييد .( حكم المحكمة الإقليمية بكتم بواسطة مفتش المركز وفي عام 1955 م قام البرتي بمعارضة الحكم الصادر من المحكمة الإقليمية وطلبوا النظر في القضية وتقدموا باستئنافهم لقاضي مديرية دارفور، الذي طلب أوراق القضية وفحصها ، وأيد أخيرًا الحكم الصادر من قبل المحكمة الإقليمية بكتم ( إدارة الحكم الثنائي لدارفور – المبارك الشريف أحمد – 2004م )

ثم تجدد خلاف الزيادية والبرتي في زمن الإنقاذ في 1995م وذلك بالرغم من حكم المحكمة في 1955م وتجدد في 2012م وفي هذه المرحلة تجدد بشكل مسلح.

ومن هنا 2012م يمكنك عزيزي القارئ البحث في فيسبوك فقد صار مساحة حرة يعرض فيها مؤرخي القبائل الدارفورية ومنهم البرتي والزيادية وجهات نظرهم المتعارضة في نزاعات الحواكير ، ولكن أختم بالقول أنه قد حان الوقت ليتداعى مثقفي دارفور للوصول لحل المعضلة التاريخية معضلة الحواكير التي أرهقت سلطة الحكم الثنائي من 1917م إلى 1955م وأرهقت حتى السلطان علي دينار 1900م – 1916م فقد كانت فترة حكمه 16 سنة من الحروب الداخلية وبعض أكبرها كانت ضد سلطنات تابعة سعت للإستقلال بحواكيرها مثل حروبه ومعاركه ضد سلطنة المساليت وضد الرزيقات وغيرهم ، فأين كانت الخرطوم خلال كل تلك الأزمنة ؟!


#كمال_حامد ????
الشريف محمد بن عمر التونسي.
النص.
جغرافيا الزيادية والبرتي.

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الساحل التونسي.. اكتشاف فيروس قا.تل يهدد مزارع القاروص بالبحر المتوسط

أعلن فريق بحثي عن تحديد مسئولية فيروس النخر العصبي في حادثة نفوق جماعي لأسماك القاروص الأوروبي.

فيروس عملاق يهز ذيله.. اكتشاف بحري يثير فضول العلماء


وعثر على الفيروس بالأسماك داخل مزارع عائمة قبالة ساحل الساحل التونسي، وهو فيروس يعرف بتسببه في مرض التهاب الدماغ والشبكية الفيروسي، الذي يهاجم الجهاز العصبي والعينين لدى الأسماك الصغيرة.

ويعد فيروس النخر العصبي من أخطر مسببات الأمراض في تربية القاروص بالبحر المتوسط، إذ يؤدي إلى نسب نفوق قد تتجاوز 90% في الأسماك اليافعة، مما يجعله تهديدا كبيرا لقطاع الاستزراع السمكي في المنطقة.

الدراسة المنشورة بدورية ميكروبيولوجي، أوضحت أن الباحثون من المعهد الوطني لعلوم وتقنيات البحاربتونس، تمكنوا من عزل الفيروس من أنسجة دماغ الأسماك النافقة، باستخدام خلايا مخبرية خاصة، ثم أكدوا هويته عبر فحص جيني دقيق باستخدام تقنية" تفاعل البوليميراز المتسلسل بالنسخ العكسي"، وبعد ذلك، عمل الفريق على قراءة التسلسل الجيني الكامل للفيروس من خلال سلسلة من تسع تفاعلات "بي سي آر" مختلفة غطت أجزاء الجينوم كافة.

ووجد الباحثون أن العترة المكتشفة تنتمي إلى فيروسات هجينة نتجت عن تبادل جيني طبيعي بين سلالتين معروفتين في البحر المتوسط، هما  (RGNNV ) و (SJNNV) ، وهذه السلالات الهجينة تعد تحديا متزايدا لمزارع الأسماك لأنها أكثر قدرة على الانتشار والتكيف مع الظروف البيئية المختلفة.

وأظهرت المقارنات الجينية أن الجينوم المكتشف يتطابق بنسبة 98% إلى 99% مع السلالات المنتشرة في البحر المتوسط، ما يؤكد أن الإصابة جزء من نمط وبائي أوسع يشهده الإقليم.

وتبرز أهمية هذه الدراسة في أنها تقدم تحذيرا لقطاع الاستزراع السمكي في تونس والمنطقة، وتوضح الحاجة العاجلة إلى تعزيز برامج المراقبة الصحية، وتطوير استراتيجيات وقاية فعالة لحماية القاروص الأوروبي من هذا الفيروس المدمر.
 

طباعة شارك تربية القاروص الفيروس بالأسماك الجهاز العصبي الأسماك الصغيرة

مقالات مشابهة

  • قضية قتل سائق الخانكة: الجنايات تحدد موعد الحكم وتوضح تفاصيل الواقعة
  • 24 ديسمبر.. الحكم على المتهمة بسب وقذف محمد نور
  • «صمود» ترحب بالحكم ضد «كوشيب» وتطالب الجيش السوداني بتسليم المطلوبين للعدالة الدولية
  • شاهد بالفيديو.. من داخل سرادق العزاء بود مدني.. والدة المذيع الراحل محمد محمود حسكا تكشف تفاصيل آخر مكالمة دارت بينهما وهذا ما طلبه منها (…)
  • الساحل التونسي.. اكتشاف فيروس قا.تل يهدد مزارع القاروص بالبحر المتوسط
  • منسقية النازحين ترحّب بحكم «كوشيب» وتعدّه خطوة لإنهاء الإفلات من العقاب
  • الحكم فى دعوى فسخ عقد شقة بين شركة عقارية وشادي محمد 29 ديسمبر
  • مفضل التمرد لا يزال قائماً ويحذر من المتعاونين والخلايا النائمة
  • تعلن محكمة غرب الأمانة عن الحكم الصادر ضد المحكوم عليهم أحمد محمد حسين وآخرين
  • بعد العودة لـ var .. الحكم يرفض احتساب ركلة جزاء لـ سوريا أمام فلسطين