ما إن أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أنها تلقت معلومات من الاحتلال الإسرائيلي بخصوص مشاركة موظفين للوكالة بمعركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى بدأ عدد من الدول الغربية بوقف تمويلها عن الوكالة الدولية.

وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني: "زودت السلطات الإسرائيلية الأونروا بمعلومات عن الضلوع المزعوم لعدد من موظفي الأونروا في الهجمات المروعة على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)".

ولم يكشف لازاريني عن عدد الموظفين الذين قيل إنهم ضالعون في الهجمات ولا طبيعة ضلوعهم المزعوم. لكنه قال: "أي موظف في الأونروا متورط في أعمال إرهابية" سيخضع للمساءلة، ومنها الملاحقة الجنائية.

رغم ذلك سارع المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي باتهام الأونروا بإعلان الخبر بينما كان الاهتمام العالمي ينصب على محكمة العدل الدولية التي أمرت إسرائيل بمنع أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين وبذل المزيد من الجهود لمساعدة المدنيين في قطاع غزة.

وكتب ليفي على منصة إكس: "في أي يوم آخر، كان من الممكن أن يكون هذا عنوانا رئيسيا، إسرائيل تقدم أدلة على ضلوع موظفي الأمم المتحدة مع حماس".

علاقة متوترة

ما قاله ليفي يعبر عن الموقف الإسرائيلي العام من الوكالة الدولية، فإسرائيل سعت منذ سنوات إلى إنهاء عمل الأونروا لما يشكله وجودها من ضرر معنوي على إسرائيل ومستقبل الصراع مع الفلسطينيين.

وكانت علاقة إسرائيل بالوكالة في ظل كافة الحكومات التي مرت على الحكومات المختلفة متوترة وفيها الكثير من الشد والجذب.

فقد اعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن وجود الأونروا يديم الصراع، ولكنهم في الوقت ذاته أرادوا لها الوجود لأن ما تقدمه من إغاثة لقطاع غزة، وأجزاء من الضفة الغربية، كان وسيلة لمنع الانفجار هناك.

ومع مرور الوقت كانت الرغبة الإسرائيلية في التخلص من الوكالة ودورها يزداد، فقد دعا نتنياهو في العام 2018 إلى وضع اللاجئين الفلسطينيين تحت مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة وإنهاء وجود الأونروا؛ إذ اعتبرها تعمل لصالح الفلسطينيين وتخلد قضية اللاجئين.

ثم وجدت إسرائيل في عدوانها على غزة والدعم اللامحدود الذي تلقته من الولايات المتحدة وأوروبا لها في عدوانها على قطاع غزة؛ فرصة للتخلص من الوكالة وما يمثله وجودها من الإبقاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين حية.

فرصة جديدة

ولطالما اتهمت السلطات الإسرائيلية ومنها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الوكالة بتأجيج التحريض ضد إسرائيل، وهو ما تنفيه الأونروا.

وقد أثارت الوكالة غضب إسرائيل خلال عدوانها على غزة وتدهورت العلاقة بين الجانبين، إذ قالت الوكالة في أكثر من مرة إن إسرائيل تستهدف أهدافا مدنية، بما في ذلك مدارسها ومراكز الإسعاف، في حين قالت إسرائيل إن الأونروا، عمدا أو تحت التهديد، توفر غطاء "لإرهابيي حماس".

وكانت محكمة العدل الدولية، قد أخذت في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب، تقارير وكالة الأونروا حول معاناة الفلسطينيين؛ حيث أشارت المحكمة لتقرير الأونروا الذي قالت فيه إن "القصف مستمر على غزة وتسبب بنزوح كبير للسكان وأجبروا على مغادرة منازلهم إلى أماكن ليست أكثر أمنا وتضرر أكثر من مليوني شخص وسيتضررون نفسيا وبدنيا والأطفال مرعوبون".

وكانت تقارير الوكالة تملك مصداقية كبرى عن الحديث عن المجازر التي يرتكبها الاحتلال ضد المدنيين في غزة، وهو ما أثار حفيظة إسرائيل وجعلها أكثر رغبة في التخلص من الوكالة ودورها.

وعبر عن ذلك وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس بقوله "إن إسرائيل ستسعى إلى منع وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين من العمل في غزة بعد الحرب".

وأضاف كاتس: "لقد كنا نحذر لسنوات من أن الأونروا تديم قضية اللاجئين، وتعرقل السلام، وتعمل كذراع مدنية لحماس في غزة".

وقال كاتس: "الأونروا ليست هي الحل" متهما العديد من موظفيها بأنهم تابعون لحماس وينفذون أيديولوجيتهم.

