كان رئيس الحكومة قد وعد بإخراج النظام الأساسي المعدل لرجال ونساء التعليم قبل 15 يناير وبعد مرور عشرة أيام عن انقضاء الأجل المحدد اجتمعت الحكومة للبت في مقتضيات قانونية لا يمكن للنظام الأساسي الجديد أن يصدر دونها. وهكذا تداول مجلس الحكومة وصادق على مشروع المرسوم رقم 2.24.62 بسحب المرسوم بقانون رقم 2.23.

781 الصادر في 19 من ربيع الأول 1445 (5 أكتوبر 2023) بتغيير القانون رقم 07.00 بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. ويأتي هذا السحب لأن المرسوم بقانون السالف الذكر كان قد مهد لمراجعة الأحكام المتعلقة بالموارد البشرية المنصوص عليها في القانون السابق للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، بشكل سمح بخضوع الأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين للنظام الأساسي الجديد، بعدما نص على أن تتألف الموارد البشرية الخاصة بالأكاديمية من أطر نظامية، يسري عليها خلافا لأحكام المادة 7 من القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى، النظام الأساسي المطبق على موظفي قطاع التربية الوطنية. وفي الوقت الذي كان ينتظر استكمال المسطرة التشريعية الخاصة بمراسيم القوانين كما ينص عليها الفصل 81 من الدستور بإحالة النص المذكور على البرلمان للمصادقة عليه في الدورة العادية الحالية، جاءت الاحتجاجات غير المسبوقة لرجال ونساء التعليم لتجبر الحكومة على تجميد النظام الأساسي الصادر في الجريدة الرسمية في التاسع من أكتوبر الماضي والشروع في تعديله بشكل شامل الشيء الذي أفضى إلى اعتماد مقتضى جديد يقضي بإضفاء صفة الموظف العمومي على كافة العاملين بقطاع التربية الوطنية، بمن فيهم الأطر النظامية الذين تم توظيفهم منذ سنة 2016 بالأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. هذا ما دفع بالحكومة إلى تغيير جميع النصوص التشريعية ذات الصلة التي تتضمن ذكرا لأطر الأكاديميات وعلى رأسها القانون رقم 07.00 بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والقانون رقم 01.21 القاضي بإخضاع الأطر النظامية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين لنظام المعاشات المدنية المحدث بموجب القانون رقم 011.71. وإذا كان هذا الأخير لا يطرح إشكالات قانونية تذكر فإن تعديل قانون الأكاديميات بالطريقة التي تمت في المجلس الحكومي المنعقد يوم 25 أكتوبر يطرح إشكالات قانونية عميقة.

أولا، سحب المرسوم بقانون الذي اعتمد لتعديل قانون الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وفق المسطرة التشريعية الاستعجالية التي يمنحها الدستور للحكومة في فترة الفراغ التشريعي بين دورتين برلمانيتين، سيترتب عنه عمليا سحب النظام الأساسي لرجال ونساء التعليم الذي جمدته الحكومة ورفضت سحبه، لسبب بسيط هو أنه يستند إلى المرسوم بقانون الذي تم سحبه. وعلى كل حال بما أن الحكومة تتجه نحو إصدار النظام الأساسي بمرسوم جديد ينسخ المرسوم الصادر يوم 9 أكتوبر فيظل المشكل ذا طبيعة مسطرية لا تؤثر في جوهر الموضوع.