ودعا كاتس إلى تغيير الأونروا بوكالة "تكرس عملها للسلام والتنمية الحقيقيين"، حاثا دول العالم بأن تحذو حذو الدول التي علقت تمويلها للأونروا.

دعم غربي

وسارعت كل من الولايات المتحدة وإيطاليا وكندا وأستراليا وبريطانيا وفنلندا إلى تعليق تمويلها للوكالة، إثر المزاعم الإسرائيلية عن مشاركة بعض موظفي الوكالة في عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية.

وكتب وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني على منصة "إكس" أن الحكومة الإيطالية علَّقت تمويل الأونروا بعد ما وصفه "بالهجوم الوحشي" على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

بدورها، أعربت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ عن "قلق بالغ" من الاتهامات المساقة ضد الأونروا، وكتبت عبر منصة إكس: "نتواصل مع شركائنا، وسنعلق مؤقتا دفع التمويلات".

من جهته، قال وزير التنمية الدولية الكندي أحمد حسين أمس الجمعة إن "كندا علّقت مؤقتا أي تمويل إضافي للأونروا، بينما تجري تحقيقا معمقا حول هذه الاتهامات".

وكانت الولايات المتحدة أعلنت الجمعة "تعليقا مؤقتا" لكل تمويل مستقبلي إلى هذه الوكالة الأممية، التي هي في صلب توزيع المساعدات على المدنيين في غزة وسط الحرب المستعرة التي يشنها الجيش الإسرائيلي على القطاع.

وكانت الولايات المتحدة أكبر مانح للوكالة عام 2022، حيث ساهمت بأكثر من 340 مليون دولار، وفقا لما ذكره موقع الأونروا على الشبكة العنكبوتية.

وقد سبق للولايات المتحدة أن علقت دعهما للأونروا خلال فترة حكم الرئيس السابق دونالد ترامب قبل أن يعيد الرئيس الحالي جو بايدن تمويل الوكالة.

ولطالما جادلت الجماعات اليمينية الموالية لإسرائيل في الولايات المتحدة والجمهوريون بإلغاء تمويل الوكالة، وقالوا إن تفردها بملف اللاجئين الفلسطينيين، ومنحها وضع اللاجئ ليس فقط للجيل الأول من اللاجئين (وقت النكبة 1948) ولكن لأحفادهم، يديم الصراع وثقافة الاعتماد بين الفلسطينيين.

الاحتلال الإسرائيلي قتل العشرات من موظفي الأونروا خلال عدوانه على قطاع غزة (الأناضول) اتفاق إسرائيلي

وقد وجد الموقف الغربي ترحيبا من قبل أعضاء الحكومة والمعارضة في إسرائيل رغم الخلافات بينهما بشأن الحرب على غزة.

فقد عبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن ارتياحه من القرار الأميركي واعتبره خطوة مهمة نحو محاسبة الأونروا.

وكتب على منصة إكس: "يجب إجراء تغييرات كبيرة حتى لا تؤدي الجهود الدولية والأموال والمبادرات الإنسانية إلى تأجيج إرهاب حماس وقتل الإسرائيليين"، على حد قوله.

في حين قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد: "أهنئ الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وكندا وفنلندا وأستراليا على قرار وقف تمويل الأونروا، لقد حان الوقت لإنشاء منظمة بديلة لن تقوم بتربية أجيال من الأطفال الفلسطينيين على الكراهية ولن تتعاون مع حماس".

وقد اتهمت السلطة الفلسطينية إسرائيل بالقيام بحملة تحريض "تهدف إلى تصفية الوكالة".

فهل تتمكن إسرائيل من إنهاء عمل الوكالة خاصة بعد ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية نقلا عن مسؤول رفيع في الأمم المتحدة، من أن فقدان الأونروا التمويل يمكن أن يكون له تأثير سريع على عمليات المنظمة، لأنها على عكس الوكالات الأخرى ليس لديها احتياطي مالي إستراتيجي.

وأشار المسؤول إلى أن الأمم المتحدة تشعر بالقلق بشكل خاص إزاء تمويل ملاجئ الأونروا البالغ عددها 150 ملجأ والتي تؤوي نحو مليون و200 ألف نازح في غزة وحدها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: اللاجئین الفلسطینیین الولایات المتحدة الأمم المتحدة من الوکالة إسرائیل فی على غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تهدم منازل الفلسطينيين في نور شمس ومسيرة للمستوطنين برام الله

هدمت جرافات الاحتلال الإسرائيلي منازل مواطنين في مخيم نور شمس (شرقي مدينة طولكرم) وذلك في إطار عمليات هدم مستمرة للمنازل في مخيمات طولكرم وجنين ونور شمس ضمن عملياتها العسكرية المستمرة منذ أكثر من 5 أشهر في الضفة الغربية.

يُذكر أن عشرات المنازل ستهدم وفق قرارات سبق أن اتخذها جيش الاحتلال في سياق إجراءاته العقابية المشددة بالضفة. وتمنع قوات الاحتلال المواطنين الذين ستهدم منازلهم من دخولها لأخذ بعض متعلقاتهم الخاصة.

ومن ناحية أخرى، شارك عشرات المستوطنين في مسيرة استفزازية انطلقت من مستوطنة "عطيرت" حتى مستوطنة "حلميش" (شمال غرب مدينة رام الله) بالضفة الغربية.

وقالت مصادر محلية للجزيرة إن عشرات المستوطنين -الذين يحملون الأعلام الإسرائيلية- مروا بالشارع الرئيسي المحاذي لقرية أم صفا (شمال غرب رام الله) تحت حماية الجيش الإسرائيلي، وطالبوا بمصادرة مزيد من أراضي الفلسطينيين لصالح الاستيطان.

وفي الخليل، أفادت مصادر للجزيرة أن أكثر من 10 مستوطنين سيطروا على كهف وخيمة يقطنها فلسطينيون مهجرون من قرية "خِلّة الضبع" بمَسَافر يَطّا (جنوب الخليل).

وكانت قوات الاحتلال هدمت القرية قبل أقل من شهر، وطلبت من سكانها هجرها بذريعة أنها منطقة تدريب عسكري، الأمر الذي قابله الفلسطينيون بالرفض وشرعوا في بناء خيام وحفر كهوف للسكن فيها.

إعلان مستوطنات جديدة

في غضون ذلك، أدانت الحكومة الإسبانية بشدة إقرار الحكومة الإسرائيلية إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة المحتلة، واعتبرتها غير شرعية بموجب القانون الدولي، وتقوض حل الدولتين، وتهدد السلام.

وكان المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر قد صدق -في جلسة سرية- على إقامة وتوسيع 22 مستوطنة جديدة في الضفة.

ويشمل القرار 7 مستوطنات (شمال الضفة) قرب جنين، و4 مستوطنات (قرب رام الله) وأخرى في الخليل والقدس وأريحا، في حين وصفت جهات فلسطينية القرار بأنه "جريمة حرب" و"عبث بالجغرافيا الفلسطينية".

ووفق تقارير فلسطينية، فإن عدد المستوطنين في الضفة بلغ بنهاية عام 2024 نحو 770 ألفا، موزعين على 180 مستوطنة و256 بؤرة استيطانية، منها 138 بؤرة تصنف على أنها رعوية وزراعية.

والمستوطنة هي التي تقام بموافقة الحكومة الإسرائيلية، بينما البؤر الاستيطانية يقيمها مستوطنون من دون موافقة من الحكومة.

وتعتبر الأمم المتحدة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، وتحذر من أنه يقوض فرص معالجة الصراع وفق مبدأ حل الدولتين، وتدعو منذ سنوات إلى وقفه، ولكن من دون جدوى.

وبالتوازي مع إبادة غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة -بما فيها القدس الشرقية- مما أدى إلى استشهاد 972 فلسطينيا على الأقل وإصابة نحو 7 آلاف واعتقال ما يزيد على 17 ألفا، وفق معطيات فلسطينية.

وترتكب إسرائيل بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين.

مقالات مشابهة

  • هل تنجح مساعي الولايات المتحدة للتفوق على الصين في سباق التكنولوجيا؟
  • الأونروا: غزة بحاجة إلى وصول فوري للمساعدات.. "لا وقت لنضيعه"
  • «الأونروا»: توزيع المساعدات بات «فخاً مميتاً»
  • الأونروا: وقف المجاعة في غزة ليس مستحيلاً ويتطلب إرادة سياسية
  • «الأغذية العالمي»: الوضع الإنساني خرج عن السيطرة في غزة
  • القطاع الغربي في اليونيفيل: مستمرون بتقديم الدعم الصحي والاجتماعي لسكان الجنوب
  • الأونروا: مساعدات غزة لا تتناسب مع حجم المأساة الإنسانية
  • انقسام داخلي حيال قرار مفوضية اللاجئين وقف الدعم الصحي للسوريين
  • مسؤول أمريكي: لا نهاية لهجمات الحوثيين على إسرائيل وواشنطن توقف المواجهة
  • إسرائيل تهدم منازل الفلسطينيين في نور شمس ومسيرة للمستوطنين برام الله