ثانيا،  تداول مجلس الحكومة ومصادقته على مشروع القانون رقم 03.24 الذي يقضي بتغيير القانون رقم 07.00 بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، سيمكن من وضع الإطار القانوني اللازم لاعتماد عبارة “الموظف” بدلا من عبارة “الموارد البشرية” في جميع مواد النظام الأساسي الخاص الجديد، غير أن الأثر القانوني لهذا الإجراء الحكومي سيظل رهينا بمصادقة البرلمان بغرفتيه وهو ما سيتطلب مدة زمنية تقدر بالأسابيع إن لم يكن بالأشهر حتى ولو اعتبرنا أن الحكومة تتوفر على أغلبية مريحة في البرلمان ستمكنها من تمرير مشروع القانون المعني بسرعة. وإذا كان التعديل بمرسوم قانون لم يستكمل مساره التشريعي بعد شهر ونصف من افتتاح الدورة العادية للبرلمان علما أنه مر من مصادقة اللجان البرلمانية المعنية فكيف بتعديل قانون وفق المسطرة التشريعية العادية.

ثالثا، النظام الأساسي الجديد سيصدر بمرسوم تصادق عليه الحكومة لكن بما أنه يستند إلى قانون الأكاديميات الذي سيعدل وفق المسطرة التشريعية العادية فإن المصادقة عليه لا بد أن تنتظر مصادقة البرلمان على الصيغة التعديلية لقانون الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. وهو ما يعني أن رجال ونساء التعليم الذين كانوا ينتظرون الحكومة أصبح عليهم الآن انتظار البرلمان أيضا لكي يتمكنوا من الظفر بالنظام الأساسي الجديد.

رابعا، بما أن المرسوم بقانون الذي كان قد اتخذ لتعديل قانون الأكاديميات تم سحبه من طرف الحكومة فهذا يعني أننا رجعنا إلى الصيغة السابقة لهذا القانون التي كانت تنص على نظام أساسي خاص بأطر الأكاديميات، مع ما يترتب عن ذلك من ارتباط بسريان لأحكام المادة 7 من القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى، وعودة إلى الأنظمة الأساسية الإثني عشر التي تم التخلي عنها وفقا للمرسوم بقانون السالف الذكر.

خامسا، يترتب عن كل ما سبق العودة إلى تطبيق النظام الأساسي لسنة 2003 الذي ينطبق على موظفي وزارة التربية الوطنية الذين تم توظيفهم قبل سنة 2016 وتطبيق الأنظمة الأساسية الإثني عشر على أطر الأكاديميات، وستستمر هذه الوضعية طيلة الفترة الزمنية التي ستفصلنا عن مصادقة البرلمان على مشروع القانون رقم 03.24 الذي يقضي بتغيير القانون رقم 07.00 بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، بالإضافة إلى المدة التي ستقضيها الحكومة بعد ذلك للمصادقة على النظام الأساسي الجديد لرجال ونساء التعليم.

لقد أرادت الحكومة الإسراع بإخراج النظام الأساسي في شهر شتنبر فسارعت إلى تعديل قانون الأكاديميات باعتماد المسطرة الاستعجالية للتشريع، وها هي اليوم بعد حراك تعليمي غير مسبوق تسلك مسطرة تشريعية ستؤخر صدور النظام الأساسي الموعود لفترة زمنية غير محددة يتحكم فيها الزمن التشريعي. وإذا كان مفهوما أن تلجأ الحكومة إلى هذه المسطرة فيبقى غير المفهوم هو أن تنتظر كل هذا الوقت للشروع فيها، علما أن قرار إدماج أطر الأكاديميات في الوظيفة العمومية كان قد اتخذ منذ شهر ونصف على الأقل. فهل وراء ذلك أسباب نجهلها أم أن الأمر مجرد تقدير حكومي غير موفق؟

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الأساسی الجدید النظام الأساسی المرسوم بقانون

إقرأ أيضاً:

عاجل- الحكومة: منظومة التتبع الدوائي.. خطوة حاسمة لحماية السوق وضمان سلامة الدواء في مصر

في إطار جهود الدولة لتعزيز الرقابة على سوق الدواء ومكافحة أي محاولات للتلاعب أو الغش، تعمل هيئة الدواء المصرية على تنفيذ مشروع وطني متكامل للتتبع الدوائي، يهدف إلى مراقبة مسار كل دواء داخل البلاد منذ لحظة الإنتاج أو الاستيراد وحتى وصوله للمريض. ويُعد هذا المشروع من أهم الأدوات الحديثة التي تعتمد عليها المنظومة الصحية لضمان سلامة الدواء، وتحقيق الشفافية، ومنع تداول الأدوية المقلدة، بما يرفع كفاءة الرقابة ويحمي صحة المواطنين.

أرقام تسلسلية لضمان عدم التلاعب ومنع تزوير الأدوية

كما أوضح الدكتور علي الغمراوي - خلال اللقاء - أن النظام القومي للتتبع يعمل على تسجيل ومتابعة مسار الدواء في جميع مراحله حتى وصوله إلى المواطن، حيث تحتوي علبة الدواء على أربعة أرقام مسلسلة تتضمن: (رقم الدواء، ورقم التشغيل، والرقم المسلسل الفريد لكل عبوة، وتاريخ الصلاحية)، ويتم التحقق من هذه البيانات في جميع المراحل لضمان سلامة الدواء وعدم تزويره أو تقليده حتى وصوله إلى الصيدليات أو المستشفيات.

رقابة لحظية واكتشاف أي محاولات تلاعب

وأضاف: النظام القومي للتتبع داخل هيئة الدواء المصرية يتيح رؤية شاملة ودقيقة لتحركات الأدوية؛ بدءًا من لحظة إنتاجها وحتى وصولها إلى المريض، من خلال تقارير لحظية تساعد على اكتشاف أي مشكلات أو محاولات تلاعب، مؤكدًا أن هذا النظام يوفر معلومات دقيقة عن التوزيع الفعلي للأدوية، وحجم الاستهلاك، والمخزون المتاح، مما يُسهم بشكل كبير في حماية الدولة من خلال منع تداول الأدوية المُقلدة، وتقليل سوء الاستخدام والهدر.

تعاون دولي وتطبيقات للذكاء الاصطناعي

كما تطرق الدكتور علي الغمراوي إلى عدد من الملفات الأخرى التي تعمل عليها الهيئة، مشيرا إلى حرص الهيئة على تعزيز التعاون مع المنظمات والمؤسسات الدولية في مجال تطبيق الذكاء الاصطناعي بالمنظومة الدوائية، موضحا أنه يتم التعاون مع مسئولي مؤسسة "جيتس" الدولية لدعم الابتكار وتعزيز توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجالات التنظيم الدوائي.

اجتياز مراجعة ISO 9001:2015 ورفع كفاءة الرقابة

وفي ختام اللقاء، لفت "الغمراوي" إلى اجتياز الهيئة بنجاح المراجعة الدورية للاعتماد وفقًا لمواصفة ISO 9001:2015، وذلك في إطار جهودها المستمرة لتعزيز كفاءة المنظومة الرقابية والارتقاء بالأداء المؤسسي.

مقالات مشابهة

  • قرار القضاء العراقي بين سندان القانون ومطرقة الفساد
  • البرلمان النمساوي يصادق على حظر الحجاب للفتيات دون 14 عاماً
  • البرلمان النمساوي يقر حظر الحجاب في المدارس
  • عاجل- الحكومة: منظومة التتبع الدوائي.. خطوة حاسمة لحماية السوق وضمان سلامة الدواء في مصر
  • النمسا تحظر ارتداء الحجاب في المدارس للفتيات دون 14 عامًا
  • الاتفاق على رئيس البرلمان ينتظر المصادقة على نتائج الانتخابات
  • رابطة التعليم الأساسي تحذر عبر لبنان٢٤: الخطوات المقبلة ستترجم في الشارع
  • الكونغرس يمهد لإلغاء قيصر… تحوّل مفصلي في الملف السوري
  • مجلس النواب الأمريكي يصوت على إلغاء قانون قيصر بشأن سوريا
  • جامعة ظفار تختتم مسابقة الرياضيات لمدارس التعليم ما بعد الأساسي